إسرائيل تأمل في أن يتحول الشتاء الإسلامي إلى ربيع واعد

تاريخ النشر: 17 يوليو 2012 - 01:07 GMT
مناصرون للرئيس محمد مرسي
مناصرون للرئيس محمد مرسي

سواء كنا نواجه ربيعاً عربياً أو شتاءً إسلامياً، فإن ذلك يعتمد بالدرجة الأولى على الرئيس المصري محمد مرسي، ولكن يعتمد أيضاً على كيفية معاملة الاسرة الدولية له، وتمثل الدعوتان اللتان تلقاهما مرسي، أخيراً، إحداهما للمشاركة في قمة عدم الانحياز في طهران الشهر المقبل، والأخرى للالتقاء بالرئيس الاميركي باراك اوباما؛ مفترق طرق تقف عنده مصر في الوقت الراهن.

انقسم عالمنا العام الماضي عندما تجمهرت مصر في ميدان التحرير، وعلى جانب وقف المتحمسون للحرية والديمقراطية التي اعترت الشوارع العربية، بينما وقف على الجانب المقابل المتشككون بل والساخرون الذين لا يرون أمامهم سوى صعود المتشددين الاسلاميين، هذه الآراء المتباينة أصبحت ذات مدلول كبير في اسرائيل أكثر من أي مكان آخر في العالم.

مضى أكثر من عام ولم تنته القصة بعد ولكن مع انتخاب مرسي رئيساً لمصر فإنني على ثقة بأن اقول إن أيا من المتفائلين او المتشائمين ليس على حق، نعم، إنه مرشح حركة اسلامية تعتنق قيماً قديمة مناهضة لليبرالية والحداثة، إلا ان السياسة المصرية اكثر تعقيداً مما نعتقد، ولهذا من الصعب أن نؤكد ما اذا كان النظام الجديد هو مجرد نظام إسلامي، وليس في كل ذلك ما يجعلنا نقول إننا في اسرائيل راضون تماماً عما يجري على ارض أكثر جيراننا أهمية، اذ ان انهيار النظام والقانون على أرض سيناء على ايدي مجموعات جهادية يعتبر من اكثر دواعي اهتماماتنا، ولا يتمثل هدف هذه المجموعات فقط في مهاجمة إسرائيل وانما تسعى ايضاً لدفع مصر على حافة مواجهة مباشرة مع اسرائيل، وعززت نتيجة الانتخابات الرئاسية المصرية من موقع أكثر العناصر تشدداً في الاقليم، ولا أشعر بأي اطمئنان إلى الدعوة التي وجهها ملك الاردن الى زعيم حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وما إذا كانت المجموعات الاسلامية ستضطر للجنوح للاعتدال ام لا فإن ذلك يعتمد الى حد كبير على ما يطلبه المجتمع الدولي منها في هذا الخصوص مقابل تقديم الدعم اللازم لبلدانها. ينبغي أيضاً ألا نتجاهل قضية أخرى أثارها مرسي في اول خطاب له، فقد صارت القضية الفلسطينية ولسنوات عدة السحابة التي تخيم على أجواء العلاقات الاسرائيلية العربية، وعلى الرغم من انني لا أوافق على هذا الربط لكن لا يمكنني تجاهله. وبينما يرى قادة عرب مكاسب جمة من وراء اتفاقيات السلام مع اسرائيل تشاهد عامة الجماهير صور الصراع مع إسرائيل وتبقى اسرائيل هي العدو الاول.

ومن دون مؤازرة عربية قوية سيكون من الصعب، إذا لم يكن من المستحيل، على أي زعيم فلسطيني الوصول الى سلام مع اسرائيل، وهنا يكمن اهم اختبار للزعماء العرب الجدد، إذ ان مساندتهم لمعسكر فلسطيني براغماتي (عملي) يصبح من أهم المتطلبات في الوقت الراهن. أما الاقتراب بدلاً عن ذلك من «حماس» المنظمة التي لا تعترف بإسرائيل وليست مستعدة لتوقيع اتفاقية سلام دائمة معها، فلن يقود الى السلام ولكنه بدلاً عن ذلك سيؤذي مصالح الجميع في المنطقة.

ان الصراع بين البراغماتية والمتشددين الفلسطينيين يمثل بالنسبة لنا نحن الاسرائيليين الاختيار بين الوصول الى اتفاقية من عدمه، فهل تستطيع مبادئ وقيم الصحوة العربية ان تساعد على حل عقدة المعضلة الفلسطينية، بمعنى ان الديمقراطية لا تعني فقط حق الانتخاب وانما ايضاً الابتعاد عن العنف في سبيل الوصول الى أهداف سياسية واحترام الاتفاقيات الموقعة مع الحكومات السابقة. ففي الماضي وقعنا اتفاقيات مع زعماء لكننا للأسف لم نعقد اتفاقيات سلام مع الشعوب لهذا علينا أن نغير هذا الاتجاه.

وبالطبع فإن اسرائيل ينبغي أن تتخذ قرارات أيضاً وفقاً لهذا الزخم بعضها عسير الهضم على مفاهيم بعض الاسرائيليين، وتتمثل هذه القرارات في عقد مفاوضات مع الفلسطينيين للوصول الى اتفاقية، إلا ان القرارات الشجاعة مطلوبة من جميع الاطراف لخدمة مصالحنا جميعاً. ويرتكز مفتاح الوصول الى تطبيع العلاقات مع العالم العربي والاسلامي، بالطبع، على مبادرة السلام العربية 2002 التي وافقت عليها الجامعة العربية، وترتبط تلك الاتفاقية بوعد من الدول العربية أنه اذا توصلت اسرائيل الى اتفاقية سلام مع الفلسطينيين فإن العالم العربي سيطبع علاقته معها.

مضت 10 سنوات منذ ان تم وضع تلك الاتفاقية على الطاولة، وبوصفي عضواً في حكومات اسرائيلية سابقة ناقشت المقترح العربي، فأستطيع القول: ليس كل ما فيها مرضٍ لإسرائيل، ولكن على اسرائيل ان ترحب بمثل هذا العرض الاقليمي. ليس هناك امر عاجل أكثر من حاجتنا إلى حل صراعنا مع الفلسطينيين، وحيث إنني قدت الفريق الاسرائيلي المفاوض من 2007 الى 2009 أعتقد أن الوصول الى حل أصبح ممكنا، وهذا يفسر سبب فشلي في فهم كل من المتفائلين والمتشائمين. وفي الوقت الذي لم تكن اسرائيل لاعباً في الاحداث التي هزت العالم العربي، فإننا نستطيع ان نتحد معاً لتشكيل مستقبل المنطقة بغض النظر عن الخيارات التي تسعى اليها بعض الشعوب العربية، ونستطيع أن نتفاءل بأنه حتى الشتاء الإسلامي قد يذوب ويتحول إلى ربيع واعد.

تسبي ليفني وزيرة الخارجية الإسرائيلية السابقة.

 

الاشتراك

اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن