استقالات فتح بين الجدية والابتزاز!

تاريخ النشر: 10 فبراير 2004 - 02:00 GMT
البوابة
البوابة

البوابة-اياد خليفة 

تباينت المواقف من الاستقالات الجماعية في صفوف كوادر حركة فتح، فبينما دعا مسؤولون بارزون الى التعاطي بجدية مع مطالب المستقيلين، الا ان مسؤولين اخرين راوا فيها محاولة "لابتزاز" مكتسبات شخصية، خاصة وانها تاتي قبيل انعقاد مؤتمر المجلس الثوري للحركة الاكبر على الساحة الفلسطينية. 

واعلن نحو 400 من كوادر حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" في رسالة استقالة جماعية الى زعيم حركتهم، الرئيس ياسر عرفات، انهم اقدموا على هذه الخطوة احتجاجا على "رفض التعاطي مع نداءات الاصلاح والدعوة إلى ‏‏وقف حالة التدهور" داخل الحركة.  

وفي رسالة الاستقالة التي وصلت البوابة نسخة منها، وصف المستقيلون الحركة بانها "بدأت تتآكل من الداخل بفعل التناقضات الداخلية، فهي ليست موحدة ولا واحدة"، وطالبوا بقدر أكبر من الديمقراطية داخلها وبوضع حد للفساد.  

وانتقد الموقعون عدم اتخاذ الحركة موقفا من السلطة والأداء داخلها وعدم مطالبتها بمحاسبة من أضروا بمصالح الشعب الفلسطيني، وأشاروا الى أنهم "مصممون على ترك الحركة إلى غير رجعة ما دامت بهذا الشكل المهين".  

كما اتهموا الحركة "بانها لم تحدد ولغاية هذه اللحظة اي موقف من حالة المواجهة مع الاحتلال" مشيرين الى انهم "يدركون يقينا ان كتائب الاقصى هي التي ‏‏حافظت على ماء وجه الحركة وقيادتها منذ ثلاث سنوات". 

وقد وصف القيادي البارز في حركة فتح، حسين الشيخ الاستقالة بانها خطوة "خطيرة جدا" وتدلل على حالة "تشرذم" تسود الحركة، مشيرا إلى انها الاولى بهذا الحجم منذ تاسيس فتح عام 1965. 

واعتبر الشيخ مطالب المستقيلين بشان الاصلاح "شرعية" داعيا الى التعاطي معها "بجدية".  

وقال في اتصال هاتفي مع "البوابة" ان "مطالب المستقيلين شرعية وهي مطالب الغالبية الساحقة في الحركة..ولاصرخة العالية التي يعرضها الاعضاء على القيادة الفلسطينية باستمرار".  

وطالب الشيخ بخطوات "جدية حقيقية نحو اتخاذ اجراءات من خلال الاطر الشرعية لتنفيذ المطالب" التي تضمنتها وثيقة الاستقالة وذلك "حفاظا على وحدة الحركة وريادتها".  

ودعا "لوقفة جدية من الحركة التي قادت النضال الفلسطيني على مدى اربعين عاما واذان صاغية من القيادة الفلسطينية للمطالب واخذ الوثيقة بعمق بعيدا عن السطحية".  

كما دعا الشيخ لعقد المؤتمر العام السادس للحركة لانتخاب قيادة جديدة ووضع نظام سياسي واضح للحركة وتنظيم سير الحكومة.  

من جهته، شكك العميد جبريل الرجوب مستشار الرئيس عرفات لشؤون الأمن القومي، في مغازي الاستقالة وجديتها. 

وقال في تصريحات صحفية أن المستقيلين "ليسوا من قيادات الحركة". 

ولجهته، قال عباس زكي عضو اللجنة المركزية لفتح إن هناك أسماء لشهداء بين الموقعين على الاستقالة.  

وبدورهم، اعتبر مسؤولون في الحركة فضلوا عدم الكشف عن اسمائهم، ان الاستقالة ليست سوى "محاولة لابتزاز مكتسبات شخصية"، خاصة وانها تاتي قبيل انعقاد مؤتمر المجلس الثوري للحركة. 

واستبقت هذه الاستقالة موعد عقد المجلس الثوري الذي أرجئ من 9 إلى 15 شباط/فبراير لأسباب تتعلق بصعوبة الحصول على تصاريح إسرائيلية تسمح لأعضاء المجلس بالوصول إلى رام الله حيث سيعقد الاجتماع. 

وقد نفى هؤلاء المسؤولون وجود نية لعقد اجتماع طارئ للجنة المركزية لبحث القضية معتبرين انه "كان من الاجدى ان يقدم هؤلاء اعتراضاتهم عبر القنوات الرسمية للحركة وليس من خلال وسائل الاعلام".  

نص الاستقالة 

الأخ رئيس حركة التحرير الوطني الفلسطيني – فتح-  

الأخوة أعضاء اللجنة المركزية للحركة  

بعد التحية،  

نحن أبناء حركة فتح الواردة أسماؤنا أدناه نضع بين أيديكم استقالتنا الجماعية من حركة فتح متحللين من أي ارتباطات تنظيمية أو مهام أو مواقع أو مراتب داخل الحركة.  

نحن ككادر وسط في الحركة ومن مختلف المراتب والأقاليم داخل فلسطين وبعد تردد ومشاورات استمرت لشهور قررنا أن نضع حدا لتذمرنا الطويل وألمنا المتصاعد بالاستقالة الجماعية.  

نحن نستقيل احتجاجا على الحالة المأساوية التي وصلت لها حركة فتح، ولم يتم التعاطي مع النداءات للإصلاح ووقف حالة التدهور، التي تعصف بالحركة.  

ونحن الواردة أسماؤنا أدناه نؤكد على ما يلي :  

-لقد كان انتماؤنا لفتح كحركة مقاومة وكقائدة الكفاح نحو الحرية والاستقلال وبناء المجتمع والإنسان الفلسطيني ولكن في الحقيقة فتح الآن بتركيبتها الحالية تقودنا نحو الهاوية والفئوية والعشائرية والصراعات الداخلية.  

-ندرك تماما أن هذا البيان وهذه الاستقالة ستضر بنا شخصيا وبوظائفنا ولكننا سئمنا الحالة التي وصلت إليها الأمور ، وندرك أن الكثيرين منا سوف يتعرضون للضغط والابتزاز لحملهم على التراجع ونفي ما ورد في هذا البيان والبعض الآخر سيلاحق بالشائعات، لكن نحن مصممون على ترك الحركة بلا رجعة ما دامت بهذا الشكل المهين.  

-حركة فتح ولغاية هذه اللحظة لم تحدد موقفا واضحا من حالة المواجهة مع الاحتلال، وندرك يقيناً بأن كتائب الأقصى هي التي حافظت على ماء وجه الحركة وقيادتها منذ ثلاث سنوات رغم أن أبناء الكتائب دائما ما يتعرضون لحالة إهمال وعدم اهتمام من قبل قيادة فتح ولا يتم تذكرهم إلا في حالة الضغط عليهم من أجل إقرار هدنة أو وقف إطلاق نار .  

-حركة فتح بدأت تتآكل من الداخل، بفعل التناقضات الداخلية، ففتح ليست موحدة ولا واحدة هناك فتح المدينة وفتح الريف وفتح المخيمات وفتح الأجهزة وفتح الداخل وفتح الخارج وفتح كتائب الأقصى وفتح كتائب العودة وفتح وثيقة جنيف وفتح ضد الوثيقة وفتح الشبيبة وفتح الرسمية وفتح الشعبية، وفتح الصالونات وفتح العشائر والعائلات ، كل هذا التآكل بدأ يتعاظم ويتصاعد منذ أن تولى السيد هاني الحسن أمر التعبئة والتنظيم بالحركة ، فهو يكرس طوال جلساته مع كادر فتح للحديث وإستغابة وتشويه صورة زملائه في اللجنة المركزية والحركية العليا والكتائب، بالتأكيد هاني الحسن سيقود فتح نحو كوارث وانقسامات وفواجع ومصير غير محمود.  

- لم تحدد فتح موقفها من السلطة والأداء داخلها، ولم تطالب محاسبة الذين أضروا بالمصالح العليا للشعب الفلسطيني، بل أن هؤلاء من القوة بمكان تجعل فتح غير قادرة للوصول لهم، هذا إن لم يتم دعمهم من فتح وقيادتها، فالكردي لا يزال يتحكم بالمال الفلسطيني وحربي لم يعيد الملايين التي نهبها، والقاضي القاتل لا زال قاضيا والمدعي العام تاجر السلاح لا يزال على رأس عمله والعسكري الفاشل المهزوم على رأس أمننا الوطني، وبعض الأجهزة لا تزال تعتبر السيارات المسروقة مصدرا للدخل، والوكيل اللص لا زال يدير الصحة لشعبنا، والمحافظ البائس لا زال بائسا، والمدير العام بدون شهادة لا زال بدونها، والمناضل والكفاءة والمخلص لا زال مسكينا ولا حول ولا قوة إلا بالله.  

- أقاليم حركة فتح تم انتخابها بظروف غير عادية واستندت إلى العشائرية والفئوية والمناطق والنفوذ المالي والقرب من هذا العضو أو ذاك من اللجنة المركزية، وهذا كله انعكس على دور فتح فهي أجسام بدون أي فعل، والصراعات داخل الأقاليم تنبأ بكوارث وفتن وصراعات على أوهام ومصالح وفوائد.  

- لم تقم الحركة بعملية نقدية شاملة لمواقفها وبرامجها وأهدافها بل ظلت تعتمد الغمغمة ومنطق الترقيع، والغياب التام للبرنامج التنظيمي والنضالي وحالة الإفلاس السياسي. 

ونحن الواردة أسماؤنا أدناه نعاهد الله والشهداء والجرحى والأسرى وكل شعبنا على الاستمرار بالنضال كأفراد فلسطينيين مؤمنين بعدالة قضيتهم وشعبهم.  

والله الموفق، فلسطين المحتلة، 6 شباط 2004 

الاشتراك

اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن