قالت صحيفة هارتس الاربعاء، ان اسرائيل قررت التراجع عن تهديدها بمعاقبة الفلسطينيين بسبب مسعاهم للحصول على وضع دولة غير عضو في الامم المتحدة، والذي كانت الدولة العبرية وصفته سابقا بانه تهديد جدي.
ومن المقرر ان تصوت الجمعية العامة للامم المتحدة والمؤلفة من 193 عضوا على طلب الفلسطينيين ترقية وضعهم، ومن المؤكد ان نتيجة التصويت ستكون لصالحهم في ظل تعاطف الغالبية الساحقة من دول العالم معهم.
وأدانت إسرائيل والولايات المتحدة المسعى الفلسطيني في الامم المتحدة وقالتا ان السبيل الوحيد لاقامة دولة للفلسطينيين هو التوصل إلى اتفاق سلام خلال محادثات مباشرة مع إسرائيل.
لكن محادثات السلام متوقفة منذ عامين بسبب قضية الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية والذي تتوسع فيه إسرائيل رغم ان معظم دول العالم تعتبره غير قانوني.
وبحثت إسرائيل والولايات المتحدة قطع المساعدات وعائدات الضرائب التي تحتاجها بشدة الحكومة الفلسطينية في الضفة الغربية لاستمرارها.
وطرح وزير الخارجية الإسرائيلي المتشدد افيغدور ليبرمان خيارات منها اسقاط الرئيس الفلسطيني محمود عباس والغاء اتفاقات اوسلو للسلام.
لكن هذه الطروحات على ما يبدو قد وضعت على الرف، بحسب ما تنقله صحيفة هارتس عن مصدر دبلوماسي اسرائيلي رفيع.
وقال المصدر ان اسرائيل لم تعد تنوي الغاء اتفاقات اوسلو، لا بشكل كامل ولا جزئي.
وبحسب المصدر، فان هذا طرح ليبرمان الذي برز خلال اجتماع الحكومة الاسرائيلية الاخير الذي قررت خلاله المصادقة على بناء 3000 وحدة سكنية جديدة في المستوطنات، قد جرى اسقاطه لان رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو ووزراءه ادركوا انه سيقوض الجهود الدبلوماسية الاسرائيلية.
وقال المصدر "لقد بحثنا طرقا مختلفة للرد، لكن في النهاية ادرك الوزراء ان اي شئ سنفعله سيضر اسرائيل وبنفس الشدة التي سيضر بها الفلسطينيين".
واضاف "اذا انهارت السلطة الفلسطينية، فستقع على رؤوسنا. لسنا مضطرين لان نفتح النار على انفسنا فورا بعد التصويت، من الافضل ان يصبح الفلسطينيون تحت الضغط من اجل استئناف المفاوضات، كما وعدوا هم انفسهم".
وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس اكد غير مرة ان الفلسطينيين سيكونون جاهزين للعودة الى المفاوضات بعد ترقية وضعهم في الامم المتحدة.
وستكون خطوات اسرائيل حذرة ومحسوبة. فهي ستتوقف عن تجاهل خروقات الفلسطينيين للاتفاقات بين الجانبين، وستستفز الرئيس عباس عبر الاصرار على تنفيذ كل بند من بنود هذه الاتفاقات.
وتقدر وزارة الخارجة الاسرائيلية ان 150 دولة ستدعم المسعى الفلسطيني في الامم المتحدة، بما في ذلك معظم دول الاتحاد الاوروبي.
وقال مصدر في وزارة الخارجية الاسرائيلية انه بدا واضحا خلال الايام الماضية، ومع اصرار عباس على المضي في هذا المسعى ان هناك توجها دبلوماسيا دوليا لصالح الفلسطينيين في اوساط الدول الاوروبية التي كانت اسرائيل قد ركزت حملتها المضادة فيها.
وقد جاءت فرنسا اولا والتي ابلغت اسرائيل الاسبوع الماضي انها ستصوت لصالح الفلسطينيين، لكن الضربة الاشد جاءت من بريطانيا، التي كانت ضغطت بقوة على الفلسطينيين من اجل ارجاء التصويت، وحتى انها اعلنت عن نيتها عدم تاييد مسعاهم.
ولكن اسرائيل ادركت الثلاثاء، ان هذه السياسة بلا جدوى، خاصة في ظل العدوان الاخير الذي شنته على قطاع غزة، والذي تنظر اليه بريطانيا باعتبار انه تمخض عن تقوية حماس التي تدير القطاع، بمعنى ان عباس المعتدل يجب تعزيز مكانته عبر دعم مسعاه في الامم المتحدة.
وقد اوضحت بريطانيا للفلسطينيين انها ستدعم مسعاهم في حال تقديمهم ضمانات بعدم التوجه الى المحكمة الجنائية الدولية للشكوى ضد اسرائيل.
وأشار المسؤولون الفلسطينيون الحريصون على حشد اكبر عدد من الدول الاوروبية قبل ساعات من التصويت إلى انهم لن يسعوا على الفور للانضمام إلى المحكمة الجنائية الدولية وذلك لتبديد احد بواعث القلق هذه.