في مرج شاسع يرتفع فيه العشب عاليا، يتقدم فرسان بزي رمادي موحد فيما يسمع دوي المدافع ويرتفع الدخان الابيض...انها استعادة حية لمعركة غيتيسبورغ الطاحنة التي دارت رحاها قبل 150 عاما ضمن حرب الانفصال الاميركية.
ويتوقع ان يحضر 200 الف شخص هذا العرض الذي يمتد على عشرة ايام والذي ينقل اليهم التفاصيل الدقيقة لهذه المعركة الحاسمة من الحرب الاهلية الاميركية، بين الاول والثالث من تموز/يوليو 1863، والتي كانت نقطة تحول نحو انحسار الجنوبيين، ممهدة الطريق لانتهاء الحرب بعد ذلك بعامين.
يصيح احد الفرسان "استلوا سيوفكم من جديد"، وهو احد فرسان قوات الشمال، مشرعا علم معسكره للرياح.
اما جون بالدوين، البالغ من العمر 61 عاما، فهو يرتدي زي مقاتلي الجنوب ويشارك في العرض ضمن قوات كارولينا الشمالية (جنوب) التي كان اسلافه يقاتلون تحت لوائها.
ويقول "عندما نقرأ الكتب لا نعي المسافات التي كانت تفصل المتقاتلين، وكم كان ميدان المعركة شاسعا".
ويشارك في العرض 25 الف ممثل، يؤدون ادوار الجنود وقادة المعركة والمدنيين.
يرتدي جيمس توب (20 عاما) سترة زرقاء تدل على انه من قوات الشمال، وهو طالب جامعي في قسم التاريخ من ولاية ميتشيغان الشمالية، وهو يؤدي دور جندي في قوات المشاة.
ويقول ان مشاركته في العرض "اشبه بالاتصال مع الماضي، انه جزء من دراستي".
ويمكن للمشاركين في العرض ان يزورا جناحا يعرض اسلحة من تلك الحقبة، وان يشتروا منه السيوف والبنادق والمسدسات التي يستخدمونها في العرض، لكنها ستكون محشوة بمسحوق اسود فقط.
ويمكن للاطفال ايضا ان يشاركوا في العرض مرتدين زيا موحدا ومزودين ببنادق خشبية.
يؤدي فرنك اورلاندو (63 عاما) دور الجنرال الجنوبي الشهير روبرت لي، معتمرا قبعة عريضة رمادية اللون ومرتديا زيا عسكريا لكولونيل.
ويقول "كان روبرت لي يعتقد ان هذه الرتبة هي أعلى ما يستحق".
وهو ليس الوحيد في أداء هذا الدور، اذ يشاركه فيه ثلاثة آخرون يتجولون في أرض المعركة للاجابة على أسئلة الزوار.
ويقول "كل ما ارتديه انا وزوجتي هو دقيق جدا من الناحية التاريخية" وصولا الى الازرار، وقد صنعت هذه الملابس في فرجينيا (ِشرق) في مسقط رأسه.
ويضيف "هل يمكن ان يؤدي أحد دور الخاسر؟ ربما خسر روبرت لي المعركة، لكنه قاد الجنوب الى المصالحة واعادة الاعمار" رافضا مقارنته بنابليون بعد هزيمته في معركة ووترلو.
كونور تيموني شاب في الثامنة عشرة من عمره، يعتمر قبعة زرقاء، وهو أتى من فيلادلفيا للمشاركة الى جانب قوات الاتحاد، لانه "من الصعب القتال ضد العلم الاميركي".
يعتبر فرانك اورلاندو ان "التاريخ كتبه المنتصرون".
ويضيف "كل الناس في الشمال يظنون ان الحرب كانت فقط بسبب العبودية التي كانت متنشرة في الجنوب، لكن في الحقيقة كان الجنوبيون يريدون الاستقلال".
ويبدي المؤرخ بريان جوردان استياءه من "حدود" العرض الواسع الشعبية في الولايات المتحدة.
ويقول "هناك سعي لمحاكاة دقيقة للملابس والاسلحة لكن في المقابل هناك هروب من الحقيقة، وهي معرفة ان كانت تلك الحرب قامت بسبب العبودية".
وقد سقط في حرب الانفصال الاميركية 51 الف ضحية من بينهم ثمانية الاف قتيل.