تعهد الرئيس السوداني عمر البشير بأن تشهد الأيام المقبلة المزيد من القرارات والتدابير لتعزيز الحوار الوطني في أعقاب التظاهرات الشعبية التي عمت البلاد؛ احتجاجا على تردي الأوضاع الاقتصادية.
وقال البشير في كلمة افتتح بها دورة الانعقاد التاسعة للبرلمان، اليوم الاثنين:"ستشهد الأيام المقبلة المزيد من القرارات والتدابير التي تعزز مسار الحوار، وتهيئ الساحة الوطنية لإنجاز التحول الوطني المنشود"، مشددا على أن الحوار سيكون وفقا "لوثيقة الحوار الوطني التي اتفقت مجموعة واسعة من القوى السياسية والاجتماعية في البلاد".ونوه البشير بانسحاب القوات الأممية من دارفور وغيرها بعد انتفاء أسباب تواجدها، متابعا: "ستمضي خطانا نحو السلام وإتمام حلقاته حتى يكون عام 2019 هو عام السلام، وأؤكد قومية قضية السلام باعتباره أمرا يستحق أن تتوافق كافة جهود أبناء الوطن أيا كانت مواقفهم داخل الحكومة وخارجها".ودعا الرئيس السوداني: "جميع القوى السياسية للمشاركة في هذه القضية الوطنية لإنجاز هدف السلام بالوسائل وبالوسائل والموضوعات التي يتم الاتفاق عليها، والتأكيد على التزامنا بكافة المرجعيات في كل قضية أمام شركاء التفاوض والمجتمع الإقليمي والدولي، والتزامنا بوقف إطلاق النار الدائم والحوار من أجل السلام مهما كان الثمن".واختتم قائلا: "أجدد الدعوة لقوى المعارضة التي لا تزال خارج مسار الوفاق الوطني ووثيقته بقبول الحوار باعتباره الخيار الأول والأخير والمعبر الآمن نحو بناء وطن يسعى له الجميع".
قمع المظااهرات
أطلقت قوات الأمن السودانية الأحد الغاز المسيل للدموع لتفريق مظاهرات ضد الحكومة جرت في الخرطوم وأم درمان، بحسب ما أفاد شهود عيان، وذلك على الرغم من حالة الطوارئ التي أعلنها الرئيس عمر البشير.
ويشهد السودان منذ أكثر من ثلاثة أشهر مظاهرات تطالب برحيل الحكومة التي يتهمها المعارضون بسوء إدارة الملف الاقتصادي، وهو ما أدى إلى ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية وإلى نقص حاد في المحروقات والعملات الأجنبية.
والأحد، تجمع سودانيون في وسط أم درمان وفي حي آخر من المدينة هاتفين شعار الحركة الاحتجاجية "حرية سلام وعدالة"، بحسب ما أفاد شهود عيان أوضحوا أن قوات مكافحة الشغب سارعت إلى إطلاق الغاز المسيل للدموع لتفريقهم المتظاهرين.
وفي الخرطوم تجمع متظاهرون في حي بوري، نقطة التجمع المعتادة للحركة الاحتجاجية منذ انطلاق المظاهرات في 19 ديسمبر/كانون الأول احتجاجا على رفع سعر الرغيف ثلاثة أضعاف. وأفاد شهود أنهم رأوا متظاهرين في سوق الخضر في جنوب العاصمة الخرطوم.
وقال شاهد عيان طلب عدم كشف هويته إن شرطة مكافحة الشغب انتشرت في حي بوري لاحتواء المظاهرة، مضيفا أن متظاهرين ساروا في عدد من شوارع الحي رافعين الأعلام السودانية.
وكانت التجمعات احتجاجا على رفع سعر الخبز قد بدأت في مدينة عطبرة (شرق)، وسرعان ما تحولت إلى حركة احتجاجية ضد نظام البشير الذي يحكم البلاد منذ انقلاب عام 1989.
ويرفض البشير الاستقالة. وبعد فشل حملة احتواء الحركة الاحتجاجية أعلن في 22 فبراير/شباط حالة الطوارئ في البلاد لمدة عام، قبل أن يقلص البرلمان المدة إلى ستة أشهر.
ومنذ فرض حالة الطوارئ تم توقيف عدد من المتظاهرين لمشاركتهم في تجمعات محظورة وأصدرت محاكم خاصة أحكاما بحقهم في ظل تراجع حدة المظاهرات وحجمها.
ودعا منظمو الحركة الاحتجاجية السودانيين للتظاهر في مختلف أنحاء البلاد في 6 أبريل/نيسان والمشاركة في مسيرة في اتجاه مقر قيادة الجيش في الخرطوم.
وكان تجمع المهنيين السودانيين قد قاد أولى المظاهرات قبل أن ينضم إليه عدد من الأحزاب المعارضة لتشكيل "تحالف الحرية والتغيير" الذي يقود الاحتجاجات حاليا.
ويقول محللون إن حركة الاحتجاج التي يشهدها السودان تشكل أكبر تحد للبشير منذ وصوله إلى سدة الحكم قبل ثلاثة عقود.
وبحسب حصيلة رسمية قتل 31 شخصا منذ 19 ديسمبر/كانون الأول 2018. لكن منظمة هيومن رايتس ووتش تقول إن حصيلة قتلى الاحتجاجات بلغت 51 شخصا.