لا يدع الجيش مجالا للشك بشأن من المسيطر الآن في درعا مهد التمرد المستمر في سوريا منذ عشرة أشهر.. فنقاط التفتيش تحاصر المدينة والملصقات التي تحمل صور الرئيس على الجدران وضباط الأمن يتولون القيام بدوريات الحراسة.
ولكن في الشوارع المكتظة بالمتسوقين والسيارات تضطرم نار الخوف والغضب تحت الرماد.
وتهتف فتيات واقفات خارج المدرسة قائلات "حرية.. حرية" بينما يمشي صحفيون من رويترز بالقرب منهم.
ويفشل الطلاء الأسود على الجدران تماما في إخفاء النقوش تحته. والنقوش بكلمة "ارحل" لا حصر لها.. واصحبت هذه الكلمة لازمة شائعة الاستخدام في العالم العربي منذ اندلاع احتجاجات في العام الماضي اسقطت حكام تونس ومصر وليبيا ومثلت مصدر الهام للتمرد في سوريا.
وزارت رويترز درعا وهي مدينة فقيرة قرب الحدود السورية الأردنية في رحلة ترعاها الدولة برفقة مرافق من الحكومة.
وتهز الاضطرابات سوريا في الوقت الذي تجد فيه القوات الحكومية صعوبة في قمع احتجاجات ضد الرئيس بشار الأسد تغذي تمردا مسلحا.
وتقول الحكومة إنها تقاتل متشددين مدعومين من الخارج في محاولة لزعزعة استقرار الدولة ذات الاهمية الاستراتيجية.
وتقول الامم المتحدة إن أكثر من 5000 شخص قتلوا في حملة القمع. وتقول سوريا ان 2000 من قوات الامن قتلوا على أيدي إرهابيين.
وكانت درعا في السهول الجنوبية بسوريا معقلا للتمرد الذي بدأ في مارس اذار. وخرج المتظاهرون الغاضبون الى الشوارع بعد ان اعتقلت الشرطة وعذبت مجموعة من المراهقين الذي كتبوا شعارات مناهضة للحكومة على جدران المدينة.
وسحق الجيش التمرد في درعا بعد عدة اشهر لكنه انتشر الى مدن في وسط سورية وفي المناطق الجبلية الشمالية على الحدود مع لبنان وتركيا.
ويتعين على الزائرين الآن المرور عبر خمس نقاط تفتيش عسكرية على الاقل لدخول درعا. ويفتش الجنود سياراتهم ويفحصون بطاقات هوياتهم.
وفى مارس آذار اضرم متظاهرون النار وأسقطوا تمثالا لوالد بشار الأسد الرئيس السوري السابق حافظ الأسد وهو رمز لحكم الاسرة المستمر منذ 42 عاما في سوريا.
والآن تشاهد صور كل من حافظ وبشار الأسد على واجهات المتاجر وشوارع المدينة.
وفي مبنى حكومي قال مسؤولون ان متظاهرين اشغلوا فيه النار تناثرت شظايا الزجاج المحطم في الطوابق.
وقال اللواء محمد أسعد قائد الشرطة في محافظة درعا "أحرقوا مراكز الشرطة والمباني الحكومية وهاجموا أكثر من 400 مدرسة هنا".
واضاف اللواء أنه ينبغي للمعارضة ألا تحتج لأن الحكومة وعدت بإصلاحات. ومنذ بدأت الاضطرابات ألغى الرئيس قانون الطوارئ البغيض واعطى شرعية لاحزاب سياسية اخرى غير حزب البعث الحاكم.
وقال "استجابت القيادة لبعض مطالبهم.. إنهم يطالبون بالحرية ولكن ليس لديهم فكرة بشان ما هي الحرية".
ورفضت كثير من جماعات المعارضة الحوار مع الحكومة وترفض التفاوض في الوقت الذي تستمر فيه حملة القمع وتطالب بالاطاحة بالرئيس.
وعند المسجد العمري في درعا حيث اندلعت اشتباكات خلال الاحتجاجات يحيط الجنود ونقاط التفتيش بالمبنى. وينظر المارة للغرباء بعين الشك.
ولم يلحق بالمسجد فيما يبدو اي اضرار. ورفض أصحاب المحال التجارية من حوله الحديث.
وقال بائع "اذهب ولا تثر مشاكل لي.. اي شخص يريد ان يرى الحقيقة بامكانه رؤيتها".
واقتربت صحفية سورية من رويترز لتقول انها تعرضت للتهديد لانها ابدت تأييدها للرئيس الأسد. واضافت رافضة كشف هويتها "قلبي يعتصره الحزن. عندما اشاهد ما يحدث لبلادي يتمزق قلبي.. يريدون ارهابنا هنا في درعا.. لماذا؟".
وقال اللواء محمد اسعد ان المدينة الان امنة وتحت سيطرة الدولة. واضاف انه تم الافراج عن 200 معتقل في المدينة. ويقول نشطاء ان الوف السوريين سجنوا منذ بدء الاضطرابات.
واضاف "الحياة عادية الان والطرق مفتوحة. ما تبقى هو عدد قليل من المسلحين وهم من اللصوص".
وعلى نواصي بعض الشوارع نقشت حديثا على الجدران عبارة (الله..سوريا..الاسد). لكن بالقرب من المسجد العمري الذي تحيط به إجراءات أمنية اشار بعض السكان إلى أن الكثير من سكان المدينة البالغ عددهم 120 الفا ما زالوا يشعرون باستثناء بالغ رغم صمتهم.