في الوقت الذي تستمر فيه عملية "عاصفة الحزم" العسكرية في اليمن، التي تقودها السعودية بتحالف مع دول عربية ضد معاقل الحوثيين منذ أسبوع، حصد مزيد من التقدم الجويّ، تتحرك الآلة الدينية الرسمية في عدد من مساجد دول عربية، مشاركةٍ في التحالف المذكور، بهدف توحيد خطب الجمعة في منابرها، لتشديد التحذير من الشيعة و"داعش" لاعتبارهما خطرا على العقيدة الإسلامية وأمن الأوطان.
في المغرب، المشارك في "عاصفة الحزم"، كشفت مصادر مسؤولة من داخل وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، رغبت في حجب هويتها، أن هناك توجيها عاماً بالمغرب، لصالح الخطباء، يفيد بضرورة التحذير من خطر الشيعة والتطرف، واعتماد ذلك عبر خطب الجمعة والدروس التي يلقيها الوعاظ والمرشدون المعتمدون من طرف المجالس العلمية، "دون الإشارة إلى اسم أي تنظيم أو تيار"، إلا أن المصادر ذاتها أكدت أن هذا التوجيه انطلق منذ مدة سبقت اندلاع الحرب على الحوثيين في اليمن.
ونفى عدد من الخطباء،أن يكون هناك تكليف بشن حرب كلامية من فوق المنابر تحذر من الحوثيين وتدعم مشاركة المغرب في "عاصفة الحزم"، إلا أنهم شددوا على أنّ المطلوب منهم، بتوصية من وزارة الأوقاف، هو "الحرص على سكينة المساجد وعدم تهييج النفوس، واعتماد خطب تسير في منحى الحفاظ على استقرار المجتمع وأمن الدولة مع التذكير المستمر بثوابت المملكة"، في مقابل ذلك يتجنب الخطباء ذكر "داعش" أو "الحوثيين" بالإسم، وفق المصادر ذاتها.
ونقلت مصادر إعلامية سعودية أن مملكة سلمان بن عبد العزيز شددت على خطباء مساجدها ضرورة الدعاء على تنظيم "داعش"، لاعتباره "فرقة ضالة وتيارا تكفيريا وإرهابيا"، والتحذير أيضا من الفكر الشيعي، بالموازاة مع الحرب التي تشنها القوات السعودية بتحالف عربي على معاقل الحوثيين في اليمن، حيث أبلغت وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد السعودية، فروعها الوطنية بضرورة تحذير رواد المساجد من تلك التيارات وخطرها على العقيدة الإسلامية وأمن الوطن.
وسبق لوزير الخارجية الأميركي، جون كيري، أن دعا المؤسسات الدينية في الدول العربية، خاصة مصر والسعودية، باتخاذ موقف معادٍ لأفكار تنظيم "داعش" و"القاعدة"، وإعلانه في خطب الجمعة ودروس المساجد، مشددا على أن هذا الإجراء يبقى من أهم المسائل التي تسعى إليها الولايات المتحدة في حربها المستمرة على الإرهاب.
فؤاد الشمالي، الخطيب والداعية المغربي، قال إن المغرب، ومنذ القدم، اعتمد في مساجده نهج المذهب المالكي، مشيرا إلى أن الخطب التي تلقى كل جمعة تكون حريصة على مواجهة الفكر الشيعي والمتطرف والتنبيه لخطر انتشارهما في المجتمع المغربي، مبينا أكثر أن الحرص على الصلاة الابراهيمية على الرسول صلى الله عليه وسلم في آخر الخطبة والترضي على الصحابة الأربعة "يدخل في الرد على المد الشيعي"، وأن الدعاء للملك "يدخل في إطار الرد على الخوارج ممن يدعون للخروج على الإمام".
ويرى الشمالي، أنّ الدّولة المغربية ما تزال تحافظ على نهجها الديني الذي وصفه بـ"الحكيم والرصين"، مضيفا "المغرب يولي أهمية كبرى لأمنه الروحي والعقائدي مع الأمن الاجتماعي"، على أن هذا النهج "قرار حكيم وفي محله، ويُحسب للدولة في ضبط النفوس والحفاظ على سكينة المساجد"، وفق تعبيره.
ويضيف الداعية المغربي أن دور الخطيب على منبره يبقى جوهريا، "لذلك يجب أن يكون متمكنا من منهج وعقيدة أهل السنة والجماعة، وألا يخلط بين العقائد كالمعتزلة والخوارج، مع ضرورة أن يكون لسانه وسطيا من أجل التوضيح وليس التعليق ليحافظ على سكينة المساجد"، مشددا على خطب الجمعة التي تلقى على ألسنة الخطباء ينبغي أن تخدم في الأسلوب والمضمون "المَصلحة العامة للبلاد".