تبدأ في لاهاي صباح اليوم الاثنين، جلسات محكمة العدل الدولية الخاصة بالنظر في شرعية الجدار العازل الذي تبنيه اسرائيل في الضفة الغربية، ويخطط الجانبان الفلسطيني والاسرائيلي لتظاهرات حاشدة في الدنمارك والاراضي المحتلة واسرائيل بالتزامن مع انطلاق جلسات المحكمة.
ويطرح الفلسطينيون تحديهم للجدار بعد عملية القدس امس، والتي يرى مسؤولون اسرائيليون إنها أثبتت الحاجة لبنائه.
وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة طلبت من محكمة العدل الدولية في الثامن من كانون الأول/ديسمبر إعطاء رأي استشاري حول "الانعكاسات القانونية" للجدار الذي يقول الإسرائيليون إنه "سياج الوقاية من الإرهاب" في حين يؤكد الفلسطينيون أنه "جدار الفصل العنصري".
وستعقد المحكمة التي تتخذ من لاهاي مقرا لها جلسات على مدى ثلاثة أيام للنظر في مدى شرعية هذا الجدار الذي يخشى الفلسطينيون أن يؤدي الى ضم مناطق كاملة من الضفة بحكم الأمر الواقع، مما سيمنعهم من إقامة دولة فلسطينية قابلة للاستمرار في المستقبل.
ولن يصدر رأي المحكمة قبل عدة أشهر.
وألقت عملية القدس التي ادت إلى قتل ثمانية أشخاص في حافلة مزدحمة، بظلاله على الاستعدادات النهائية في قصر السلام حيث تنظر هيئة مؤلفة من 15 قاضيا دوليا القضية .
وأشار المسؤولون الاسرائيليون إلى الهجوم على أنه مثال فظيع لسبب مواصلة بناء حاجز يقولون إنه سيمنع مثل هذه الهجمات ولكن أثار انتقادات دولية بسبب توغله في الأراضي الفلسطينية.
وأعرب الفلسطينيون عن قلقهم من احتمال أن يؤدي هذا التفجير إلى تقويض قضيتهم في لاهاي.
ويخطط الجانبان لتنظيم مظاهرات في الشوارع.
وخشية وقوع اشتباكات رتبت الشرطة الهولندية أوقاتا منفصلة لهذه المظاهرات.
وفي الضفة الغربية ينظم الفلسطينيون احتجاجات جماهيرية يوم الاثنين في "يوم غضب" رسمي ضد الحاجز.
وتم حتى الان بناء نحو 180 كيلومترا من هذا الحاجز الذي من المقرر أن يمتد لمسافة 730 كيلومترا.
وتنظر المحكمة القضية بناء على طلب فلسطيني مدعوم من الجمعية العامة للأمم المتحدة لتحديد ما اذا كانت اسرائيل ملزمة قانونيا بهدم هذا الحاجز.
وتقاطع الحكومة الاسرائيلية جلسات المحكمة قائلة إن القضية سياسية وليست من اختصاص المحكمة.
ولكن اسرائيل لن تبقى على الهامش فقد أرسلت هيئة انقاذ هيكل احدى حافلات القدس والتي قتل فيها فلسطيني 11 شخصا في عملية فدائية الشهر الماضي ليتم عرضها خارج المحكمة كشاهد لما يواجهه الاسرائيليون.
واعتبرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر التي نادرا ما تبدي رأيها أن بناء الجدار مخالف للقانون الإنساني الدولي، إذ أنه لا يتبع مسار "الخط الأخضر" الفاصل بين إسرائيل والضفة الغربية.
وأدان الاتحاد الأوروبي شأنه في ذلك شأن روسيا والجمعية العامة للأمم المتحدة الجدار باعتباره مخالفا للقانون الدولي. وعبرت واشنطن عن تحفظات حول المسار الحالي للجدار.
لكن رغم انتقاداتهم للجدار، فضل الأوروبيون والأميركيون عدم المشاركة في الإجراءات أمام محكمة العدل.
وتعتبر واشنطن والاتحاد الأوروبي أن إحالة القضية إلى محكمة العدل أمر "غير مناسب" ولن تؤدي إلى دفع الحوار السياسي بين الفلسطينيين والإسرائيليين إلى الأمام. وستغيب تل أبيب أيضا عن الجلسات معتبرة أن محكمة العدل لا تملك اختصاص النظر في مسألة تعتبرها إسرائيل "سياسية".
في حين سيقوم الفلسطينيون وجامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي و13 دولة أخرى أفريقية وشرق أوسطية وآسيوية وأميركية جنوبية ووسطى بمرافعات شفهية من الاثنين إلى الأربعاء.
وامتنعت نحو 12 دولة عربية عن تقديم اية مرافعات الى محكمة العدل بشان الجدار، ما اثار استياء الفلسطينيين وانتقاداتهم الشديدة.
وقد عبر وزير الخارجية الفلسطيني نبيل شعث الأحد عن أسفه لامتناع هذا العدد الذي يقارب نصف الدول العربية عن المشاركة في تقديم مرافعات شفوية أمام المحكمة.
وحاول شعث ان يقلل من حدة تصريحات ادلى بها كبير المفاوضين صائب عريقات الخميس، واعرب فيها عن الاستياء من موقف تلك الدول.
وقال شعث في مقابلة مع صحيفة الأهرام المصرية في عددها الصادر اليوم الاثنين "نحن لا ننتقد ولكننا ننقل الواقع وهو غير مرض.. من إجمالي الدول العربية عشر دول من بينها فلسطين قدمت شروحا قانونية للمحكمة لدعم الموقف الفلسطيني في قضية الجدار".
محكمة العدل الدولية
تتخصص محكمة العدل الدولية في تسوية الخلافات في القانون الدولي بين الدول، واحيانا تعطي رأيا استشاريا غير ملزم في قضايا قانونية اذا ما طلب اليها ذلك من قبل منظمات ووكالات دولية ذات صلاحية.
لكنها ليس لها صلاحية ان تصدر احكاما في قضايا بين منظمات وافراد.والرأي الاستشاري هو الذي يفترض ان تعطيه هذه المحكمة في قضية الجدار العازل.
منذ القرن التاسع عشر وحركات السلام الدولية تبحث عن محكمة دولية كحل لتسوية النزاعات الدولية بين الدول التي تتعرض لدبلوماسية الحرب.
وكان النقاش يدور حول وجود نظام قضائي مستقل يعمل على تسوية النزاعات بالوسائل القانونية وان بناء سابقة دولية سيقيم نظاما عالميا على اساس اجماع متعدد بدلا من الاعتماد على نظام القوة الوحيدة.
وبدأت محاولات جعل هذا التصور واقعا تحت اشراف عصبة الامم التي حاولت تطوير مبادئ قانون دولي لكن فكرة المشروع تراجعت بسبب الاعتراف المحدود بشرعية عصبة الامم.
لكن في عام 1946 وبعد فظائع الحرب العالمية الثانية، افتتحت المحكمة الدولية الدائمة ابوابها.
ومنذ تأسيسها في عام 1946 وحتى نهاية الخمسينات، تعاملت المحكمة مع قضيتين او ثلاث قضايا فقط في السنة. ووصلت قضية واحدة الى المحكمة في فترة ما بين تموز/يوليو 1962 وحتى اب/اغسطس 1971.
وبدا واضحا ان حكومات الدول كانت غير مستعدة لقبول لقضاء المحكمة في قضايا ذات اهتمام قومي. وشهدت سنوات السبعينات والثمانينات انتعاش بسيط وتراوحت القضايا التي نظرت فيها المحكمة ما بين قضية وثلاث قضايا في السنة وذلك لاصرار الامم المتحدة على رفع شأن المحكمة.
واصيبت المحكمة بضربة قوية عام 1984 في قضية النشاطات العسكرية وشبه العسكرية في نيكاراغوا والدول المحيطة بها.
ولجأت نيكاراغوا الى المحكمة للبت في المساعدات العسكرية والاقتصادية لحركة الكونترا العسكرية ضد النظام الاشتراكي. ورفضت الولايات المتحدة القبول بصلاحية المحكمة للنظر في هذه القضية.
وتتالف هيئة المحكمة من 15 قاضيا يتغيرون بالانتخاب في الجمعية العامة للامم المتحدة، وكذلك مجلس الامن الدولي، لفترة 9 سنوات. ويجب ان يحصل القضاة على اصوات 8 من اصل 15. ويجري الانتخاب مرة كل 3 سنوات لثلث مقاعد هيئة القضاة. —(البوابة)—(مصادر متعددة)