رسم خبراء بالمخابرات الاميركية صورة قاتمة للوضع في العراق وقالوا في تقرير يوم الجمعة إن العنف الطائفي فاق التهديد الذي تمثله القاعدة وحذروا من عواقب انسحاب سريع للقوات الاميركية.
وجاء التقرير في ختام اسبوع شهد مقتل مئات الاشخاص في اعمال عنف منهم 270 قتلوا بالقرب من مدينة النجف عندما خاضت القوات الاميركية والعراقية معارك مع ما يقول مسؤولون عراقيون انهم اعضاء بجماعة غير معروفة.
ويصف التقرير الصادر عن (تقديرات المخابرات القومية) والذي حصلت رويترز على اجزاء منه وضعا خطيرا في العراق حيث طغى الاقتتال بين العراقيين على أنشطة المسلحين من تنظيم القاعدة.
وخلص التقرير الى ان عناصر من الصراع يمكن وصفها بانها "حرب اهلية".
وقال التقرير "مصطلح (الحرب الاهلية) لا يعبر بدرجة كافية عن تعقيد الصراع في العراق."
واضاف "ورغم ذلك فان مصطلح (الحرب الاهلية) يصف بدقة عناصر اساسية من الصراع العراقي."
وتجنبت ادارة الرئيس الاميركي جورج بوش دائما استخدام مصطلح "الحرب الاهلية" الذي قد يعزز نداءات متزايدة بالفعل لانسحاب مبكر للقوات الاميركية من العراق.
وتوقعت اجزاء من التقرير الذي جاء في 90 صفحة تدهور الموقف في العراق بشكل أكبر ما لم تبذل جهود لتغيير الاوضاع.
وقال بوش في كانون الثاني/ يناير انه سيرسل 21500 جندي اضافي الى العراق في مسعى للسيطرة على القتل الطائفي وهجمات المسلحين لا سيما في بغداد.
وتنشر الولايات المتحدة بالفعل نحو 130 الف جندي في العراق وينظر على نطاق واسع الى زيادة هذه القوات على انها محاولة اخيرة لتجنب اندلاع حرب اهلية شاملة بين الاغلبية الشيعية بالعراق والسنة الذين كانت لهم الهيمنة في عهد صدام حسين.
وقال التقرير ان اي انسحاب سريع للقوات الاميركية سيؤدي الى سقوط اعداد كبيرة من القتلى في صفوف المدنيين واحتمال تدخل جيران العراق بما في ذلك توغل عسكري تركي ولن يكون بمقدور الحكومة العراقية على الارجح البقاء كمؤسسة غير طائفية وسسيتخدم تنظيم القاعدة مناطق بالعراق للتخطيط لهجمات داخل البلاد وخارجها.
وقتل عشرات الالاف من العراقيين وأكثر من ثلاثة الاف جندي أميركي في العراق منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق في مارس اذار عام 2003 للاطاحة بنظام الرئيس السابق صدام حسين.
وتستخدم تقديرات المخابرات القومية معلومات من عدة وكالات ويكتبها مجلس المخابرات القومية.
وفي احدث اعمال العنف قالت القوات الاميركية انها قتلت 18 مسلحا في اشتباكات عنيفة بمدينة الرمادي المضطربة في غرب العراق وشنت ضربة جوية يوم الجمعة ضد خلية مسلحين مرتبطة بتنظيم القاعدة في بغداد مسؤولة عن تنفيذ تفجيرات انتحارية بسيارات ملغومة.
وقال الجيش الاميركي ان طائرة هليكوبتر اميركية تحطمت اثناء عمليات شمال غربي بغداد يوم الجمعة مما اسفر عن مقتل جنديين. وتحطمت ثلاث طائرات هليكوبتر خلال الاسبوعين المنصرمين في العراق ومن المحتمل انها اسقطت جميعا.
وقال مسؤولو مستشفى ان العدد الاجمالي للتفجيرين الانتحاريين اللذين وقعا في بلدة الحلة الشيعية يوم الخميس ارتفع من 61 الى 75 قتيلا.
واصيب نحو 160 اخرون عندما فجر انتحاريان نفسيهما في سوق مزدحمة.
وقالت اجزاء من التقرير اطلعت عليها رويترز ان قدرات القوات الامريكية وقوات التحالف "بما في ذلك مستويات القوة والموارد والعمليات لا تزال عنصرا جوهريا في العراق".
وقال التقرير "مالم تحقق الجهود لعكس اتجاه الاوضاع تقدما ملحوظا خلال مدة هذا التقدير التي تتراوح بين الاثني عشر والثمانية عشر شهرا المقبلة فاننا نقدر أن الوضع الامني في المجمل سيواصل التدهور."
وأشار التقرير الى أن الانشطة الايرانية داخل العراق تؤدي الى زيادة العنف لكنها ليست سببا أساسيا في ذلك.
تعزيزات لبغداد
قال وزير الدفاع الاميركي روبرت غيتس يوم الجمعة ان قوات عراقية ستصل الى بغداد في اطار جهود جديدة لكبح العنف الذي يلقي بظلاله على العاصمة لكن هذه القوات ليست بأعداد كافية فيما يبدو حتى الان.
واختلف غيتس ايضا مع التقديرات المتعلقة بتكلفة ارسال قوات امريكية اضافية مقاتلة في اطار تلك الجهود وكذلك المتعلقة بحجم الدعم الذي تحتاج اليه القوات لاستمرارهم.
وبموجب الخطط الرامية الى اتخاذ اجراءات مشددة للتصدي لعمليات القتل الطائفي والهجمات الدموية الاخرى في بغداد ستوفر القوات الاميركية والعراقية قوات اضافية للمدينة.
وقال الجنرال جورج كيسي قائد القوات الاميركية المنتهية ولايته في العراق يوم الخميس ان الوحدات العراقية تنتشر وفقا للجدول الموضوع لها خلافا لعمليات سابقة لتأمين المدينة لكنها لا تضم سوى ما يتراوح بين 55 و65 في المئة من قوتها البشرية.
وقال غيتس في مؤتمر صحفي في وزارة الدفاع الاميركية (البنتاغون) " 50 في المئة ليست كافية على نحو جيد."
لكنه لفت الى ان الكثير من الجنود العراقيين اضطروا الى العودة الى بلداتهم لتسليم رواتبهم لعائلاتهم ولا يعرف ما اذا كانت الوحدات سيتم تعزيزها بالافراد بحلول الوقت الذي سيخوضون فيه القتال ام لا.
وقال الجنرال بيتر بيس رئيس الاركان الاميركي ان الوحدات العراقية ستحتاج الى زيادة قوتها لتصبح جاهزة للقتال.
وقال في نفس المؤتمر الصحفي "انها بحاجة لمواصلة تعزيز هذه الوحدات وان تضم كل اولئك الذين ربما يتلقون اموالهم ويتجهون لارسالها الى اسرهم."
وكان الرئيس الاميركي جورج بوش قد اعلن الشهر الماضي انه سيرسل 21500 جندي اضافي الى العراق على ان يتجه غالبيتهم الى بغداد في مسعى للسيطرة على العنف المتصاعد هناك.
وقدر مكتب الموازنة بالكونغرس ان زيادة القوات يمكن ان يتكلف نحو 13 مليار دولار لمهمة تستغرق اربعة اشهر وقال ان القوات المقاتلة ربما يتعين ان تزداد بما يصل الى 28000 جندي للمساعدة.
وقال غيتس "دراسة مكتب الموازنة بالكونغرس حسبما اعتقد تبالغ بشكل كبير سواء في التكلفة او في عدد الافراد."
واشار الى ان عدد القوات المساعدة ربما يتراوح ما بين 2800 و4200.
واضاف "نحن نعتقد ان هذا الرقم ..وهو لم يتحدد بشكل نهائي حتى الان لكنه هذه الارقام تبدو حتى الان انها تبلغ نحو ما بين 10 بالمئة و15 بالمئة من العدد الذي اورده مكتب الموازنة بالكونغرس ."
ولم يقدم غيتس ارقاما بشأن التكلفة المتوقعة لزيادة القوات التي قال انه يأمل ان تستمر فقط لاشهر.
ولكن برايان وايتمان المتحدث قال ان وزارة الدفاع ملتزمة بتقديراتها السابقة والتي تبلغ 5.6 مليار دولار حتى نهاية السنة المالية للميزانية الاميركية في 30 ايلول /سبتمبر.