اوباما يستطيع الآن تصفية حساباته مع نتنياهو

تاريخ النشر: 09 نوفمبر 2012 - 04:21 GMT
اوباما يستطيع الآن تصفية حساباته مع نتنياهو
اوباما يستطيع الآن تصفية حساباته مع نتنياهو

نشرت صحيفة "هآرتس" الاسرائيلية اليوم الجمعة مقالا تحليلياً للكاتب الصحافي المعروف عكيفا إلدار تحت عنوان "بالنسبة الى اوباما يمكن ان تعني ولاية جديدة نهجاً مختلفاً تجاه السلام في الشرق الاوسط". ويقول إلدار ان القاهرة، موقع خطاب الرئيس الاميركي في 2009، شأنها شأن العالم العربي برمته، مختلفة كلياً عما كانت عليه في بداية رئاسة اوباما وان الواقع الجديد في الشرق الاوسط يشكل تحديات جديدة للولايات المتحدة، وكذلك قوانين مختلفة. وهنا نص المقال:

"ليس سراً انهم في مقر اقامة رئيس الوزراء (الاسرائيلي) في القدس لم يفتحوا قوارير شمبانيا للاحتفال بتمديد عقد ايجار الرئيس الاميركي باراك اوباما لاربع سنوات اخرى. واذا ما نجح رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في تمديد عقده ايضاً، فان من المحتمل ان تكون لديه اسباب عديدة للخوف من ان فترته التالية بجانب اوباما ستجعله يحن الى الفترة الاولى.

امام اوباما الآن اربع سنوات لتسوية الحسابات مع نتنياهو بسبب تأييده العلني لميت رومني، وللحط من قيمته امام الكونغرس، ولتجميده المفاوضات مع الفلسطينيين، ولـ(مواصلته بناء) المستوطنات، ولمحاولات تلقينه دروساً في القيادة في ما يتعلق بالقضية الايرانية. الآن سيكون اوباما قادراً على التعامل مع نتنياهو بحرية، من دون ان يخشى من اللوبي اليهودي او اموال شيلدون اديلسون الذي كان يطالب برأس الرئيس سياسياً.

ان رئيساً للولايات المتحدة يستطيع خلال فترته الثانية الاقدام على مجازفات اكثر من التي يقدم عليها في فترته الاولى. ولكن السؤال هو ما اذا كان اوباما يريد ان يقضي السنوات القليلة المقبلة في محاولة تبرير جائزة نوبل التي نالها في بداية عهده، ويجازف بجعل نفسه نكتة، او سيفضل تركيز وقته على اصلاح الاقتصاد الاميركي الاعرج. هل مساعدو اوباما سينصحونه بالبدء في تسوية حسابه في الايام المقبلة، ام انهم سيحذرون الرئيس من ان عمل ذلك يشكل مخاطرة بان يجنده نتنياهو للدعاية الانتخابية اليمينية كبرهان آخر على ان العالم برمته ضدنا؟

اذا كان اوباما قد استطاع في فترته الاولى ان يلقي باللوم في متاعب اميركا التي ورثها عن سلفه جورج بوش على الحربين في العراق وافغانستان، فانه في السنوات الاربع المقبلة لن يجد احداً يلومه على اي شيء سوى نفسه. وهذه المرة لن يتمتع بمهلة 100 يوم، او حتى 10 ايام.

يجري الآن العمل على تقديم طلب السلطة الفلسطينية رفع مكانة تمثيلها في الامم المتحدة الى دولة غير عضو (مثل الفاتيكان). وقد وافق رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس على اعفاء المرشح اوباما من الاختيار بين دعم الفلسطينيين وتبديد ما له من دعم من المتبرعين اليهود، وبين الوقوف الى جانب اسرائيل مع كون ثمن ذلك عزلةً اميركية في الجمعية العامة للامم المتحدة. ولكن على فرض ان عباس لن يتراجع خوفاً، فان اوباما سيرغم الآن على الاختيار بينه وبين نتنياهو.

السلطة الفلسطينية ام السلطة الفلسطينية؟

ان لكل خيار ثمنه طبعاً. وافشال المبادرة الفلسطينية في مجلس الامن حيث تملك الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) سيصور عباس على انه هيكل فارغ. وثمة تلميحات الى ان هذا من شأنه ان يؤدي الى استقالته وانهيار السلطة الفلسطينية، والى فوضى في الاراضي (المحتلة)، وانتفاضة ثالثة، وازمة خطيرة في العلاقات مع الاردن ومصر وعاصفة اقليمية.

ومن جهة اخرى، فان دعم المبادرة الفلسطينية، او حتى الامتناع عن التصويت، من المرجح ان يؤدي الى عقوبات ضد السلطة الفلسطينية من جانب حكومة نتنياهو، وهو ما سيؤدي ايضاً الى استقالة عباس، وانهيار السلطة الفلسطينية، وفوضى، وانتفاضة، وازمة اقليمية. كل هذا بينما سوريا (وربما لبنان) تتحول الى مزيج من الصومال وافغانستان، بينما يجري تصوير العراق بانه الساحة الخلفية لايران. واذا كان هناك اي احد في العالم يمكنه ان يقدم خياراً ثالثاً من شأنه ان يمنع حدوث هذه السيناريوهات المرعبة، فانه باراك اوباما.

لم يعد الناخب الاميركي قادراً على ان يُذكره بالالتزام الدراماتيكي الذي صدر عنه في حزيران (يونيو) 2009 خلال كلمته التي القاها في القاهرة في ما يتعلق بحل الدولتين بقوله: "انوي متابعة النتائج شخصيا بكل ما يتطلبه هذا الواجب من صبر".

الا ان من الممكن ان يتحول الامر خلال الايام المقبلة الى ان لا يعني البديل لمتابعة هذه النتائج هو مواصلة الجمود الدبلوماسي والمحافظة على الهدوء النسبي. فدعم نتنياهو، او بمعنى آخر معارضة المبادرة الفلسطينية في الامم المتحدة، لن يكون صفعة على وجهه هو، بعد ان تعهد في القاهرة بالا "تدير اميركا ظهرها للتطلعات الفلسطينية المشروعة من اجل تحقيق الكرامة والفرصة والدولة الخاصة بهم". واذا كان الرئيس الذي اعلن في حينه ان "الحل الوحيد لامال الجانبين يلتقي في اقامة الدولتين، حيث يمكن للاسرائيليين والفلسطينيين ان يعيشوا في سلام وامن"، يحاول ان يتخلى عن الشرق الاوسط، فان الشرق الاوسط هو الذي سيتابعه.

ان اسلوب اوباما في العام 2012 يختلف عن اسلوبه في العام 2009، كما ان القاهرة، مثل بلدان العالم العربي قاطبة، مختلفة عما كانت عليه في بداية ولايته الرئاسية. وحقائق الشرق الاوسط الجديد تحمل في طياتها تحديات جديدة للولايات المتحدة وقواعد مختلفة.

ويشرح تقرير امني دبلوماسي اعده قبل بضعة اشهر فريق من الخبراء برئاسة توماس بيكرينغ، وكيل الخارجية السابق في عهد ادارة كلينتون السفير السابق في روسيا والامم المتحدة واسرائيل، ان الرئيس اهمل الصيغة القديمة القائلة بان "الولايات المتتحدة لا يمكنها ان ترغب في احقاق السلام اكثر من الاطراف المعنية ذاتها".

وهناك تقرير اعده جيفري أرونسون، مدير الدراسات والنشر في مؤسسة الشرق الاوسط للسلام، وفيليب ديرمر، احد كبار الضباط سابقا في الجيش الاميركي، يشدد على ان الاندفاع بقوة في حل الصراع هو من اكثر المصالح الاميركية أهمية. ويرى هؤلاء الخبراء ومن بينهم عدد من كبار ضباط الجيش الاميركي، ان تعرض الادارة القادمة خطة شاملة تعترف بالسيادة الفلسطينية على اساس المبادرة العربية للسلام، وخطا امنيا تنتشر على اساسه قوة مراقبة وتفتيش دولية عربية داخل اراضي فلسطين.

ويقترح هذا الفريق ان يعرض الرئيس الاميركي هذه الخطة للسيادة الفلسطينية باعتبارها جزءا من خطة تكفل الامن لاسرائيل. ويشمل موضوع الامن المحافظة على التفوق العسكري الاسرائيلي. وبالمقابل يتخلى نتنياهو عن تطلعاته نحو "(تقريبا) كل اراضي اسرائيل". ويغض اوباما النظر عن غياب اسرائيل في مؤتمر هلسنكي حول شرق اوسط خال من الاسلحة النووية، وهو اصلا من افكار الرئيس الاميركي، ويحافظ على تعهده بعدم تمكين ايران من ان تصبح عضوا في النادي النووي.

ولا بد من ملاحظة ان لا احد في مقر الرئيس محمود عباس في المقاطعة في مدينة رام الله، يشرب نخب اي شيء ايضا. ذلك انه منذ ان استخدم اوباما الفيتو ضد قرار مجلس الامن توقف الفلسطينيون عن تعليق امالهم عليه. ثم ان عددا من الزعماء الاوروبيين قالوا لهم انه في حال انتخاب ميت رومني للرئاسة في الولايات المتحدة، فان تصويتهم الى جانب تغيير صفتهم في المنظمة الدولية سيكون أكثر سهولة، باعتبار انهم ليسوا مدينين للمنافس الجمهوري باي شيء. ويبدو ان الحصول على ذلك الدعم هو اكثر صعوبة الان بالنسبة الى الفلسطينيين".