اجمعت تقارير ومعلومات اعلامية وسياسية ان الرئيس الاميركي دونالد ترمب بصدد الاعلان عن الانسحاب من الاتفاق النووي مع ايران وفرض عقوبات
ورغم نفي الرئاستين الفرنسية والاميركية باطلاع الرئيس الاميركي نظيره الفرنسي بنيته الانسحاب الا ان معلومات وتغريدات ترمب تشسر الى انه بصدد الانسحاب
طهران تحذر ترمب
وأكد مسؤول إيراني رفيع أن طهران لن تقبل أي مطالب إضافية لا يشملها الاتفاق حول برنامجها النووي الذي أبرمته مع مجموعة "5+1" الدولية.
وقال المسؤول، في حديث لوكالة "رويترز"، اليوم الثلاثاء: "على الدول الأوروبية التي وقعت الصفقة أن تحاول لإقناع (الرئيس الأمريكي دونالد) ترامب بالبقاء في الاتفاق، لكن عليها أن تعلم أن إيران لن تقبل أبدا أي مطالب خارج إطاره".
وأضاف المسؤول الإيراني الرفيع: "أن ترامب عليه أن يأخذ بعين الاعتبار أنه سيتحمل المسؤولية كاملة عن تداعيات انهيار الاتفاق، لأن إيران كانت دائما متمسكة بتعهداتها الدولية".
ويأتي هذا التأكيد قبيل ساعات من إعلان الرئيس الأمريكي قراره حول مستقبل دور الولايات المتحدة في الاتفاق النووي مع إيران، وسط توتر كبير ناجم عن توقعات بانسحاب الإدارة الأمريكية من الصفقة، التي أبرمت في نوفمبر 2015 بين إيران من جهة وكل من الولايات المتحدة وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا وألمانيا من جهة أخرى.
الحرس الثوري
وقد أعلن الحرس الثوري الإيراني أن إيران مستعدة لأخطر سيناريوهات التهديد ولا تخشى على الإطلاق أي هجوم عسكري من قبل الولايات المتحدة.
وقال نائب القائد العام للحرس الثوري الإيراني، العميد حسين سلامي، اليوم الثلاثاء، خلال مراسم إزاحة الستار عن 30 كتابا عن الحرب الإيرانية العراقية: "إن نقل الحرب اليوم إلى مناطق البحر المتوسط يعني أن سيطرة الأعداء تتراجع يوما بعد يوم".
واعتبر سلامي أن "إيران اليوم تعتبر قوة موازنة للتطورات في المنطقة والعالم"، مضيفا: "تواجه أمريكا اليوم فقدانا للاستراتيجية كما أن عملياتها العسكرية غير قادرة على إحداث تغيير ميداني، كما في الاعتداء الأمريكي الأخير على سوريا".
وشدد العسكري الإيراني الرفيع على أن "العدوان الأمريكي البريطاني والفرنسي على سوريا يشير إلى أن أمريكا لا تملك خطة أو استراتيجية للحرب"، ولفت مع ذلك إلى أن "إيران في قلب تطورات المنطقة يمكنها تأمين مصالحها بشكل جيد، وكل ذلك يشير إلى أن قدرة أمريكا قد تراجعت في المنطقة".
وحذر نائب القائد العام للحرس الثوري الإيراني "الأعداء"، قائلا: "إن شعبنا لا يخشى أي عقوبات أو هجمات عسكرية من قبل الولايات المتحدة، وعلى كل أعدائنا، منهم الكيان الصهيوني وأمريكا وحلفاؤها الإقليميون، أن يعلموا بأن إيران اليوم لها اليد الطولى في المعادلات وقد أعدت نفسها لأخطر سيناريوهات التهديد".
الاقتصاد الايراني يترنح
في وقت يرجح أن يتسبب إعادة فرض العقوبات المرتبطة بملف طهران النووي بأذى كبير للاقتصاد الايراني، فإن حالة اللايقين التي خلفتها نوايا الولايات المتحدة والمشاكل الداخلية المتعددة تسببت بأضرار أكبر حتى الآن.
واعتبر توقيت معرض النفط الدولي السنوي في طهران هذا الأسبوع مربكا اذ تم افتتاحه قبل يومين فقط من تاريخ اتخاذ الرئيس الأميركي دونالد ترامب قراره بشأن إن كان سينسحب من الاتفاق النووي المبرم عام 2015 وهو ما يعني إعادة فرض العقوبات على ايران.
وقال مستشار أوروبي حضر المعرض الاثنين "كانت الأجواء قاتمة (...) كان هناك عدد قليل من الأجانب ومنصات العرض صغيرة. إنه أمر محبط".
وأقر المنظمون بأن عدد الضيوف الأجانب انخفض بالثلث مقارنة بالعام الماضي، بحسب ما ذكرت صحيفة "همشهري".
وكانت الصفقة الوحيدة المهمة في مجال النفط التي أبرمتها ايران منذ الاتفاق النووي صفقة للتنقيب بقيمة خمسة مليارات دولار مع شركتي "توتال" الفرنسية و"سي ان بي سي" الصينية العام الماضي. لكن مصير الصفقة بات على المحك حيث يترقب المسؤولون التنفيذيون ما سيعلنه ترامب بشأن الاتفاق النووي.
ولا تزال المصارف الأجنبية تخشى أي تعامل مالي حتى ولو كان ارتباطه بايران عرضيا رغم أن حكوماتها شجعتها على تسهيل التجارة والاستثمار.
وقال رجل الأعمال الفرنسي أماوري دو لا سير لدى افتتاحه فرعا لمطعمه الفخم "سوشي شوب" في طهران الصيف الماضي "ذهبنا إلى وزارة الاقتصاد الفرنسية وأعطونا لائحة بجميع البنوك التي قد توافق على العمل مع ايران. لكن لدى اتصالنا بهم، رد كل مصرف منهم سلبا".
- توقفت الاستثمارات -
وعقب التوقيع على الاتفاق النووي، تلقت ايران وعودا كثيرة بدخول الشركات الأجنبية على خط الاستثمار، لكن العديد منها امتنعت عن نقل أموالها فعليا إلى البلاد وفضلت التريث لمعرفة إن كان سيتم فرض العقوبات الأميركية مجددا.
وبحسب البنك الدولي، بلغت قيمة الاستثمارات الأجنبية المباشرة في ايران 3,4 مليارات دولار في 2016، وهو أقل بكثير من مبلغ 50 مليار دولار الذي حدده الرئيس الايراني حسن روحاني كهدف في العام الأول منذ ابرام الاتفاق.
وقال المحامي الدولي أردوان أمیر-أصلاني الذي كتب عدة مؤلفات عن المنطقة ويملك مكتبا في طهران إن الاتفاق النووي شكل "خيبة أمل حقيقية".
وأضاف "بإمكانهم بيع النفط، حسنا، يكفي ذلك لدفع رواتب الموظفين والمحافظة على البنية التحتية لكنه لم يجذب حتى جزءا من الاستثمارات التي تحتاج اليها البلاد".
وأوضح أن "أعمالنا التجارية باتت هزيلة. وتوقفت جميع الاستثمارات الأجنبية. تم تجميد حتى الكميات الضئيلة التي وعدنا بها".
من جهتهم، يتهافت الايرانيون للقفز من "المركب الغارق". اذ ذكرت احدى العائلات الثرية أنها نقلت كامل ثروتها من البلاد هذا الأسبوع قبيل قرار ترامب بعدما خسرت الملايين حتى الآن بسبب تراجع الريال الذي فقد ثلث قيمته أو أكثر مقابل الدولار هذا العام.
ويصعب التحقق من الأرقام لكن محللين ومسؤولين أفادوا أنه تم اخراج بين 10 إلى 30 مليار دولار من البلاد خلال الأشهر الأخيرة.
- مشاكل داخلية -
ويعتبر مسؤولون ايرانيون ذلك انتهاكا سافرا للبند 29 من الاتفاق النووي الذي يلزم الولايات المتحدة ضمان "تطبيع العلاقات التجارية والاقتصادية مع ايران".
لكن واشنطن تصر على أنها لم تتعهد قط رفع العقوبات غير النووية المرتبطة بمسائل كحقوق الإنسان وبرنامج طهران الصاروخي، اللذين كانا يعرقلان قطاع التجارة حتى قبل وصول ترامب إلى السلطة.
ولا يبدو أن للرئيس الأميركي علاقة بالكثير من المشاكل التي تعاني منها ايران.
فالقطاع الخاص يعاني من غياب الاستثمارات فيما النظام المصرفي مشلول بفعل القروض السيئة بينما مستويات البطالة القياسية تعني أن ثلث الشباب البالغة أعمارهم أقل من ثلاثين عاما لا يعملون.
وحاول روحاني تعزيز الشفافية والاستثمار، لكن التظاهرات التي خرجت في كانون الأول/ديسمبر وكانون الثاني/يناير كشفت عمق الغضب تجاه التقدم المحدود الذي حققه.
وكتب استاذ الاقتصاد في جامعة فرجينيا التقنية المتخصص بالاقتصاد الايراني في مقال لـ"بروجيكت سنديكايت" أن "معظم اللوم لاداء ايران الباهت يوجه إلى فريق روحاني الاقتصادي الذي ثبت أنه لا يجاري المشكلات الاقتصادية المتنامية".
وقال إن جهود روحاني لقيادة ايران نحو اقتصاد موائم أكثر للسوق وقادر على التفاعل مع العالم باتت تواجه خطر "التوقف تماما" ليحل محلها "اقتصاد المقاومة" الخاضع لسيطرة شديدة والمركز على الداخل الذي يفضله خصومه في التيار المحافظ.
وأشار أمير-أصلاني إلى أن "المحافظين لا يرغبون بالتفاوض على مسألة الصواريخ أو الإقرار بانخراطهم في دول أخرى في الشرق الأوسط. حتى لو بقي ترامب (في الاتفاق)، ستكون هناك أربعة شهور إضافية من المفاوضات مع الأوروبيين التي لن تقود إلى شيء".
وأضاف "التضخم يزداد وتأمين فرص العمل يتراجع. وفي نهاية المطاف، إنها كارثة اقتصادية".