شهدت العاصمة المصرية القاهرة، أمس الاثنين، فعالية إنسانية رفيعة المستوى جمعت بين قطر ومصر، في إطار جهودهما المشتركة لدعم الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وتعزيز التنسيق الإغاثي بين البلدين. وجاء الحدث ليؤكد عمق الشراكة الإنسانية بين الدوحة والقاهرة، ويعكس التزامًا عربيًا متجددًا بالوقوف إلى جانب غزة في وجه التحديات المتفاقمة.
مثّلت وزيرة الدولة للتعاون الدولي مريم بنت علي بن ناصر المسند الجانب القطري في الفعالية، فيما مثّلت وزيرة التضامن الاجتماعي مايا مرسي الجانب المصري، بحضور واسع من المنظمات الإغاثية والتنموية، مثل قطر الخيرية، صندوق قطر للتنمية، الهلال الأحمر القطري، إلى جانب منظمات دولية وشركاء ميدانيين فاعلين.
وتم خلال الحدث بحث سبل تعزيز التنسيق الميداني بين الجهات الإنسانية في البلدين، وتوسيع نطاق التدخلات العاجلة في غزة، بما يشمل توفير الغذاء، والمياه، والمأوى، والرعاية الطبية، في ظل الأوضاع الإنسانية الكارثية التي خلفتها الحرب.
وأكد الجانبان على متانة التعاون الإنساني القطري المصري، وضرورة توحيد الجهود الإغاثية تحت مظلة عربية وأممية، لضمان وصول المساعدات إلى المدنيين المتضررين من العدوان الإسرائيلي، مشددين على أهمية حماية المدنيين وتكثيف التدخلات الإنسانية العاجلة.
وفي بيان رسمي صدر من الدوحة اليوم الثلاثاء، أعلنت قطر الخيرية عن تخصيص 16 مليون دولار إضافية للمساعدات في غزة، ليرتفع إجمالي مساهماتها منذ اندلاع الحرب إلى 142 مليون دولار، في واحدة من أكبر الحملات الإنسانية الموجهة إلى القطاع المحاصر.
الرئيس التنفيذي لـ"قطر الخيرية"، يوسف بن أحمد الكواري، أشار إلى أن هذا الدعم الإضافي يستهدف "التوسع الفوري في عمليات الإغاثة، بما يشمل الغذاء والمياه والرعاية الصحية والمأوى"، مؤكدًا أن المؤسسة تعمل بشكل منسق مع السلطات المصرية ووكالات الأمم المتحدة لضمان تسريع الإجراءات اللوجستية وتسهيل مرور القوافل الإنسانية.
وفي خطوة لافتة، كشف الكواري عن تدشين جسر بري بين الدوحة ومدينة العريش المصرية، لنقل أكثر من 16,694 خيمة إلى غزة، إضافة إلى 29,000 خيمة أخرى تم شحنها عبر البحر إلى ميناء بورسعيد، على أن يبلغ إجمالي الخيام المرسلة بحلول منتصف نوفمبر المقبل 75,264 خيمة، في إطار خطة استجابة واسعة النطاق.
الكُواري أعرب عن تقديره العميق لدور الوزيرتين القطريّة والمصرية، مثمنًا تعاونهما في تسهيل الإجراءات وإزالة العقبات أمام وصول المساعدات، ومؤكدًا أن "الاستجابة الإنسانية تمسّ حياة الآلاف من الأسر وتُجسّد روح التضامن بين الشعوب العربية".
وتأتي هذه المبادرات ضمن التحرك الإنساني الواسع الذي تقوده قطر لدعم غزة، والذي يشمل جسورًا برية وإنسانية بالتنسيق مع مصر والأردن، ونقل مساعدات غذائية وطبية عاجلة، ومياه صالحة للشرب، إلى جانب تمويل إضافي بقيمة 20 مليون دولار لتغطية الاحتياجات الطارئة في القطاع.
وتتزامن هذه التحركات مع دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في 10 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، وفق خطة طرحها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، تقضي بوقف كامل للأعمال القتالية، وانسحاب تدريجي لقوات الاحتلال الإسرائيلي، وتبادل الأسرى، وضمان تدفق المساعدات الإنسانية إلى غزة.
ورغم الاتفاق، لا تزال سلطات الاحتلال الإسرائيلي تنفذ خروقات يومية، حيث أفادت جهات رسمية في غزة بأن نحو 100 فلسطيني استُشهدوا، وأُصيب 230 آخرون، نتيجة 80 خرقًا موثقًا منذ بدء سريان الهدنة.
ويُذكر أن الحرب الأخيرة التي استمرت لعامين خلّفت أكثر من 68 ألف شهيد فلسطيني، وأصابت ما يقارب 170 ألفًا، إضافة إلى تدمير غالبية البنى التحتية في القطاع، مما يضاعف الحاجة إلى تحرك دولي وعربي عاجل لإعادة الإعمار وتخفيف المعاناة المستمرة.