تحذرات من تدخل تركي: اكراد سورية يناشدون دول العالم بعدم التخلي عنهم مستقبلا

تاريخ النشر: 18 فبراير 2019 - 01:00 GMT
لم تهدأ خلال الفترة الأخيرة التهديدات التركية بشن هجوم جديد ضد المقاتلين الأكراد
لم تهدأ خلال الفترة الأخيرة التهديدات التركية بشن هجوم جديد ضد المقاتلين الأكراد

وقد عبرت وزيرة الجيوش الفرنسية فلورانس بارلي  في مقال لها، نشرته صحيفة لو باريزيان، عن مخاوفها من أن يكون الأكراد "ضحايا" جددا للنزاع السوري جراء الانسحاب الأمريكي المرتقب وتدخل عسكري تركي محتمل في المنطقة. وفي محاولة منه لاستمالة الأكراد، قال بشار الأسد في خطاب له: "نقول لهذه المجموعات التي تراهن على الأمريكي...لن تحميكم إلا دولتكم".

وقال ألدار خليل أحد أبرز القياديين الأكراد في مقابلة مع وكالة فرانس برس أجريت في باريس، إن "تلك الدول لديها التزامات سياسية وأخلاقية (...) إذا لم يفوا بها، فهم يتخلون عنا".

ودعا فرنسا العضو الدائم في مجلس الأمن الدولي، خصوصاً إلى أن تعمل لصالح نشر قوة دولية في سوريا فور انسحاب القوات الأميركية منها.

وقال خليل "يمكن لفرنسا أن تقدم اقتراحا إلى مجلس الأمن لحمايتنا: يمكنها أن تقترح نشر قوة دولية بيننا وبين الأتراك تكون فرنسا جزءاً منها، أو يمكنها حماية أجوائنا".

وتهيمن وحدات حماية الشعب الكردية على تحالف قوات سوريا الديموقراطية العربي الكردي الذي يستعد لإعلان الانتصار على تنظيم الدولة الاسلامية. لكن مع اعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب أنه يريد الانسحاب من سوريا، تبدو هذه القوات في وضع هشّ أكثر من أي وقت مضى.

ولم تهدأ خلال الفترة الأخيرة التهديدات التركية بشن هجوم جديد ضد المقاتلين الأكراد ابتداء من مدينة منبج (شمال). ومن أجل تهدئة الأجواء، اقترح الرئيس الأميركي الشهر الماضي إنشاء "منطقة آمنة" بعمق 30 كيلومتراً على طول الحدود بين الطرفين.

ورحبت أنقرة بالاقتراح لكنها أصرت في الوقت ذاته على أن تدير تلك المنطقة. إلا أن الأكراد شددوا على رفض أي دور لأنقرة فيها.

وتعتبر أنقرة وحدات حماية الشعب الكردية بأنها فرع من حزب العمال الكردستاني الذي يقود تمرداً في تركيا منذ عام 1984.

وحذر المسؤول في الإدارة الكردية شبه الذاتية القائمة منذ عام 2011 "إذا لم تفعل الدول الأوروبية والولايات المتحدة شيئاً، سنكون مجبرين على التفاهم مع النظام (السوري) ليرسل قوات عسكرية إلى الحدود لحمايتها".

وتحاصر قوات سوريا الديموقراطية الجهاديين في مساحة نصف كيلومتر مربع في الباغوز قرب الحدود مع العراق.

ويدعم التحالف الدولي بقيادة أميركية قوات سوريا الديموقراطية في عمليتها، مقدماً لها دعماً جوياً لكن لا يوجد لديه على الأرض سوى بضعة قوات خاصة.

في مقال لها، نشر الأحد في صحيفة لو باريزيان، حذرت وزيرة الجيوش الفرنسية فلورانس بارلي من جعل الأكراد السوريين "ضحايا" جددا للنزاع السوري.

وكتبت بارلي أن "إعلان الانسحاب الأمريكي (من سوريا) خلط الأوراق (...) في المنطقة. لا أحد يعلم حتى الآن إلى ماذا سيفضي".

وأضافت "من واجبنا القيام بكل شيء لتفادي جعل (عناصر) قوات سوريا الديمقراطية ضحايا"، والتي تقاتل تنظيم "الدولة الإسلامية"، بدعم جوي من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة.

ونجحت هذه القوات في محاصرة الجهاديين في بقعة، لا تتجاوز مساحتها نصف كيلومتر مربع في قرية الباغوز السورية، قرب الحدود العراقية. ولكن بعد حسم هذه المعركة والانسحاب الأمريكي الفعلي، سيصبح الأكراد مهددين بشكل مباشر بتدخل عسكري تركي في شمال شرق البلاد.

خلاف أمريكي أوروبي لضمان أمن الأكراد

وطلبت وزارة الدفاع الأمريكية من حلفائها تشكيل "قوة مراقبين" في شمال شرق سوريا لضمان أمن الأكراد، لكن هذا الطلب لم يلق تجاوبا خلال مؤتمر ميونيخ للأمن الجمعة. وقال مصدر حكومي فرنسي لوكالة الأنباء الفرنسية إن أعضاء التحالف يرفضون هذا الأمر، مبديا أسفه لـ"سياسة فرض الأمر الواقع"، التي تنتهجها واشنطن.

واعتبر المصدر أن "الحل البديل هو اتفاق بين النظام السوري والأكراد. لكن هذا لن يتم بالضرورة، فدمشق تريد استعادة سيادتها. من هنا تظهر أهمية الروس في اللعبة".

لكن الوزيرة الفرنسية حذرت من أي تقارب مع دمشق، علما أن الرئيس بشار الأسد استعاد السيطرة على قسم كبير من الأراضي السورية بدعم روسي وإيراني. وقالت "علمتنا التجربة أن النظام السوري يعتمد سياسة مزدوجة".

الأسد للأكراد: "لن تحميكم سوى دولتكم"

وفي خطاب نقله التلفزيون السوري الرسمي، قال الرئيس السوري بشار الأسد: "نقول لهذه المجموعات التي تراهن على الأمريكي إن الأمريكي لن يحميكم"، في إشارة إلى المقاتلين الأكراد. وأضاف "لن تحميكم سوى دولتكم. لن يدافع عنكم سوى الجيش العربي السوري".

وفي نفس السياق، قال الأسد موجها خطابه دائما للأكراد: "الأمريكي لن يضعكم لا في قلبه ولا في حضنه. الأمريكي سيضعكم في جيبه لكي تكونوا أداة المقايضة مع الدولارات التي يحملها"، قبل أن يواصل: "إذا لم تحضروا أنفسكم للدفاع عن بلدكم وللمقاومة، فلن تكونوا سوى عبيد عند العثمان" في إشارة إلى تركيا.

وفاجأ قرار الانسحاب الأمريكي الأقلية الكردية التي تواجه خطر إضعافها بمواجهة تركيا المجاورة، في وقت تهدد أنقرة بإطلاق حملة عسكرية لطرد وحدات حماية الشعب بعيدا من حدودها.

ونجح الأكراد بعد بدء النزاع في سوريا العام 2011، في إعلان إدارة مستقلة بحكم الأمر الواقع على الأراضي التي تخضع لسيطرتهم، وهي تتوزع بين شمال وشمال شرق البلاد وتشكل 30% من مساحتها.

الاشتراك

اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن