للمرة الاولى في مدرسة فرنسية، يتابع طلاب معظمهم من أصول عراقية او تركية دروسا لتعلم اللغة الآرامية، إحدى أقدم اللغات في العالم، وأكثرها تهديدا بالاندثار.
يستقبل الاستاذ بابلو كيرتشوك طلابه الثلاثين في احدى قاعات مدرسة جان جاك روسو قائلا عبارة ترحيبية باللغة الآرامية وهي "شلاما لكن" اي السلام عليكم.
ويجيب الطلاب بصوت واحد "شلاما لوخ"، أي عليك السلام.
وبطلب من المدرس، تقترب فتاة من اللوح لتكتب تاريع اليوم بالحروف السريانية.
ويشرح كيرتشوك لطلابه "ان اسماء هذه الاشهر تعود الى اللغة البابلية".
ويقول هذا المدرس، وهو صحافي سابق في السادسة والخمسين من عمره متخصص في اللغات السامية "عملت في تدريس اللغة العبرية منذ سنوات عدة في المدرسة".
ويضيف "ارادت الادارة ان نغوص في الأمر أكثر، وأن نبدأ باعطاء دروس باللغة الآرامية، التي يتكلمها بعض تلامذتنا في بيوتهم".
ويشكل تدريس اللغة الآرامية فرصة لتبيان اهميتها بين اللغات القديمة في العالم، بحسب الاستاذ. ولم يعد يتكلم الآرامية اليوم سوى 500 الف شخص في العالم، وهم غالبا من المسيحيين المشرقيين من دول مثل تركيا وسوريا والعراق وايران. ويشارك في صفوف اللغة الآرامية في مدرسة جان جاك روسو تلاميذ من خارج المدرسة، على غرار جوني ايم ذي الستة عشر عاما، والذي يقول "اللغة الآرامية هي تاريخنا، ويتعين علينا ان نحافظ عليها".
وبحسب منظمة اليونسكو، فان اللغة الآرامية الحديثة هي واحدة من ثلاثة الاف لغة مهددة بالاندثار، من أصل ستة آلاف لغة ما زالت منتشرة في العالم.
ويفاقم من هذه المشكلة تشتت المسيحيين اتباع طائفية الكلدان الاشوريين في العالم بعد خروج عدد كبير منهم من العراق هربا من اعمال العنف.
ويوضح بابلو كيرتشوك ان اللغة الآرامية كانت اللغة السائدة في الشرق الاوسط في العصور الغابرة، وكانت اللغة المحكية في فلسطين في زمن السيد المسيح، وهي ليست لغة ميتة كما يظن البعض، بل انها لم تتوقف منذ ثلاثة الاف سنة".
في مدينة سارسيل الفرنسية، حيث يعيش منذ الثمانينات من القرن العشرين عدد كبير من الكلدان الآشوريين القادمين من جنوب تركيا وشمال العراق، ما زالت بعض العائلات تتخاطب بلغة السيد المسيح.
ويقول الفتى ميلودي كالكان الذي يتابع دروس اللغة "في الصف نتعلم جذور الكلمات وكيف تكتب، الامر غريب لاننا نتكلم هذه اللغة منذ الصغر ولكن من دون ان نتقنها".
وتقول زميلته اليسيا يالاب "في صغري كنت اتكلم الآرامية بشكل جيد، لكن اللغة الفرنسية حلت مكانها شيئا فشيئا، حاليا احاول ان اتمرن عليها مجددا مع أهلي وأصدقائي".