لم يحد الرئيس الاميركي دونالد ترمب عن سياسة سلفة باراك اوباما، ومنذ خطابة الشهير في جامعة القاهرة مع بداية ولايته في البيت الابيض، ظل الوضع في منطقة الشرق الاوسط مكانك راوح، بل انه تراجع عشرات السنين بفضل غياب الاستراتيجية لدى ترمب.
يحاول ترمب فرض السلام بالقوة، على امل تطوير وتعزيز النفوذ الاقتصادي الخاص لاميركا على حساب الدول في الشرق الاوسط وعلى حساب مصير الشعوب والقرارات الدولية والشرائع والنظم المتفق عليها تاريخيا.
في جولته الاخيرة في منطقة الشرق لم يظهر وزير الخارجية الاميركي مايك بومبيو في وضع متزن ولم يكن له رأي واضح في حل معضلات الشرق الاوسط والتواجد الاميركي في سورية والحرب التي يخوضها في العراق، والتدخل في القضية الفلسطينية بشكل سافر ومفروض ومعاكس لما تقتضية وتدعو اليه القرارات الدولية بل كان حازما في نقطة رئيسية تتعلق بايران بعد الانسحاب من الاتفاق النووي، إذ لخصها بالقول: "لن يكون لإيران مطلقاً اليد الطولى للسيطرة على الشرق الأوسط".
اعتبر الوزير الاميركي ان هناك خطران في العالم: التنظيمات الارهابية وايران، وتناسى ما تقوم به بلاده من محاولات قد تكون مخطط لها لتفجير الوضع من خلال اتخاذ خطوات استفزازية مثل نقل السفارة الاميركية الى القدس والتغاضي عن الارهاب والتصعيد الاسرائيلي ضد الفلسطينيين وسورية الى جانب حمايتها بعشرات الـ "الفيتو" في الامم المتحدة.
المرعب ان الولايات المتحدة تعمل الان على توريط دولا عربية كانت قد نجت من التلاعب الاميركي في الربيع العربي وما تزال تعتبر عمودا قويا ومتينا في الصراع الازلي مع اسرائيل، هذه المحاولات الاميركية تدفع مصر وغيرها الى واجهة الصراع افتعلته ونمته وكبرته واشنطن مع ايران
الصراع المذكور سيستنزف مقدرات البلاد العربية ويدفعها للجوء للاستدانة من الولايات المتحدة التي ستفتح مخازن اسلحتها للبيع، وستؤدي الى توتر داخلي ومظاهرات واحتجاجات لا يحمد عقباها.
باختصار، حاولت إدارة بوش انتهاج استراتيجية "دمقرطة" الأنظمة الحاكمة في المنطقة، لتليها في ما بعد إدارة أوباما التي تبنت استراتيجية فك الارتباط بالمنطقة والتخلي عن "فرض الديمقراطية"، واليوم تعلن إدارة ترامب استراتيجية "أمريكا أولاً" التي هي في حقيقتها لا تقدم حلولاً لأزمات المنطقة، بل تحمّل الإدارتين السابقتين مسؤولية تضاؤل النفوذ الأمريكي لمصلحة إيران وانتشار الفكر الجهادي.