تسارع وتيرة هجرة المسيحيين من فلسطين

تاريخ النشر: 02 أبريل 2012 - 09:15 GMT
ما بين العامين 1947 و 1949 طرد الجيش الإسرائيلي حوالي 90,000 مسيحي
ما بين العامين 1947 و 1949 طرد الجيش الإسرائيلي حوالي 90,000 مسيحي

"هجرة المسيحيين متواصلة وتسارعت وتيرتها منذ عام 2001 ونتج عن ذلك انخفاضا حادا في عدد المسيحيين في القدس وبقية الأرض الفلسطينية المحتلة، مما أدى إلى التراجع التدريجي للوجود المسيحي والطبيعة المسيحية للمدينة المقدسة. ويرجع قادة الكنائس زيادة الهجرة المسيحية من فلسطين إلى عدة أسباب: فرض إسرائيل قيودًا على لمّ شمل العائلات الفلسطينية، والقدرة المحدودة المتوفرة أمام المجتمعات المسيحية في القدس للتوسع العمراني بسبب مصادرة إسرائيل للممتلكات الكنسية، والقيود المفروضة على البناء، والمشاكل الضريبية، وصعوبات الحصول على تصاريح إقامة لرجال الدين المسيحيين"هكذا كتب رؤساء البعثات التابعة للإتحاد الأوروبي في القدس ورام الله في تقريرهم لعام 2012.

وتفند دائرة شؤون المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية في تقرير اسمته "عزل وظلم: عيد الفصح تحت الاحتلال"المزاعم الاسرائيلية بشأن هجرة المسيحيين الفلسطينيين وتشرح الممارسات الاسرائيلية التي تدفع الى تفريغ الأرض المقدسة من الفلسطينيين المسيحيين.

وقالت: في العام 1945 ، كان هناك حوالي 117,450 فلسطينياً مسيحياً يعيشون في فلسطين، ولكن ما بين العامين 1947 و 1949 طرد الجيش الإسرائيلي والعصابات الإسرائيلية المسلحة حوالي 90,000 وهو ما يعادل ثلثي المسيحيين، من فلسطين التاريخية مع مئات الآلاف من السكان الفلسطينيين الأصليين، ومنذ ذلك الحين أصبحت الهجرة المسيحية واقعًا مؤلماً ومتواصلا في الأرض المقدسة.

وفي دراسة في العام 2008 ، أفاد المسيحيون أن الأسباب التي تدفع بهم إلى الهجرة هي نقص الحرية والأمن ) 32.6 بالمائة( والتدهور الاقتصادي 26.4) بالمائة( وعدم الاستقرار السياسي 19.7) بالمائة( والتعليم خارج البلاد 12.6) بالمائة( ولمّ شمل العائلات والجدار الإسرائيلي والحواجز العسكرية والتطرف الديني( 0.8 بالمائة)".

واشار تقرير منظمة التحرير الى انه وللتغطية على الأثر المدمر لسياساتها على الفلسطينيين المسيحيين، كثيرا ما تلجأ الدبلوماسية العامة الإسرائيلية لحملات الدعاية التي تهدف إلى زرع الفتنة بين الفلسطينيين من مختلف الأديان.

ومؤخرا أصدر السفير الإسرائيلي لدى الولايات المتحدة مقالا في صحيفة وول ستريت جورنال يدعي فيها أن إسرائيل دولة تتمتع بقدر كبير من التسامح والانفتاح في حين ألقى اللوم كذبا لانخفاض عدد المسيحيين في فلسطين على التطرف.

وقالت دائرة شؤون المفاوضات : أثارت هذه الدعاية الكاذبة غضب المسيحيين والمسلمين واليهود حول العالم، وخاصة المجتمع المسيحي في فلسطين الذي تجرأ مايكل أورين وكتب نيابة عنه.

أمّا الرد الذي وقعه 80 من القادة المسيحيين الفلسطينيين على ما كتبه أورين فجاء هكذا:"محاولتك إلقاء اللوم بشأن ما يواجهه الفلسطينيون المسيحيون من صعوبات حياتية يومية على الفلسطينيين المسلمين لهو أمر مخجل وتلاعب فظ بالحقائق يهدف إلى إخفاء الضرر الذي ألحقته إسرائيل بمجتمعنا... فنحن نعاني من اعتداء حكومتكم على حقوقنا الطبيعية والأساسية في العبادة وسياساتها الهادفة إلى نفي الفلسطينيين وشرذمة مجتمعاتهم... إنهاء الاحتلال الإسرائيلي هو الطريق الوحيد لتمتع الفلسطينيين المسيحيين والمسلمين بحياة من الازدهار والتقدم كما أنه السبيل الأكيد لاستمرار الوجود المسيحي في أرضنا المقدسة".

ويؤكد التقرير على انه بالإضافة إلى استعمار الأرض، قامت إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، أيضًا بتغيير الواقع الديمغرافي في القدس الشرقية المحتلة عبر تفريغ المدينة من سكانها المسيحيين والمسلمين الأصليين باستخدام عدد من التدابير الإدارية تشمل إلغاء الإقامة وفرض قيود صارمة على حرية العبادة.

وقال: ويعاني الفلسطينيون المسيحيون مثل إخوانهم الفلسطينيين المسلمين من السياسة الإسرائيلية الهادفة إلى محو الطابع العربي للقدس الشرقية المحتلة مما يهدد ليس فقط الحل القائم على أساس الدولتين بل أيضا طبيعة المدينة المقدسة.

واضاف: وتظهر جلياً تلك السياسة الإسرائيلية في أعياد الفصح المجيد. ففي حين يأتي الآلاف من المسيحيين من حول العالم إلى المدينة المقدسة للاحتفال بعيد القيامة، يمُنع الفلسطينيون المسيحيون الذين وُلدوا ويعيشون في المدينة المقدسة أو قربها من الاحتفال بمراسم العبادة في المدينة".

يذكر انه بموجب العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،فان لكل إنسان "حق في حرية الفكر والوجدان والدين.ويشمل ذلك حريته في أن يدين بدين ما، وحريته في اعتناق أي دين أو معتقد يختاره، وحريته في إظهار دينه أو معتقده بالتعبد وإقامة الشعائر والممارسة والتعليم، بمفرده أو مع جماعة، وأمام الملأ أو على حدة".

وفي العام 2009 ، أكدت المقرر الخاص للأمم المتحدة بشأن الحرية الدينية أسماء جهانجير عقب زيارة لها إلى الأرض الفلسطينية المحتلة أن إسرائيل لا تفي بالتزاماتها بموجب العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية أو تلك الواردة في القانون الإنساني الدولي أو القوانين الدولية لحقوق الإنسان.

ويقر المجتمع الدولي أن القدس الشرقية مدينة محتلة وتشكل جزءًا لا يتجزأ من الأرض الفلسطينية المحتلة، ومع ذلك، تفرض إسرائيل على الفلسطينيين قيودًا عقابية على حرية حركة وتنقل الفلسطينيين من وإلى المدينة المقدسة لأغراض العبادة والزيارات العائلية والتجارة.

ولذلك يقول التقريرعن الممارسات الاسرائيلية :ويشكل ذلك صفعة موجعة للفلسطينيين المسيحيين في فترة عيد الفصح المجيد لأن وجودهم في مدينة القدس أمرًا أساسيا من أجل الاحتفال بأعيادهم الدينية.

وقد تمّ إضفاء الطابع المؤسساتي على هذه القيود بواسطة نظام تصاريح تعسفي ومتحفظ يفرض على الفلسطينيين في الأرض الفلسطينية المحتلة الذي لا يقيمون في القدس الحصول على تصاريح أمنية لزيارة المدينة والأماكن المقدسة فيها.

ونظام التصاريح هذا عبارة عن إجراء إضافي غير قانوني تستخدمه إسرائيل بهدف ترسيخ ضمها أحادي الجانب وغير الشرعي للقدس الشرقية المحتلة".

وقد توصل تقرير رؤساء بعثات الإتحاد الأوروبي حول القدس ( 2012 ) إلى نتيجة مفادها أن "الحكومة الإسرائيلية تفرض بشكل انتقائي قيودًا قانونية وسياسية على حريات العبادة وعلى وصول المصلين المسيحيين والمسلمين إلى أماكن عبادتهم في مدينة القدس والبلدة القديمة على مدار السنة".

وقالت دائرة شؤون المفاوضات : لكن من أجل تحسين صورتها على المستوى العالمي، تدعي إسرائيل أنها تحترم حق العبادة وتستشهد بعدد التصاريح التي تمنحها للفلسطينيين المسيحيين الذين يطلبون الدخول إلى القدس الشرقية المحتلة للاحتفال بعيد الفصح مغفلة الأعداد الأكبر الممنوعين من دخول المدينة. على سبيل المثال، في نيسان 2011 ، قدمّ 15,000 فلسطينياً مسيحياً طلبات للحصول على تصاريح دخول للقدس الشرقية المحتلة لكن إسرائيل أصدرت 2,500 تصريحًا فقط.

واضافت: كما تصدر إسرائيل التصاريح عشوائياً، وأحياناً كثيرة لواحد أو اثنين من أفراد العائلة الواحدة، وينتج عن ذلك عدم استخدام التصاريح حيث يختار جميع أفراد العائلة أن يبقوا معًا حيث يجُبرون على الاحتفال بالأعياد في بيتهم.

ويسُمح للفلسطينيين الذين يحملون هويات فلسطينية ويحصلون على تصاريح بدخول القدس الشرقية المحتلة عبر 3 من 14 حاجزًا عسكرياً تحيط بالمدينة المحتلة. وهذه الحواجز مخصصة للمشاة فقط مما يتسبب في حدوث اكتظاظ ويؤدي إلى تأخير طويل ومزعج.

وفور وصول حاملي التصاريح إلى الأماكن المقدسة، تخلق التدابير الأمنية الإسرائيلية جوًا من الاضطراب والتوتر بدلا من خلق جو يعمّه السلام والاحتفال وللمستوطنات الإسرائيلية غير القانونية المحيطة بالقدس الشرقية المحتلة أثر سلبي على جميع الفلسطينيين وخاصة المسيحيين منهم المقيمين في محافظة بيت لحم:

فيعيش غالبية الفلسطينيون المسيحيون في الأرض المحتلة في القدس الشرقية المحتلة ومحافظة بيت لحم، ويوجد حالياً 22 مستوطنة غير شرعية قائمة على أراضي محافظة بيت لحم إضافة إلى الجدار غير القانوني مما أدى إلى تقييد التواجد الفلسطيني وحصره في 13 بالمائة فقط من مساحة المحافظة الأصلية، ويمنع نظام المستوطنات الإسرائيلية والجدار حرية الحركة والعبادة بين أقدس مدينتين مسيحيتين، ويخنق الحركة السياحية التي هي من أهم الصناعات المساهمة في الاقتصاد الفلسطيني.

يذكر ان مدينة القدس هي القلب السياسي والإداري والروحي النابض لفلسطين. وهي أيضًا موطن أهم الأماكن الدينية للديانات السماوية الثلاث التي شكلت على مرّ القرون هوية فلسطين وشعبها.

وكانت إسرائيل قامت بتغيير وضع القدس الشرقية ومعالمها بشكل أحادي وغير قانوني بعد احتلال الأرض الفلسطينية في العام1967 بعدة أسابيع.

وقد قوبل ذلك بشجب حاد من المجتمع الدولي، بما في ذلك اعتماد عدة قرارات في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. وعقب ضم إسرائيل غير القانوني للقدس الشرقية المحتلة في العام 1980 ، عبر سنّ ما يسمى "بالقانون الأساسي"، تبنى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة القرار رقم 478 والذي ينصّ على أن "جميع التدابير والإجراءات التشريعية والإدارية التي اتخذتها إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال والتي تغير أو ترمي إلى تغيير طابع المدينة المقدسة ووضعها، وبخاصة "القانون الأساسي" الأخير بشأن القدس، هي باطلة ويتوجب إلغاؤها فورا".

وتقول دائرة شؤون المفاوضات : تستمر إسرائيل في تحدي قرارات الأمم المتحدة من خلال الاستمرار في توسيع وترسيخ نظام المستوطنات والجدار داخل الأرض الفلسطينية المحتلة وخاصة في القدس الشرقية، في خرق فاضح للقانون الدولي، بما فيه القانون الدولي الإنساني والقوانين الدولية المتصلة بحقوق الإنسان.

 

 

الاشتراك

اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن