قضت محكمة أميركية بالسجن مدى الحياة على رجل اعترف بمعاشرة جثة فتاة تعمل ممرضة بعد ان كان صدمها عرضا بشاحنته أثناء ممارستها رياضة الجري، في واقعة سلطت الضوء مجددا على نوع من الشذوذ الجنسي يعرف بالنيكروفيليا أو جماع الأموات.
الحكم الذي أصدرته محكمة في ولاية اركنساس مطلع الاسبوع، جاء عقب سحب كويك لويلن (29 عاما)، ادعاء ببراءته من تهمة قتل الممرضة سيدني ساذرلاند (25 عاما)، والتي عثر على جثتها مدفونة قريبا من منزله.
لويلن الذي يعمل مزارعا سحب اعترافه السابق بعد اتفاق مع المدعين لتجنب عقوبة الإعدام، لكنه تمسك بنفي الاختطاف والإساءة للجثة.
وكانت ساذرلاند اختفت في أغسطس 2020، أثناء ممارستها رياضة الجري في أحد الشوارع. وقال لويلن في اعترافه أنه صدمها بشاحنته دون أن يرى بسبب الغبار الناتج عن الطريق المرصوف بالحصى، قبل أن يقوم بنقل جثتها إلى حقل حيث حفر حفرة وجردها من ملابسها وعاشرها جنسيا.
وبعد اختفائها، انضم لويلن إلى متطوعين يبحثون عن ساذرلاند، وأصبح عضوا في مجموعة فيسبوك مخصصة لهذه الغاية.
بعد يومين من اختفائها، عثر على جثة الممرضة في حفرة صغيرة تشبه القبر غير بعيدة عن منزل لويلن. وتم القبض عليه بعد أيام قليلة، وقال باعترافاته الخطية إنه دهسها بشاحنته، ثم عاشرها ودفن جثتها.
وقالت السلطات إنهما يعرفان بعضهما سابقا، دون الكشف عن تفاصيل أخرى.
وأثناء تواجدها في المحكمة بمقاطعة جاكسون الجمعة، طلبت والدة الضحية ماغي ساذرلاند من لويلن أن ينظر إليها وهي تقرأ بيان خلال المحاكمة.
وقالت: "أنظر إلي في عيني، لقد عاملتها على أنها لا شيء، لكنها كانت كل شيء بالنسبة لي. لم تقتل سيدني فقط في ذلك اليوم، لقد مات شيء بداخلي أيضا".
وأضافت: "الأيدي التي عانقتني بها، هي نفس الأيدي التي قتلتها بها"، في إشارة إلى ما قام به أثناء البحث عن ساذرلاند.
جماع الأموات ..ممارسة قديمة جديدة
ما اقدم عليه هذا المزارع ليس أمرا جديدا، بل هو معروف على امتداد التاريخ البشري، ويدرجه المختصون في اطار ما يعرف في علم النفس باضطراب النيكروفيليا أو اشتهاء جماع الأموات .
وعموما، يعد جماع الأموات فعلا شاذا ممنوعا ومحرما في كافة الديانات، وكذلك قوانين غالبية الدول التي تعتبر أن ممارسة الجنس يجب أنت كون بموافقة الشريك، وبالتالي تعتبر النيكروفيليا نوعا من أنواع الإغتصاب التي يعاقب عليها القانون.
وبحسب المختصين، فإن أغلبية المصابين بإضطراب النيكروفيليا، أشخاص إنطوائيون ومنعزولون وغير إجتماعيين، ويعانون من الخوف من الدخول في علاقة عاطفية وجنسية حقيقية يمكن أن تجرحهم، لذلك يتجهون للجثث والموتى.
ويمكن ان يكون الإنجذاب للجثث والموتى على وجه الخصوص انجذابا حقيقيا، حيث أن المصابين بهذا الاضطراب (النيكروفيليا) يعمدون لممارسة الجنس مع الجثث، نظرا لرغبتهم في فرض السيطرة والتحكم في شريك لن يبدي أي مقاومة.
والنيكروفيليا أو جماع الأموات، ظاهرة قديمة جدا، حيث كانت توجد في العديد من الحضارات.
ويسجل ان بعض كهنة المصريين القدامى كانوا يختارون رفاة النساء الميتات الجميلات لغرض جماعها، ويستمرون في ذلك حتى وصول الجثث الى درجة التحلل، وهو ما دفع اقرباء الموتى لرفع درجة اليقظة لحراسة جثثهم.
أنواع بعضها قاتل
تنقسم ظاهرة النيكروفيليا أو جماع الأموات إلى 3 أنواع مختلفة، حسب هوس الشخص و مدى إضطرابه و تعلقه بالجثث و هاته الأنواع هي كالتالي :
* النوع القاتل: يمكن لهذا النوع من المصابين بالنيكروفيليا القيام بأي شيء قانوني وغير قانوني للحصول على الجثث وممارسة غرائزه المريضة عليها، وقد تصل إلى درجة القتل في سبيل الحصول على مبتغاه.
* الاعتيادي: يتشارك هذا النوع مع النوع القاتل ميزة حب ممارسة الجنس مع الجثث الميتة لإرضاء غرائزه الحيوانية، لكن هذا النوع يكتفي بالحصول على جثث ميتة مسبقا، مثلا الحفر عليها في المقابر أو الوصول إليها عن طريق العمل ( العمل في مستودعات الجثث و الموتى)، و هو أقل خطورة من النوع الأول.
* التخيلي: وهو النوع الأقل خطورة على المجتمع، حيث يكتفي هذا النوع، بتخيله لممارسة الجنس على الجثث و الموتى، لكن فقط في مخيلته دون الإقدام على هذا الفعل على أرض الواقع.
ومن الجدير بالذكر أن ظاهرة النيكروفيليا أو جماع الأموات لا تقتصر على الإنسان فقط، فقد تمت ملاحظة هاته الظاهرة الشاذة عند الحيوانات أيضا وخاصة الطيور.
نيكروفيليا اجرامي
تم تسجيل العديد من حالات النيكروفيليا بين المجرمين والسفاحين عبر التاريخ لعل أشهرهم السفاح الأمريكي جيفري دامر الذي قتل حوالي 17 رجلا و شابا وكان يقوم بممارسة الجنس على جثثهم مباشرة بعد قتلهم.
وهناك ايضا تيد بندي الذي كان معروفا أيضا بحبه و هوسه بمعاشرة جثث ضحاياه ويعد من أبرز المصابين بإضطراب النيكروفيليا، و كان يعتبر من بين أخطر القتلة و المغتصبين في فترة السبعينات و إعترف بقتله لأكثر من 30 إمرأة ولا يزال العدد الفعلي لضحاياه مجهولا حتى الآن.
ويعد ايد جين من بين أشهر المصابين بإضطراب النيكروفيليا على الإطلاق، حيث كان ينتظر بفارغ الصبر موت أي فتاة أو إمرأة في المدنية ليسرق جثتها من المقبرة ويأخذها لمزرعته التي كان يسكن فيها وحيدا ليمارس عليها كل أنواع الجنس.
وعندما اصبحت الجثث غير قادرة على اشباع رغبات جين الشاذة، بدأ في قتل النساء لمجامعتهن ميتات، حتى تم القبض عليه ومحاكمته سنة 1968 ، لينتهي كابوس مزعج روع نساء ولاية تكساس لسنوات.
وواحدة من أشهر حالات ظاهرة النيكروفيليا أو جماع الأموات هي حالة الطبيب كارل تانزلر، الرجل الذي بشكل مفاجئ، تمكن من إخراج جثة ماريا إيلينا ميلاغرو دي هويو، التي اعتبرها امرأة حياته لمواصلة ممارسة الجنس معها.
تمكن تانزلر من لصق عظام حبيبته الراحل بالشماعات والكابلات ، ووضع عيون زجاجية في تجاويف عينيها ، واستبدل اللحم الفاسد للأخير بقطعة قماش حريرية معالج بالشمع والجص الأبيض ، حيث كان الجسم في حالة فاسدة بدرجة كبيرة.
مضاجعة الوداع !
قبل بضع سنوات، ضجت وسائل الاعلام بردود الفعل المستهجنة والغاضبة بعدما كشف عالم الدين المصري الدكتور صبرى عبد الروؤف عن فتاوى في كتب الفقه تتحدث عن جواز مجامعة جثة الزوجة، في ما يعرف باسم مضاجعة الوداع.
هذا النوع من الممارسة الجنسية إذا كان بين زوج وزوجته، لا يعتبر زنا بل حلالا كما تبين بعض كتب الفقه، وبحسب ما ذكر عبدالرؤوف، استاذ الفقه المقارن الذي استدرك بان هذا الفعل يظل مع ذلك شيئا غير مألوف، ويخالف الطبيعة البشرية.
هذا العالم دافع عن نفسه بضراوة في مواجهة الحملة التي جرى شنها ضده بسبب هذه التصريحات، مؤكدا ن هذا كلام المالكية، والشافعية والحنابلة، ومنصوص عليه في كتب فقهية منها: مختصر خليل الفقه المالكى، وجهد المحتاج الشافعى، والمغنى لابن قدامة، كل الكتب والمذاهب تناولت هذا الأمر، وكلهم قالوا "ليس زنا".
ومثلا، فى كتاب مطالب أولى النهى فى شرح غاية المنتهى، لكاتبه مصطفى السيوطى الرحيبانى، مفتى دمشق والذى عاش فى الفترة ما بين ( 1160 - 1243 هـ )، ( 1747 - 1827 م)، فيقول فيه مؤلفه صاحب الفقه "الحنبلى"، فى باب "النكاح" فصل، "المهر"، ما نصه:
"ويجب مهر بوطء ميتة كالحية، ويتجهل محل وجوب المهر فى وطء ميتة إذا كانت ( غير زوجته ) أما زوجته، فلا شيء عليه فى وطئها حية وميتة، لأن مقتضى تصريح الأصحاب بأن له تغسيلها لأن بعض علق النكاح باقية، وأنها ليست كالأجنبية من كل الوجوه، قال القاضى فى جواب مسألة: "ووطء الميتة محرم ولا حد ولا مهر انتهى".
والنص هنا أنه يجب سداد المهر لأهل الميتة إذا مورس معها الجنس، أما إذا مارس الرجل الجنس مع زوجته الميتة فلا يوجد مهر عليه لأنها ليست أجنبية بأى وجه، قبل أن يضيف تعقيبا من القاضى فى المسألة أنه أمر محرم ولكن لا حد ( عقوبة ) فيه.
وعلى ان هناك خلافا بين العلماء المسلمين في هذه المسألة، لكن الرأي السائد ان هذا الفعل "اعتداء على حرمة الميتة وهو أمر تعافه النفوس السوية والفطرة السليمة، ولذا لم يأت من الشارع نص بوجوب الحد على فاعله اكتفاء بأنه أمر تمجه النفس وتعافه".
وكتب ابن قدامة في كتابه المغني عن وطء الميتة قائلا: ولأنها لا يشتهى مثلها وتعافه النفس فلا حاجة إلى شرع الزجر عنها، والحد إنما وجب زجراً.
وقد نص فقهاء على حرمة وطء الميتة سواء كانت زوجة أو أجنبية،: وقال القاضي في جواب مسألة: ووطء الميتة محرم. وقال عليش في منح الجليل: فلا يحد إن وطئ زوجته أو أمته بعد موتها وإن حرم، نعم يؤدب.
وبحسب موقع "اسلام ويب" فان الشخص الذي يأتى هذا العمل المحرم عليه أمور:
أولها: أن يغتسل غسل الجنابة، قال الإمام أبو إسحاق الشيرازي يرحمه الله: وإن أولج في فرج ميتة وجب عليه الغسل لأنه فرج آدمية فأشبه فرج الحية. انظر المجموع 2/155.
الثاني: هل يلزم إعادة غسل الميتة إن كانت غسلت؟ ذكر الإمام النووي فيه وجهان مشهوران: أصحهما لا يجب لعدم التكليف، وإنما يجب غسل الميت تنظيفاً وإكراماً. انتهى. المجموع.
الثالث: يلزم صاحب هذه الفعلة أن يتوب إلى الله تعالى، وأن يكثر من الاستغفار.
