حركة "حماس" تواجه معضلة الاختطافات في المستقبل

تاريخ النشر: 25 أكتوبر 2011 - 04:15 GMT
الاسير الاسرائيلي
الاسير الاسرائيلي

أثارت صفقة الأسرى الأخيرة بين إسرائيل والفلسطينيين صخبا كبيرا في وسائل الإعلام العربية والعالمية على حد سواء. لكن الآن، وبعد "انقشاع الغبار"، يمكن التطرق لجوانب اخرى ذات صلة بهذه الصفقة.
 
قال خبراء في الشأن الفلسطيني أن الصفقة كشفت مجددا عن عمليات واتجاهات جارية داخل حركة المقاومة الإسلامية "حماس" منذ وقت طويل. وذهب البعض للقول أن حركة "حماس"، ومن خلال أدائها وطريقة صنع قراراتها في السنوات الأخيرة، تمر بنفس العملية المسيرة التي شهدتها حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" قبل عدة سنوات.  
 
فحركة "فتح" أيضا تمسكت، بل وقدّست، نهج الكفاح المسلح في بداية طريقها غير أن قادتها رويدا رويدا، ومع مرور السنين، توصلوا الى استنتاج مفاده أنه لا يمكن مقارعة إسرائيل عسكريا لتحقيق أهداف الشعب الفلسطيني كاملة.
 
وحتى قبل اندلاع الانتفاضة الفلسطينية، كان صناع القرار في حركة "فتح" على قناعة بأن الكفاح المسلح سينهك الشعب الفلسطيني وسيضر بمصالحه القومية.
 
وقد ترجمت منظمة التحرير الفلسطينية، بقيادة حركة "فتح"، هذا الاستنتاج على الأرض حيث وافقت في نوفمبر 1988 على مبدأ الدولتين للشعبين. وفي سبتمبر 1993، وقّعت منظمة التحرير مع إسرائيل على اتفاقية إعلان المبادىء التي عرفت فيما بعد باتفاقيات أوسلو وتعهدت المنظمة بموجبها بالاعتراف بدولة إسرائيل ونبذ العنف بكل انواعه.
 
وفي إطار تلك الاتفاقيات، أطلقت إسرائيل سراح نحو 4000 أسير فلسطيني، وهو أكبر عدد من الأسرى الفلسطينيين الذين يتم تحريرهم بدفعة واحدة على الاطلاق الأمر الذي صاحبته فرحة عارمة وشعور بالاستقلال في الشارع الفلسطيني.
 
وتحاول اليوم حركة "حماس"، التي عارضت اتفاقيات أوسلو آنذاك وعملت على إفشالها، أن تمر، بطريقتها الخاصة، في نفس المسار الذي تمر به الحركات الأخرى في دربها نحو الاستقلال. وتعتقد زعامة الحركة أنه باستطاعتها تحقيق نتائج للشعب الفلسطيني أفضل من تلك النتائج التي حققتها حركة "فتح".
 
وبالرغم من ذلك، يجب التنويه بأن الصفقة الكبرى السابقة بين الطرفين، والتي تعرف بصفقة جبريل (1985) حيث أطلق بموجبها سراح 1500 أسير فلسطيني، هي التي أدت الى التوصل لاتفاقيات أوسلو في نهاية المطاف. فمعظم الأسرى المحررين خلال هذه الصفقة، والذين غادروا السجون مع شعور بأن الكفاح المسلح ضد إسرائيل لن يجدي نفعا لأنه يصوّر الفلسطينيين "كإرهابيين" أمام أعين العالم، عملوا على ان تتخذ الانتفاضة الأولى طابعا غير عنيفا، الأمر الذي أدى الى التوصل للقرار المتخذ في نوفمبر 1988 ومن ثم الى اتفاقيات أوسلو. وبالطبع، كان هناك بعض الأسرى المحررين الذين قرروا العودة لخيار الكفاح المسلح وكان مصيرهم اما السجن او الاغتيال عن طريق إسرائيل.
 
الآن، وبعد انقضاء فرحة تحرير الأسرى، يواجه قادة حركة "حماس" معضلة غير بسيطة بالنسبة للمستقبل. فلا بد أن تراعي الوعود بعمليات خطف جديدة عوامل أخرى عدا عن البعد الخطابي والاستعراضي.
 
وقد صرح رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" ، السيد خالد مشعل، بعد اتمام الصفقة أن حركتة "نجحت في فك شفرة العقلية الإسرائيلية". واذا كان ذلك صحيحا، فان قادة حركة "حماس" على دراية تامة بالجدل الدائر حاليا داخل إسرائيل حول صفقات مستقبلية والأصوات المنادية بتشريع قوانين جديدة تمنع تبادل جندي او مواطن إسرائيلي بعدد كبير من الأسرى. ناهيك عن ان مثل عمليات الخطف هذه تثير سخط الإسرائيليين وهذا يترجم إلى عمليات عسكرية واسعة.
 
وقد اعترف الأمين العام لحزب الله، الشيخ حسن نصر الله، في أعقاب حرب تموز 2006 بانه لم يكن ليأمر بخطف الجنديين الإسرائيليين لو أدرك مدى شدة الرد الإسرائيلي. وقد فهم آنذاك نصر الله، الذي يعتبر خبيرا في تحليل اتجاهات المجتمع والسياسة الإسرائيلية، انه توجد خطوط حمراء للرأي العام الإسرائيلي.

الاشتراك

اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن