كلّ «أسرار المجاهدين» على الشبكة

تاريخ النشر: 17 فبراير 2014 - 10:55 GMT
البوابة
البوابة

لم تعد مصطلحات كـ«مقاتلين تكفيريين» أو»تنظيمات تكفيرية» مفاهيم بعيدة عن متناول أيدينا، إن جاز التعبير، كما كان الحال قبل سنتين أو ثلاث. لقد أصبح بإمكاننا جميعاً، وبكبسةٍ زرّ واحدة، التجوال على صفحات أولئك المقاتلين على «تويتر» و«فايسبوك «وغيرها من منصّات الإعلام الجديد. يمكننا متابعة أخبارهم، ورؤية وجوههم، وربما طلب «صداقتهم».

وجوهٌ وخطابات اختارت الـ«سوشل ميديا»، لتكمل حربها الميدانية بأخرى إعلامية ـ افتراضية. باتت صور الرؤوس المقطوعة والأوصال المبتورة، مشهداً عادياً على «تويتر» خصوصاً. وباتت تحصد الإعجاب والتفضيل وإعادة التغريد كأيّ صورةٍ أخرى.
في موازاة اشتعال القتال بين «الدولة الإسلامية في العراق والشام» و«الجبهة الإسلامية»،

شنّ المقاتلون وأنصارهم من الطرفين حرباً افتراضية. بعد تركيز صفحاتهم الافتراضية للهجوم على «النظام النصيري وجيشه»، أصبحت صفحات «داعش» تهاجم ما تسمّيه «الصحوات» في الشام، أي الفصائل المنضوية في «الجبهة الاسلامية»، فيما تهاجم صفحات «النصرة» زميلتها السابقة على خلفية قتل «داعش» أعضاء فيها.

حضور المقاتلين الإسلاميين في الفضاء الالكتروني ليس جديداً، لكنه يشكّل سابقةً لجهة العلنيّة، والظهور المكثّف في الحرب المستمرة في سوريا. «إنّهم لا يعطون انطباعاً بأنهّم يريدون إخفاء أيّ شيء، وتلك سابقة بالمقارنة مع نزاعات أخرى»، يقول الباحث تشارلز لستر من مركز «آي ايتش أس جاينز للأبحاث حول الإرهاب وحركات التمرد»، في حديثٍ مع وكالة «فرانس برس» قبل فترةٍ، حول المقاتلين الغربيين في سوريا.

يعود نشاط التنظيمات الاسلامية المتطرفة «أونلاين»، إلى أكثر من عقدين. غير أنّه لم ينتقل إلى الواجهة إلا في العام 2001، حين أنشأ تنظيم «القاعدة» أوّل موقع رسمي له على الشبكة. كان الموقع حينها منبراً للبيانات الصادرة عن التنظيم باللغة العربية، مع بعض مقاطع الفيديو. بعد إقفال الموقع نهائياً، بدأت مواقع غير رسمية مناصرة للتنظيم تتكاثر، إضافةً إلى ظهور ما يعرف بالمنتديات «الجهادية»، ثمّ الصفحات على مواقع التواصل.

هنالك اليوم ثلاث منتديات تتزعّم المشهد الالكتروني «للقاعدة»، تنشر البيانات ومقاطع الفيديو الرسمية. ويقول خبراء في هذا المجال، أنَّ التنظيم تطوّر بشكلٍ ملحوظ على صعيد الامكانات التقنية. ففي السابق كان ينشر مقاطع فيديو غير واضحة، وذات حجم كبير يصعب معه التحميل والمشاهدة. أمّا اليوم فجودة الفيديوهات باتت عالية جداً، إضافةً لكون «القاعدة» تضمن من خلال تلك المنتديات عدم غيابها عن الشبكة.

ولعلّ ذروة التقدّم التقني الذي وصل إليه التنظيم بدأ العام 2008، حين أطلق برنامج «أسرار المجاهدين»، وهو أوّل «برنامج إسلامي للتراسل عبر الشبكات»، كما أسماه. و«أسرار المجاهدين» برنامج للاتصال المشفّر، تبعته برامج شبيهة خاصة بالهواتف الذكية.

وكان «أمن المجاهد» الذي أطلقه «مركز الفجر الإعلامي» التابع للتنظيم، أحدث تلك البرامج. يعتقد خبراء أنَّ تكثيف التنظيم نظم الحماية على الانترنت، يتعلّق بالانكشاف الأمني على الشبكة الذي ظهر عقب تسريبات إدوارد سنودن. ويرون أن التطور التكنولوجي للتنظيم مرتبط مباشرةً بالحرب في سوريا. فبالإضافة إلى البروباغندا التي تهدف إليها المواقع والمنتديات، فإنّها تحاول أيضاً جذب مقاتلين من أصقاع الأرض كافة، للانضواء تحت راية التنظيمات التابعة لها، والقتال في سوريا.

غير أنّ علاقة هؤلاء المقاتلين خصوصاً الغربيين منهم مع مواقع التواصل تبدو مختلفة عن أداء التنظيم الأم لجهة الأمن والحماية على الشبكة. هم يعلنون نيتهم الذهاب الى سوريا للقتال و«يدعون» بعضهم أيضاً، إضافةً الى المجاهرة بمشاعرهم حيال القتال.. لتصبح صفحاتهم شبيهة ببرامج تلفزيون الواقع، لكنها آتية من عصر ما قبل التاريخ.