تسود حالة من القلق وسط الدوائر الرسمية الأردنية من تدهور الوضع الاقتصادي والاجتماعي للبلاد، وسط تراجع الدعم الإقليمي والدولي للمملكة.
وخص قاضي القضاة الشيخ أحمد هليل خطبة الجمعة التي ألقاها في مسجد الملك حسين في عمان، بالتركيز على الأخطار المحدقة بالمملكة، موجها رسائل قوية إلى الدول الخليجية التي طالبها بدعم الأردن للخروج من الأزمة التي باتت تهدد كيانه.
وقال هليل “أخاطب بصفتي إماما للأمة وعالما من علمائها قادة وملوك وأمراء الخليج وحكامها وحكمائها وشيوخها، ونحن نقدر لهم مواقفهم التي وقفوها معنا على طول الأيام وأقولها لهم بكل احترام وتقدير لقد بلغ السيل الزبى، إخوانكم في الأردن ضاقت الأخطار حولهم واشتدت”.
وأضاف “إخوانكم في الأردن لكم سند وظهير وعون ونصير وظهركم، لقد ضاقت بإخوانكم الأردنيين الأمور، فحذار ثم حذار أن يضعف الأردن والأمور أخطر من أن توصف”، متسائلا “أين عونكم وأياديكم البيضاء وأموالكم وثرواتكم”.
واعتبرت أوساط أردنية متابعة أن رسائل هليل التي ضمنها في خطبته تجاه دول الخليج لم تكن اعتباطية خصوصا أنها ألقيت في مسجد الملك حسين في عمان، بما لذلك من رمزية في الوجدان الأردني، وخصوصا أيضا أن الرجل معروف عنه قربه من المؤسسة الملكية، وبالتالي فإنه لا ينطق عن هوى، وإنما يعبر بشكل غير مباشر عن عتب أردني من تقاعس خليجي عام في الاستجابة لمتطلبات الوضع الاقتصادي الأردني.
ويواجه الأردن ضغوطا هائلة جراء البراكين المتفجرة في العراق وسوريا، وأن المخاطر الأمنية حقيقية، فالاعتداءات الإرهابية الأخيرة في منطقة الكرك تخفي أوراما أخطر تهدد استقرار المملكة.
واعتبرت مصادر أردنية أن الضغوط الاقتصادية، التي تتحمل جانبا منها كثافة حجم اللاجئين في البلاد، تمثل كلفة عالية للدور الأمني والعسكري الذي يلعبه الأردن في مواجهة الاختلالات على حدوده.
وبالأمس صرح رئيس الوزراء هاني الملقي بأن نسبة المديونية زادت خلال آخر عدة أعوام، وأصبحت مخالفة لقانون الدين العام حتى وصلت إلى أرقام غير مسبوقة، مشددا على أن الاستمرار بهذا الوضع غير مقبول إطلاقا.
ويرى مراقبون أن قول هليل “حذار حذار أن يضعف الأردن والأمور أخطر من أن توصف”، يحمل تحذيرا إلى الدول الخليجية من مغبة الوهن الذي قد يصيب الأردن على مناعة الخليج وأمنه.
وبحكم موقعه الجغرافي فإن أمن الأردن مرتبط أيما ارتباط بأمن دول الخليج وأي هزة قد يتعرض لها سواء كانت اجتماعية أو أمنية فإنها ستنعكس بالتأكيد على تلك الدول، وهو ما سعى هليل إلى لفت الانتباه إليه.
ولم تقتصر رسائل قاضي قضاة الأردن على دول الخليج حيث كان للداخل النصيب الأوفر منها لجهة التحذير من إثارة القلاقل والتظاهرات الداخلية، مذكرا بتداعيات الربيع العربي الكارثية على دول المنطقة.
وقال هليل “إذا اخترق الوطن وإذا ساد من يدعون إلى المظاهرات والمسيرات التي دمرت وما عمرت وأخرت وما رفعت وقتلت وما أحيت وأذلت وما أسعدت، يا بني حذار من دعاة الفتنة حذار ممن يدعون إلى الخروج إلى الشوارع”.
وتابع “ألم يخرج أخواننا في سوريا إلى الشوارع؟ ماذا جرى لهم؟ أتريدون أن تصل الأمور إلى مثل هذه الحالات؟ ألم تروا ما يجري في العراق واليمن والبحرين وليبيا؟ لم تستقر ولم تهدأ، كم من الدماء والأشلاء؟”.
وشدد هليل بالقول “أقول لكم حذار من الفتن”.
وسجلت في الفترة الأخيرة دعوات متواترة من بعض القوى وفي مقدمتها جماعة الإخوان المسلمين تحرض الشارع على الخروج والتظاهر ضد سياسات الحكومة، وقد قابلتها الأخيرة برد حازم حينما ألقت السلطات القبض على عدد من النشطاء بينهم أعضاء في جماعة الإخوان وضباط متقاعدون، بتهمة “التحريض على قلب نظام الحكم”.
وقد أثار رد فعل السلطات استغراب البعض خاصة وأن النظام الأردني لطالما اتسمت مواجهته للأصوات المعترضة بالمرونة، وخير مثال مع حصل في أحداث 2011.
وفسر محللون هذا التحول بوجود تهديدات داخلية وخارجية فعلية تواجه الأردن، وأن تقديرات السلطة الرسمية تقول بضرورة مجابهة أي تحرك قد يكون بوابة لنشر الفوضى بالمملكة.