صحيفة: الكويت منقسمة بشأن المحاولات لإضعاف المعارضة

تاريخ النشر: 26 نوفمبر 2012 - 04:03 GMT
الكويت منقسمة
الكويت منقسمة

نشرت صحيفة "ذي غارديان" البريطانية اليوم الاثنين مقالاً من مراسلها لشؤون الشرق الاوسط بعث به من الكويت يقول فيه انه وجد مدينة الكويت منقسمة بشأن المحاولات لاضعاف المعارضة التي يقول انها تستخدم وسائل التواصل الاجتماعي للالتفاف على محاولات النظام الاميري. وهنا نص المقال: "ليالي تشرين الثاني (نوفمبر) منعشة على الواجهة البحرية، وهناك جو احتفالي في ساحة الإرادة حيث تتجمع الحشود للاحتجاج. النساء الملتفات بعباءات سوداء يختلطن مع اخريات بالجينز بينما الرجال بالدشداشات والكوفيات المرقطة بالأحمر يرشفون الشاي فوق سجاجيد مفروشة فوق الأعشاب على شاطىء الخليج العربي.
المتكلمون يتحدثون بقوة عن نقل رسالة للداخل لمقاطعة انتخابات يوم السبت لأن الأمير، الشيخ صباح الأحمد الصباح أصدر مرسوما حول قانون الانتخابات يضعف من المعارضة. ويعرض المشرفون قنابل الغاز المسيل للدموع التي أطلقت لتفريق مظاهرة غير مصرح بها الشهر الماضي.
وعلى العكس من أماكن أخرى في الشرق الأوسط وأفريقيا، فان الكويتيين لا يسعون للإطاحة بالنظام. وساحة الإرادة أكثر انضباطا من ميدان التحرير في مصر. والعنف هنا نادر.
ومع ذلك لا يمكن تجاهل عمق الانقسامات في هذا البلد الصغير والثري بشكل أسطوري- وهناك قلق حول كيفية لعب هذه الورقة. وجيران الكويت من الدول الشديدة المحافظة في السعودية والإمارات يراقبون الموقف بعصبية.
وقال سلطان المجروبي وهو ناشط شاب أصيب بجراح عندما فرقت القوات الخاصة مظاهرة كبيرة في تشرين الأول (أكتوبر): "مرسوم الأمير كان القشة التي قصمت ظهر البعير. عائلة الصباح بحاجة لتغيير من الداخل. هم لا يفكرون بالمستقبل ومصداقيتهم عند الشعب تتناقص".

الكويت مع ذلك هي أكثر الدول ديموقراطية في الخليج. ويعود تاريخ "ربيعها" إلى العام 2006، قبل الإطاحة بالحكام الدكتاتوريين في تونس ومصر وليبيا بوقت طويل.
وفي تشرين الثاني (نوفمبر) من العام الماضي تم إجبار رئيس الوزراء، وهو ابن عم الأمير، على الاستقالة بعد اتهامات بتلقي نواب رشاوى لدعم الحكومة. وتم حل البرلمان في حزيران (يونيو) الماضي.
المعارضة هي ائتلاف من جماعات شبابية وقبائل ناقمة وإسلاميين. وكثير منهم يضع أشرطة برتقالية اللون- في إشارة للثورة في أوكرانيا النائية. واستخدم موقع "كرامة الوطن" على التويتر بشكل مؤثر جدا لتنظيم الاحتجاجات والتغلب على خطط الحكومة.
وقال شفيق الغبرا أستاذ العلوم السياسية: "إذا نظرت إلى الشعارات فإن تمكين الطبقات العامة وظهور نشاط للمجتمع المدني تشير إلى أننا جزء من الربيع العربي. الناس يريدون مشاركة سياسية ومساواة أمام القانون. لكن لا توجد ثورة هنا".
ولا يعاني الكويتيون من فقر أو من جوع. فالثروة النفطية للبلاد تمول نظاما للضمان الاجتماعي بالغ الكلفة منذ الاستقلال عام 1960. والمواطنون الـ 1,5 مليون نسمة لا يدفعون أي ضرائب لكن النظام يطفح بالمحسوبية والواسطة. ومنح الأمير العام الماضي كل مواطن ألف دينار كمنح وكوبونات غذائية. وقال جعفر البهبهاني وهو رجل أعمال: "الكويت مجتمع ثري ولذلك هناك عند الناس ما يفقدونه. وهذا هو السبب في أن الكثيرين يؤيدون الواقع الراهن".
وفي الديوانيات في العاصمة- وهي تجمعات ذكورية غير رسمية- يجري نقاش ساخن حول مقاطعة الانتخابات. ومن الظاهر أن الأمير يقوم بتحديث النظام من خلال تقليل عدد الأصوات من 4 إلى واحد.
لكن هدفه واضح. وفقا لما يشكو منه مستشار في نحو العشرين من العمر وهو يوزع شارات مقاطعة الانتخابات في ساحة الإرادة المغطاة بالأشجار:"انهم يشكلون برلمانا جديدا يجعلونه خاضعا لاحتياجاتهم".
النظام السياسي الكويتي الهجين المنصوص عليه في الدستور غير فعال كما هو معروف. وعندما حدث الجمود في العلاقة بين أعضاء البرلمان والأمير، توقفت التنمية. وأبراج الماء الرمزية في العاصمة تهيمن على الواجهة البحرية ولكن لم يتم بناء مستشفيات جديدة لعدة عقود كما أن المطار الدولي هو من تذكارات الستينات مقارنة بالمطارات في دول الخليج المجاورة.
وما يزال النفط يشكل 90 في المائة من واردات الدولة، ولم يحدث سوى تقدم ضئيل في تنويع الاقتصاد وتعزيز القطاع الخاص وتخفيض الدعم الحكومي. والاستثمار الداخلي راكد. وتحت هذا المرض هناك غياب للثقة بالنظام ونقمة على الفساد وضعف في المحاسبة من جانب الوزراء والمسؤولين.
ويحذر المحتجون من أن التلاعب بالنظام الانتخابي لن يكون مساعدا ما لم يتم التعامل مع الأسباب الجذرية. وقال المهندس غازي الشمر: "الحكومة تحمل المسؤولية لمجلس النواب لأنه عقبة أمام التنمية. لكن المشكلة هي أنهم يريدون أن يجعلوه حفلة رجل واحد".

وبالنسبة الى الغبرا فالنتيجة واضحة. "عدم استماع الحكومة للشعب يخلق مشكلة أكبر".

تحت الاضطرابات تكمن تغييرات اجتماعية عميقة. والقبائل التي جاءت من السعودية في السبعينات تضاعف عددها وزادت التوترات بينها وبين التجمعات الحضرية في الكويت، التي تضم المتحدرين من التجار القدامى باللؤلؤ. وقال محمد رويحل من كتلة الشعب المعارضة: "نحن ضد المؤسسات الفاسدة التي يديرها الشيوخ ورجال الأعمال لخدمة مصالحهم الخاصة"، ومثل كل الشعوب في المنطقة فإن نصف السكان دون الخامسة والعشرين من العمر، وكثير منهم تعلموا في الخارج على نفقة الحكومة.

وتلاشت مشاعر الخضوع. وقال وزير مفكر من عائلة الصباح: "كان آباؤنا يخبروننا أن الديوانية فيها نظام جلوس صارم. فكلما كنت بعيدا عن وسط المجلس كان متوقعاً ان يكون كلامك أقل. ولكن مع التويتر وتطبيقات الآيفون وكل مواقع التواصل الاجتماعي أصبح بإمكان الجميع التعبير عن آرائهم".

القمع خفيف بالمقاييس الإقليمية. ومن السهل ملاحظة عملاء الأمن الحكوميين حول ساحة الإرادة. وقال أحد الناشطين: "الناس يتلقون صفعات حول هذا المكان وأحيانا يوضعون في الحبس الانفرادي لكن لا يوجد تعذيب".

ومع ذلك، فإن الصبر يتلاشى. والاعتقالات لمن هم أقل مكانة تزايدت. وقد سجن مسلّم البراك، القيادي المتشدد في المعارضة لعشرة أيام بعد إصداره تحذيرا عاما للأمير حول مرسوم الانتخابات- كما أنهم (كذبا) يتهمون ملك الأردن عبد الله (الذي يواجه هو الآخر صراعا مع مطالب بالتغيير السياسي) بإرسال مرتزقة لقمع الاحتجاجات.
وحصل خلال هذا الشهر تذكير باوقات اسعد من خلال احتفال رائع بالالعاب النارية بمناسبة 50 سنة على الدستور الكويتي - وقد فاز الاحتفال فوراً بمكان في كتاب غينيس للارقام القياسية كاغلى عرض للالعاب النارية في العالم حتى الان. ولكن المزاج صار بشعاً.

وقالت صفاء الهاشم، وهي مرشحة في الدائرة الانتخابية الثالثة ان المعارضة "موضة قديمة" وان احتجاجاتها عبارة عن شكاوى وقحة. وفي وسائل الاعلام هناك شكاوى من خيانة بسبب المقاطعة وهناك ايضاً نفحة طائفية في الجو مع اتهام للشيعة بالوقوف الى جانب الحكومة وللقبائل بانها متخلفة.
وتقول سيدة اعمال تنفيذية: "وجهات نظري تحولت من اليسار الى اليمين. انني ضد الطريقة التي تتصرف بها المعارضة. انني اتفهم لماذا يقفون ضد مبدأ صوت واحد لكل ناخب، ولكن هذه البلاد ما زالت تدار بعقلية قبلية. القانون لا ينفذ الا اختيارياً".
ويسارع الليبراليون والقوميون الى الهجوم على الاخوان المسلمين - الذين يعرفون في الكويت باسم الحركة الدستورية الاسلامية - ويتهمونها بالتآمر لاقامة خلافة جديدة تحت اوامر الحكومة المصرية الجديدة. ولكن هذه الادعاءات تبدو مبالغاً فيها الى حد كبير وينفي الدبلوماسيون الغربيون على الصعيد الخاصاي اهمية لها. ,قالت غنيمة العتيبي، وهو علمانية من قائدات الطلبة: "هناك وجود اسلامي، ولكنهم براغماتيون جداً. اما سعد العجمي، وهو وزير سابق فيقول: "الحكومة الكويتية تحمل على الاخوان لانها تحتاج للتأييد الخليجي".
ستكون نسبة الاقبال على التصويت السبت حاسمة الاهمية في تقرير ما اذا كان البرلمان الجديد سيحظى بشرعية كافية، او سيكون "مجلس ميكي ماوس" على حد تعبير احد المتشككين. واياً تكن النتيجة، فان من الصعب رؤية كيف يمكن انهاء التوترات الكامنة في البلاد في اي وقت قريب. " وتتنهد سيدة الاعمال قائلة: "الكويت مختلفة ولكننا لسنا معزولين عما يجري حولنا في اماكن اخرى من العالم العربي". وتضيف: "لقد حاكم آل الصباخ دوماً بانسجام واجماع، ولكن هذا ينهار الآن".