عباس مستعد للتفاهم مع اسرائيل وفياض يشكو عزلة الفلسطينيين

تاريخ النشر: 09 مايو 2012 - 02:59 GMT
الرئيس الفلسطيني محمود عباس
الرئيس الفلسطيني محمود عباس

قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس إنه مستعد للتفاهم مع اسرائيل بشأن اتفاق للسلام اذا اقترحت "أي شئ واعد أو إيجابي"، فيما قال رئيس حكومته سلام فياض إن الفلسطينيين يشعرون بانهم باتوا معزولين ويعانون نقصا في الاموال.
وقال عباس الثلاثاء متحدثا إلى رويترز بعد أن أعلن رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو ائتلافا كبيرا يدعم قوة القيادة الاسرائيلية إن على نتنياهو أن يدرك أن المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية المحتلة تدمر آمالها في السلام ولابد أن تتوقف.
وذكر عباس أنه ما زال من السابق لأوانه التعقيب مباشرة على الائتلاف الاسرائيلي الجديد الذي جعل حزب المعارضة كديما المنتمي للوسط ينضم إلى حكومة نتنياهو.
وعندما كان حزب كديما في المعارضة ألقى باللوم على نتنياهو في فشل محادثات السلام الفلسطينية. وقال زعيم كديما شاؤول موفاز إن استئناف المفاوضات التي تعثرت طوال 18 شهرا يمثل "شرطا حديديا" لقراره بالانضمام إلى الحكومة.
وبعث عباس خطابا الشهر الماضي إلى نتنياهو اعتبر على نطاق واسع إنذارا ووضع به‭ ‬أطر استئناف المحادثات المتعثرة. ومن المتوقع أن يرد نتنياهو هذا الأسبوع.
وقال عباس إنه ليست لديه نية السماح لأبناء شعبه بحمل السلاح ضد الاسرائيليين لكنه سيكون مستعدا لتجديد سعيه من جانب واحد للحصول على الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية في الأمم المتحدة في حالة عدم إحراز تقدم.
ومضى يقول "إذا كان هناك أي شئ واعد او إيجابي.. فسوف نتفاهم بالطبع" متحدثا في مقره برام الله العاصمة الإدارية للسلطة الفلسطينية.
وتوقع أن تحاول الولايات المتحدة أيضا طرح أفكار جديدة. وانهارت محادثات كانت ترعاها الولايات المتحدة في 2010 في نزاع حول استمرار البناء الاستيطاني في الضفة الغربية المحتلة.
وقال في إشارة إلى اقتراع محتمل في الجمعية العامة للأمم المتحدة "إذا حدث أي شئ في ذلك الوقت فسوف نلجأ للأمم المتحدة للحصول على وضع دولة غير عضو."
وفشلت محاولات فلسطينية للحصول على اعتراف كامل عبر مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في 2011 في مواجهة المعارضة الأمريكية. ولا يمكن للجمعية العامة أن تمنح عضوية كاملة بالأمم المتحدة لكن المبادرة الفلسطينية هناك لا يمكن أن تستخدم واشنطن ضدها حق النقض (الفيتو) وسيكون انتصار الفلسطينيين فيها انتصارا رمزيا.
وقال نتنياهو في القدس يوم إنه يريد استغلال هذا الائتلاف الكبير في "المضي في عملية سلام مسؤولة".
لكن ليس هناك مؤشر على أنه مستعد لقبول مطالب فلسطينية بوقف كل البناء الاستيطاني قبل استئناف المفاوضات. ويقول نتنياهو إن وقف البناء الاستيطاني سيكون شرطا مسبقا ولابد ألا تكون هناك شروط مسبقة بالمحادثات.
وأكد عباس مجددا على هذا الطلب يوم الثلاثاء قائلا "لن أعود للمفاوضات دون تجميد النشاط الاستيطاني" مؤكدا على كل كلمة يصرح بها.
ومضى عباس يقول "المستوطنات تدمر الامل." وكان عباس مشاركا في السياسة الفلسطينية منذ الخمسينات وحل محل الرئيس الراحل ياسر عرفات في منصب الرئيس عام 2005.
وهو وقت عصيب بالنسبة لصناع السلام الفلسطينيين. ففي مقابلة منفصلة أجريت في وقت سابق يومس قال سلام فياض رئيس الوزراء الفلسطيني إن اسرائيل نجحت في إقناع المجتمع الدولي بتجاهل المحنة الفلسطينية.
وقال فياض "أعتقد أننا بدأنا نفقد حجتنا.. إن لم نكن فقدناها بالفعل لكن هذا لا يجعل موقفنا خاطئا."
وفي حين أن عرفات كان يظهر في كل مكان ويتجول في الساحة الدولية بزي عسكري فإن عباس لا يظهر إعلاميا كثيرا ويرتدي الحلة الرسمية ورباط العنق.
ويرى عباس أن نجاحه الاساسي كزعيم هو الحد من العنف.
وقال "إنجازي؟ لدي شئ واحد وهو الأمن" مضيفا أنه بعد إخفاق انتفاضتين سابقتين أصبح ما من أحد يرغب في رؤية المزيد من المواجهات الدامية مع اسرائيل."
ومضى يقول "اسألوا أي شخص عما إذا كنا سنبدأ الانتفاضة الثالثة. سيقولون لا.. إنهم يريدون السلام. هذا لم يحدث قط قبل ذلك. أدرك الناس أن أهدافنا ستتحقق من خلال الطرق السلمية."
ورفض مطالبات من فلسطينيين بضرورة حل السلطة الفلسطينية التي تمارس حكما ذاتيا محدودا في الضفة الغربية لإلزام الاسرائيليين بالسيطرة على كل الأراضي وسيكون هذا امرا مكلفا وسيتطلب قوة بشرية كبيرة.
لكنه أشار إلى أنه لديه خيارات أخرى في جعبته دون الخوض في تفاصيل. واقترحت بعض الشخصيات البارزة ان ينهي كل أشكال التعاون الأمني مع اسرائيل في الضفة الغربية وقال عباس إن أي زعيم في المستقبل ربما سيكون صعب الانقياد.
وقال وهو يجلس تحت صورة كبيرة بالألوان لمسجد قبة الصخرة "ماذا لو تركت المنصب وجاء شخص آخر وقال.. لا هذه السياسة محض هراء."
وأقر الرئيس الفلسطيني البالغ من العمر 77 عاما بأن عملية السلام "مشوشة" وبأن الوضع محبط. وأضاف أنه على الرغم من أن الاسرائيليين بدوا غير متعجلين في التوصل إلى اتفاق سلام فلا يمكنهم التعطيل.
وأردف قائلا "هم الآن يضيعون الوقت. الآن هو وضع جيد بالنسبة لهم لكن ما من أحد يعلم ما الذي سيحدث في المستقبل. السلام ضروري لمستقبل اسرائيل."
فياض: الفلسطينيون معزولون 
من جانبه، قال رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض إن الفلسطينيين ربما يكونون قد "فقدوا حجتهم" على الساحة الدولية لإقامة دولة مستقلة لكنه حذر من أن الاحتلال الاسرائيلي لا يمكن أن يستمر.
وفي مقابلة مع رويترز قال فياض الخبير الاقتصادي السابق في البنك الدولي وهو مستقل سياسيا ويلقى دعما كبيرا بين القوى الغربية "أعتقد أننا بدأنا نفقد حجتنا.. إن لم نكن فقدناها بالفعل لكن هذا لا يجعل موقفنا خاطئا."
وأدت انتفاضات الربيع العربي وانتخابات الرئاسة الأمريكية والأزمات المالية في أوروبا إلى الإطاحة بالقضية الفلسطينية من جدول الأعمال الدولي.
وقال فياض من مكتبه في رام الله على بعد 20 كيلومترا من القدس وإلى جواره العلم الفلسطيني إن على الفلسطينيين ترتيب البيت من الداخل قبل أن يكون لديهم أمل في الاستقلال الذي طال انتظاره والذي ما زالت تؤيده أغلب القوى العالمية من حيث المبدأ.
وقال عن الانقسام السياسي بين الضفة الغربية وقطاع غزة الذي تسيطر عليه حركة المقاومة الإسلامية (حماس) "لا أعتقد أننا سنتمكن من الحصول على دولة ما لم نتمكن من إعادة توحيد بلادنا."
ومضى فياض يقول "عملية المصالحة تمر بحالة تجمد شديدة. فلنواجه هذا الأمر" مضيفا أن الفلسطينيين يجب أن يمضوا قدما في خطط الانتخابات بغض النظر عن معارضة حماس من أجل إعادة التواصل مع المواطنين.
وتابع قوله "يجري انتهاك حق أساسي لشعبنا. حق التمكن من اختيار القيادة."
وأجريت آخر انتخابات رئاسية وتشريعية فلسطينية عام 2006 وقال كثير من الفلسطينيين منهم عباس وقيادات حماس إنه لن يكون من الممكن إجراء انتخابات جديدة ما لم يشارك بها كل من قطاع غزة والضفة الغربية.
وترددت أنباء عن وجود توترات في العلاقات بين عباس وفياض منذ أن رفض رئيس الوزراء تسليم خطاب من الرئيس إلى رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو يسرد فيه الشكاوى الفلسطينية من فشل المحادثات.
واختلف فياض مع هذه المبادرة الشهر الماضي لكنه قال إن هذه الواقعة أصبحت وراء ظهرهم الآن وأكد على انه وعباس يعملان على تشكيل حكومة جديدة سيظل فيها رئيسا للوزراء لكن من المرجح أن يخسر حقيبة المالية.
وقال فياض إن مهمته المتمثلة في بناء المؤسسات استعدادا لقيام الدولة الفلسطينية تتعرض لمعوقات بسبب نقص الموارد وعدم وفاء دول عربية بتقديم المساعدات التي وعدت بها.
وأردف قائلا "هناك قضية متعلقة ببقاء السلطة الفلسطينية نظرا للأزمة المالية الحادة التي نمر بها" مضيفا أن الحكومة في حاجة إلى "عدة مئات من ملايين الدولارات" حتى تظل قائمة.
وتعتمد السلطة الفلسطينية التي تمارس حكما ذاتيا محدودا في الضفة الغربية على مساعدات الجهات المانحة من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ودول عربية لدفع رواتب الموظفين الحكوميين ومنهم المدرسون وأفراد الأمن.
وكان الفلسطينيون يخططون لتلقي مساعدات خارجية قيمتها 1.1 مليار دولار عام 2011 لكنهم تلقوا مبلغا أقل من 750 مليون دولار وهناك تلكؤ مرة أخرى في التبرعات هذا العام. ولم يذكر فياض أسبابا لعدم وفاء بعض الحلفاء العرب بوعودهم.
وعلى الرغم من التحديات الكثيرة التي تواجه الفلسطينيين وانهيار مفاوضات السلام قال فياض إنه مقتنع بأن الاستقلال سيتحقق خلال عشر سنوات.
وتابع "الاحتلال ليس فشلا سياسيا كبيرا فحسب.. لكن في ظل طبيعته القمعية فإنه فشل أخلاقي أيضا لاسرائيل. إنها مسألة لا يمكن ان تستمر. الأسوار سقطت في مناطق أخرى. لماذا يجب أن يكون هنا استثناء؟"