أكد رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس اليوم الأربعاء أن التوجه الفلسطيني العربي الى الجمعية العامة للامم المتحدة ومجلس الأمن الدولي من أجل الحصول على عضوية فلسطينية كاملة في المنظمة الدولية "قرار عربي لا رجعه فيه" مبينا أن الذهاب للأمم المتحدة ليس خطوة أحادية.
وقال عباس خلال لقاء مع رؤساء تحرير الصحف المصرية ان ذهابنا للأمم المتحدة "لا يعني أننا ضد المفاوضات ولم نذهب للمنظمة الدولية الا لأن المفاوضات غير موجودة ومع ذلك نوضح أننا لسنا منقطعون عن الاسرائيليين وأنا شخصيا التقيت الرئيس الأسرائيلي وكذلك وزير الدفاع ايهود باراك أكثر من مرة ولكن لم يأتوا بجديد من أجل تحريك عملية السلام".
وبشأن الخطوات المستقبلية بعد الذهاب للأمم المتحدة قال عباس "أيا كانت النتيجة ايجابية أو سلبية سنعرض الأمر على القيادة الفلسطينية لاتخاذ القرار المناسب". وردا على سؤال عن جدوى القيام بخطوة رمزية تتمثل في التوجه للأمم المتحدة مقابل الاصطدام مع الولايات المتحدة قال "هذه الخطوة ليست رمزية وعندما يتم الاعتراف بنا كدولة نصبح دولة واقعة تحت احتلال دولة عضوة في الأمم المتحدة ونتفاوض مع اسرائيل كدولة وهذا يجعل الحال مشابها بأرض سيناء سابقا واراضي سوريا ولبنان المحتلة من قبل اسرائيل".
وأعاد التأكيد على أن التوجه للأمم المتحدة ليس خطوة أحادية متسائلا "هل مخاطبة 193 دولة في الأمم المتحدة عمل أحادي وعندما نختلف واياهم (الاسرائيليين) الى أين نذهب أليس الى أعلى منبر دولي".
وقال "نحن لا نريد من خلال هذه الخطوة عزل اسرائيل ولا نرغب بذلك كما أننا لسنا ذاهبون لنزع الشرعية عنها بل لعزل سياساتها العنصرية تجاه شعبنا وهناك فرق بين الأمرين". واضاف "الاعتراف بفلسطين دولة على حدود عام 1967 يمكننا من المطالبة بحدود معروفة ومن هنا ما نقوم به هو عمل مهم وليست خطوة رمزية أو مغامرة غير محسوبة فمعظم دول العالم معنا".
وتابع "لا نريد أن نتحدث بعنترية فنحن لا نريد مواجهة مع الأمريكان وهم يقدمون للسلطة ومؤسساتها دعما يصل الى 470 مليون دولار سنويا لكن نختلف معهم بقضايا أساسية وهذا الاختلاف لا يصل الى درجة الفرقة". وأكد استعداد القيادة الفلسطينية لدراسة أي أفكار جدية وواضحة تهدف لاحداث اختراق في عملية السلام مضيفا "ما يهمنا بالنهاية الوصول الى حل عادل وشامل لقضيتنا".
وردا على سؤال حول رفض حركة (حماس) التوجه للأمم المتحدة قال عباس "حماس ليست معترضة وما قالوه أن الأمر بحاجة للتشاور والمهم الاشارة الى أن المصالحة مستمرة ونسير بها بخطوات الى الأمام".
وأشار الى وجود تخوف لدى اسرائيل والولايات المتحدة من التوجه للأمم المتحدة لأن ذلك سيمكن فلسطين مستقبلا من ملاحقة اسرائيل بالمحكمة الجنائية الدولية" مشددا على "أن ما يدفع للتوجه لمثل هذه المحاكم قيام سلطات الاحتلال باعتداءات على شعبنا فيجب عليهم وقف العدوان كلى لا نذهب للمحكمة".
وحول حقيقية الأزمة المالية التي تعيشها السلطة الوطنية شدد عباس على أنها "أزمة حقيقية" ما يحول دون صرف رواتب الموظفين كاملة في بعض الأحيان أو صرفها في موعدها.
ليبرمان يهدد
من جانبه طالب وزير الخارجية الاسرائيلي افيغدور ليبرمان اليوم السلطة الفلسطينية بالتراجع عن خطتها للتوجه للامم المتحدة لتقديم طلب لها بالحصول على عضوية لدولة فلسطين.
وهدد ليبرمان في تصريحات ادلى بها للاذاعة الاسرائيلية صباح اليوم "من ان التحركات الفلسطينية احادية الجانب من هذا القبيل سيكون لها نتائج وخيمة". حذر "من ان الاعلان احادي الجانب من قبل الفلسطينيين على اقامة دولة فلسطينية سيكون له عواقب خطيرة".
كلينتون تتوعد
قررت الولايات المتحدة ان تخوض حتى النهاية معركة اقناع الفلسطينيين بالعدول عن تقديم طلب عضوية لدولة فلسطينية في الامم المتحدة في اواخر الشهر الحالي، رغم ان فرص نجاحها ضئيلة.
وقالت الناطقة باسم الخارجية الاميركية فيكتوريا نولاند الثلاثاء "لا نريد اغفال اي تحرك" فيما يقوم مبعوثان اميركيان بزيارة جديدة الى المنطقة. ومن المقرر ان يستقبل رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو والرئيس الفلسطيني محمود عباس الاربعاء والخميس ديفيد هيل المبعوث الاميركي الى الشرق الاوسط ودنيس روس المستشار الخاص للرئيس الاميركي باراك اوباما. وكانت زيارة الاثنين الاخيرة الى المنطقة الاسبوع الماضي غير مثمرة. ومنذ اسابيع كثفت الدبلوماسية الاميركية تحركاتها في العالم لايصال رسالة بان المبادرة الفلسطينية لتقديم طلب عضوية دولة فلسطينية في الامم المتحدة لن تؤدي الى السلام مع اسرائيل لكن الى توترات اكثر.
وكثفت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون الاتصالات ايضا من مكتبها في واشنطن. فقد تحدثت الاثنين مع وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي كاثرين اشتون والثلاثاء مع توني بلير ممثل اللجنة الرباعية حول الشرق الاوسط التي تضم الولايات المتحدة والامم المتحدة وروسيا والاتحاد الاوروبي. وستتصل بالرئيس الفلسطيني قبل نهاية الاسبوع.
وقالت الثلاثاء ان "المفاوضات المباشرة بين الطرفين هي الطريقة الوحيدة للتوصل الى حل دائم" مضيفة "انها طريق تمر عبر القدس ورام الله وليس نيويورك". ووصل بيل بيرنز المسؤول الثاني في وزارة الخارجية الاميركية الثلاثاء الى السعودية غداة التحذير الذي وجهه دبلوماسي سعودي للولايات المتحدة من تداعيات استخدام الفيتو لاجهاض طلب الاعتراف بالدولة الفلسطينية في مجلس الامن الدولي. ويلتقي بيرنز، المساعد الرئيسي للوزيرة هيلاري كلينتون العاهل السعودي الملك عبدالله الاربعاء، كما اعلنت المتحدثة باسم الخارجية فيكتوريا نولاند. واضافت انه "سيؤكد التزام الولايات المتحدة الحازم والدائم بضمان الامن في منطقة الخليج" وخصوصا ازاء التهديدات الايرانية. كما سيبحث مسائل اقليمية مثل الوضع في اليمن وفي مصر وكذلك عملية السلام الاسرائيلية الفلسطينية.
وبسبب توقف المفاوضات المباشرة قرر الفلسطينيون القيام بهذا التحرك لدى الامم المتحدة في 20 ايلول/سبتمبر. واذا اختاروا تقديم الطلب لدى مجلس الامن فان الولايات المتحدة ستستخدم حق النقض. اما في الجمعية العامة حيث تحظى الولايات المتحدة بصوت واحد فهناك فرص اكبر للنجاح لكن العضوية لن تكون كاملة. ومع ذلك فان هذا النجاح لن يكون في افضل الاحوال سوى "تحويل للانتباه" كما قال الرئيس الاميركي باراك اوباما للصحافيين مشيرا الى ان "ذلك لن يغير ما هو قائم على الارض طالما ان الاسرائيليين والفلسطينيين لا يتفاوضون". وتعمل واشنطن وحلفاؤها الاوروبيون منذ الصيف على مبادرة للجنة الرباعية يمكن ان تشكل بديلا للمواجهة.
ويشكك ناتان براون الخبير في جامعة جورج واشنطن بهذا الامر. وقال لوكالة فرانس برس ان الضمانات المحتملة التي يمكن ان تقدم للفلسطينيين بهدف استئناف المفاوضات "قد تعتبر غير ذات قيمة لان آفاق اجراء مفاوضات جدية تبدو بعيدة جدا".
وتساءل آرون ديفيد ميلر مستشار شؤون الشرق الاوسط ايضا حول الاهداف الاميركية الحالية. وقال لوكالة فرانس برس "اذا كان الامر يتعلق بايجاد صيغة من اجل استئناف المفاوضات المباشرة فان شيئا لم يتغير بخصوص ما يمكن للطرفين ان يقبلاه".
واضاف "ربما نريد مجرد التاكيد على اننا نبذل فعليا كل جهودنا، اي الحد الاقصى". ولفت المحلل الى ان الرئيس اوباما قرر ايفاد هيل وروس الى المنطقة وليس هيلاري كلينتون. ويعزو ذلك الى سببين ممكنين: ان واشنطن لم تعد تعتقد بامكان وقف التحرك الفلسطيني وفي هذه الحالة يجب الحفاظ على "مصداقية" كلينتون، او ان الدبلوماسيين سينفذان "المرحلة الاولى" من حملة اللحظة الاخيرة للدبلوماسية الاميركية. وفي هذه الحالة الاخيرة يرى ان كلينتون قد تكون وضعت في الاحتياطي تحسبا لفرضية المضي بتنفيذ "المرحلة الثانية".