حذر كوفي عنان مبعوث الامم المتحدة وجامعة الدول العربية الى سوريا من ان المزيد من العسكرة للازمة السورية "سيزيد الوضع سوءا."، فيما دعت الصين اطراف النزاع الى وقف العنف فورا وتسهيل توزيع المساعدات بالمناطق المنكوبة.
وقال عنان في القاهرة بعد محادثات مع نبيل العربي الامين العام لجامعة الدول العربية "امل الا يفكر احد بجدية في استخدام القوة في هذا الموقف. اعتقد ان المزيد من العسكرة ستزيد الوضع سوءا."
وقبل 48 ساعة من اول زيارة له الى دمشق منذ تعيينه موفد للامم المتحدة والجامعة العربية الى سوريا الشهر الماضي، دعا انان "المعارضة السورية ان تأتي (بجميع اطيافها) لتعمل معنا من اجل البحث عن حل يحقق طموحات الشعب السوري".
وفي تصريح مقتضب للصحفيين بعد اجتماع مع وزير الخارجية المصري محمد كامل عمرو اضاف انان، الذي يبدأ السبت في دمشق مهمة صعبة لوقف العنف تمهيدا للبحث عن حل سياسي، "سنبذل قصارى جهدنا من اجل التعجيل بوقف الاعمال العدائية ووقف القتل والعنف" الذي اسفر عن سقوط قرابة 8500 قتيل منذ بدء الحركة الاحتجاجية في منتصف اذار/مارس 2011 الماضي بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان.
وتابع "ولكن بالطبع الحل النهائي (للازمة) يكمن في التسوية السياسية".
وكان انان وصل الاربعاء الى القاهرة حيث سيلتقي الخميس كذلك الامين العام للجامعة العربية نبيل العربي في اطار التحضير لاول زيارة له الى دمشق منذ تسميته مبعوثا للامم المتحدة والجامعة العربية الى سوريا الشهر الماضي.
وتأتي زيارة انان للقاهرة قبل يومين من اجتماع يكتسب اهمية كبيرة بين وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ونظرائه العرب السبت في العاصمة المصرية.
وتتبنى موسكو موقفا مدافعا عن النظام السوري وقد استخدمت حق النقص (الفيتو) مرتين خلال الشهور الاخيرة في مجلس الامن الدولي لمنع اتخاذ قرارات تدين النظام السوري.
واكدت روسيا تمسكها بموقفها من الازمة السورية بالرغم من الضغوط الغربية والعربية التي تطالبها بمزيد من الحزم ازاء حليفها السوري وهي غير مزمعة على ما يبدو على تبديل هذا الموقف بعد عودة فلاديمير بوتين الى الكرملين.
وقالت وزارة الخارجية الثلاثاء انه "لا ينبغي قياس كل شيء بمعيار شخصي"، مكررة رفض موسكو لاي تدخل في النزاع السوري، وفق الخط الذي انتهجته منذ البداية روسيا التي لا تزال تبيع اسلحة للنظام السوري.
وشددت الوزارة الروسية على "ان هذا النزاع لا يمكن حله الا من خلال حوار بين كل الاطراف، يتخذ السوريون -وحدهم السوريون- في اطاره القرارات المتعلقة بمستقبل دولتهم"، فيما يطالب العديد من القادة الغربيين برحيل الرئيس بشار الاسد.
لكن لافروف اكد مطلع الاسبوع انه "من الضروري المطالبة بحزم بان تضع الحكومة السورية حدا لاعمال العنف في المناطق المأهولة"، في ما يبدو تشديدا من موسكو للهجتها ازاء نظام بشار الاسد.
واضاف لافروف ان لقاء القاهرة السبت قد يكون "فرصة هامة لاجراء دراسة معمقة للوضع" وعرض "افكار مهمة يمكن طرحها فيما بعد في اطار دولي اوسع".
واتخذت مصر الخميس، لاول مرة منذ اندلاع الانتفاضة في سوريا ضد نظام بشار الاسد قبل نحو عام، موقفا متمايزا بشكل واضح عن موقف السعودية ما يؤشر الى بداية انقسامات في الموقف العربي حيال الازمة السورية.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية عمرو رشدي بان الوزير المصري عرض خلال اجتماعه مع موفد الامم المتحدة والجامعة العربية الى سوريا كوفي انان "رؤية مصر القائمة على ضرورة الحفاظ بكل السبل الممكنة على وحدة سوريا الإقليمية (..) وحذر من أن طبيعة سوريا الجغرافية والبشرية ستلحق ضررا هائلا بالمنطقة إذا ما تحول الوضع إلى حرب أهلية مسلحة".
واضاف ان الوزير المصري، الذي اعلن الاربعاء معارضه القاهرة لتسليح المعارضة السورية، حذر كذلك من أن "انفجار الموقف فى سوريا لن تقتصر آثاره على سوريا فقط وإنما ستمتد إلى المنطقة بأسرها".
وكان وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل اكد مجددا الاحد تأييد بلاده تسليح المعارضين السوريين.
وقال الفيصل ان "الجهود الدولية فشلت للاسف الشديد، ولم نلمس نتائج منشودة لوقف نزيف الدم والمجازر في سوريا"، مشيرا في معرض حديثه عن ضرورة تسليح المعارضة السورية "لم اقل شيئا لا يريده السوريون فهم لا يريدون النظام الذي يصر على البقاء عبئا على الشعب (...) رغبة السوريين في التسلح دفاعا عن انفسهم حق لهم. لقد استخدمت اسلحة في دك المنازل تستخدم في حرب مع الاعداء".
يذكر ان الفيصل كان اعتبر خلال لقاء مع وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون على هامش المؤتمر الدولي حول سوريا في تونس في الرابع والعشرين من شباط/فبراير الماضي، ان تسليح المعارضة "فكرة ممتازة لانهم بحاجة الى توفير الحماية لانفسهم".
الصين تدعو للتهدئة
وفي سياق متصل، قالت وزارة الخارجية الصينية يوم الخميس ان مبعوث الصين لسوريا أبلغ حكومة الرئيس بشار الاسد والاطراف الاخرى بضرورة وقف العنف فورا ومساعدة الامم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الاحمر في توزيع المساعدات بالمناطق التي تأثرت بالصراع.
وقال ليو وي مين المتحدث باسم الوزارة للصحفيين أيضا ان المبعوث لي هوا شين أبدى أيضا دعم بكين لعملية الوساطة بين الحكومة السورية والجماعات المعارضة والتي تقوم بها الامم المتحدة وجامعة الدول العربية.
ورحلة المبعوث الصيني هي فيما يبدو أحدث مبادرة من جانب بكين لمواجهة اتهامات من دول غربية وعربية بأن الصين وروسيا شجعتا على تمادي قوات الاسد في العنف عندما استخدمتا حق النقض (الفيتو) ضد قرارين بالامم المتحدة كانا يدعوانه الى التنازل عن السلطة.
وقال ليو ملخصا محادثات لي مع مسؤولين سوريين هذا الاسبوع "حث الحكومة السورية والاطراف المعنية الاخرى على وقف العنف فورا والتعاون بشكل فعال مع الامم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الاحمر للتخفيف من الوضع الانساني خاصة في حمص."
وقصفت القوات السورية أحياء في حمص كانت تسيطر عليها المعارضة لاخضاعها.
وجاءت تصريحات لي بعد بيان من ست نقاط أصدرته بكين خلال مطلع الاسبوع. وحذرت الصين قوى أخرى من استغلال المساعدات الانسانية في سوريا بقصد "التدخل" وحثت الحكومة السورية والاطراف الاخرى على وقف القتال "فورا وبشكل كامل وبدون شروط".
وقال ليو في تعقيبه على محادثات المبعوث لي "تحدثت الحكومة السورية بايجابية عن الاقتراح الصيني ذي النقاط الست. أعلن جانب الحكومة السورية انه يريد التعاون مع هيئات الامم المتحدة في المجال الانساني.. على أساس احترام سيادة سوريا وسلامة أراضيها."
وقال ليو ان لي التقى بوزير الخارجية السوري ونائب وزير الخارجية وممثلي ثلاث جماعات معارضة دون أن يذكرها بالاسم.
واجتمعت الصين وقوى اخرى خلف أبواب مغلقة في الامم المتحدة لبحث قرار جديد صاغته الولايات المتحدة يحث على انهاء قمع الاحتجاجات ضد حكم الاسد وتوصيل المساعدات الانسانية بلا قيود.
وباعتبار الصين واحدة من الدول دائمة العضوية في مجلس الامن التابع للامم المتحدة فمن حقها استخدام حق النقض (الفيتو) وانضمت الى روسيا في ممارسة هذا الحق ضد مشروعي قرار بشأن سوريا في اكتوبر تشرين الاول وفبراير شباط.
وتعزف الصين دوما عن مساندة التدخل الدولي في الاضطرابات الداخلية. وسلطت الاضواء على هذه المخاوف في العام الماضي عندما استندت قوات حلف شمال الاطلسي الى قرار أصدرته الامم المتحدة بحماية المدنيين في ليبيا خلال الصراع كأساس لشن حملة قصف جوي كانت ضرورية للاطاحة بالزعيم الليبي الراحل معمر القذافي في النهاية.
وامتنعت الصين عن التصويت على القرار الخاص بليبيا مما سمح بصدور القرار لكنها لمحت لاحقا الى أن قوى حلف الاطلسي تجاوزت تفويض الامم المتحدة من خلال حملة القصف الجوي الموسعة التي شنتها.