تشهد نسبة البطالة في لبنان ارتفاعا ملحوظا بتأثير المضاربة التي تواجهها من العمال والنازحين السوريين.
ودفعت هذه المنافسة التي تواجه اليد العاملة اللبنانية وزارة العمل في لبنان إلى تنظيم العمالة السورية لحماية الأمن الاجتماعي بعدما تجاوز عدد النازحين السوريين إلى لبنان المليون و200 ألف نازح الذين لم يكتف بعضهم بالعمل فيه بل عمد إلى افتتاح محال تجارية صغيرة.
وأمام هذا الواقع، أصدر وزير العمل اللبناني سجعان قزي أخيرا قرارا سيبدأ تنفيذه من مطلع العام 2015 ويقضي بمنع العمال السوريين من العمل في قطاعات الكهرباء والادوات صحية والدهان والمطاعم وصالونات الحلاقة والمواد الغذائية والمزارع والكثير غيرها بغية حماية اليد العاملة اللبنانية من مضاربة العمال السوريين.
وستضيق مع العام الجديد فرص العمل في لبنان أمام العمال السوريين النازحين ولن يسمح لهم بحسب القرار الوزاري الا بالعمل في قطاعات الزراعة والبناء وأعمال التنظيفات.
وسيؤدي هذا القرار في حال تطبيقه إلى حرمان قرابة 80 في المئة من العمال السوريين في لبنان من الأعمال التي يزاولونها حاليا في ورش البناء وحرمانهم من ابواب الرزق التي تسد جانبا من حاجياتهم الحياتية في رحلة نزوحهم.
"لقد ضربنا على الرأس هذه المرة" هذا ما قاله ل(شينخوا) النازح من (ادلب) السورية احمد الأحمد الذي يعمل براتب 400 دولار أمريكي في احدى ورش البناء في البقاع بشرق لبنان مع 5 عمال آخرين يقطنون جميعا في خيم متقاربة عند الضفة الشرقية لبحيرة (القرعون).
الأحمد الذي تحدث في حالة من التوتر والقلق الظاهر على تقاسيم وجهه، وصف قرار وزارة العمل بأنه "صادم ومجحف وقاتل، وستكون نتائجه سلبية جدا على حياتنا ومعيشتنا وعائلاتنا التي ستذهب إلى المزيد من العوز والسوء."
بدوره، قال سامر ابو العزي النازح من (ريف حلب) إلى بلدة (بر الياس) في البقاع أنه يعمل في سوبر ماركت منذ اكثر من سنة ونصف براتب شهري قدره 350 دولارا أمريكيا وأن صاحب العمل أبلغه أن عليه التوقف عن العمل مع نهاية العام عملا بقرار وزير العمل.
وذكر أن رب العمل أبلغه أن استمراره في العمل يعني مخالفة القوانين لأن "القرار ملزم ولا يمكن تجاوزه بالرغم من حاجته لي ولخمسة عمال سوريين آخرين يعملون في هذه المؤسسة التجارية."
أما صاحب المؤسسة جوزيف ابو عقل فقد أوضح ان قرار وزير العمل بشأن العمالة السورية له سلبيات على المؤسسات والعمال السوريين، كما أن له ايجابيات على العمال اللبنانيين.
وأضاف "كنت استبدلت عمالا لبنانيين بآخرين سوريين بسبب رخص العمالة السورية ذلك أن أجرة العامل اللبناني تساوي ضعفي نظيره السوري."
وأوضح أن "العمالة السورية خفضت من ميزانية مدفوعات المؤسسة، بما يتلاءم مع الركود الإقتصادي الذي تعاني منه مختلف القطاعات التجارية والصناعية اللبنانية."
وأكد أنه "سيضطر لتشغيل عمال لبنانيين، ولكن عليهم القبول بالأجر المعتمد للعامل السوري والا ستكون لدينا مشكلة في ارتفاع تكاليف التشغيل."
بدورها، قالت فاديا دعيبل النازحة من (ريف حلب) إلى (راشيا) في البقاع قرار وزارة العمل "شد الخناق على اعناقنا."
وأوضحت أنها باعت ما كان لديها من مصاغ منذ عام واستدانت مبلغا من المال لتفتح صالون تجميل نسائي صغير، يؤمن لها دخلا يتراوح بين 300 و 400 دولار أمريكي شهريا تصرفه في تأمين حاجيات اطفالها الأربعة الذين كانوا قد فقدوا والدهم منذ عامين خلال معارك (حلب).
وبكت قائلة "ماذا تراني افعل ؟ اني مضطرة لإقفال مصدر رزقي والذي وضعت كل آمالي عليه."
من جانبه، شكى المدعو عمر من (ريف دمشق) الذي يعمل وعدد من رفاقه في مزرعة ابقار بمحاذاة مجرى نهر (الليطاني) ان الأجهزة الأمنية اللبنانية ابلغتهم بضرورة الحصول على اجازة عمل من الجهات المعنية، وفي حال عدم تمكنهم من ذلك، فعليهم ترك العمل فورا.
وأضاف "من المستحيل حصولنا على افادة عمل بعدما حصر وزير العمل، عمل السوريين بقطاعات محدودة، وهذا القرار يعني الهلاك لنسبة مرتفعة من العمال السوريين لأنه يضعنا امام عوز ونقص حاد في في تأمين مستلزمات الحياة."
أما فايزة المصري وهي ام لأربعة اطفال وأرملة بعد مقتل زوجها في معارك (حمص) والتي تعمل كمدققة حسابات في شركة تجارية تتعاطى بيع مواد البناء والدهان في مدينة (شتورا) البقاعية فقالت "باتت حياتنا في قلق وتوتر، و لا نعرف كيف سنعيش بعد حرماننا من مصدر رزقنا."
وأشارت الى أن راتبها الشهري البالغ 400 دولار أمريكي يسدد ايجار المنزل البالغ 120 دولارا ومنه تدفع نفقات التدفئة والكهرباء ناهيك عن الحاجيات الضرورية الأخرى.
وأضافت "لقد ضربنا في الصميم، والخوف بات ان تتحول النساء وبنسبة كبيرة إلى ممارسة الدعارة لتؤمن من أجسادها لقمة العيش."
يذكر أن الاحصاءات الرسمية تشير إلى أن نسبة البطالة في لبنان تبلغ نحو 30 في المئة من مجموع القوى العاملة.
كذلك تشير الاحصاءات إلى أن أكثر من 300 ألف لبناني في قطاعات المهن الحرفية والصناعية والخدمات والبناء قد خرجوا من سوق العمل خلال الأعوام الأربعة الأخيرة حيث حل مكانهم سوريون نزحوا إلى لبنان بسبب الوضع الأمني في بلادهم.(شينخوا)