بعد الاعتداءات التي وقعت الاثنين والثلاثاء في طشقند ونسبتها السلطات الى اسلاميين متطرفين تنسق انشطتهم "من الخارج"، ساد التخوف من شبح موجة ارهابية في آسيا الوسطى التي بقيت نسبيا في منأى عنها في السنوات الاخيرة.
فسلسلة الاعتداءات التي شهدتها طشقند في 1999 واسفرت عن سقوط 16 قتيلا ما زالت ماثلة في الاذهان ما يفسر العصبية لدى نظام الرئيس اسلام كريموف الذي يحظى بدعم واشنطن مقابل تعاونه اثناء الحملة ضد طالبان في افغانستان، بعد الاعتداءات والتفجيرات الاخيرة.
وقد اسفرت هذه الاعتداءات والتفجيرات عن سقوط 19 قتيلا الاحد والاثنين الماضيين في الجمهورية السوفيتية السابقة في آسيا الوسطى. اضافة الى مقتل 20 شخصا في عملية لقوات الامن بعد الاعتداءات أدت ايضا الى مقتل ثلاثة من عناصر الشرطة بحسب وزارة الداخلية.
وبدون توجيه اتهامات محددة اعتبر وزير الشؤون الخارجية صديق صفاييف ان الاعتداءات مرتبطة بـ"ايديولجية" حزب التحرير الاسلامي الموجود في اوزبكستان ولكن ايضا في طاجيكستان المجاورة والمحظور في كلا البلدين حيث تجري ملاحقة عناصره.
ويدعو هذا الحزب الى قيام "خلافة" في آسيا الوسطى ويتجاهل الطريق الديمقراطية لكنه يؤكد في الوقت نفسه انه حزب غير عنيف.
وهذا ما يوجه الشكوك الى تنظيم اخر ذي ايديولوجية مماثلة لكنه يسلك بعزم طريق الكفاح المسلح وهو الحركة الاسلامية الاوزبكية التي قاتلت قواتها في طاجيكستان اثناء الحرب الاهلية في التسعينات ثم انتقل معظم مقاتليها الى افغانستان للقتال الى جانب الطالبان. لكن قوة هذه الحركة ضعفت اثر سقوط نظام طالبان في كابول.
وراى المحلل في مركز كارنيغي في موسكو الكسي ملاشنكو "ان المعارضة الاسلامية لكريموف هي وراء الاعتداءات، أكانت الحركة الاسلامية الاوزبكية ام منظمة اخرى".
وقال ان منفذي عمليات التفجير "يظهرون لكريموف انه لا يسيطر كليا على الوضع. وهم مرتبطون بشبكة ارهابية اسلامية اوسع، (تشمل) ما حصل في مدريد وما يجري في العراق وفي افغانستان. انهم يلعبون على مستويين وهذا امر خطير جدا".
ويعتقد الباحث ان النظام في اوزبكستان لن يكون مهددا بفضل الدعم الاميركي حتى وان اضطر كريموف الى الاستقالة بسبب وضعه الصحي.
وفي رأيه ان الاسلاميين لا يملكون الوسائل للاستيلاء على السلطة لكن بمقدورهم زعزعة استقرار البلاد عبر استغلالهم ايضا للصعوبات الاقتصادية التي تمر بها اوزبكستان.
وهناك بحسب الخبراء حوالى الفي مقاتل اوزبكي في الخارج، في افغانستان او باكستان، يشكلون قاعدة خلفية للناشطين في داخل البلاد.
ويعتبر خبير روسي اخر في الشؤون الجيوسياسية بافل فلغنهاور ان اعتداءات طشقند يجب وضعها ضمن الظرف السياسي والاجتماعي المحلي الصعب.
وقال "ان التوترات الاجتماعية الكبيرة اصلا في تزايد مستمر. والناس يعيشون في ظروف سيئة جدا، اسوأ من زمن الاتحاد السوفيتي ويرون فيها التأثير الغربي" على "الدكتاتورية العلمانية" لنظام كريموف.
وفي نظره فان الدعم الشعبي للافكار الاسلامية المتطرفة كبير خصوصا في وادي فرغانا (الشمال الشرقي) حيث "يعتقد انه يكفي الاطاحة بنظام كريموف وارساء الشريعة لكي تتحسن الظروف الحياتية".
ويرى المحلل الروسي في ذلك خطرا يهدد بزعزعة الاستقرار في المنطقة برمتها بما في ذلك كازخستان وقرغيزستان حيث تعيش اقلية اوزبكية.
ويعتقد ان واشنطن وموسكو ستفعلان كل ما بوسعهما لدعم النظام الاوزبكي القائم لانه الحل الاقل سوءا حتى وان ادى ذلك الى لجوء طشقند للاعتقالات المكثفة والتعذيب من اجل السيطرة على الوضع.