ينهي مشروع الدستور الجديد في سوريا الدور القيادي لحزب البعث ويحدد الولاية الرئاسية بسبع سنوات تجدد لمرة واحدة، فيما تواصل السلطات عملياتها العسكرية والامنية وسط مشاورات دولية لم تسفر عن نتيجة.
ويخلو مشروع الدستور الجديد الذي نشرت الوكالة نصه تمهيدا للاستفتاء عليه في 26 شبط/فبراير، من ذكر اي دور قيادي لحزب البعث العربي الاشتراكي الذي يحكم البلاد منذ عام 1963 كما هي الحال في الدستور الحالي.
وتؤكد المادة الثامنة من مشروع الدستور الجديد ان "النظام السياسي للدولة يقوم على مبدأ التعددية السياسية وتتم ممارسة السلطة ديموقراطيا عبر الاقتراع".
وبحسب هذه المادة ايضا "تسهم الاحزاب السياسية المرخصة والتجمعات الانتخابية في الحياة السياسية الوطنية، وعليها احترام مبادئ السيادة الوطنية والديموقراطية".
وتحل هذه المادة مكان المادة الثامنة في الدستور الحالي التي تنص على ان حزب البعث الذي يحكم سوريا منذ 1963 هو "قائد الحزب والمجتمع".
وكان الغاء هذه المادة في صلب مطالب الحركة الاحتجاجية في سوريا لدى انطلاقها في اذار/مارس الماضي.
كما ينص المشروع على ان "ينتخب رئيس الجمهورية لمدة سبعة اعوام ميلادية تبدأ من تاريخ انتهاء ولاية الرئيس القائم ولا يجوز اعادة انتخاب رئيس الجمهورية الا لولاية واحدة تالية".
الا ان المادة السابعة والثمانون اشارت الى انه "إذا انتهت ولاية رئيس الجمهورية ولم يتم انتخاب رئيس جديد يستمر رئيس الجمهورية القائم بممارسة مهامه حتى انتخاب الرئيس الجديد".
وكان الدستور السابق المطبق منذ 1973 ينص على ترشيح رئيس الجمهورية من قبل "مجلس الشعب بناء على اقتراح القيادة القطرية لحزب البعث العربي الاشتراكي ويعرض الترشيح على المواطنين لاستفتائهم فيه".
وكان الاستفتاء الاخير اجري في ايار/مايو 2007، وايد بموجبه انتخاب الرئيس بشار الاسد (41 عاما) نجل الرئيس السابق حافظ الاسد لولاية جديدة من سبعة اعوام.
وحصل الاسد في الاستفتاء على 62،97% من الاصوات.
كما اعاد مشروع الدستور سن الترشح لرئاسة البلاد الى اربعين عاما بعد تعديله في العام 2000 على اثر وفاة الرئيس حافظ الاسد تم بموجبه تخفيض العمر الى 34 سنة للسماح لابنه بشار الاسد بتولي الرئاسة.
وينص المشروع ايضا على ان "دين الرئيس الاسلام والفقه الاسلامي مصدر رئيس للتشريع".
وفي اول رد فعل دولي، سارعت روسيا حليفة سوريا الى الترحيب بمشروع الدستور الجديد واعتبرته "خطوة الى الامام".
واتخذت الحكومة السورية في نيسان/ابريل 2011 قرارا بالغاء حالة الطوارىء وتبنت في تموز/يوليو الماضي قانونا يسمح بالتعددية في اطار الاصلاحات السياسية التي اعلنت لتهدئة الاحتجاجات غير المسبوقة في البلاد منذ منتصف اذار/مارس والتي اسفرت عن مقتل اكثر من ستة الاف شخص، وفق منظمات حقوقية.
ولم تقنع هذه الاصلاحات المجتمع الدولي بسبب استمرار اعمال العنف في سوريا.
واكد مدير مركز كارنيغي للشرق الاوسط بول سالم لوكالة فرانس برس "من غير الواقعي اطلاق مثل هذه الاقتراحات واجراء استفتاء في حين ان المعارك على اشدها".
وياتي ذلك فيما قتل 29 شخصا في اعمال عنف في مدن سورية بينهم 12 جنديا خلال اشتباكات تجري بين الجيش ومجموعة منشقة عنه منذ الثلاثاء في ريف حلب ثاني المدن السورية، كما ذكر الاربعاء المرصد السوري لحقوق الانسان.
وقال المرصد في بيان ان "الاشتباكات استمرت بين الجيش ومجموعة منشقة لليوم الثاني على التوالي في بلدة الاتارب" في ريف حلب.
واضاف بيان المرصد ان "عدد الشهداء المدنيين الذين سقطوا خلال الاربعة وعشرين ساعة الماضية ارتفع الى تسعة كما سقط اربعة منشقين، وسبعة جنود بينهم (ضابطان برتبة) عقيد وملازم اول".
واشار المرصد الى ان الاشتباكات ما تزال مستمرة حتى الآن، موضحا ان اصوات الرصاص الكثيف كانت تسمع قبل قليل (7,30 تغ) قرب قسم الشرطة في البلدة".
وكان المرصد افاد في حصيلة سابقة الثلاثاء ان الاشتباكات بين الجيش ومجموعة منشقة في بلدة الاتارب اسفرت عن مقتل ثلاثة مدنيين.
وفي ريف ادلب (شمال غرب)، ذكر المرصد "قتل ثلاثة مواطنين في مدينة جسر الشغور اثر انفجار عبوة ناسفة فيما تعرضت مدينة سراقب لاطلاق نار من رشاشسات ثقيلة".
واضاف "قتل خمسة جنود عندما قامت مجموعة منشقة بتفجير عبوات ناسفة بناقلتي جند مدرعة عند مدخل بلدة سرمين" كما سمعت اصوات انفجارات واطلاق رصاص في مدينة ادلب.
وفي ريف درعا (جنوب)، قتلت طالبة اثر اصابتها باطلاق رصاص قرب قرية النعيمة التي تنفذ فيها القوات العسكرية حملة مداهمات واعتقالات بحثا عن مطلوبين من السلطات. بحسب المرصد.
واشار المرصد الى ان قوات عسكرية تحاصر منذ الصباح نحو ثلاثين منشقا في وادي بلدة سحم الجولان وتقوم الان برمي القنابل باتجاه الوادي، ولفت الى سقوط جرحى في صفوف المنشقين.
وفي حماة (وسط) اكد المرصد في بيان منفصل ان "قوات عسكرية اقتحمت صباح اليوم (الاربعاء) مدينة حماة".
واشار الى ان "اصوات الانفجارات سمعت بشكل كبير في احياء الحميدية والاربعين ومشاع الاربعين" لافتا الى انقطاع الاتصالات الارضية والخليوية وخدمة الانترنت.
وفي حمص، معقل الحركة الاحتجاجية ضد النظام، اشار المرصد الى عدة انفجارات هزت حي كرم الزيتون كما تسببت سحب الدخان الاسود الناجمة عن انفجار خط النفط في حالة اختناق في حي بابا عمرو".
وكان ناشطون ذكروا في وقت سابق الاربعاء ان القوات السورية قامت بقصف انبوب للنفط في حمص فيما اتهم مصدر رسمي سوري "مجموعات ارهابية مسلحة" بتفجير الانبوب الذي يمد دمشق والمنطقة الجنوبية بالمازوت.
وفي دمشق، اقتحمت قوات امنية تضم ناقلات جند مدرعة صباح الاربعاء حي برزة ونصبت الحواجز في الشوارع وبدات بتنفيذ حملة مداهمات واعتقالات، حسب المصدر نفسه.
كما نفذت القوات السورية حملة مداهمات واعتقالات منذ فجر اليوم في بلدة العشارة التابعة لريف دير الزور (شرق) اسفرت عن اعتقال 16 مواطنا، بحسب المرصد.
وفي ريف دمشق، قال المرصد ان شابا توفي في بلدة حرستا متاثرا بجروح اصيب بها مساء امس اثر انفجار قنبلة داخل سيارته بعد مروره من حاجز امني.
وتابع ان ناشطين من البلدة اتهموا عناصر الحاجز بوضع القنبلة داخل السيارة.