التقى رئيس السلطة الفلسطينية، السيد محمود عباس (أبو مازن)، برئيس المكتب السياسي لحركة "حماس،" السيد خالد مشعل، الأسبوع الماضي، وذلك بعد لقاءهما الاخير في حفل توقيع المصالحة الفلسطينية بالقاهرة في شهر مايو الماضي حيث أعلنا عن موافقة إنهاء الانقسام بعد 4 سنوات من القطيعة والعدائية، ليقررا تبني برنامج ما يسمى المقاومة الشعبية, "حرصا منهما على وحدة الشعب الفلسطيني."
فلا احد كان يتصور أن "حماس" سوف تقبل بمثل هذه الخطوة قبل سنتين فقط من الآن؟ يبدو أن للتغييرات في العالم العربي دور هام في ذلك رغم عدم اعتراف الطرفين بذلك.
ان نائب السيد مشعل، السيد موسى أبو مرزوق، ومنذ هذا اللقاء، بذل قصارى جهده للإدلاء بأن حركته لم تتعهد بذلك، لكن يبدو أنه فعلا تم التوصل لاتفاق بين "حماس" و"فتح" بهذا الخصوص. وقال أبو مرزوق في مقابلة مع المركز الفلسطيني للإعلام "عندما نتحدث عن المقاومة الشعبية، لا نتحدث عن رجال المقاومة الذين يعملون في العمل المسلح، إنما نتحدث عن مجمل الشعب الفلسطيني، في مقاومة الاحتلال، سواء كان بالتظاهر، أو الاعتصام، أو مقاطعة البضائع "الإسرائيلية"... إنما المقاومة المسلحة، إنما هي لفئة محدودة من الشعب الفلسطيني، معدودة على الأصابع في كل مدينة، إنما أن تخرج مدينة فيها مليون أونصف مليون في عمل شعبي متفق عليه بين الحركتين، لا شك أن هذا سيكون عملاً فاعلاً جدًّا... المقاومة المسلحة هي العمود الفقري لبرنامج المقاومة".
إن إقبال "حماس" على هذه الخطوة يعكس مجريات الأمور داخل المجتمع الفلسطيني حيث أشار استطلاع للرأي أجراه مركز القدس للإعلام والاتصال JMCC، والمتواجد في القدس الشرقية، وذلك يوم الاثنين الموافق 28.11، إلى أن 56% من الذين تم استجوابهم يعارضون العودة للكفاح المسلح في حين أن 29% يأيدون الفكرة. إن نسبة الذين يعارضون العودة للكفاح المسلح ارتفعت بمعدل 10% مقارنة مع استطلاع مشابه تم إجراءه في 2008. كما أعرب 41% من الذين تم استجوابهم عن اعتقادهم بأن اطلاق الصواريخ والقذائف على إسرائيل يجلب الضرر للشعب الفلسطيني.
لقد أجري الاستطلاع في النصف الثاني من شهر نوفمبر وشمل 1،200 فلسطينيا من الضفة الغربية، قطاع غزة والقدس الشرقية. وأشار الاستطلاع أيضا إلى أن حركة "فتح" ورئيس السلطة الفلسطينية، أبو مازن، قد حافظا على مستوى شعبيتهم لدى الفلسطينيين، بل وزاداها قليلا، مقارنة باستطلاعات سابقة وذلك بالرغم من اتفاقية تبادل الأسرى بين "حماس" وإسرائيل.
يعتبر هذا الاستطلاع مؤشرا آخرا من بين عدة مؤشرات على الاتجاه المتزايد في الشارع الفلسطيني ضد فكرة الكفاح المسلح.
تنبع أهمية اللقاء بين محمود عباس وخالد مشعل، عمليا، من قبول "حماس" لاستراتيجية أبو مازن. وبعبارة أخرى، نعم للنضال ولكن بدون عنف. وهذا يعني المقاومة الشعبية من منظور أبو مازن.
تحتفظ "حماس،" في هذه المرحلة، ببرامجها السياسية لنفسها لكنها تستجيب لابي مازن لاعتبار طريقه أكثر نجاحا.
ان جميع التهديدات والأقاويل عن انهيار السلطة الفلسطينية أدت في نهاية المطاف إلى التوافق بين "فتح" و "حماس" مع العلم ان حل السلطة الفلسطينية لن يكون لمصلحة الطرفين على الإطلاق.
وتشهد الحلبة الفلسطينية أملا بأن تختار الفصائل الفلسطينية الأخرى المقاومة الشعبية. إن هذا هو مفتاح تطور ورقي الشعب الفلسطيني. وحسب نفس المصادر، اذا نجح الفلسطينيون بدمج ذلك مع عملية سياسية ومفاوضات فان الأمر قد يؤدي إلى قيام الدولة الفلسطينية المستقلة لان إسرائيل ستفعل لعرقلة حلم الدولة بكل سهولة في الساحة الدولية إن تبنينا برنامج المقاومة المسلحة من جهة ولعرقلة تطوير المناطق الفلسطينية اقتصاديا على غرار ما أنجزته حكومة سلام فياض في الضفة الغربية.
أما اذا لم يتم اتباع هذا المسار،فسيتم، مرة أخرى، الحديث عن إفلاس السلطة الفلسطينية وصدام القيادة الفلسطينية مع الغرب الأمر الذي لن يعود بالفائدة للشعب الفلسطيني ولحلم الدولة المستقلة.