هل لدينا أدوات لمقاومة هذا الخطر : المستوطنات والمستوطنين خطر يهدد الوجود الفلسطيني

تاريخ النشر: 07 فبراير 2010 - 08:48 GMT
هل لدينا أدوات لمقاومة هذا الخطر : المستوطنات والمستوطنين خطر يهدد الوجود الفلسطيني

تقرير عاطف أبو الرب /جنين/فلسطين

حرق سيارات... تحطيم سيارات... قطع أشجار... مهاجمة مزارعين في حقولهم... مهاجمة سيارات في قرب نابلس... تحيط زجاج سيارات قرب قلقيلية... منع مزارعين من الوصول لأراضيهم... إعطاب عجلات جرار زراعي... ضرب راعي غنام وتعريته من ملابسه... اعتداء على مسجد يسوف... شعارات عنصرية على جدران مدرسة في جنوب نابلس... توسع استيطاني في الأغوار الشمالية... اعتداء على راعي غنم ودهس عدد من قطيعه.

عناوين نقرأها، وحكايات نسمعها، وما خفي أبلى وأمر. نعم هذا هو واقع حياة الفلسطيني في أعوامه القليلة الماضية مع الاستيطان، فما يكاد يمر بوم إلا ونسمع عن اعتداءات يقوم بها مستوطنون بحق فلسطينيين في قراهم وبلداتهم. وللحقيقة فإن هذه العناوين جزء يسير مما يحدث على الأرض، وقد يسال البعض هل الوضع في الأراضي الفلسطينية بهذه الحدة؟ للحقيقة إن الواقع على الأرض أصعب من أن تجمله كلمات، وأعقد م نوصفه بمقالة هنا، وتقرير هناك. ومهما حاولنا أن نكتب تبقى كلماتنا دون ما يحدث على الأرض.

سرقة الأرض:

محور اعتداءات المستوطنين الأرض، وهدفهم النهائي الاستيلاء على الأرض، ففي كل أزمة يفتعلونها، وفي كل مشكلة يفجرونها يهدفون تحقيق أمر واحد ووحيد وهو عزل المواطنين عن أراضيهم وتحويلها لصالح المستوطنات. هذه الأيام أينما ذهبت، وحيثما تجولت في الضفة الغربية ترى بشكل واضح مدى التوسع المستوطنات، وكيف تحولت هذه البؤر المنتشرة فوق تلال وهضاب الضفة لمستوطنات كبيرة، تحيط بها الطرق والشوارع الأمنية، والتي تحولت بموجبها لتجمعات سكنية استيطانية تفوق بمساحتها القرى الفلسطينية، وأجزم أن مسطحات القرى الفلسطينية أصبحت أقل بكثير من مسطحات المستوطنات، وهنا السؤال إلى أين تتجه الأمور؟

تحويل الحقول لمحميات طبيعية:

لم يعد الأمر متوقف على سرقة الأرض وتحويلها لصالح توسع المستوطنات، ولكن يدخل على الخط مؤسسات الاحتلال لتكمل كل حسب تخصصه مسلسل سرقة الأرض، فهذه الأراضي الفلسطينية، التي لم يتمكن المستوطنون من بسط سيطرتهم عليها بعد يتم تحويلها لمناطق محميات طبيعية، والغريب في الأمر أن تحويل أراضي وممتلكات الفلسطينيين لمحميات طبيعية يعني في نهاية الأمر تحويلها لصالح المستوطنات. وكيف يكون ذلك؟ أمر بسيط يمنع الفلسطيني من زراعة أرضه بما ينفعه من أشجار، ويحظر عليه استخدام الينابيع لري مزروعاته، وتدريجياً يحظر عليه دخول هذه الأرض، والنتيجة أنها تصبح منتجعات للمستوطنين يقيمون بها حدائق ومناطق ترفيهية لهم. وهذا النوع موجود في العديد من المستوطنات في محيط نابلس وقلقيلية.

المواطن يواجه العدوان وحيداً فما السبيل:

حقيقة مرة لا يمكن لنا أن نمر عليها مرور الكرام، فأمام كل هذا الصلف وكل هذا التطرف، وكل هذه الألاعيب يقف الفلسطيني حائراً لا يدري السبيل الصحيح والتصرف الذي يمكنه من الحفاظ على أرضه والحفاظ على أمنه الشخصي. وللتوضيح فإنه في الوقت الذي يتجرأ فيه عشرات أو بعض المستوطنين على الفلسطينيين في قراهم وبلداتهم، فإن الفلسطينيين يقفون حائرين في طريقة مواجهة تطرف الاحتلال. فإن سكت الفلسطيني على ظلم الاحتلال قد يموت قهراً، وسيخسر أرضه وقد يخسر بيته. وإن تصدى لهؤلاء المتطرفين فإنه سيكون عرضة للعقاب الذي تقرره سلطات الاحتلال، فقد تكون حياته ثمناً لموقفه، وقد يقضي سني عمره في السجن، والمهم في الأمر إن هذا الثمن الذي يمكن أن يدفعه المواطنون لا يجد من يستثمره ويتحرك بموجبه لوقف مسلسل الإرهاب الصهيوني. وهنا فإن المؤسسة الفلسطينية والمؤسسة العربية مطالبتان بالتصدي الدولي للاحتلال، ولا يجوز أن تبقى الأمور في ساحة المواطن العادي.

دير استيا وقراوة نموذج حي:

في الواقع هناك عشرات المواقع التي يمكن أن تشكل نموذجاً لتطرف وعنف المستوطنين،ولكن هنا سأستعرض واحداً من هذه النماذج التي يمكن أن تعكس كل ما رحت إليه من اعتداءات للمستوطنين. اليوم تجري عمليات توسع في مختلف المستوطنات المقامة على أراضي هاتين القريتين، فما يكاد يمر يوم إلا وتقام فيه مباني في مختلف المستوطنات هناك بغض النظر عن مسميات هذه المستوطنات. هناك أغلق الاحتلال مساحات كبيرة من أراضي المواطنين، وحظر عليهم زراعة الأشجار المثمرة في أراضيهم بحجة أن المنطقة محمية طبيعية، والمواطنين يحاولون زراعة المزيد، لكن الاحتلال يعمل على اجتثاث هذه الأشجار، ويعاقب الناس الزارعين. هناك تم إغلاق مساحات كبيرة من أراضي المواطنين بوجه أصحابها، وأصبحت مرتعاً للاحتلال ومستوطنيه. وهناك أيضاً يحاول الناس مواجهة قرارات الاحتلال، فتارة يتظاهر الناس للتعبير عن رفضهم لما يجري، وتارة يزرعون الأرض تحدياً لقرارات الاحتلال، وهم يعلمون أن الأشجار ستقلع على أيدي الاحتلال ومستوطنيه، وتارة أخرى يتقدمون للمحاكم الإسرائيلية على أمل أن يحصلون على قرارات تعيد لهم بعضاً من أرضهم. والأمر المحزن أن كثيراً من القضايا تتابع من قبل مؤسسات حقوق إنسان إسرائيلية، سقفها فيما تذهب إليه قانون الاحتلال.

وبعيداُ عن التجريح بأحد، وبعيداً عن شعارات لا تسمن ولا تغني من جوع أرى أن على الفلسطينيين في المستوى الرسمي التحرك على مستويات مختلفة لوضع حد لتطرف الاحتلال، فلا يجوز أن يكون هو الاحتلال وهو الخصم والحكم. ومع أهمية الدور الشعبي في مقاومة الاحتلال، ومع أنني أميل لتفعيل هذا الجانب في مقاومة الاحتلال وفضح ممارساته، فإنني اعتقد أن الدور الرسمي لا يقل أهمية عن الدور الشعبي. ولا بد إن أردنا أن ننجح في مقاومة الاحتلال من وضع رؤية تستند لركيزتين في مواجهة الاحتلال، فلا وجود رؤية واضحة يعزز كل طرف بها الآخر، وعلى الفلسطينيين أن يرتقوا لمستوى الخطر الذي يهدد أرضهم ومستقبلهم. وأجزم أن الاستيطان أخطر أدوات الاحتلال على القضية الفلسطينية.

الاشتراك

اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن