تسعى الولايات المتحدة الاميركية الى اعطاء حلف شمال الاطلسي دورا اكبر في في خططها الرامية الى اصلاح الشرق غير ان فرنسا اعتبرت حل النزاع مع اسرائيل يدخل في جوهر عملية الاصلاح هذه وحذر مبارك من ان فرض الاصلاح قد يؤدي الى كوارث على طريقة الجزائر.
واشنطن وحلف الاطلسي
قالت الولايات المتحدة الجمعة ان حلف شمال الاطلسي يمكن ان يدعم خطط الغرب الجديدة للإصلاح في الشرق الاوسط من خلال المساهمة في الامن والإغاثة في الكوارث والمساندة في مكافحة التجارة غير المشروعة في السلاح والمخدرات.
وسيدرس الحلف ايضا دعوة دول شمال افريقيا للمشاركة في الدوريات الامنية التي تنفذها سفن الحلف في مياه البحر المتوسط لمنع هجمات الارهابيين وربما يشجع دولا عربية على المساهمة بقوات في عمليات حفظ السلام الجارية في افغانستان.
وقال وكيل وزارة الخارجية الاميركية مارك غروسمان في مؤتمر صحفي عقب اجتماعه مع سفراء الحلف "نحن نريد المضي قدما في دعم الافكار الخاصة بالإصلاح.. الإصلاح الاقتصادي والإصلاح السياسي والاصلاح التعليمي وتمكين المرأة في الشرق الاوسط".
وتابع "هذه الامور ستحقق نجاحا اكبر كثيرا إذا توفر أيضا الامن وبوسع حلف الاطلسي القيام بدور ما في ذلك".
ووصل غروسمان الى بروكسل في المرحلة الأخيرة من جولة للدعوة لرؤية إدارة بوش بخصوص الشرق الاوسط زار خلالها كلا من المغرب ومصر والبحرين والاردن.
وفي القاهرة اختلف غروسمان علانية مع وزير الخارجية احمد ماهر الذي أصر على ان اي مبادرة غربية للنهوض بالديمقراطية والرخاء والاستقرار في الشرق الأوسط يجب الا تتجاهل تسوية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
واعتبر غروسمان أمس في بروكسل ان مشروع "الشرق الاوسط الكبير" الاميركي ليس "بديلا" عن عملية السلام الاسرائيلية الفلسطينية.
وقال غروسمان بعد ان تحدث عن هذا الموضوع امام سفراء الدول الاعضاء في الحلف الاطلسي المجتمعين في مجلس الحلف "ليس بديلا لكنه ليس عذرا لعدم القيام بأي شيء في المقابل". واضاف ان "من الامور التي قلتها في كل محطة، ثم هنا، هو انه لا ينبغي لاحد ان يظن ان فكرتنا في دعم الاصلاحات في الشرق الاوسط ستكون بديلا بأي طريقة من الطرق عن اهتمامنا بعملية السلام في الشرق الاوسط".
لكنه قال "العكس صحيح ايضا اي انه لا يمكن انتظار احلال سلام شامل لتشجيع الاصلاح" في هذه المنطقة. وقام المسؤول الاميركي هذا الاسبوع بجولة في المغرب العربي والشرق الاوسط حيث دافع عن مشروع واشنطن الذي يحمل اسم "مبادرة من اجل الشرق الاوسط الكبير" ويرمي الى تشجيع الاصلاحات الديمقراطية والانفتاح الاقتصادي في العالم العربي ودول اسلامية اخرى.
وقال غروسمان ايضا "لمست في الشرق الاوسط اهتماما كبيرا ونقاشا واسعا حول فكرة الاصلاح»، مشددا على ان "افضل الافكار ستأتي من دول في المنطقة". وتابع يقول ان "الامر لا يتعلق بسعى من الولايات المتحدة او اوروبا لفرض الاصلاح على الناس"، لافتا من جهة اخرى الى ان "دول المنطقة مختلفة، ويمكن ان تتبع كل منها وتيرة مختلفة (لتطبيق الاصلاحات)".
وقال المسؤول الاميركي ايضا انه "استفاد بشكل كبير" اثناء جولته من الافكار التي صاغتها في هذا الشأن خصوصا كل من باريس وبرلين وايطاليا وغيرها. واوضح "لسنا وحدنا الراغبين في دعم عملية الاصلاح في الشرق الاوسط".
واضاف «انها في ذهن كل الناس، ووجود كل هذه المشاريع المختلفة هو، كما يبدو لي، تقدم كبرى» ينبغي ان يتعزز خلال ثلاث قمم متوقعة في حزيران/يونيو (مجموعة الثماني والولايات المتحدة ـ الاتحاد الاوروبي والحلف الاطلسي). وبشأن حلف شمال الاطلسي، اعتبر غروسمان ان للحلف ايضا دورا يلعبه. وقال "سيشارك الحلف الاطلسي في هذا النقاش المتعلق بتغيير الشرق الاوسط"، حتى ولو كان ينبغي تحديد هذا الدور.
واعلن غروسمان "لا اقول ان هناك تفاهما بشأن ذلك لكن النقاش انطلق". واضاف "نريد المضي قدما لتشجيع الاصلاحات السياسية والاقتصادية وفي مجال التعليم، سنحقق نجاحا افضل طالما كان الأمن سائدا"
ومن المقرر ان يلتقي غروسمان في وقت لاحق مع مسؤولي الاتحاد الاوروبي لبدء التنسيق بين مجموعة من مقترحات الاصلاح الخاصة بالشرق الاوسط ومن بينها مبادرات مقدمة من فرنسا والمانيا وايطاليا لطرحها على اجتماعات القمة التي تعقدها مجموعة الثمانية والولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي وحلف الاطلسي في حزيران/يونيو.
وفي وقت سابق هذا الاسبوع عارض خافيير سولانا منسق السياسة الخارجية للاتحاد الاوروبي الاراء الاميركية بان الاصلاح في الدول العربية والتقدم على مسار السلام في الشرق الاوسط عمليتان مستقلتان احداهما عن الاخرى.
وابدت الدول الاوروبية التي كان بعضها من اشد المعارضين للحرب الاميركية على العراق العام الماضي حماسا محدودا تجاه الجوانب الامنية في الرؤية الاميركية مشددة على اهمية التغيير الاقتصادي والاجتماعي.
وتحرص هذه الدول على الا تطغى مبادرة اميركية كبيرة على عملية برشلونة التي بدأت قبل تسعة اعوام وتتضمن برامج للتبادل التجاري والمساعدات مع الدول المطلة على البحر المتوسط.
وقال غروسمان ان المجال متاح لتنوع الخطط وان واشنطن ليست مصرة على الوصول الى صيغة موحدة للاصلاح في المنطقة لكنه شدد على ان حلف الاطلسي يمكن ان يكون اساسا للامن اللازم لتنفيذ الاصلاحات.
واقترح ان يعمق الحلف حواره مع كل من إسرائيل ومصر والاردن والجزائر وتونس والمغرب وموريتانيا والذي لم يحقق سوى نتائج محدودة منذ انطلاقه عام 1994.
واضاف انه يمكن ان تمنح هذه الدول تدريبات عسكرية وان يطلب منها المشاركة بسفن في الاسطول الذي يقوم بدوريات مراقبة في البحر المتوسط.
ويمكن ان تحصل المنطقة ككل على مساعدات من حلف الاطلسي عندما تتعرض لكوارث مثل الزلزال الأخير في المغرب وان تتلقى دعما في مكافحة تهريب المخدرات واسلحة الدمار الشامل وتهريب البشر.
فرنسا
وفي هذا السياق، أعطت فرنسا تأييدا مشروطا لخطط الولايات المتحدة لتعزيز الاصلاحات في الشرق الاوسط وقالت ان أي تحرك كهذا يجب أن يتضمن جهودا لحل الصراع الفلسطيني الاسرائيلي.
وقال مساعدون ان الرئيس الفرنسي جاك شيراك أعرب عن تأييد فرنسا للاصلاح في الشرق الاوسط في اجتماع مع ولي العهد القطري الشيخ تميم بن حمد بن خليفة آل ثاني.
ونقل المساعدون عن شيراك قوله "ولكن أي مبادرة تتعلق بالشرق الاوسط يجب أن تلبي حاجات وتطلعات المنطقة وتأخذ في الحسبان الحاجة لحل سياسي للمشكلة الاسرائيلية الفلسطينية".
وكان مسؤولون اميركيون قالوا أن مبادرة الرئيس جورج بوش بشأن الشرق الاوسط الكبير التي تستهدف دعم اصلاحات سياسية واقتصادية في هذه المنطقة الممتدة من المغرب الى أفغانستان يجب ألا تعتمد على تحقيق تسوية للصراع في الشرق الاوسط.
وتكشف نسخة من مسودة خطة الاصلاح اطلعت رويترز عليها ان الاقتراحات تركز على حل مشاكل المنطقة السياسية والاقتصادية والاجتماعية دون ذكر للصراع العربي الاسرائيلي الذي يقول العرب انه السبب في كل المشاكل التي تعاني منها المنطقة.
وتريد واشنطن بحث الخطة في قمة مجموعة الدول الثماني الصناعية الكبرى وقمة لحلف شمال الاطلسي وقمة أوروبية أميركية في حزيران/يونيو.
وقال دومنيك دو فيلبان وزير الخارجية الفرنسي ان باريس تبحث القضية مع شركائها الاوروبيين والولايات المتحدة وروسيا للوصول الى "أفضل مشروع ممكن بحلول حزيران/يونيو".
واضاف دو فيلبان بعد اجتماعه مع وزير الخارجية الروسي ايجور ايفانوف ووزير الدفاع سيرجي ايفانوف "لايمكننا املاء المستقبل على دول الشرق الاوسط".
ومضى دو فيلبان يقول ان القضية الاساسية في الشرق الاوسط هي الصراع الفلسطيني الاسرائيلي وقال ان اقامة دولة فلسطينية "شرط للاستقرار في المنطقة".
وردا على سؤال عن الموقف الروسي قال ايفانوف "نحن نبحث المسألة ولكن الوقت مبكر للرد".
وتستهدف المبادرة تقديم دعم عسكري وتجاري للاصلاحات التي تشمل انتخابات حرة وتمكين المرأة واقتصاد السوق. وعارضت عدة حكومات عربية الخطة وقالت ان الاصلاحات يجب أن تنبع من الداخل وأن الخطة تستهدف اساسا خدمة المصالح الاسرائيلية.
مبارك
وحذر الرئيس المصري حسني مبارك الموجود حاليا في باريس لاجراء محادثات مع شيراك واشنطن من محاولة فرض الخطة.
صعد الرئيس المصري حسني مبارك من حدة انتقاداته الضمنية لمشروع "الشرق الأوسط الكبير" الأميركي محذراً من مأساة على الطريقة الجزائرية اذا فرضت المقترحات الأميركية من الخارج، فيما طالب رئيس الوزراء الايطالي سيلفيو برلسكوني باشراك مباشر للبلدان العربية المعنية في المشروع الاميركي الذي قال مبعوث واشنطن للمنطقة من اجل ترويجه انه ليس بديلاً عن عملية السلام.
وفي مقابلة مع صحيفة "لا ريبوبليكا" الايطالية، اعلن الرئيس المصري الذي يزور ايطاليا، انه سيطلب توضيحات حول هذا الموضوع من الرئيس الاميركي جورج بوش اثناء لقائهما في الثاني عشر من ابريل في مزرعة بوش.
واضاف مبارك "سأطلب منه توضيح محتوى هذه الاصلاحات التي لا تزال غامضة. سأشرح له ان هذه المبادرة محكومة بالفشل من دون مشاركتنا". وحول المثل الذي طرحه بشأن الجزائر، اشار مبارك الى "ان الحرية واحلال الديمقراطية بسرعة قد يكون لهما تأثير الهزة في بلد ما".
وتساءل قائلا "ماذا يحدث لو ان غالبية من المتطرفين فازت في البرلمان. المأساة الجزائرية مستمرة منذ 12 عاما، لن ندع الخارج يفرض علينا صيغا تدفعنا الى الغرق والفوضى. نعرف بلادنا اكثر من اي احد اخر"—(البوابة)—(مصادر متعددة)