صدور رواية " عام الريح" عن دار مسكلياني التونسية

تاريخ النشر: 25 ديسمبر 2016 - 10:40 GMT
صدور رواية " عام الريح" عن دار مسكلياني التونسية
صدور رواية " عام الريح" عن دار مسكلياني التونسية

حمل الأسبوع الفائت خبراً سعيداً تمثّل في صدور رواية «عام الريح» لأستاذ الدراسات الإسلامية في جامعة الملك فهد السعودية د. مصطفى الحسن عن دار مسكلياني التونسية، وتم توقيعها في معرض الكتاب بجدة. بواعث السعادة هنا كثيرة، منها أني قابلتُ من يتساءل عن السبب الذي يجعل شخصاً اشتهر باهتمامه الكبير بالفكر والفلسفة يُصدر عملاً روائياً، وهو سؤال يستبطن ولا شك نظرة دونية لفنّ الرواية أو يجعله في مقام أدنى فيما يخص الفنون الأخرى على أقل تقدير، لكن في الوقت عينه ثمة منافع من مجرد طرح السؤال، أهمها تلك الكوّة التي يفتحها في جدار رافضي الرواية يدخل منها ضوء كثير ويُثير التفكير والمراجعة.

ولا تفي المساحة هنا بالطبع لتبيان ما تعنيه الرواية وما يمكن لها أن تقوله بما لا يستطيع ذلك أي مسلك آخر، لكنّ اللافت أن مصطفى الحسن نفسه اشتغل على هذه الفكرة كثيراً ودافع عن الرواية بطريقة منطقية جميلة عبر محاضراته وندواته، وكأنه كان يُجهز دفوعاته لهذا اليوم منذ وقت طويل.

المبعث الآخر للسعادة مرتبط بما قبله، فأنا وغيري من المغرمين بأفكار الحسن وأطروحاته، كنّا بحاجة لتُمنح أجنحة أكثر تطوف بها مناطق لاتصلها عادة الطريقة التي تُعرض بها الفلسفة والأفكار «الكبيرة»، وهو ما أظنه تحقق أخيراً عبر عام الريح وما سيليها من أعمال. وأقول ما يليها لأني أعتقد أن الحسن نفسه سيكون مذهولاً بالمدى الذي أتاحته الرواية وواقعاً في غرامها ما يضمن تكراره للتجربة مرات ومرات.

ويبقى السبب الأهم كي أكون سعيداً هو أنّ النصّ المنتظر جاء جميلاً ونافذاً وشفيفاً، ليزيل بعض الشكّ الذي كان متربصاً لعلمي بالمسافة بين التنظير للرواية وخوض غمارها، وهو الفخ الذي نجا منه الحسن ليطرح أمامنا عملاً يستند على أدوات روائية رصينة.

يحكي مصطفى الحسن في عام الريح، من ضمن ما يحكي، عن الصحوة في السعودية، لكنه لا يطأ أرضاً مزدحمة، ولا ينطلق من تنفيس محتقنات متراكمة، بل يغوص بهدوء ومهارة ليطلعنا على فهمه للأمر والكيفية التي جرى بها وما انتهى إليه.

في عام الريح كنتُ شغوفاً ببطل النص الذي يراجع طبيباً نفسياً ليساعده في ترميم ذاته ضد الاكتئاب، وعبره يلعب مصطفى الحسن لعبته المفضلة في تقشير طبقات النفس الإنسانية واحدة تلو أخرى، ويخلق معها الدهشة من كوننا بهذه الهشاشة رغم كل محاولاتنا لنبدو أكثر ثباتاً وصموداً. في عام الريح، يغرف مصطفى الحسن من ذاته دون أن يجعل النص سيرة ذاتية.

هو يحدثنا عن «الفرنش توست» الذي يحبه، وعن مطربه الأثير خالد الشيخ، وعن شوارع المنطقة الشرقية التي اعتادها. وحين أراد الحسن أن يبتعد عن ذاته قليلاً جعل بطله مريضاً بتليف الكبد، لكنه وياللمفارقة كان كلما أراد أن يشرح لنا ضراوة التليف يضرب المثل بالسرطان، وهو المرض الذي أصاب الحسن مؤخراً ويخوض معه معركة نحيطها بدعواتنا وأمنياتنا أن تنتهي قريباً على خير. حين يحكي مصطفى الحسن عن المرض يصل بالنص إلى ذراه السامقة، يسأل الأسئلة الصحيحة، يحزن ويغضب ويبتهج ليكثّف من إدراكنا لأنفسنا، وهو إدراك ينطوي على راحة وتعب في الآن معاً..

عام الريح، شهادة ذاتية لكنها تعنينا جميعاً، شهادة عن المجتمع والنفس البشرية كُتبتْ برهافة يصلنا أثرها من الصفحة الأولى، ويظلّ طويلاً.

 

الاشتراك

اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن