صدر حديثا كتاب "فلسفة الأخلاق عند نيتشه وأثرها في الفكر العربي الحديث والمعاصر، سلامة موسى أنموذجا"

تاريخ النشر: 05 أكتوبر 2013 - 04:37 GMT
جانب من اللقاء
جانب من اللقاء

وقعت الكاتبة والقاصة نهلة الجمزاوي أوّل من أمس، في مقر رابطة الكتاب الأردنيين، كتابها الجديد "فلسفة الأخلاق عند نيتشه وأثرها في الفكر العربي الحديث والمعاصر، سلامة موسى أنموذجا"، الصادر عن دار فضاءات للنشر والتوزيع- الأردن.

وقالت الجمزاوي في الحفل الذي شارك فيه كل من د.هشام غصيب وأداره د.جورج الفار "إن الحديث عن فلسفة نيتشه، يغرقنا في بحر من الأفكار، والتساؤلات، لأن كل فكره يستحق بحثا مستقلا، وإذا كان التنقيب عن أثر نيتشه، في الفكر العربي الحديث، موضوعاً شائكاً طويل البحث، فما بالنا بسلامة موسى وهو موسوعي الثقافة والعطاء".

يعد سلامة موسى (1887- 4 أغسطس 1958)، من طلائع النهضة المصرية، وهو رائد الاشتراكية المصرية، ومن أوّل المروّجين لأفكارها، وقد عرف عنه اهتمامه الواسع بالثقافة، واقتناعه الراسخ بالفكر كضامن للتقدم والرخاء. وينتمي موسى لمجموعة من المثقفين المصريين.

وأوضحت الجمزاوي في الحفل الذي نظم ضمن منتدى الثلاثاء الفلسفي الذي تقيمه الجمعية الفلسفية الأردنية، في رابطة الكتاب الأردنيين، أن الأسس الجينيالوجية التي اعتمدها نيتشه في ثورته على الموروث الأخلاقي، استندت إلى مرجعيات دينية، وميتافيزيقية، وما فيها من سلب لقوة الإنسان وإرادته.

واعتبرت الجمزاوي أن ما يميّز الفلسفية النيتشوية، أنها انطلقت من مبدأ لا يقف عند حد من الثبات أو التقديس لأي نتائج قد تصل إليها، لافتة إلى أنه أخضع نتائجه إلى إنسانه الأعلى المرتجى لصيرورة دائمة، من أجل "تحققه، والحفاظ عليه"، والمراكمة الدائمة لتطوره إلى الأعلى، عبر دورة الزمن الكبرى، وما أسماه بالعود الأبدي، بوصفه الضمانة الأساسية لهذا التطور.

ورأت الجمزاوي أنه على الرغم من صدمة العقل العربي بالتحولات الفكرية التي تلت عصر التنوير، وجاءت مباغتة للحياة العربية التي كانت تغرق في ظلمتي الجهل والتخلف، فقد شهدت الحياة الفكرية العربية، ولاسيما مصر، حركة تنويرية، وجدت من الالتحاق بأوروبا، ثقافياً وعلمياً، وسيلة مثلى للنهوض والارتقاء، وتسللت المدارس الفكرية، والفلسفية، كالدروينية والماركسية والنيتشوية، عبر عدد من المفكرين العرب.

واستعرضت الجمزاوي الأثر الذي تركته فلسفة الأخلاق النيتشوية في الحياة الفكرية العربية، مشيرة إلى من تأثّروا بتلك الفلسفة، وحاولوا استخدامها، بوصفها أداة للتنوير، وهم: "فرح أنطون، وفليكس فارس، ومرقس فرج بشارة، وجبران خليل جبران، وعباس محمود العقاد، وعبدالرحمن بدوي، وهشام شرابي، ومحمود أمين العالم، وفؤاد زكريا، ومن ثم سلامة موسى أنموذج الدراسة".

وأشارت الجمزاوي إلى أن ثمة فروقاً، في مواقف كل من هؤلاء المفكرين، ما بين ناقل محايد، ومناقش مجادل، في محاولة لتسويغ تلك الفلسفة، ليتم قبولها في الفكر العربي، وأن أولئك المفكرين لم يستطع أحد منهم أن يقدم تلك الفلسفة، بالجرأة التي طرحها نيتشه، بل إن معظمهم لجأ إلى المواربة والتورية في عرضهم لها، ويعزى ذلك، للخوف مما قد يطال المشتغلين على فكرة التنوير، بالاغتيال والسجن، بتهمتي الكفر والزندقة.

وأشارت الجمزاوي إلى ما أحدثته الثورة الأخلاقية الصادمة التي فجرها نيتشه والتي حققت انعطافاً مهما في الفكر الأوروبي، وألقت بظلالها على الحياة الفكرية العربية عبر مجموعة من المفكرين العرب ممن حملهم بحثهم عن أدوات التنوير إلى العثور على نيتشه بوصفه صرخة جريئة مدوية استطاعت أن تزعزع الجذور التي اتكأت عليها منظومة الأخلاق على مر التاريخ.

وخلصت الجمزاوي إلى أن نيتشه اتكأ في ثورته على المنهج الجينيالوجي الذي دفع إلى الانقلاب العارم على أسس فلسفة الأخلاق ومرجعياتها العدمية بوجهيها، سواء أكانت العدمية الناتجة عن المعتقدات الغيبية والميتافيزيقية، أم العدمية الناتجة عن نشوء النزعات المادية في الفكر الإنساني.

واستعرض د.جورج الفار في مستهل الحفل سيرة الجمزاوي، مشيرا إلى أنها مبدعة في الأدب، وقد فازت بست جوائز أدبية عربية وعالمية، قائلا عنها: "الجمزاوي باحثة جادة وصارمة في عالم الفلسفة، وربما اختارت أصعب الفلاسفة وأشدهم وعورة"، لافتا إلى أن القارئ سيقف في هذا الكتاب وجها لوجه أمام فيلسوف ثائر ومتمرد وعنيف.

في حين قدم د.هشام غصيب مداخلة حول نيتشه وأهميته كفيلسوف صعب ومختلف، كما ناقش بعضا من جوانب كتاب الجمزاوي.