2015 العام الأسوأ لأسعار المعادن

تاريخ النشر: 10 ديسمبر 2015 - 08:08 GMT
يبرز التراجع في أسعار المعادن بوضوح في خام الحديد الذي انخفض من 200 دولار للطن
يبرز التراجع في أسعار المعادن بوضوح في خام الحديد الذي انخفض من 200 دولار للطن

يبدو أن مخاوف مختصي البورصات الدولية والمضاربين في قطاع المعادن بدأت تتحقق، فالانخفاض المتواصل لأسعار المعادن كان لا بد أن يسفر في نهاية المطاف عن تراجع في قيمة أسهم شركات التعدين.

وفي أعقاب هبوط قيمة سهم "أنجلو أمريكان" إحدى كبريات شركات التعدين في العالم بنسبة 12 في المائة أمس الأول، ها هي تهبط مرة أخرى أمس بنسبة 10 في المائة، وبالطبع لم يكن أمام الشركة سوى الإعلان عن إنهاء خدمات جزء كبير من قوة العمل لديها، وقدِّر عدد من ستنهي خدماتهم بـ 85 ألف عامل، لتتقلص قوة العمل لديها من 135 ألف عامل إلى 50 ألفا فقط.

ويبرز التراجع في أسعار المعادن بوضوح في خام الحديد الذي انخفض من 200 دولار للطن عام 2011 إلى 39.25، ليصل بذلك لأدنى مستوى له في عشرة أعوام، في الوقت الذي بلغ فيه النحاس أدنى سعر له في ست سنوات، حيث بلغ سعر الطن في بورصة لندن للمعادن 4443.5 للطن، أما النيكل فتراجع بنسبة 5 في المائة ليصل بذلك لأدنى سعر له منذ عام 2003.

ويقول لـ "الاقتصادية" وليم فولي المختص في بورصة لندن إنه عام "أسود" في تاريخ أسعار المعادن، فوفقا لمؤشر بلومبرج لأسعار المعادن الذي يحسب المتوسط السعري لـ 22 معدنا خاما من بينهم النفط فإن الانخفاض السعري منذ بداية كانون الثاني (يناير) هذا العام حتى الآن بلغ 23 في المائة.

وبالعودة إلى شركات التعدين فإن انخفاض أسعار المعادن يضع ضغوطا مكثفة على تلك الشركات لخفض الإنتاج والتكاليف، في مسعى إلى تحقيق التوازن في الميزانيات العمومية، فعل سبيل المثال أعلنت مجموعة من عشر شركات صينية في مجال إنتاج الزنك أنها ستخفض إنتاجها هذا العام بعدما وصل سعر طن الزنك إلى أدنى مستوى له منذ عام 2009.

وحول أسباب هذا الوضع المتدهور في الأسواق الدولية للمعادن يشير توماس دينيس من قسم المضاربات في المجموعة الدولية للاستثمار والمختص في مجال المعادن، إلى وجود عاملين رئيسيين، الأول تراجع معدل النمو في الصين المستهلك الأكبر لمعظم المعادن في العالم، أما العامل الثاني فهو ارتفاع قيمة الدولار، ما يعني ارتفاع قيمة المعادن المقيمة بالدولار.

وأضاف دينيس أن انخفاض معدل النمو الصيني هو الأكثر تأثيرا، لأننا أمام وضع يشير أغلب المختص إلى استمراره لفترة طويلة مقبلة، أما ارتفاع قيمة العملة الأمريكية فمهما واصلت الارتفاع سيكون لها دائما سقف يصعب تجاوزه، وإلا عاد الأمر بالضرر على الاقتصاد الأمريكي ذاته.

وجهة النظر تلك تلقى تأييدا من فرانك ماك ميلر الذي يبدي قلقا تجاه المستقبل، معتبرا أن المشكلة الآن تكمن فيما إذا تواصل الإنتاج في بعض أنواع المعادن بالوتيرة الراهنة، فإن المعروض في الأسواق سيزداد بكميات كبيرة، ولن يكون هناك من حل غير حدوث انهيار سعري يؤدي إلى توقف الإنتاج بشكل ملحوظ، على أمل أن يؤدي ذلك لزيادة الطلب واستعادة التوازن في الأجل المتوسط.

وبالفعل فقد شهدت الأشهر الأخيرة تقلصا في إنتاج عديد من المعادن، ورغم ذلك فإن الأسعار واصلت الانخفاض لتأخذ معها انخفاض مماثل في قيمة أسهم شركات التعدين، ومن أبرزها شركة جلينكور التي انخفض سعر سهمها في بورصة لندن بنحو 1.9 في المائة ليبلغ قرابة 90.50 جنيه استرليني.

ودفع الوضع المتردي حاليا لشركات التعدين بعضها على الأقل لمحاولة إعادة الهيكلة، عبر إعادة تقسيم أفرعها المختلفة، والولوج إلى مجالات جديدة غير مسبوقة في مجال الاستثمار في المعادن.

وتعد شركة "أنجلو أمريكان" نموذجا رائدا في هذا المجال، فعلى الرغم من تقليص قوة العمل لديها بنحو 85 ألف عامل، إلا أنها قررت تقسيم الشركة إلى ثلاث وحدات رئيسة الأولى تتخصص في مجال الماس والثانية تعمل في مجال المعادن الصناعية وتضم البلوتونيوم والمعادن الرئيسية، أما الوحدة الثالثة فتركز على خام الحديد والفحم، على أن تتخلص بالبيع من حقول الفوسفات التي تمتلكها خلال العام المقبل، وسط مخطط لاستثمار 3.7 مليار استرليني لخفض التكاليف ورفع الإنتاجية عن طريق تطوير وسائل الإنتاج والإدارة لديها.

ومع هذا وعلى الرغم مما تحمله تلك الخطة من طموح، فإنها أثارت حفيظة عدد من الاقتصاديين لما تتضمنه من مجازفة، دفعت البعض إلى اعتبارها الفرصة الأخيرة لإعادة الهيكلة وإلا فإن الإفلاس سيكون البديل الحتمي.

وأشار لـ "الاقتصادية" مايك كيلي الاستشاري في بورصة لندن، إلى أنه إذا واصلت أسعار المعادن الانخفاض لفترة طويلة فإن خطط الهيكلة الراهنة قد لا تجدي نفعا، وسيكون على تلك الشركات الكبرى في مجال التعدين البحث عن مصادر أكثر تنوعا من الاستثمار الحصري في التعدين.

وأضاف كيلي أنه سواء نجحت تلك الشركات في عبور الأزمة الراهنة أم لا، فإن الأمر المؤكد أن صناعة التعدين والرموز الأساسية فيها لن تكون كما هي عليه الآن مع نهاية الأزمة الراهنة التي تعد في مراحلها الأولى.

اقرأ أيضاً: 

المعادن تتفق على التراجع وهروب جماعي للمستثمرين

سويسرا تتوقع التلاعب بأسعار المعادن النفيسة.. فتفتح التحقيق!