أسواق النفط تقلق بعد تخارج «بي بي» من مشاريع بـ 5 مليارات دولار

تاريخ النشر: 28 أكتوبر 2015 - 08:14 GMT
تراجعت أسعار النفط العالمية في السوق الأوروبية أمس، مواصلة خسائرها لليوم الثالث على التوالي
تراجعت أسعار النفط العالمية في السوق الأوروبية أمس، مواصلة خسائرها لليوم الثالث على التوالي

واصل النفط الخام تراجعه في الأسواق الدولية، مسجلا مستويات منخفضة جديدة، فيما يعكس استمرار حالة عدم الاستقرار فى الأسواق وتباطؤ تعافي الأسعار نتيجة مستويات الطلب المنخفضة، في وقت ساد فيه القلق في السوق العالمية بعد إعلان "بي بي" تخارجا من مشروعات بـ 5 مليارات دولار في 2016.

وباعت الشركة البريطانية أصولا بنحو 50 مليار دولار منذ حادث التسرب المميت في خليج المسكيك عام 2010 وقالت اليوم إنها تتوقع التخارج من أصول بثلاثة إلى خمسة مليارات دولار في 2016، في وقت تعكف فيه شركات النفط على خفض الإنفاق وتكاليف التشغيل على مدى العام الأخير للتعامل مع الانخفاض الحاد في تدفقات السيولة من جراء تراجع أسعار النفط. وأدت التخفيضات إلى فقد آلاف الوظائف وإلغاء العديد من المشاريع الجديدة. وقالت «بي.بي» إن إنفاقها الرأسمالي هذا العام سيقترب من 19 مليار دولار انخفاضا من تقدير سابق دون 20 مليار دولار وإنه سينخفض إلى ما بين 17 و19 مليار دولار سنويا حتى 2017. وتلك هي المرة الثالثة التي تخفض فيها الشركة هدف الإنفاق الرأسمالي في 2015 من هدف أصلي بين 24 و26 مليار دولار.

وكان السبب الرئيس وراء الانخفاضات الحالية بيانات اقتصادية تؤكد استمرار حالة وفرة المعروض وتخمة الإمدادات، التي أضعفت الأسعار على مدار أكثر من عام مضى، وتزامن ذلك مع بيانات أخرى تؤكد ارتفاع مستوى المخزونات النفطية الأمريكية.

ورغم تراجع وتقلص كبير حدث في إنتاج النفط الصخري الأمريكي، إلا أنه لم يفلح فى دعم الأسعار بسبب تراجع الطلب والاستهلاك في دول الاستهلاك الرئيسية، خاصة الصين واليابان، وهو ما جعل الاتجاه نحو انخفاض الأسعار يتغلب على العوامل الداعمة للسوق ويقود إلى انخفاضات سعرية قياسية.

وقال لـ"الاقتصادية" فينسينزو أروتا؛ مدير التسويق في شركة تيميكس أليو الإيطالية للطاقة المتجددة، إن حالة عدم استقرار أسعار النفط وتراجع الأسعار قد تمتد إلى العام المقبل نتيجة وفرة المعروض وتباطؤ الطلب، ومن المتوقع أن تتفاقم هذه الحالة مع بدء ضخ النفط الإيراني في الأسواق الدولية واحتمال رفع الولايات المتحدة قرار حظر تصدير النفط الخام إلى الأسواق الدولية.

وأشار أروتا إلى أن التوجه الأمثل في تلك المرحلة هو تنويع الموارد وزيادة الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة، خاصة الطاقة الشمسية، مبيناً أن السعودية حققت نجاحات في هذا المجال، رغم أنها من أكبر مصدري النفط وعلى الرغم من امتلاكها احتياطيات ضخمة تجعلها أقل تأثرا من غيرها بتداعيات الأزمة.

ونبه إلى ضرورة عدم التركيز أيضا على تصدير النفط الخام، وإعطاء اهتمام أكبر للصناعات المرتبطة بالنفط مثل التكرير والبتروكيماويات التي حققت نموا أخيرا بمعدل 15 في المائة، نتيجة زيادة الطلب عليها بفعل انخفاض الأسعار، مشيرا إلى أهمية التركيز الموازي أيضا على تطوير القطاعات غير النفطية التي حققت نموا قارب 5 في المائة أخيرا في دول الخليج.

من جهته، أوضح أرناود كارايون رئيس شركة "كارايون " الفرنسية العملاقة للأسمنت، أن الاستثمارات النفطية تواجه تحديات انخفاض الأسعار في السوق عبر سياسات تقشفية، بعد ما وصلت نسبة التقلص بها إلى أكثر من 20 في المائة، مشيرا إلى أن الشركات الدولية لجأت إلى تخفيض الإنفاق وبيع الأصول كما تابعنا أخيرا في شركة " بي بي " العالمية.

وأشار إلى وجود حالة مقلقة بالنسبة للاستثمارات نتيجة الإقبال على إلغاء المشروعات الجديدة وشطب الوظائف، مدللا على ذلك بإعلان بي بي التخارج من مشروعات بـ 5 مليارات دولار في العام المقبل 2016.

ونبه إلى أهمية دعم الاستثمارات لأنها العنصر الوحيد الكفيل بتأمين إمدادات الطاقة في المستقبل، خاصة في ضوء توقعات قوية بنمو متسارع قريب لمعدلات الطلب العالمي، مشيرا إلى ضرورة تطوير الصناعات المرتبطة بالطاقة التقليدية مع العمل على زيادة كفاءة الطاقة واقتناء التكنولوجيات المتطورة الكفيلة بتحسين الإنتاج ومراعاة الأبعاد البيئية.

بدوره أشار لـ"الاقتصادية" كريس تايلور مدير الإنتاج في شركة أكتيف الأوروبية لمنتديات الطاقة، أن تخفيض الميزانيات بات ضرورة ملحة قامت بها أغلبية الدول المنتجة للنفط لمواجهة ظروف السوق الراهنة، مشيرا إلى أن الإنفاق العام في دول الخليج ما زال مستقرا، رغم تراجع الإيرادات النفطية بنسبة تجاوزت 60 في المائة، وهو ما يعني أن منطقة الخليج أقل تضررا من تراجع الأسعار بسبب الاحتياطيات والفوائض والاستثمارات الضخمة.

وأضاف، أن الظروف الراهنة تتطلب دراسة احتمال استمرار موجة الانخفاضات السعرية لفترات أطول من المتوقع، ولذا من الأفضل عدم الاعتماد على الاحتياطيات والتركيز على تنويع الموارد وتطوير الصناعات ورفع الدعم عن الوقود وهو ما سيخفف الكثير من الأعباء الاقتصادية على المنتجين.

وشدد على ضرورة استمرار "أوبك" في برامج تعاونها ومشاوراتها مع مختلف دول الإنتاج، وبحث الآليات الكفيلة بعودة الاستقرار للسوق وتحسين مستوى الأسعار إلى المستويات الملائمة للمنتجين والمستهلكين على السواء، متوقعا عودة الدور الرئيس والمحوري لمنظمة "أوبك" في سوق النفط الدولية نتيجة اتساع حصصها السوقية على حساب الموارد الجديدة خاصة النفط الصخري الذي بدأ حالة من التقلص والانكماش نتيجة التراجع الحاد لمستوى الأسعار في السوق.

وفيما يخص الأسعار، تراجعت أسعار النفط العالمية في السوق الأوروبية أمس، مواصلة خسائرها لليوم الثالث على التوالي، وسجل النفط الخام الأمريكي أدنى مستوى في نحو شهرين ، ونزل خام برنت لأدنى مستوى في أربعة أسابيع، مع تأجج المخاوف تجاه تخمة المعروض العالمي، بفعل توقعات استمرار ارتفاع مخزونات النفط في الولايات المتحدة.

وتراجع الخام الأمريكي إلى مستوى 43.45 دولار للبرميل من مستوى الافتتاح 43.78 دولار، وسجل أعلى مستوى 43.90 دولار وأدنى مستوى 43.32 دولار الأدنى منذ 2 أيلول (سبتمبر) الماضي.

ونزل خام برنت إلى 47.15 دولار للبرميل من مستوى الافتتاح 47.45 دولار، وسجل أعلى مستوى 47.55 دولار وأدنى مستوى 47.04 دولار الأدنى منذ الثاني من تشرين الأول (أكتوبر) الحالي.

وكان النفط الخام الأمريكي "تسليم ديسمبر" قد أنهى تعاملات الإثنين الماضي منخفضا بنسبة 2.3 في المائة ، في ثاني خسارة يومية على التوالي، مسجلا أدنى مستوى إغلاق منذ 28 آب (أغسطس) الماضي، ونزلت عقود برنت "عقود ديسمبر " بنسبة 1.5 في المائة بفعل توقعات استمرار وفرة المعروض حتى منتصف 2016. ومن المقرر أن تصدر اليوم البيانات الرسمية لمخزونات الخام التي تصدرها إدارة معلومات الطاقة المتوقع ارتفاع بمقدار 3.0 مليون برميل في خامس زيادة أسبوعية على التوالي إلى إجمالي 480 مليون برميل وهو أعلى مستوى منذ منتصف أيار (مايو) الماضي. ورغم تراجع إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة إلى 9.1 مليون برميل هذا الشهر من مستوى الذروة 9.6 مليون برميل، غير أن اتساع فائض المخزون يعكس ضعف مستويات السحب وتراجع معدلات الاستهلاك في البلاد الأكثر استهلاكا للطاقة في العالم.

بدورها، أوضحت مجموعة جولدمان ساكس، أن نمو الطلب المتواضع وارتفاع الإمدادات من منطقة الشرق الأوسط وتشغيل المصافي قرب مستوياتها القياسية، دفع مخزونات التقطير إلى الاقتراب من أعلى مستوياتها على الإطلاق.

وفيما يتعلق بسلة خام أوبك، فقد سجل سعرها 43.13 دولار للبرميل يوم الإثنين الماضي، مقابل 43.45 دولار للبرميل في التعامل السابق.

وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك"، أمس، إن سعر السلة التي تضم 12 خاما من إنتاج الدول الأعضاء انخفض لأول مرة عقب استقرار نسبي، وإن السلة فقدت نحو دولارين مقارنة باليوم نفسه في الأسبوع السابق الذي سجل فيه سعرها 45.71 دولار للبرميل.

اقرأ أيضاً: 

السعودية تغزو أسواق النفط في شرق أوروبا.. وروسيا تقلق

النفط الأمريكي يعزز مكاسبه وأسواق الخام العالمية تسجل ارتفاعاً!

النفط يحلق من جديد مع صعود الأسهم الآسيوية

الاشتراك

اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن