استراتيجية بايدن تجاه الصين قد تشعل حرب تجارية

تاريخ النشر: 01 مارس 2021 - 08:10 GMT
استراتيجية بايدن تجاه الصين قد تشعل حرب تجارية
الحرب التجارية المشتعلة بين بكين وواشنطن منذ وصول الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب إلى سدة الحكم
أبرز العناوين
وقع الرئيس الأمريكي جو بايدن أن يتناول كثيرا من الموضوعات مع الرئيس الصيني شي جين بينج، حسبما قال بايدن في مقابلة أجرتها معه شبكة "سي بي إس" قبل وقت قصير من أول اتصال هاتفي بينهما منذ تولي بايدن منصبه.

وقع الرئيس الأمريكي جو بايدن أن يتناول كثيرا من الموضوعات مع الرئيس الصيني شي جين بينج، حسبما قال بايدن في مقابلة أجرتها معه شبكة "سي بي إس" قبل وقت قصير من أول اتصال هاتفي بينهما منذ تولي بايدن منصبه.

وفيما يبدو أن الحرب التجارية المشتعلة بين بكين وواشنطن منذ وصول الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب إلى سدة الحكم، لن تتوقف في عهد الرئيس بايدن رغم أنها تهدد الاقتصاد الأمريكي بالضرر، وتزيد المشهد تعقيدا، وفقا لـ"الألمانية".

وقالت الكاتبة الأمريكية بوني كريستيان، الزميلة في مركز "ديفنس برايورتيز" في تقرير نشرته مجلة ناشونال إنتريست الأمريكية إن بايدن عرض في سطور قليلة موجزة في تلك المقابلة، الخطوط العريضة لموقفه تجاه الصين، التي ذكرت إدارته أنها تشكل أكبر تهديد لأمن الولايات المتحدة في المستقبل.

وأضاف بايدن، "لقد قلت لـ"شي" منذ البداية أننا لسنا في حاجة لأن يكون هناك صراع بيننا"، ووصف الزعيم الصيني بأنه ذكي وصعب المراس، لكنه غير ديمقراطي، وستكون هناك منافسة شديدة، ولن أخوضها بالطريقة التي يعرفها "شي"، والسبب وراء ذلك هو أنه يرسل إشارات أيضا، أنه لن يخوضها على غرار طريقة ترمب.

وقالت كريستيان إنه من الممكن أن يروق لنا كثير مما قاله بايدن، لكنّ هناك أيضا منعطفا عنيفا يثير القلق، ونظرا لافتقار بايدن لعادة ترمب في استخدام صيغ التفضيل، كان وصفه لـ"شي" من باب المجاملة الدبلوماسية دون إبداء إشادة لا يستحقها.

وبطبيعة الحال، فإن الشيء الأكثر أهمية من هذا الأسلوب الشخصي، هو كراهية بايدن لوجود صراع بين الولايات المتحدة والصين. ويرفض الرئيس هنا تنبؤات مروعة تتعلق بفخ ثوسيديديس، والمتمثل في الرأي القائل بأن الحرب أمر حتمي لا مفر منه تقريبا عندما ينظر لقوة صاعدة على أنها تتحدى هيمنة قوة عظمى موجودة.

ومن حق بايدن رفض هذه المغالطة في بداية ولايته، وسيكون من الصعب على واشنطن تتبع صعود بكين خلف الكواليس، لأن الصين أبدت رغبة في مزيد من الارتباط الاقتصادي في الخارج، لحماية أمنها الداخلي، وتحقيق مجال نفوذ صغير نسبيا"، حسبما قال ريتشارد هانانيا من مركز ديفينس برايوريتز الأمريكي.

ولكن "هذا هو نمط السلوك الذي أظهرته جميع القوى الكبرى"، حسبما أضاف هانانيا، الذي قال إن الصين أبدت رغبة ضئيلة بشأن أنماط الاستثمارات العسكرية التي من شأنها أن تسمح لها باستعراض قوتها على المستوى العالمي".

وكما قال بايدن نفسه، إن المنافسة لا يجب أن تعني صراعا. لكن كريستيان تساءلت، هل السياسات التي ينتهجها بايدن ستوجهنا عبر ذلك المضيق الضيق في الأغلب؟ هذا الأمر أقل وضوحا كثيرا، وتابعت أن العبارة التي استخدمها الرئيس - "المنافسة الشديدة" - عبارة ليست قوية (هل المنافسة المقصودة هنا بطولة للتزلج على الجليد؟)، وغامضة، ومن الواضح أيضا أنها عدائية، وربما حتى على نحو خطير.

وتعزز تعليقات بايدن في مناسبات أخرى ذلك الانطباع، حيث إنه يريد العمل مع حلفاء الولايات المتحدة "للضغط على الصين وعزلها ومعاقبتها"، كما صرح في العام الماضي، وفي كانون الأول (ديسمبر) الماضي أشار إلى أنه سيواصل في الوقت الحالي الحرب التجارية التي شنتها إدارة ترمب على الصين، على الرغم من الضرر الذي تسببه لدافعي الضرائب الأمريكيين بشكل عام وللمزارعين بشكل خاص.

واختار بايدن أنتوني بلينكن وزيرا للخارجية، الذي يدعم فرض عقوبات على الصين في محاولة (من المؤكد تقريبا أنها عقيمة) لتغيير أسلوب حكمها لهونج كونج. وفي الواقع، خاض بايدن حملته الانتخابية باعتباره من الصقور تجاه الصين، وكانت "المنافسة الشديدة" أكثر في هذا الإطار من ضبط النفس الذي ألمح إليه في التعليق حول الصراع غير الضروري.

وجاء موقف أكثر كياسة - بشكل مفاجئ إلى حد ما، لكنه موضع ترحيب، من جانب بلينكن في مقابلته الخاصة في وقت سابق من الشهر الماضي شباط (فبراير)، حيث قال "ما لا شك فيه أن الصين تشكل أكبر تحد لنا من أي دولة أخرى، لكنه تحد معقد".

وأضاف "هناك جوانب مثار خصومة في العلاقة، وهناك بالتأكيد جوانب تنافسية، ولا تزال هناك بعض جوانب للتعاون أيضا، ويوجد هنا فارق ضئيل تفتقر إليه عبارة المنافسة الشديدة، حيث إنها تقر بالأمر الواضح، ألا وهو أن العلاقة بين الولايات المتحدة والصين هى علاقة تنافسية وستشمل صدامات (متصورة وفعلية) للمصالح الوطنية.ولكن لا ينبغي إغفال ذكر بلينكن للتعاون.

وربط المنافسة بين الدولتين بنهج للمشاركة يتساوى فيه الطرفان لن يضر فقط بمصالح الصين، لكنه سيضر بمصالح الولايات المتحدة أيضا. فهذه الحرب التجارية - فضلا عن عداء أكثر اتساعا - تضر الاقتصاد الأمريكي وتتسبب في تعقيد العلاقات بين الولايات المتحدة والصين، ما يفاقم بلا شك مسار جائحة فيروس كورونا

وذكرت كريستيان أن استمرار الخصومة مع الصين لا يعني إعادة بناء الصناعة الأمريكية، فهذا الأمر يجعل الأمريكيين يدفعون ضريبة إضافية تنازلية على السلع الاستهلاكية، بينما يزيد من حدة التوترات مع الصين بدلا من خفضها.

أوضحت أنه إذا كان بايدن يرغب حقا في فتح صفحة جديدة في العلاقات مع بكين، والتواصل بشكل مختلف عما فعله ترمب وعلى نحو مختلف عما يتوقعه "شي"، فإن المهمة الحالية ليست "المنافسة الشديدة"، التي تبدو وكأن التصعيد في عهد ترمب قد عاد بالكاد مرة أخرى.

وبحسب كريستان، يجب أن تركز سياسة الولايات المتحدة تجاه الصين بدلا من ذلك على الدبلوماسية الصادقة والبراجماتية التي لا تقلل من وحشية نظام "شي" ولا تتقدم بمطالب فارغة لن تقبلها بكين دون حرب لن تخوضها أمريكا في الواقع.

ويجب أن تستمر التجارة المفيدة على نحو متبادل - التي تكون تعاونية وتنافسية بالقدر نفسه -، بينما لا يتعين أن يكون هناك تعزيز عسكري أمريكي في أماكن قريبة من الجيش الصيني.

وأوضحت كريستيان في ختام تقريرها أنه ستكون هناك دائما بعض المنافسة بين الولايات المتحدة والصين، لكن الشدة المفرطة في علاقات القوى العظمى أسلوب طائش وغير جاد، ولا ينبغي أن يكون هدفنا.