رغم هبوط النفط، وظروف التشغيل العالمية المتقلبة، فمن المُطمئن أن تبقى الإمارات ماضية في استراتيجيتها الهادفة إلى تنويع الاقتصاد، والابتعاد عن الاعتماد على عائدات النفط.
وتملك الإمارات الاقتصاد الأكثر تنوعاً في منطقة دول الخليج، فضلاً عن الدور الذي تلعبه مساهمة دبي تحديداً في جهود تنويع الاقتصاد.
وتركز دبي على تطوير المراكز الإقليمية في قطاعات النقل، والشؤون اللوجيستية، والتجارة، إضافة إلى استثماراتها العديدة في تطوير بنية تحتية عالمية لقطاع الترفيه والضيافة، ما ساعد على دعم النمو السكاني وخلق فرص العمل، وفتح الفرص أمام البنوك للابتكار وتقديم خدمات أوسع وأشمل للعملاء من الأفراد والشركات.
قيادة التحول التقني في المنطقة
ومن وجهة نظر خبراء ومصرفيين، فإن التنويع الاقتصادي يعزّز نمو الائتمان في مختلف القطاعات، ويزيد قاعدة العملاء بالبنوك، ويدعم تنويع المخاطر، ويرفع الطلب على خدمات الصيرفة الاستثمارية، ويشجّع على ابتكار منتجات جديدة، كما يعزز مناخ الاستثمار عبر استقطاب المزيد من الشركات العالمية إلى قطاعات متنوعة.
وأكد رئيس التجزئة المصرفية في “بنك أبوظبي الوطني“، سورفات سايجال، أن انخفاض النفط يعّزز الاستقرار الاقتصادي في الدولة، ويخفف آثار حدة الدورات والتقلبات الاقتصادية المستقبلية، ما يدعم أداء البنوك على المدى الطويل، وفق صحيفة “البيان”.
من جهته، أشار مدير مبيعات الحلول الرقمية المصرفية في شركة “مايسيز” في الشرق الأوسط، رودي قوامي، أن القطاع المصرفي في الإمارات يقود عملية التحول التقني ببنوك المنطقة، مشيراً إلى أن اليوم هو الوقت الأنسب لزيادة استثمار البنوك في التقنيات الحديثة، وذلك لتعزيز استفادتها خلال انتهاء الدورة الاقتصادية الحالية.
جهود دبي تنعكس إيجاباً
وقال نائب رئيس مجلس إدارة “بنك الإمارات دبي الوطني” هشام عبدالله القاسم: “تسعى دبي على الدوام إلى تشجيع جهود التنويع الاقتصادي بعيداً عن قطاع الطاقة والصناعات النفطية، وكان للسياسات الحكومية دوراً كبيراً في تحفيز نمو قطاع المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وتشجيع الجهات والمؤسسات المعنية على توفير التمويل اللازم للقطاعات الرئيسية بالدولة كالسياحة، والإنشاءات، وتجارة التجزئة.
وانعكست هذه السياسات إيجاباً على القطاع المصرفي والمالي، الذي ساهم عبر نموه المتواصل وتركيزه على القطاعات الاقتصادية الحيوية في تعزيز الاقتصاد الوطني، ودعم رؤية الحكومة وإستراتيجياتها المستقبلية.
مشاركة الخبرات
بدوره، أكد نائب رئيس مجلس إدارة “دويتشه بنك” للشرق الأوسط وشمال إفريقيا، والرئيس الإقليمي للبنك في الإمارات، رفيق النايض، أن البنك استفاد بشكل ملموس من جهود دبي والإمارات لتنويع الاقتصاد منذ دخوله هذا السوق.
ونوّه بأن تأسيس مكتب “دويتشه بنك” في “مركز دبي المالي العالمي”،حالياً كالمركز الإقليمي لعمليات البنك في الشرق الأوسط وإفريقيا وباكستان، يشير إلى نجاح دبي بترسيخ مكانتها كمركز ومقر رئيسي للشركات.
وأضاف “التنوع الاقتصادي الذي نجده في دولة الإمارات يعني أن بإمكاننا مشاركة خبرات أكثر مع عملائنا محلياً وإقليمياً”، مبيناً أن “دويتشه بنك” رائداً عالمياً في مقاصّة عملات اليورو والدولار، وتسهيل الدفعات لطيف واسع من المنتجات، ومساعدة الشركات على مواجهة التعقيدات المتزايدة في قنوات الدفع العالمية.
وعلى صعيد الأسواق، يملك البنك علامة تجارية رائدة في مجال أسواق الدين والأسهم، ويساعد الشركات على التمويل عن طريق الأسهم أو القروض وتقديم الاستشارات لها حول خيارات التمويل، أما في مجال خدمات الأفراد، فيقدم البنك حلول استثمار عالمية مميزة عبر مختلف فئات الأصول والعملات.
تنويع روافد الإيرادات
ويتجه “بنك رأس الخيمة الوطني” نحو تنويع روافد الإيرادات بشكل استباقي عبر إطلاق منتجات وخدمات جديدة، وأعاد الدخول إلى مجال الخدمات المصرفية للشركات، وبذل المزيد من الجهد في مجال التأمين.
ويواصل البنك الاستثمار في تطوير الحلول المصرفية الرقمية المبتكرة لاستكمال أجندة دبي في التحول الرقمي.
تبني الابتكار
ورأى رئيس قسم الخدمات المصرفية للمؤسسات في “نور بنك”، كاظم علي، أن الاقتصاد الذي يعتمد بشكل أقل على قطاعات معينة هو أقل تعرضاً للأزمات الاقتصادية، ما يشكل عاملاً إيجابياً للبنوك التي ستشهد نمواً أكثر استقراراً، وضغوطاً أقل على محافظها المالية، خصوصاً في ظل التوقعات بانخفاض مساهمة النفط في الناتج الإجمالي المحلي للإمارات إلى 20% بحلول 2021، وفقاً لما أعلنه مؤخراً وزير الاقتصاد، سلطان بن سعيد المنصوري.
وأوضح علي، أن إنشاء مزيد من الشركات في قطاعات منوعة، وازدياد عدد فرص العمل يتيح للبنوك تنمية قاعدة عملائها ضمن قطاع الخدمات المصرفية للمؤسسات والأفراد.
ويعد “نور بنك” بدوره أحد أسرع المصارف نمواً في الإمارات خلال الأعوام القليلة الماضية، إذ استطاع البنك تنمية قاعدة عملائه بشكل ملحوظ مؤخراً، وهذا التوجه سيستمر مستقبلاً، خصوصاً مع توفير الجهود والمبادرات الحكومية فرصاً منوعة للبنوك، ما يساعد على توسعة قاعدة عملائها.
وشدد رئيس قسم الخدمات المصرفية للمؤسسات في “نور بنك”، على أن مبادرات التنويع التي تطلقها الحكومة تشجع البنوك لاتباع طرق جديدة ومبتكرة للتفاعل مع عملائها، وخاصة مبادرة المدينة الذكية.
توقعات بنمو سلبي للأرباح
ومؤخراً، رجحت وكالة “ستاندرد آند بورز” لخدمات التصنيف الائتماني، نمواً سلبياً لأرباح البنوك في الإمارات خلال العام الجاري، وبأن يكون الأداء متواضعاً بحلول 2017.
والتراجع يأتي على خلفية تدني أسعار النفط، والتوقعات ببقائها عند هذه المستويات لفترة أطول، ما سيزيد تحديات الاقتصاد الإماراتي، إلى جانب التقلب المستمر في أسواق الأسهم، والتصحيح بسوق العقارات.
وتوقعت الوكالة تراجع جودة الأصول، ما سيؤدي إلى ارتفاع الخسائر الائتمانية، لكنها أبقت نظراتها المستقبلية المستقرة للبنوك الخمسة التي تصنفها، كونها تتمتع بأوضاع صحية من ناحية نسب رأس المال والسيولة والتمويل.
اقرأ أيضاً:
هل ستتأثر بنوك الإمارات بالأزمات المالية؟