من المؤكد أن الإيرانيين سيطالبون حكومتهم بإنفاق ما يتحقق لها من إيرادات إضافية نتيجة رفع العقوبات الاقتصادية على تحسين مستوى المعيشة في البلاد، الأمر الذي يحد من قدرتها على استغلال أي اتفاق نووي مستقبلي في تمويل حلفاء طهران في معارك الشرق الأوسط.
وقال دبلوماسيون ومحللون إن إيران ستتمكن، في غضون شهور من رفع العقوبات المالية، من تحصيل ديون من بنوك في الخارج، ربما تتجاوز 100 مليار دولار، أغلبها من مستوردي النفط، الذين توقفت مدفوعاتهم بفعل العقوبات.
لكن في ضوء الضغوط الشديدة على الميزانية من جراء انخفاض أسعار النفط في العام الماضي والتوقعات الشعبية بتحسن الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية حال التوصل إلى اتفاق نووي، فإن السلطات ستواجه ضغوطاً من أجل استثمار الأموال الجديدة في الداخل.
وقال تشارلز هوليس، العضو المنتدب للشرق الأوسط في إف.تي.آي للاستشارات، «أعتقد أن فكرة أن إيران ستمتلئ جيوبها بسيولة مالية يمكنها استخدامها في أغراض سرية فكرة مبالغ فيها».
وساءت حالة البنية التحتية في قطاع النفط الحيوي، بسبب نقص الصيانة والإصلاح خلال سنوات من سوء الإدارة والعزلة. وتقول وزارة النفط إن من الضروري ضخ مبالغ طائلة لإعادة الإنتاج إلى المستويات التي كان عليها قبل فرض العقوبات.
وقال منصور معظمي، نائب وزير النفط، إن صناعة النفط تحتاج إلى استثمارات تبلغ 30 مليار دولار سنوياً من أجل الحفاظ على مستوى الإنتاج وتطوير مشروعات جديدة.
وقال محللون إن أي أموال إضافية تتحصل عليها إيران ستودع على الأرجح في البداية لدى بنك إيران المركزي، ما سيجعل من الصعب نسبياً على مسؤول العمليات الأمنية السرية في الجمهورية الإسلامية توجيه هذه الأموال إلى ساحات قتال في الخارج.
وقال ديفيد باتر، المحلل الاقتصادي المتخصص في شؤون الشرق الأوسط والباحث في تشاتام هاوس، «بمجرد أن يبدأ الإحساس بأن المال متاح ستبدأ كل إدارة حكومية في التطلع للتدفقات المالية».
كما ستواجه المؤسسة ضغوطاً من الطبقة المتوسطة كبيرة الحجم عالية الصوت في إيران. وقال غلام رضا بهران، مدرس في طهران: «عليّ أن أعيل أسرة من أربعة أفراد. ولست أملك الوقت للتفكير في السياسة أو المسألة النووية. ما يحتاجه الناس من أمثالي هو تحسين الاقتصاد».
وقال ماثيو كرونيج، الباحث لدى أتلانتيك كاونسيل: «إذا حصلت إيران على تخفيف كبير للعقوبات، فسيعني ذلك تدفق المزيد من المال على الخزائن الإيرانية، ودخل غير متوقع يمكن استخدامه في تعزيز نفوذها في المنطقة بدرجة أكبر». ويقلل المسؤولون في الحكومة الأمريكية من شأن هذه المخاوف. فقد قال وزير الخزانة جاك ليو، في أبريل الماضي، إن أغلب الأموال التي ستتلقاها إيران من جراء تخفيف العقوبات لن تستخدم في دعم من يعملون لحسابها في المنطقة وأنشطتهم.
وقال ليو: «إيران ستتعرض لضغوط هائلة لاستخدام الموارد التي كانت محتجزة من قبل في تحسين الاقتصاد المحلي». وقال ماثيو ليفيت، الباحث بمعهد واشنطن، إن دعم إيران لحلفائها في المنطقة لا يعتمد على توقيع الاتفاق النووي.
وأضاف: « لدى إيران الكثير من المال الآن، ما يمكنها من تمويل مشروعات السياسة الخارجية، حتى إذا لم تكن كل الأموال لديها في الميزانية».
اقرأ أيضاً:
النقد الدولي: الاقتصاد الإيراني ضعيف لكنه في مرحلة النمو
وفد إيراني إلى بكين لتسويق النفط وجذب الاستثمارات