تحف للتدفئة في سوريا تضيف روح الدعابة على أيامهم السوداء

تاريخ النشر: 28 فبراير 2013 - 01:04 GMT
وجد السوريون أنفسهم أمام معادلة جديدة مفادها أنه كلما ازدادت ساعات التقنين كلما زادت حاجتهم إلى المولدات الكهربائية
وجد السوريون أنفسهم أمام معادلة جديدة مفادها أنه كلما ازدادت ساعات التقنين كلما زادت حاجتهم إلى المولدات الكهربائية

عشرون شهراً مرّ على السوريين وهم يكابدون المعاناة المعيشية جراء أزمة استثنائية أعادتهم تبعاتها إلى عهود ماقبل الكهرباء وماقبل اختراع الغاز، وأجبرتهم على إنزال تحف من على الرفوف ومسح الغبار عنها بعد أن كان الأجداد والآباء ينعمون بها قبل 50 عاماً تقريباً، كالبابور وضوء الكاز وغيرها من المنتجات اليدوية والتقليدية، لسبب بسيط هو ندرة الغاز في السوق وانقطاع الكهرباء المتكرر لعدم توفر الوقود بسبب العقوبات.فبات الغاز ترفاً وعدم انقطاع الكهرباء رفاهية.

تجارياً، استغل التجار والمستوردون هذا الحال وبدؤوا باستقدام منتجات "ولدت من رحم الأزمة" ببساطة لأنهم وجدوا فيها سلعاً رائجة، ولاقوا عليها إقبالاً منقطع النظير، فوجدنا متجراً كان يعنى بتقديم المنتجات الكهربائية التي تصنف على أنها رفاهية قبل الأزمة كالمكيفات وأجهزة الرياضة، فجأة بدّل نشاطه وبدأ يستورد الشواحن الكهربائية من شرق آسيا وخاصة الصين، وكذلك أجهزة غاز الهلوجين، وبطاريات UPS، وأقدم تاجر آخر على استجرار أجهزة الطهي العاملة على الكهرباء لتعوض المستهلكين النقص في الغاز.

ولم تمنع معاناة السوريين وآلامهم على مدى عام ونصف، من ابتكار نهفات ونكات أضافت روح الدعابة على أيامهم السوداء، وآخر نهفاتهم كانت قرضاً أعلنوه بين بعضهم وسموه "بقرض المخطوف"، والذي يخفي وراءه ألف قصة مؤلمة لأناس اختطفوا ولم يعودوا لأهاليهم إلا بعد دفع مئات الألوف وأحياناً الملايين وإلا فالموت مصير المخطوفين..

ونقلت مصادر إعلامية عن بعض أهالي المحافظات الشمالية الشرقية السورية أن الكثيرين من الأهالي يبيعون بيوتهم الطينية في الريف أو أغنامهم أو أراضيهم التي يعتاشون منها لدفع فدية المخطوف، بعد أن تعرض الكثير من أبنائهم للخطف.انعكس الوضع الأمني في بعض المناطق الساخنة سلباً على الأهالي الذين اضطروا لمغادرة منازلهم وخاصة في مناطق ريف دمشق، وحاولوا اللجوء إلى المدارس وغيرها من الأماكن بعد أن قررت الحكومة إيجاد مراكز إيواء للمهجرين، هذه الحال دفعت بعض الشركات للتفكير بإنتاج بيوت ومكاتب متنقلة مناسبة للأزمات مسبقة الصنع بمساحات مختلفة وأحجام متنوعة حسب طلبات الزبائن والعملاء، وهذا ما لم يكن موجوداً أصلاً لدى السوريين لولا الأحداث التي تمر بها البلاد.

كما بادرت شركات أخرى إلى الإعلان عن أنها توفر لاصقاً من نوع (فاخر) للزجاج يقي من الانفجارات ويحمي الممتلكات، وهو مناسب للشقق السكنية والشركات والمؤسسات كالمصارف ومؤسسات التأمين والسفارات وغيرها، وقال مصدر في إحدى الشركات التي تؤمن هذا اللاصق: "إن سعره مناسب وهو من مصدر أوروبي يتناسب مع الأوضاع التي يمر بها السوريون..

هناك إقبال كبير على هذا المنتج".وبحسب إحدى الشركات فإن اللاصق تستخدمه الفعاليات التجارية والشركات والمؤسسات والمنازل، وهو يعيق السرقة ويحمي من الانفجارات والكوارث الطبيعية والحوادث.

يذكر أن مؤسسات محلية وشركات كالبنوك والشركات الصناعية السورية تستخدم منتج الزجاج اللاصق بعد الأحداث التي تشهدها البلاد، كما أن تجارة مثل هذه المعدات لم تكن متداولة ورائجة قبل الأزمة في سورية، لكن ومع استمرار الأزمة تبادر شركات إلى تحويل نشاطاتها وتنويعها لتشمل ما هو متداول حالياً، حيث بدأت شركات تروج لمنتجات المولدات الكهربائية كون ساعات التقنين طويلة، وشركات أخرى للشواحن الكهربائية للسبب نفسه، وغيرها لسخان الهولوجين، كما ظهر التأمين ضد الشغب من وحي الأزمة.

وجد السوريون أنفسهم أمام معادلة جديدة مفادها أنه كلما ازدادت ساعات التقنين كلما زادت حاجتهم إلى المولدات الكهربائية وإلى بطاريات الشحن لتوفير الطاقة الكهربائية، حيث أدت العقوبات الاقتصادية وقلة الغاز وصعوبة وصول الفيول إلى محطات التوليد إلى الاستمرار بتقنين الكهرباء وصلت أحياناً إلى 6 ساعات يومياً، ولذلك وجدت بعض الشركات في استيراد المولدات الكهربائية وطرحها للبيع نشاطاً جديداً يحقق الكسب ويكسر حلقات الجمود التي تعاني منها الأسواق.

وتستهلك المولّدة الواحدة يومياً 5 ليترات بنزين تقريباً، بمعدّل ثلاثة أرباع الليتر في الساعة الواحدة على اعتبار أن مدة التقنين يومياً 6 ساعات بالمتوسط، وقد بيّنت دراسة أجرتها الاقتصادي في وقت سابق من العام الجاري أن هناك 500 ألف مولّدة طرحت في السوق سعرها تقريباً 5 مليارات ليرة (سعر الواحدة 10 آلاف ليرة تقريباً وسطياً وبالحد الأدنى)، وبذلك يكون السوريون قد استهلكوا بفعل استخدام المولدات الكهربائية 2.5 مليون ليتر بنزين يومياً، و75 مليون ليتر شهرياً، وعلى اعتبار سعر ليتر البنزين 50 ليرة سورية يكون قد أنفقوا على البنزين نحو 3.750 مليار ليرة سورية شهرياً، أي أن السوريين وبسبب التقنين دفعوا نحو 8.750 مليار ليرة (ثمن المولّدات + ثمن البنزين لشهر واحد فقط).

وأوضح أحد بائعي مولّدات الكهرباء، أن مبيعاته ارتفعت كثيراً مقارنة بالفترات السابقة، وحول ارتفاع الأسعار مايقارب الـ 100 % لبعض الأنواع، أكّد أن ارتفاع الأسعار سببه المصدّر وليس التجار ولا الباعة، أي أن الباعة ليسوا هم المستفيدين الوحيدين من التقنين! كما بيّن أن عملية البيع مرتبطة بساعات تقنين الكهرباء، فمنذ شهر تقريباً وصلت المبيعات إلى أعلى مستوياتها بسبب طيلة ساعات التقنين، والتي كانت تصل في بعض المناطق إلى 15 ساعة محدداً مستوى بيع المولّدات ذات الاستعمال المنزلي من 700 – 2000 شمعة ما يقارب العشرين مولداً كهربائياً شهرياً، بينما في الأيام التي سبقت بدء التقنين لم يكن يباع أكثر من مولد أو اثنين على الأكثر، موضّحاً أن الزبائن موزعون على جميع الشرائح (المنزلي والتجاري والصناعي)، لكن الأكثر إقبالاً هو المنزلي لذلك فإن أغلب المولّدات المباعة هي ذات الاستطاعة العادية.

وأوضح أحد الخبراء أن تكاليف ومصروف المولّدات غير متناسب مع دخل المواطنين السوريين، فالمولّدة ذات الاستطاعة المتوسطة تحتاج إلى ليتر بنزين كل ساعتي تشغيل، أي 50 ليرة في ساعتين، وبالتالي فإن المنزل العادي يحتاج إلى 300 ليرة يومياً على أقل تقدير أي 9000 ليرة سورية شهرياً، وهذا لا يتناسب حتى مع الأسر الميسورة.

وأوضح أحد التجار الذي اضطر إلى تركيب مولدة في محله أن مصروف المولدة عالٍ جداً قياساً بمصروف الكهرباء من الطاقة، فكل ساعة كهرباء من المولدة تحتاج إلى لتر وقود أي ما يقارب الـ 25 ليرة، بينما كل كيلو واط ساعي من الكهرباء التجاري يكلّف 8 ليرات، وبالتالي فإن أهم سبب دفعني لرفع أسعاري هو لتغطية نفقات المولدة.

وأضاف التاجر: "اضطررت إلى الاستغناء عن عاملين بالمحل لأن مصروف المولّدة يساوي راتبهما، وبالتالي استغنيت عن العمال لأنه من غير الممكن في هذه الظروف الاستغناء عن المولدة".

أمام انقطاع الكهرباء المتواصل، وقلة الغاز اندفع السوريون للبحث عن بدائل للإنارة ليلاً، فكان الحل بضوء الكاز الذي يعمل على مادة الكاز والتي نسيها السوريون وسرعان ماعادوا إليها، فقامت وزارة النفط بإعطاء تعليمات لإمداد الكازيات الحكومية والخاصة بمادة الكاز ليصار إلى بيعها للمواطنين وبسعر 40 ليرة لليتر.

وقد لوحظ إقبال على شراء هذه المادة والتي تستخدم إما للإنارة وإما للطبخ كاستخدامها لبابور الكاز الذي بات يستخدمه العديد من المواطنين، بالإضافة إلى أنه يتم طلب مادة الكاز من قبل أصحاب المصانع والمعامل التي تستخدم في عملية تنظيف الآلات والمكنات لحفظها من الصدأ.

أحد المواطنين قال: "وضعتنا أزمة نقص الغاز المنزلي أمام حلين أحلاهما مُر، إما أن نعود إلى مواقد الحطب وهذا غير ممكن في الشقق السكنية وإما نستخدم بوابير الكاز، والآن اشتريت عبوة بسعة 10 ليترات من مادة الكاز وكما تلاحظ فإنه لا يوجد ازدحام في هذه المحطة، ولكنني استخدمت عدة سرافيس للوصول إلى محطة نهر عيشة بسبب عدم توافرها في الأماكن القريبة من سكني".

وأضاف: قديماً كان زيت الكاز متوافراً ليس في محطات الوقود فحسب وإنما كنا نحصل عليه من محلات السمانة، لأن الجميع في ذلك الوقت كان يستخدم بابور الكاز, أما عن السعر فأكد محمود بأنه قد حصل على هذه المادة وبسعرها الرسمي المحدد.

مواطن آخر قال: "في السنوات الماضية لم تكن مادة الكاز مطلوبة من قبل زبائننا، ولكنه ومع بداية الشتاء الماضي لاحظنا إقبال عدد لا بأس به من المواطنين على طلب هذه المادة كاحتياطي عند نفاد إسطوانة الغاز واستخدامه لإنارة الفوانيس، وخاصة بعد أزمة انقطاع التيار الكهربائي وبعد انخفاض ساعات التقنين انخفض الطلب على الكاز بنسبة 90 %، إلا أنه في الآونة الأخيرة وفي ظل أزمة نقص مادة الغاز المنزلي عاد الطلب على الكاز من جديد، وذلك لاستخدامه من قبل المواطنين لطهو طعامهم".

وأكدت مصادر رسمية أن مادة زيت الكاز زود بها نحو 87 محطة منتشرة في معظم المحافظات وبسعر 40 ليرة لليتر، منها خمس محطات في مدينة دمشق وهي محطة دمر ومحطة غرب الميدان (نهر عيشة) ومحطة مقدسي وسكر الخاصة بمنطقة القدم – ومركز شموط الخاصة بالتضامن ومحطة القنيطرة فرع دمشق الحكومية، حيث تباع هذه المادة بسعر 40 ليرة لليتر، وأشارت المصادر إلى أنه لا يوجد إقبال من المواطنين على شراء هذه المادة، إذ تقدر كمية المبيع في كل محطة بين 100 – 200 ليتر يومياً.

سوق سوداء للبابور وأدى الإقبال الزائد على البوابير إلى رفع أسعارها بعد انقراضها ومضي ربع قرن على استغناء السوريين عنها، وقد أدى ذلك إلى خلق سوق سوداء لهذه المنتجات، حيث بلغ سعر البابور الواحد إلى 3 آلاف ليرة سورية بعد أن كان سعره نحو 500 ليرة سورية، كما أن البابور يستهلك يومياً من ليتر ونصف إلى ليترين من الكاز، أي 80 ليرة يومياً منها ليتر واحد لوجبة الطعام فقط .

وأدى نقص مادة الغاز وارتفاع سعر الأسطوانة إلى 1500 ليرة بعدما كان بداية الأزمة 450 ليرة إلى اعتماد بعض السوريين على منتج جديد لم يألفوه من قبل، وهو سخان الهالوجين الذي بدأت إعلاناته تغزو المجلات والصحف الإعلانية بسعر يتراوح بين الألف و4000 ليرة سورية، وهو يعمل على الكهرباء ويماثل الغاز العادي بالنشاط بل ويمتاز عليه بأنه أسرع في الطهي وهو يوفر الكهرباء وصديق للبيئة.

ونشطت تجارة سخان الهالوجين، وهو عبارة عن سخان كهربائي يعتمد على غاز الهالوجين الذي يصدر أشعة تحت الحمراء وذلك للوصول إلى درجة حرارة عالية جداً وبسرعة عالية.

وعن هذا السخان أوضح أحد التجار للاقتصادي، أن مصدره محلي ومن الصين وتركيا، ويتميز باستهلاكه الكبير للطاقة الكهربائية مقارنة بالسخان السلكي العادي، والتي تقدر كميات استهلاكه 1200 واط ساعي، مقابل 700 واط للسخان العادي.

وعن أسعاره أوضح أحد التجار أن سعر الواحدة من هذه السخانات كانت قبل الأزمة بحدود الـ900 ليرة سورية، في حين وصل سعرها الآن إلى 2000 و3000 ليرة تقريباً.

كما أوضح التاجر، أن مبيعات هذه السخانات نشطت بشكل كبير مؤخراً فهو يبيع يومياً منها ما يقارب الـ 20 سخاناً، في حين كان الطلب عليها قبل الأزمة لا يتجاوز السخان الواحد شهرياً كحد أقصى.

وتنوعت الأساليب البديلة عن الغاز والمازوت، وشملت أساليب أخرى كمدافئ الحطب التي قال مستخدموها إنها تعطي حلاً لعدة مشكلات في آن واحد كونها تعطي الدفء والإنارة في الوقت نفسه، إلى جانب توافر الحطب بكميات كبيرة، ما يجعلها من وجهة نظر المستخدمين إحدى أفضل الحلول المتاحة وإن كانت غير صحية، وهي أسلوب جيد في الوقت الراهن فيما إذا قارنا منافعها بأضرارها.

وقال أحد المواطنين: "مدافئ الحطب لم تكن حكراً على الأرياف فقط، وإنما كان لها تواجدها في المدن كون تمديداتها لا تختلف عن تمديدات مدافئ المازوت العادية ما يجعل استخدامها في المدن أمراً متاحاً وبسهولة"، لافتاً إلى أن الكثير من الناس كانت تخزّن مدافئ حطب أثرية قامت بإخراجها واستخدامها في الظروف الراهنة.

السوريون وأسواق الدوغما أدى ارتفاع الأسعار بشكل عام وارتفاع سعر المنتجات الغذائية بشكل خاص إلى تغيير عادات المستهلكين السوريين، والبحث عن الأرخص أمام ارتفاع الأسعار الفاحش وعجز مؤسسات التدخل الحكومية عن كبح جماح الأسعار واستمرار ارتفاع الدولار أمام الليرة، فتوجه كثير من المستهلكين وخاصة ذوي الدخل المحدود باعتبارهم الشريحة الأوسع في المجتمع السوري إلى تغيير عاداتهم الاستهلاكية نتيجة الارتفاعات المتتالية التي تطال مختلف السلع والمواد الأساسية في الأسواق المحلية.

حيث بات أغلبهم يتبعون أسلوب الشراء الذي يسمى "دوغما" أي شراء السلع غير المعبأة نظراً لأنها الأرخص ثمناً والأوفر، وهو الأسلوب القائم على الطلب بشكل منخفض للمادة من حيث الكمية بمعنى آخر "بيع المادة وفق ما يرغم به المستهلك سواء من حيث الكمية أو السعر وشرائها على شكل حر وليس مغلف».

وتوجه معظم المستهلكين إلى الأسواق الشعبية التي تقوم بإتباع هذا الأسلوب في بيع المواد الأساسية سواء الرز أو السمون أو الزيوت وحتى المنظفات.

حيث يقوم الباعة في تلك الأسواق على عرض منتجاتهم وتلبية حاجة الزبون وفق قدرته المادية، وبالطبع هذا الأسلوب كان متبعاً ضمن السنوات الماضية ولكن ضمن حدود لا تعتبر واسعة كثيراً كحالها اليوم.

فمع ارتفاع أسعار السلع وضعف القدرة الشرائية للمواطن السوري وارتفاع نسبة البطالة بين المواطنين، أصبحت ظاهرة "الدوغما" أكثر انتشاراً بين مختلف فئات المستهلكين بدءاً من الموظف في الدولة ونهاية بالعاطل عن العمل.

ولا يخفى على أحد أن أسعار مبيع المواد "الحرة أو الفرط" وغير المعبأة والمجلتنة تعتبر أرخص بكثير عن باقي السلع المعبئة والموضبة من قبل الشركات.

والفارق في السعر لا يعتبر قليلاً بل يصل في كثير من الأحيان إلى مبالغ جيدة، ربما يشكل مجموعها في نهاية الشهر دخلاً إضافياً للأسرة.

وبالطبع السلع الحرة أو "الفرط" لا تعتبر ذات جودة مرتفعة أو كما يقال نخب أول، ولكن في ظل العوامل السابقة فإن المواطن السوري أخذ بالبحث عن أي سلعة تلبي حاجته بغض النظر عن مدى جودتها من عدمه، وذلك لكي يبقى راتبه الشهري أو دخله اليومي صامداً للحاجيات الأخرى لأسرته.

وكانت هذه العادة دارجة في الأسواق السورية، أواخر الثمانينات وفي مرحلة التسعينيات من القرن الماضي بسبب ارتفاع الأسعار وارتفاع الفرق بين المنتجات المعبأة وغير المعبأة.

تركت الأزمة آثاراً لافتة على قطاع التأمين في سورية، حيث ارتفعت أسهم قطاعات لم تكن عليها طلبات قبل الأحداث الحالية وخاصة التأمين على الشغب مقابل هبوط أسهم قطاعات أخرى بارزة كالتأمين الصحي والسيارات وغيرها.

وبات أصحاب المصانع والشركات مهتمين أكثر من أي وقت مضى بالتأمين على ممتلكاتهم ضد الشغب، واللجوء إلى شركات توفر هذه الخدمة على نطاق ضيق بسبب معاناة شركات التأمين من العقوبات، وامتناع شركات إعادة التأمين من التعامل مع الشركات المحلية كونها تطبق العقوبات على سورية، وقال مدير دائرة السيارات في الشركة الوطنية للتأمين هيثم زكريا في تصريح خاص للاقتصادي: "بالنسبة لمخاطر الشغب فإن الشركة تتعامل معها وفق عقد تأميني، فإذا كان المؤمن مغطياً لهذا الجانب في عقده فإن الشركة تسدّد جميع التزاماتها اتجاهه".

وعن فروع وأنواع التأمين ومدى تأثرها أوضح زكريا في تصريحه، أنه نتيجة الظروف الحالية فقد تعرضت بعض أنواع التأمين إلى انخفاض في مؤشراتها بنسب قليلة، في حين ارتفعت مؤشرات أخرى لأنواع تأمينية أخرى مثل تأمين الشغب والاضطرابات.

ولفت إلى أنّ الأحداث لم تؤثر على أداء الشركة أو الخدمات التأمينية التي تقدمها، حيث مازالت الشركة تتعامل بشكل مهني وفني لدى وقوع أي حادث أو الإعلام عنه، حيث يكون التواجد ميدانياً.

في السياق نفسه، أدى تعرض بعض القوافل التجارية والشحنات بين المحافظات السورية على الطرقات الدولية للسلب والاعتداءات إلى تعالي صيحات التجار مطالبين الحكومة بالعمل بمبدأ "القوافل التجارية"، والعمل على حماية هذه القوافل عل الطرقات من الاعتداءات لتأمين وصول البضائع إلى الأسواق في مختلف المدن السورية، وكانت غرفة صناعة حلب سباقة بهذا الطرح، حيث اقترحت على وزير الصناعة ومحافظ حلب تنظيم ما يسمى بقوافل حلب التجارية بحماية الحكومة، وذهب فريق آخر من الصناعيين للمطالبة بالسماح لرجال الأعمال بحماية أنفسهم شخصياً.

كما تعالت صيحات الصناعيين وأصحاب المعامل بريف دمشق للحكومة للعمل على حماية هذه المنشآت والوقف على أمنها، ضماناً لاستمرارها وضماناً لآلاف فرص العمل التي تشغلها معامل ريف دمشق في مختلف المجالات وخاصة الغذائية.

 

الاشتراك

اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن