من أول وهلة، تبدو قرارات "جنرال موتورز" هذا الشهر بسحب الإعلانات المدفوعة من فيسبوك والإبقاء على الإعلانات التلفزيونية على نهائي كرة القدم الأمريكية، "سوبر بول"، متناقضة. من جانب كانت "جنرال موتورز" غير قادرة على إنفاق 900 مليون على الشبكة الاجتماعية القوية، حيث وجد توافق آراء بسيط على العودة إلى استثمار الإعلانات.
ومن جانب آخر، كانت "جنرال موتورز" تنسحب مما يراه عديد من المديرين التنفيذين في الوسائل الإعلامية أكثر حدث دعائي تمت تجربته واختباره في هذا العام، ويشاهده 11 مليون مشاهد.
يذكر أن موازنة شركة صناعة السيارات التي تبلغ 4,47 مليار دولار لم تتغير عن موازنة 2011، إلا أن تحركاتها تؤكد الصعوبات التي تواجهها الشركات في التحول من الدعاية التقليدية إلى برامج الدعاية على وسائل الإعلام الاجتماعية وأجهزة الهواتف النقالة. يقول المحللون إن العاملين في مجال الدعاية ما زالوا يسيطرون على استخدام هذه البرامج التفاعلية ويعارضون الالتزام تجاه فيسبوك وتويتر بينما لا يوجد مقياس فعلي للنجاح. وتقول دايانا ميدلتون، المدير التنفيذي لـ "برفورميكس" – شركة التسويق الرقمي – "إن هذا الموقف مشابه للموقف عندما ظهر التلفزيون في المشهد بدأت الشركات تتساءل: هل سيعمل ذلك؟ وكيف نخطط له؟" وبالنسبة للشركات من "فوكس" إلى "فيسبوك"، تحمل هذه التغييرات مخاطر كبيرة.
ووفقا لتقديرات شركة كانتار ميديا، لا يوجد قطاع آخر ينفق على التسويق أكثر من قطاع صناعة السيارات، التي ساهمت بنسبة 17 في المائة من الإنفاق على الدعاية في الولايات المتحدة العام الماضي. وبينما تقوم الشبكات التلفزيونية بالحفاظ على الموازنات التي تقدمها شركات صناعة السيارات للإعلانات، خصصت شركات صناعة السيارات 39,6 في المائة هذا العام للتلفزيون مقارنة بـ 41,4 في المائة في عام 2011، و42,3 في المائة في عام 2010.
وتحاول وسائل الإعلام الاجتماعية ووسائل الإعلان على الهواتف النقالة إثبات أنها أكثر فاعلية عن الوسائل الأخرى. ووفقا لتقديرات مسوق على الإنترنت فالاتجهات تسير في صالحهم. ومن الجدير بالذكر أن الأرباح العالمية لـ "فيسبوك" حتى الآن، التي جعلتها أكبر متلقي موازنات في وسائل الإعلام الاجتماعي حيث ستصل أرباحها إلى 5,06 مليار دولار هذا العام، حيث ارتفعت من 3,15 مليار دولار في عام 2011. كما أنه من المتوقع أن يرتفع الإنفاق على الدعاية عبر الهاتف النقال من 1,45 مليار دولار في عام 2011 إلى أكثر من 10 مليارات دولار بحلول عام 2016. ووفقا لـ "بوريل أسوشيتس"، شركة البحث، ستقوم شركات صناعة السيارات بإنفاق 11,6 مليار دولار من إجمالي 30,9 مليار دولار موازنة الدعاية على الإنترنت في عام 2012 بنسبة ارتفاع تقدر بـ 39 في المائة منذ 2011.
وهذا مقارنة بالارتفاع يقدر بـ 16 في المائة في الإنفاق على الدعاية على الإنترنت وفقا لتقديرات "زينيث أوبتيميديا" التي ترى أن شركات صناعة السيارات تتعاقد مع شركات دعاية أخرى. ووفقا لتقديرات "بوريل"، يرتفع إنفاق شركات صناعة السيارات على البث بنسبة 8,9 في المائة أي 6,6 مليار دولار هذا العام ويعزى هذا الارتفاع إلى دورة الألعاب الأولمبية، التي تراعاها "جنرال موتورز" و"سوبر بول". وتتقارب زيادة إنفاق شركات صناعة السيارات على الدعاية الرقمية والدعاية على الهواتف النقالة، مع التحول في الطريقة التي يشتري بها العملاء السيارات وإمكانية إتمام الصفقات مع بيانات مفصلة موجودة على الإنترنت، والقدرة على مقارنة المتاجر على هواتفهم الذكية.
وتقول ميدلتون إن هذا يجعل من الدعاية على الإنترنت القائمة على الموقع "فرصة حقيقية" للقيام بالصفقات والحصول على العملاء. ومن الجدير بالذكر أن الوصول إلى الجمهور الصحيح يعد أمرا مهما، حيث أنه يوجد عدد قليل من الناس يسعون لشراء السيارات عبر الإنترنت، حيث أصبحت مبيعات السيارات تقدر بـ 12,8 مليون دولار في عام 2011 مقارنة بما كانت عليه قبل الركود، حيث كانت مبيعات السيارات تتخطى 16 مليون دولار؛ كما أن مالكي السيارات يحتفظون بها لمدة أطول ويلجأون إلى الدفع على مدد زمنية أطول. ويقول المحللون إن ارتفاع معدلات البطالة وارتفاع أسعار الوقود وتراجع رغبة الشباب الأمريكان في امتلاك السيارات كان لها تأثير بالغ. ويقول نائب الرئيس التنفيذي في شركة بوريل، كيب كاسينو، إن التجار وشركات صناعة السيارات تستهدف المشترين المحتملين بشكل أكبر، حيث صرح قائلا "إذا كنت تحاول الوصول إلى شخص واحد بدلا من الوصول إلى عدد كبير من الناس سيكون تركيز إعلاناتك مختلف بشكل ما".
إن نسبة احتمالات من يتابعون هذه الدعاية مع الشراء ارتفعت من نحو 55 في المائة قبل الركود إلى 70 في المائة في عام 2011، ومن المتوقع أن تصل إلى نسبة 83 في المائة هذا العام. وتقول السيدة ميدلتون في هذا الصدد: "لتكون ناجحا في وسائل الإعلام الاجتماعية خاصة مع العملاء من الشباب، فعلى شركات صناعة السيارات والتجار تحديد تدابير جديدة للتواصل". وقالت متسائلة: "ماذا بعد أن يقوم أحدهم بنقر زر أعجبني بصفحتنا، ما الذي ينبغي علينا القيام به؟".
وبعد أن انقلبت "جنرال موتورز" ضد إعلانات الفيسبوك، استغلت "فورد" الفرصة ضد منافستها وقامت بلصق تغريدة على موقع تويتر نصها: الأمر برمته يتعلق بالتنفيذ، فإعلاناتنا على الفيسبوك فعالة حيث تعبر عن محتوى وابتكار بشكل استراتيجي". ووفقا لشيريل كونيلي، مدير الاتجاهات العالمية في شركة فورد، تدرس الشركة التواصل وعادات العملاء من سن 18 إلى 33 عاما "جيل الألفية"، فجيل الألفية يصعب فهمه إلى حد كبير كما أنهم قد يعتمدون فقط على كلمة تنطق باللسان في التسويق.