توقع البنك الدولي أن يتحسن النمو في الدول النامية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، تدريجيا، لكنه سيبقى ضعيفا خلال فترة التنبؤات في أعقاب انكماشه بنسبة 0.1 في المائة في عام 2013، جاء ذلك في تقرير البنك الذي صدر اليوم بعنوان "الآفاق الاقتصادية العالمية".
وذكر التقرير أنه، بدت علامات على تحسن الإنتاج في البلدان النامية المصدرة للنفط في المنطقة في أعقاب تعطيل الإنتاج في وقت سباق، ولاسيما في العراق. ورغم ذلك، فإن الإنتاج الكلي ما زال دون متوسطه في عام 2013.
وفي البلدان المستوردة للنفط، أشار التقرير إلى أنه قد بدأ النشاط الاقتصادي يتماسك. وتنتعش الصادرات في عدة بلدان مطلة على البحر المتوسط، وذلك بفضل التعافي في منطقة اليورو.
ومع أن النشاط انتعش من مستويات متدنية في مصر، فإن الآثار غير المباشرة في لبنان الناشئة عن الصراع في سورية لا تزال تشكل عائقا يضعف النشاط والصادرات والمعنويات.
وتابع التقرير: "يلف آفاق المستقبل للمنطقة الغموض وعدم اليقين، وهي عرضة لمجموعة متنوعة من المخاطر المحلية التي ترتبط بعدم الاستقرار السياسي وغموض السياسات.. ومن المتوقع أن ينتعش النمو في البلدان النامية في المنطقة بشكل تدريجي إلى 1.9 في المائة في 2014 و3.6 و3.5 في المائة في 2015 و2016 على التوالي، وذلك بفضل تعافي إنتاج النفط في البلدان المصدرة للنفط وانتعاش هزيل في البلدان المستوردة للنفط.
وذكر التقرير أنه في جنوب آسيا، تراجع نمو إجمالي الناتج المحلي إلى ما يُقدَّر بنحو 4.7 في المائة بأسعار السوق في عام 2013 "ما يقل 2.6 نقطة مئوية عن متوسط النمو في الفترة 2003-2012". ويرجع هذا الانخفاض في معظمه إلى ضعف نشاط الصناعات التحويلية، وتباطؤ حاد في نمو الاستثمارات في الهند.
وتشير التقديرات إلى أن النمو في باكستان سيبقى مستقرا بشكل عام، على الرغم من تقييد إنفاق المالية العامة، لكنه سيظل دون المتوسط الإقليمي بصورة ملموسة، وهو ما يعزى جزئيا إلى الاختناقات في إمدادات المعروض من الطاقة، والشكوك المتصلة بأوضاع الأمن.
ومن المتوقع أن يساعد تماسك النمو العالمي وتعاف متواضع للنشاط الصناعي على صعود النمو في منطقة جنوب آسيا إلى 5.3 في المائة في عام 2014، ليزداد إلى 5.9 في المائة في 2015 و6.3 في المائة في 2016. وسيكون معظم التحسن ذا طبيعة محلية في الهند بفضل انتعاش تدريجي للاستثمارات المحلية وزيادة الطلب العالمي.
وتفترض التنبؤات أن بلدان المنطقة ستقوم بإصلاحات لتخفيف المعوقات في جانب العرض "ولاسيما في مجالات الطاقة والبنية التحتية" ولتحسين إنتاجية الأيدي العاملة، مع الاستمرار في ضبط أوضاع المالية العامة، والحفاظ على وضع ذي مصداقية فيما يتعلق بالسياسة النقدية. وتشير التوقعات إلى أن النمو في الهند سيبلغ 5.5 في المائة في السنة المالية 2014-2015 ليزداد إلى 6.3 في المائة في 2015-2016 و6.6 في المائة في 2016-2017.
وقال البنك الدولي إن البلدان النامية تتجه نحو عام من النمو المُخيِّب للآمال، إذ أدى الضعف الذي ساد في الربع الأول لعام 2014 إلى إبطاء الانتعاش المتوقع للنشاط الاقتصادي.
وأشار التقرير إلى أن سوء أحوال الطقس في الولايات المتحدة، والأزمة في أوكرانيا، وإعادة التوازن في الصين، والصراع السياسي في عدة بلدان متوسطة الدخل، وبطء التقدم على طريق الإصلاح الهيكلي، ومواطن الضعف والقيود التي تكتنف القدرات، كلها عوامل تسهم في ثالث عام على التوالي من النمو الذي يقل معدله عن 5 في المائة للبلدان النامية ككل.
وتعليقا على ذلك، قال رئيس مجموعة البنك الدولي جيم يونج كيم "لا تزال معدلات النمو في بلدان العالم النامية أضعف كثيرا من أن تخلق أنواع الوظائف المطلوبة لتحسين الظروف المعيشية لأفقر 40 في المائة من السكان.
وأضاف التقرير أنه من الواضح أن هذه البلدان بحاجة إلى التحرك بخطى أسرع والاستثمار بدرجة أكبر في الإصلاحات الهيكلية الداخلية بغرض تحقيق نمو اقتصادي عريض القاعدة إلى المستويات المطلوبة لإنهاء الفقر المدقع خلال جيلنا".
وخفض البنك تنبؤاته للبلدان النامية، متوقعا نموا نسبته 4.8 في المائة هذا العام، نزولا من تقديره في كانون الثاني ( يناير) البالغ 5.3 في المائة.
ولفت إلى أن الدلائل تشير إلى تحسن النمو في عامي 2015 و2016 إلى 5.4 و5.5 في المائة على التوالي. ومن المتوقع أن تُسجِّل الصين نموا نسبته 7.6 في المائة هذا العام، ولكن هذا يتوقف على نجاح جهودها لإعادة التوازن. وإذا حدث تباطؤ حاد، فإن الانعكاسات والآثار في أنحاء آسيا ستكون ملموسة على نطاق واسع.
وعلى الرغم من ضعف النمو في الربع الأول للعام في الولايات المتحدة، فإن البنك يرى أن التعافي في البلدان مرتفعة الدخل يكتسب زخما متزايدا. ومن المتوقع أن تُسجِّل هذه الاقتصادات نموا نسبته 1.9 في المائة في عام 2014، لتتسارع وتيرته إلى 2.4 في المائة في 2015 و2.5 في المائة في 2016.
وذكر التقرير أن منطقة اليورو تمضي كما هو مخطط لتحقيق معدل نمو نسبته 1.1 في المائة هذا العام، أمَّا الاقتصاد الأمريكي الذي انكمش في الربع الأول بسبب سوء أحوال الطقس، فمن المتوقع أن ينمو بنسبة 2.1 في المائة هذا العام "نزولا من التقدير السابق البالغ 2.8 في المائة".
ومن المتوقع أن ينتعش الاقتصاد العالمي على مدار العام، وتشير التنبؤات إلى أنه سينمو بنسبة 2.8 في المائة هذا العام، ثم إلى 3.4 في المائة و3.5 في المائة في 2015 و2016 على التوالي. وستسهم البلدان مرتفعة الدخل بنصف النمو العالمي في عامي 2015 و2016، مقارنة بأقل من 40 في المائة في 2013.
وبحسب البنك الدولي، سيكون تسارع خطى النمو في البلدان مرتفعة الدخل حافزا مهما للنمو في البلدان النامية. ومن المتوقع أن تضخ البلدان مرتفعة الدخل 6.3 تريليون دولار إضافية في الطلب العالمي خلال الأعوام الثلاثة المقبلة، أي نحو مثلي الزيادة البالغة 3.9 تريليون دولار التي أسهمت بها في الأعوام الثلاثة الماضية، وأكثر من المساهمة المتوقعة من البلدان النامية.
وأصبحت المخاطر المالية قصيرة الأجل أقل إلحاحا، وهو ما يُعزَى جزئيا إلى أن مخاطر تراجع النمو في وقت سابق تحققت دون أن تُسبِّب اضطرابات كبيرة، ولأن التعديلات الاقتصادية خلال العام المنصرم قلصت مواطن الضعف.