التين الشوكي التونسي يغـزو الأسواق الأوروبـية

تاريخ النشر: 19 أغسطس 2004 - 02:00 GMT
البوابة
البوابة

تعد تونس الخضراء من أكثر البلدان العربية إنتاجا لمختلف أنواع الحبوب والخضروات والغلال التي تغزو الأسواق والشوارع لاسيما الغلال الصيفية كالبطيخ والشمام والخوخ والتفاح والعنب واللوز الأخضر· وإضافة إلى تلك الغلال المعروفة في مختلف أنحاء العالم تقريبا فان الأراضي الزراعية التونسية تزخر أيضا بنباتات أخرى مثيرة للانتباه ومثمرة كالتين الشوكي، الذي فرض نفسه بلا منازع على المائدة الغذائية للأسرة التونسية حتى انه أصبح يلقب بـ''سلطان الغلال الصيفية'' فبعد أن كان التين الشوكي ولعقود طويلة مصنفا على انه ''غلة الفقراء'' نظرا لنباته وتكاثره في البساتين والغابات دون تكاليف أو عناء وفي متناول الجميع أصبح الإقبال على التين الشوكي كبيرا في الاسواق حيث لا تخلو منه مأدبة غذائية صيفية لأسرة تونسية بغض النظر عن المركز الوظيفي والمستوى الثقافي أو الاجتماعي على الرغم من ارتفاع سعره إلى أكثر من دولار اميركي للكيلوجرام الواحد· وبدأ التين الشوكي التونسي لاسيما النوع الأملس منه الذي تم تطويره في السنوات الأخيرة يلعب دورا تصديريا متناميا حيث أصبح ينافس الإيطالي من جزيرة صقلية ويغزو الأسواق الأوروبية بعد أن اكتشف الأوروبيون فجأة فوائده الطبية والصحية العديدة. 

 

وقد أثبتت بعض الدراسات التحليلية الطبية التي نشرت مؤخرا انه يحتوي على عديد من المواد والفيتامينات التي تساعد على تقوية المناعة المكتسبة للجسم للحد من خطر الإصابة بسرطان المصران الغليظ و''البروستاتا'' خاصة لدى الرجال إضافة إلى المساعدة على الهضم. وأكد المازري جقيريم، المهندس الزراعي بديوان الماشية وتوفير المراعى بمنطقة المنستير بالساحل الشرقي التونسي أن النوع الأملس الجديد من التين الشوكي التونسي قد تم تطويره وغرسه في إطار مشروع تونسي اميركي لتنمية المناطق الرعوية القاحلة بدأ منذ السبعينيات لا سيما بالوسط والجنوب التونسي عن طريق تكثيف الغراسات على آلاف الهكتارات من هذه النبتة. وأضاف جقيريم لوكالة الأنباء الكويتية ''كونا'' أن الحكومة التونسية قدمت مساعدات كبيرة للمزارعين لغراسة التين الشوكي الأملس بهدف تكثيف المدخرات العلفية على أغصانها للماشية لاسيما للإبل والمعز والخرفان لاستغلالها خلال سنوات الجفاف مشيرا إلى أن نتائج هذا المشروع كانت ايجابية للغاية.  

 

وأكد جقيريم ، وكما ذكرت صحيفة الإتحاد الإماراتية التي أوردت الخبر، أن ثمرة النوع الجديد من نبتة التين الشوكي الأملس الأقصر قامة من التين الشوكي التقليدي أصبحت متوفرة بكميات كبيرة يتم تصديرها إلى الأسواق الأوروبية نظرا لما تحتوى عليه من سكريات بنسبة 19 في المئة والعديد من الأملاح المعدنية والسوائل والفيتامينات الأخرى المنشطة والمغذية لجسم الإنسان ومناعته المكتسبة طبقا لنتائج التحليلات الطبية.وأفادت مصادر تجارية تونسية بان منتجى النوع الأملس من التين الشوكي في منطقة ''القصرين'' بالجنوب التونسي قد وقعوا مؤخرا عقدا تجاريا يقضي بتصدير 10 آلاف طن كدفعة أولى من هذا المنتوج إلى بلدان الاتحاد الأوروبي مما يفتح آفاقا جديدة وواعدة لهذا القطاع في هذه المنطقة· ويتم حاليا تصنيع التين الشوكي التونسي أيضا وتصديره إلى الأسواق الخارجية كمنتوج غذائي معلب في شكل معجون وعصير لعلاج الالتهابات في المعدة والأمعاء· والى جانب التين الشوكي التقليدي المتوفر في الغابات والبساتين والنوع الأملس المستزرع حديثا يوجد في تونس أيضا نوع ثالث من التين الشوكى يطلق عليه ''التين الشوكى المخسى'' الذي يقوم المزارعون بقطف زهرة الثمرة فور تفتحها في ورقة النبتة الشوكية خلال شهر يونيو لكي تتأخر عملية نضجها إلى أكتوبر لتصبح الثمرة اكبر حجما وليطلق عليها أيضا ''التين الشوكى الخريفى'' نسبة إلى فصل الخريف· 

 

وتشير بعض المراجع النادرة المتوفرة عن تاريخ دخول نبتة التين الشوكى إلى شمال أفريقيا والتي يطلق عليها أيضا ''الهندى'' باللهجة العامية التونسية إلى أن هذه النبتة الصحراوية بالأساس قد تم جلبها من القارة الاميركية إلى الأندلس عن طريق الأسبان الذين نقلوها بدورهم إلى منطقة وهران شرقي الجزائر في حدود القرن الـ17 قبل انتشارها في البلدان المجاورة لاسيما تونس البلد الزراعي· وقد أطلق العرب في شمال أفريقيا في البداية على التين الشوكي ''التين المسيحي'' نسبة إلى الأسبان الذين جلبوه إلى المنطقة فيما لا يزال التونسيون يطلقون على نوع احمر اللون من التين الشوكي المتواجد في بعض المناطق الساحلية ''التين الشوكى السوري'' علما بان كلمة ''سوري'' تعنى في اللهجة العامية التونسية ''الافرنجي'' لوصف كل ما هو غريب وأجنبي. 

 

يذكر أن نبتة التين الشوكي في تونس كانت تستخدم في البداية علفا للإبل والمواشي الأخرى في المناطق الصحراوية القاحلة بعد شويها أو طهيها لإزالة الشوك من الورق نظرا لأنها تحتوى على كميات كبيرة من السوائل التى تحتاجها الإبل لمقاومة الجفاف والنقص في المياه· وتتم غراسة التين الشوكي بورقه كحاجز لمقاومة التصحر ووقف زحف الرمال وحماية شجرة الزيتون من الجفاف وترسيم الحدود والفصل بين ممتلكات الأشخاص من بساتين وأراض والحماية ضد الدخلاء من البشر أو المواشي ومنعها من الرعي وإلحاق الضرر بالأشجار والنباتات· وبذلك بدأ التين الشوكى بتونس يغزو الأذواق والموائد الأوروبية ويحظى بمزيد الاهتمام من قبل الباحثين في المجال الطبي والصيدلة لتعدد فوائده وتنوعها اقتصاديا وغذائيا وطبيا وبيئيا أيضا. ( البوابة)