ماهو الخطأ الفعلي الأول الذي يقترفه معظم مؤسسي الشركات الجديدة؟

تاريخ النشر: 09 مارس 2016 - 09:31 GMT
الفريق التأسيسي ينجح في تقسيم أسهم شركته حين يتساوى جميع المؤسسين المشاركين في شعورهم بعدم الرضا
الفريق التأسيسي ينجح في تقسيم أسهم شركته حين يتساوى جميع المؤسسين المشاركين في شعورهم بعدم الرضا

وام واسرمان وتوماس هيلمان – هارفارد بزنس ريفيو:

يواجه مؤسسو الشركات الجديدة مجموعة كبيرة من القرارات في المراحل التأسيسية لشركاتهم، ومنها: قرارات متعلقة بالسوق وبالمنتَج، وقرارات التمويل، وغيرها الكثير. ويميل هؤلاء إلى تقديم هذه الخيارات على قرارات حول كيفية هيكلة فريقهم التأسيسي الخاص. وهذا أمر مفهوم، ولكن خطِر. فبحثنا الذي سيُنشر في دورية “مانيجمنت ساينس”، يحدِّد واحدًا من تلك المزالق المهمة، ألا وهو: تقاسم مؤسسي الشركات أسهم شركاتهم عند تأسيسها.

منذ عام 2008، قمنا بدراسة تقسيمات الأسهم التي اعتمدها أكثر من 3,700 مؤسس للشركات في أكثر من 1,300 شركة جديدة في الولايات المتحدة الأمريكية وكندا.

تُعتبَر هذه الدراسات إضافة إلى عمل “نوام” في السنوات الخمس عشرة الماضية، والذي بيَّن أنه حتى الأفكار الفضلى قد تُخطىء عندما يهمل الفريق التأسيسي للشركة التفكير المتأني بالقرارات الأولى المتعلقة بالفريق من حيث: العلاقات بين أعضاء الفريق، وأدوارهم، والمكافآت التي ستجعل المؤسسين فريقًا رابحًا.

يُقال إن الفريق التأسيسي ينجح في تقسيم أسهم شركته حين يتساوى جميع المؤسسين المشاركين في شعورهم بعدم الرضا.

ولسوء الحظ، يميل شعور المؤسس المشارك بعدم الرضا إلى التفاقم حين يتم التنبه له في وقت متأخر، إذ تفيد الدراسات أن نسبة مؤسسي الشركات الذين قالوا بأنهم غير راضين عن تقسيمهم للأسهم يتضاعف مرتين ونصف ببلوغ شركتهم مرحلة الاكتمال. والاستياء المتنامي لدى أعضاء الفريق التأسيسي مؤشر أساسي على أن تحولاً مدمِّرًا قد يكون في الأفق.

وكما هو مخلَّد في فيلم “ذا سوشال نتووركر”، خاب الأمل بالتقسيم الأولي للأسهم بين مارك زوكربرغ وإدواردو سافرين مع تطور شركتهما. ومحاولة مارك المطالبة بأسهم إدواردو أوصلته إلى المحكمة، ما قد يكون جيدًا للفوز بجوائز الأكاديمية للأفلام السينمائية، إلا أنه ليس في صالح الشركة، فضلاً عن العلاقات الشخصية بين مؤسسيها.

متى ينبغي لمؤسسي الشركات أن يقسموا أسهمها؟ وكيف؟

للفرق التأسيسية المختلفة أساليب مختلفة في تقسيم أسهم الشركات، فبعض المؤسسين يقومون بذلك في المرحلة الأولى من العمل، فيما يفضل غيرهم التريث حتى يعرف أحدهم الآخَر. وهناك مَن يخوض مفاوضات متأنية، فيما يسارع آخرون إلى التصافح والمضي قُدُمًا في تقسيم الأسهم. والأهم أن بعض مؤسسي الشركات الجديدة يتقاسمون الأسهم بالتساوي بينهم، فيما يتوصل آخرون إلى خلاصة مفادها أن النتيجة العادلة هي فعليًّا التقسيم غير المتساوي للأسهم، الذي يعكس الفروق بين المؤسِّسين.

كانت روبن تشايس، المؤسسة المشاركة لشركة “زيبكار” لتأجير السيارات، قد سمعت قصة مرعبة من أحد أصدقائها عن كيفية تَسَبُّب مفاوضات حول أسهم الشركاء بانحراف شركة صديقها الجديدة عن مسارها الصحيح. وبدافع من الرغبة الشديدة في تجنب هذه النتيجة، اقترحت روبن على المؤسسة المشارِكة لها قسمة بالمناصفة لأسهم شركتهما الجديدة في أول اجتماع لهما، في الوقت ذاته الذي كانتا تتعارفان فيه مهنيًّا. وسرعان ما تصافحت الشريكتان إيذانًا بالاتفاق على القسمة المتساوية تلك، وتنفَّست روبن الصعداء؛ فقد تجنِّبت وشريكتها التوترات الشديدة التي غالبًا ما تترافق مع المفاوضات حول تقسيم أسهم الشركات.

أمّا في شركة “سمارتيكس”، التي أنشأت نظامًا ذكيًّا لقطع التذاكر للأحداث الرياضية، فقد اعتمد المؤسسون نموذجًا مختلفًا لتقسيم الأسهم. كان الفريق التأسيسي لهذه الشركة الجديدة يؤمن بأنه “من الأفضل تأخير تقسيم الأسهم، لأن الأمور لم تتضح بعد والتغيير سيد الموقف”.

وحين قرر أعضاء الفريق أخيرًا تقسيم أسهم شركتهم، اعتمدوا مقاربة شديدة التأني، خوفًا من الآثار التي قد تظهر نتيجة لشعور أيِّ مؤسس منهم بأن تلك العملية كانت ظالمة.

وفي سياق حوارهم، خاض أعضاء الفريق التأسيسي في الإسهامات السابقة، والفرص الخارجية، والأمور المفضّلة لكل واحد منهم، وتوقعوا الإسهامات المستقبلية. وقد قرَّروا تقاسم الأسهم بشكل غير متساوٍ، بحيث حصل المدير التنفيذي المؤسس على أكثر من ضعفَي حصة المؤسس الشريك صاحب الحصة الصغرى.

حين يعمد مؤسسو الشركات على تقسيم الأسهم في المراحل المبكرة من حياة الشركة، يواجهون أعلى مستويات الشك في خطتهم لتسيير العمل، والنموذج العملي، وأدوارهم النهائية ضمن الفريق التأسيسي، وفي ما إذا كان كل مؤسس سيلتزم تمامًا بالشركة الجديدة، وفي أمور عديدة أخرى يجهلونها في البداية، لكنها تتضح بعد أن يتعرفوا على بعضهم البعض جيدًا.

حتى إن الأمور تبدو أكثر التباسًا بالنسبة إلى المؤسسين الذين لم يسبق لهم العمل معًا. قد يكون تجاوز حوار جَدِّيّ حول ما يرغب به كل مؤسس، أو يستحقه، أسهل على المدى القريب، إلا أنه من المستبعَد أن يكون مناسبًا لسلامة الشركة على المدى البعيد.

هل نغوص في الأمر أم نأخذ وقتنا للاستكشاف؟

خلال وقت قصير أصبحت روبن تشايس، من شركة “زيبكار”، مخذولة جدًا من قرارها المتسرع حول تقسيم أسهم شركتها، إذ لم يسبق لها أن عملَت مع شريكتها، وكانت قد كوَّنت افتراضات جريئة حول مدى انسجامهما في العمل، ومَن منهما ستكون صاحبة المهارات الأكثر إفادة للشركة، ومستوى الالتزام المتوقع.

اندفعت روبن في تأسيس شركتها الجديدة، واضعة بعناية خطتها للعمل، ومتفقدة كل موقف للسيارات على حدة، بحثًا عن المواقف الأنسب التي تحتاج إليها شركتها بشدة. وماذا عن شريكتها في العمل؟ لم تكلِّف نفسها حتى عناء ترك وظيفتها اليومية، وساهمت في العمل من بعيد، في أحسن الأحوال. سرعان ما أدركت روبن مخاطر الاتفاق السريع ذاك على تقسيم الأسهم. فقد عرَّضت مفاوضاتها المتسرعة فاعلية فريقها طويلة الأمد للخطر، بإثارة ” قلق كبير لديها طوال السنة والنصف التي تلت تلك المفاوضات”.

ويلقي بحثنا الضوء على ما تعلَّمَته روبن بصعوبة. فحين ننظر إلى المدة التي استغرقتها الفِرَق التأسيسية للشركات الجديدة في مناقشة تقسيماتها للأسهم، نجد تباينات مهمة إحصائيًّا بين الفِرَق التي تتقاسم الأسهم بسرعة، مهملةً الحوار الجدِّيَّ حول الشكوك الشخصية والإسهامات المتوقَّعة لكل مؤسِّس، والفِرَق التي تُجري حوارًا أطول وأعمَق.

تسرَّعت روبن في تلك المناقشة، فخسرت بذلك اكتشاف السبب وراء تصرف شريكتها على ذلك النحو، وما إذا كانت تلك الأخيرة تستمتع بعملها الحالي، أو حتى مدى استعدادها للعمل في “زيبكار” بدوام كامل، وما إلى ذلك. بالعودة إلى بياناتنا، نجد أن احتمال اعتماد قسمة غير متساوية لأسهم الشركة يقوى لدى الفِرَق التأسيسية التي تأخذ وقتًا أطول في التفاوض، فكلما بحثتَ أكثر في الأمر، ازدادتإمكانية اكتشافك فروقًا مهمة بين الشركاء. ومن منظور أعَمّ، نرى أنه في حال لم يكتشف المؤسسون المشاركون شيئًا مفاجئًا عن بعضهم البعض أثناء حوارهم، فهم على الأرجح لم ينخرطوا في مناقشة جدِّية بما فيه الكفاية بعد.

مخاطر العائلة

وتشير بياناتنا أيضًا إلى أن التقسيم المنصف للأسهم بين مؤسسي الشركات من أعضاء العائلة الواحدة يمثِّل تحديًا استثنائيًّا. فالمؤسسون المشاركون الذين تربطهم صلة قربى يعتقدون في الغالب أنهم يعرفون بعضهم بعضًا على نحو مقرَّب، لذا، ما من أشياء كثيرة ليكتشفوها عن أحدهم الآخر.

مع ذلك، غالبًا ما نتصرف في بيوتنا بطريقة مختلفة جدًا عن تصرُّفنافي المكتب، كما يظهر هذا الاختلاف الشاسع في التصرف عند التعرض للضغوط النفسية الرهيبة التي ترافق تأسيس شركة جديدة. إنْ لم تؤسسوا مع أقربائكم عملاً مشتركًا من قبل، فمن المحتمل أن تتفاجأوا بطريقة تصرفهم كمؤسسين مشاركين، وهي في الغالب سلبية. باختصار، يتخطى الأقرباء المناقشات التأسيسية المفصَّلة على مسؤوليتهم الخاصة، ويزداد احتمال قيامهم بذلكإحصائيًّا.

تقسيمات الأسهم عالم مصغِّر يعكس ذلك جيدًا. وفي تحليلاتنا، نجد أن الفِرَق التأسيسية التي تضم أقارب، تمضي وقتًا أقل بكثير في التفاوض حول طرق تقسيم الأسهم، كما تزداد بقوة أرجحية القسمة المتساوية للأسهم لدى هذه الفِرَق. وتفيد أبحاثنا بالفعل أن العديد من الفرق التأسيسية للشركات تهتم بإظهار التساوي، إذ لن يحصل كل واحد من المؤسسين على الحصة نفسها من الأسهم فحسب، بل إنه سيحصل على الراتب نفسه أيضًا. وبهذه الطريقة، لن يجد أحد مبررًا فيما بعد ليقول إن القسمة لم تكن “عادلة”. وغالبًا ما ينتصر هذا المنطق على المنطق البديل القائل إن القسمة “العادلة” ينبغي أن تأخذ بعَين الاعتبار أن المؤسسين المختلفين يسهمون بمهارات مختلفة، ويمضون مددًا زمنية مختلفة في المشروع، أو أنهم يتخلون عن فرص مختلفة للعمل.

لتقسيمات أسهم الشركات آثار أطول أمَدًا

يميل مؤسسو الشركات إلى التفكير بأن “اقتسامنا للأسهم يعنينا نحن فقط؛ وهو لا يؤثر على أيّ شخص آخَر”، إلا أن تلك “الصفقة الأولى” بين المؤسِّسين قد تكون أول إشارة إلى المشاكل القادمة. ماذا يفعل المستثمرون بالفِرَق التأسيسية التي يتقاسم أعضاؤها أسهم شركاتهم بالتساوي؟ تفيد بياناتنا أن المستثمرين لن يكونوا سعداء بذلك. وحتى بعد التحكم إحصائيًّا بعوامل كثيرة، لا تزال بياناتنا تقترح الرسالة الأساسية نفسها: تواجه الشركات ذات الأسهم المقسَّمة بالتساوي بين مؤسسيها صعوبة أكبر في الحصول على تمويل خارجي، لا سيما منه رأس المال المُخاطِر.

ومن الممكن أن يطلب المستثمِرون المخاطرون بوضوح من مؤسسي الشركات الجديدة وضع تقسيم جديد لأسهم شركاتهم، إلا أن ذلك يثير خلافات كبيرة ويعزّز شعور المشارك المؤسس بالاستياء ورغبته في الانقلاب على ما تم الاتفاق عليه. وحيث إن أولئك المستثمرين المخاطرين يستثمرون أموالهم في أقل من واحدة من مئات الشركات التي تقدَّمت منهم بطلب تمويل، فهم سيبحثون عن أسباب لرفض طلبها. ومن المحتمَل أن يعطي تقسيم بالتساوي للأسهم بين مؤسسيها إشارات مقلقة حول قدرة الفريق التأسيسي على التفاوض مع الآخرين ومعالجة المسائل المعقَّدة بأنفسهم. ومن المثير للاهتمام، أن بحثنا يفيد أن اقتسام الشركاء المؤسسين أسهم شركاتهم بالتساوي عارِض للمشكلة، أكثر من كونه سببًا لها. فهذا التقسيم ليس بحد ذاته ما يخمد حماسة المستثمر، وإنما كونهعلامة على وجود مشكلات كبرى داخل الشركة.

اعتمِد اتفاقًا عضويًّا

إن النصيحة التي تعلَّمَتها روبن تشايس إثر معاناتها مع شريكتها، هي الدعوة إلى تبنّي اتفاق “أكثر عضوية” من ذاك الاتفاق الثابت الذي يتبناه نموذجيًّا مؤسِّسو الشركات. والتخويل الذي تدعمه روبن، هو إحدى الطرق لتحقيق مقاربة حركية. ويقضي التخويل بوجوب استحقاق كل مؤسِّس حصته من الأسهم ببقائه معنيًّا بالشركة الجديدة، أو بتحقيقه إنجازاتسبق تحديدها. مع ذلك، وبالنسبة إلى التقسيمات الأولية لأسهم الشركات بين مؤسسيها، لا تزال تلك الاتفاقيات الاستثناء، بدلاً من أن تكون القاعدة، لوجود عوائق كثيرة أمام إجراء المؤسسين المحادثة الصعبة حول تبنّي آليات مماثلة.

والاتفاقيات المماثلة توازي بشكل أساسي النزاع الحاصل بين خطيبَين ارتبطا حديثًاحول توقيع اتفاقية سابقة للزواج، تحفظ حقوق الطرفَين. وبالرغم من معرفتنا بارتفاع نسبة الطلاق بين المتزوجين، لا يمكننا إقناع أنفسنا بمناقشة تبنّي اتفاقيات سابقة للزواج مع خطيبنا، أو خطيبتنا. والأمر نفسه ينطبق على مناقشة “اتفاق سابق للزواج” مع فريق تأسيسي لشركة.

إن التوصل إلى اتفاقية أولية تؤطِّر للسيناريوهات السلبية التي قد تحدث في المستقبل، إلى جانب الإجراءات المناسبة لتجنبها، من شأنه أن يُجنِّب مؤسسي الشركات “أوجاع الرأس”، ويعزز فرص نجاح شركاتهم الجديدة.

اقرأ أيضاً: 

في العمل... رياضة التأمل تساعد موظفي الشركات على التخلص من المشاعر السلبية!

في العمل... تفوق على نفسك ولاتجعل شيء يقف في طريقك!

كيف تقود شركتك بفعالية؟