الكويت: إعلان الهيئة العامة للاستثمار لبيع حصتها في بيت التمويل الكويتي

تاريخ النشر: 19 أكتوبر 2004 - 02:00 GMT
البوابة
البوابة

أعلنت الهيئة العامة للاستثمار في الثاني عشر من الشهر الجاري نيتها لبيع ما تملكه من أسهم في بيت التمويل الكويتي وشركة الاتصالات المتنقلة إضافة الى خصخصة شركة المشروعات السياحية وذلك من خلال مؤتمر صحفي عقده العضو المنتدب للهيئة وفقا لبرنامج زمني مدته 6 أشهر ابتداء من انتهاء عطلة عيد الفطر . 

 

تحرك موفق 

ويعتبر تحرك الهيئة العامة للاستثمار تجاه بيع حصص الدولة في بعض الشركات المدرجة والغير مدرجة استئنافا ً لتوجه بدأ منذ عشر سنوات تقريبا لبيع مساهمات الدولة في الشركات المدرجة وقد توقف ذلك البرنامج لأسباب متعددة لفترة تقارب الخمس سنوات إلا في حالات استثنائية ، وفي اعتقادنا بأن تحرك الهيئة الأخير يعتبر توجها ً سليما ً طال انتظاره لمنح القطاع الخاص دورا ً في إدارة الشركات وجذب الأموال الوطنية خاصة المستثمرة بالخارج إضافة الى ما تحدثه تلك التوجهات من تنشيط عجلة الاقتصاد وحقنه بمقومات النجاح ، وقد تم إعلان قرار الهيئة بشكل مهني من خلال مؤتمر صحفي وبشكل واضح للجميع وبوقت واحد حيث لم يتم تسريب تلك النوايا منعا لاستفادة البعض من تلك المعلومات والذي بدا جليا ً من خلال التداول المعتاد على سهم بيت التمويل الكويتي قُبيل إعلان الهيئة كما يعتبر اعلانها لآلية وتوقيت بيع مساهمتها في شركة الاتصالات المتنقلة وتخصيص شركة المشروعات السياحية تصرفا ً مهنيا ً موفقا ًَ لتهيئة الأجواء لمثل تلك العمليات الكبيرة والتي تتطلب توفير مناخا ً مواتيا لإنجاحها من حيث استعداد البنوك والقطاع الخاص وكذلك المواطنين لترتيب أوضاعهم للاستفادة من الفرص التي تمنحها عمليات بيع ملكيات الدولة والخصخصة بشكل عام ، من جهة أخرى فإن إنهاء الفوضى العارمة في الاكتتابات بشكل قاطع والمتمثلة في الاتجار في البطاقات المدنية والتوكيلات قد شجع هيئة الاستثمار للمضي قدما ً في برنامج بيع أسهم الحكومة حيث اطمأنت الى أن الفائدة ستعم على المعظم الساحق من المواطنين وليس جزءا منهم وفي مقدمتهم المستفيدين من غياب النظام والحزم في موضوع الاكتتابات . 

 

بيت التمويل والسيناريوهات المتوقعة 

وقد كان اختيار هيئة الاستثمار لبيع حصة الدولة في بيت التمويل الكويتي موفقا ً كبداية لاستئناف بيع أسهم الحكومة نظرا للإقبال الكبير المتوقع لاقتناء أسهمه لعدة أسباب منها كونه من أفضل الشركات المدرجة من حيث الأداء المتميز والنمو المضطرد كما شجع هذه الخطوة انتهاء الوضع الاحتكاري الذي يتمتع به بعد تأسيس بنك بوبيان وتحويل البنك العقاري الى مصرف إسلامي . 

 

وتبلغ حصة الدولة 25 % من رأسمال البيت وتعادل 195 مليون سهما ً ، وبافتراض قسمة العدد على 90 % من المواطنين الكويتيين فإنه من المتوقع تخصيص 240 سهما ً لكل مكتتب على وجه التقريب ، وإذا ما تم تقدير الثمن الذي ستحدده الهيئة للبيع بسعر 1.450 د.ك للسهم فإن المبالغ المطلوبة تصل الى 380 مليون د.ك بواقع 350 د.ك لكل مكتتب . 

 

استثمار ناجح 

ونظرا للقضاء على ظاهرة بيع حقوق الاكتتاب كما أسلفنا فإن كبار المستثمرين الذين يترصدون تلك الفرص لن يسنح لهم المجال للاستحواذ على كميات معقولة إلا من خلال سوق الأوراق المالية الذي سينعكس ايجابيا على سعر السهم في البورصة والذي نتوقع أن يحقق مكاسب للمكتتبين لا تقل عن 20 % خلال السنة الأولى بعد انتهاء عملية الاكتتاب ، كما سيعزز من قيمة السهم إقبال المستثمرين الاستراتيجيين مثل الصناديق والمحافظ الكبيرة على اقتناءه حيث يشكل مع الأسهم الرائدة الأخرى الجزء الرئيسي من مكونات تلك المحافظ والصناديق . 

ومن المتوقع أن يحقق بيت التمويل الكويتي صافي ربح يناهز 70 مليون د.ك هذا العام الذي يعادل 90 فلسا للسهم الواحد بمعدل نمو يبلغ 20 % على الأقل مقارنة بالعام الماضي ، وبذلك يكون مضاعف السعر الى الربحية ( P / E) 16 ضعفا ً على أساس تقديرنا لمستوى بيع السهم بسعر 1.450 د.ك الذي يعتبر مؤشرا ً مشجعا ً للشراء كونه من الاسهم الممتازة والذي يمتاز بمعدلات نمو مرتفعة للربحية . 

 

وقد ارتفع سعر السهم بعد إعلان هيئة الاستثمار بمعدل 10 % واستقر على ارتفاع بلغ 5% حتى إعداد هذا التقرير مدعوما ً بالتفاؤل الذي سيصحب عملية البيع والاكتتاب ، وقد علق البعض على ذلك الارتفاع بأن هيئة الاستثمار تقف وراءه لرفع سعر الاكتتاب التي سيتم على أساس متوسط السعر لمدة شهر بنسبة خصم ، ونعتقد من جانبنا بأن هذا التحليل غير منطقي حيث لا يُعقل أن تمارس الهيئة العامة للاستثمار سلوك المضاربين للاستفادة قصيرة الأجل وإن كان ذلك التحليل صحيحا ً فالأولى أن لا تفرط هيئة بأحد الاسهم القليلة الممتازة المدرجة التي تمتلكها . 

 

السيطرة لمن ؟ 

نظرا ً للتركيبة الحالية لملاّك بيت التمويل الكويتي ونتائج عملية الاكتتاب فإنه يتوقع أن تكون السيطرة على البيت من خلال تحالف فضفاض ما بين الأطراف الرسمية التي ستبقى مثل الهيئة العامة لشئون القصر والأمانة العامة للأوقاف وأطراف من القطاع الخاص لها تمثيل حالي في مجلس الإدارة مع تغيير طفيف في تشكيلته ربما تتم خلال الانتخابات المقررة العام القادم لاستبدال ممثلي الهيئة العامة للاستثمار ، كما نتوقع أن يكون تركز الملكيات موزعا ً وأقرب الى وضع البنك الوطني ولكن بدرجة أقل من التشتت على خلاف السيطرة المحسومة لأطراف محددة في البنوك الأخرى وذلك خلال السنة الأولى على الأقل التالية لبيع أسهم الدولة . 

 

ولا يستبعد أن تشتد منافسة السيطرة على إدارة البيت عندما تقوم أطراف معينة بتجميع ما تم بيعه من أسهم من خلال البورصة وعندها يمكن تشكيل تحالف أكثر تركزا ً مما سبق ولو بشكل غير معلن للاستفادة من طاقات البيت الظاهرة والكامنة في خدمة توجهات إستراتيجية بعيدة المدى لمجموعة من المستثمرين حيث أن البنية التحتية للبيت تؤهله لانطلاقة إقليمية وعالمية يمكن أن تحقق منافع كبيرة لملاكه قد لا تكون مرئية للكثيرين في الوقت الراهن . 

 

الدخول من الباب وليس من الشباك 

وبهذه المناسبة فإن من المنطقي تعديل النظام الأساسي لبيت التمويل الكويتي الذي يحد من تمثيل المساهم في حضور الجمعية العمومية وممارسة حقوقه بما لا يزيد عن 1.8 مليون سهم وترك هذا الموضوع للقواعد العامة التي ينظمها البنك المركزي التي تحدد الملكية القصوى لطرف واحد ب 5 % من رأسمال البيت وذلك لإفساح المجال للقطاع الخاص لاختيار ممثليه بشكل واضح وسلس أي من الأبواب الرسمية دون قيود غير مبررة والتي تسبب إشكالات متعددة منها الالتفاف عليها بوسائل متعددة وملتوية على طريقة الدخول من الشبابيك والتي لا تليق بمؤسسة عريقة مثل بيت التمويل الكويتي . 

 

قلق غير مبرر  

وقد أبدى البعض قلقا ً من احتمال سحب السيولة من السوق عند بيع أسهم بيت التمويل والشركات الأخرى الذي قد يكون له بعض الآثار السلبية على سوق الأوراق المالية في ظل القيود التي يفرضها البنك المركزي على نسب الإقراض حيث نعتقد أن هذا القلق ليس له ما يبرره لعدة أمور منها أن الهيئة العامة للاستثمار ستقوم بدراسة الوضع بعد طرح أسهم بيت التمويل للتأكد من نجاح العمليات التالية وذلك وفقا ً لوقائع المؤتمر الصحفي التي عقدته الهيئة بهذا الشأن ، من ناحية أخرى فإن المبالغ التي سيتم جذبها والتي تقارب 800 مليون د. ك مبدئيا ً للفرص المطروحة لن تكون دفعة واحدة بل على ثلاث مراحل كما أن المبلغ المطلوب من كل مستثمر سيبلغ 350 د.ك أو ما يقارب 1750 د.ك لرب الأسرة المتكونة من 5 أفراد وذلك في حالة بيت التمويل الكويتي الذي لا يعتبر مبلغا ً كبيرا ً في المقاييس الحالية ، كما لا يستبعد أن يكون البنك المركزي مرنا ً في هذا الصدد نظرا ً لانخفاض معدل المخاطرة أن لم نقل انعدامها عند السماح للمؤسسات المالية بتمويل هذا النوع من العمليات مؤقتا ً الذي لن يؤدي بالتأكيد الى تضخم قيمة الأصول وهو ما يقلق البنك المركزي ، من جهة أخرى فإنه من غير المعقول افتراض عدم وجود تدفقات نقدية تمول شراء أسهم الحكومة سوا البنوك حيث أن الزخم الاقتصادي الذي تشهده البلاد حاليا بشكل عام سيستوعب الفرص الاستثمارية المطروحة ، فعلى سبيل المثال فإنه يُتوقع أن يتم توزيع ما لا يقل عن 650 مليون د.ك نقدا على ملاك الشركات المدرجة فقط خلال النصف الأول من العام الجاري والذي سيساهم بشكل أو بآخر في تمويل شراء أسهم الدولة في شركة الاتصالات المتنقلة وخصخصة شركة المشروعات السياحية أو سداد الالتزامات التي قد تنشأ عن بيع بيت التمويل الكويتي الذي نتوقع من الهيئة العامة للاستثمار بأن تحدد سقف الأعلى للاكتتاب بواقع 500سهما ً لتجنب سحب أموال المكتتبين دون مبرر خاصة في ظل التوقعات بأن يكون التخصيص بمقدار 240 سهما ً لكل مكتتب كما أسلفنا . (البوابة( 

 

E-mail: info@aljoman.net 

الاشتراك

اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن