استهلاك النفط .. هل هي أزمة فكر أم اقتصاد؟

تاريخ النشر: 25 ديسمبر 2012 - 08:58 GMT
تذكر التقارير أن نحو 90 في المائة من الزيادة في الاستهلاك ستأتي من دول آسيا والشرق الأوسط
تذكر التقارير أن نحو 90 في المائة من الزيادة في الاستهلاك ستأتي من دول آسيا والشرق الأوسط

ذُكر عن أحمد الخويطر بتاريخ 28/11/2012 من أرامكو، أن المملكة تستهلك أربعة ملايين مكافئ (يتضاعف كل 12 سنة تقريباً) من النفط يومياً، وأن كثافة استهلاك الطاقة (وحدة الطاقة لكل وحدة في الدخل القومي) من أعلى المستويات في العالم. بعد ذلك بأسابيع ظهر في تقرير وكالة الطاقة الدولية، أن استهلاك أمريكا سينخفض بمعدل مليون برميل في عام 2020 وبخمسة ملايين في عام 2035، يبلغ الاستهلاك اليوم 18.7 مليون برميل.

يوازي هذه الصورة إجماع أمريكي على تحول جيو استراتيجي أمريكي نحو شرق آسيا، ولعل أول زيارة يقوم بها أوباما بعد الانتخابات كانت إلى شرق آسيا كمؤشر على هذا التوجه. كما تذكر التقارير أن نحو 90 في المائة من الزيادة في الاستهلاك ستأتي من دول آسيا والشرق الأوسط. ولذلك فإن المراهنة الأساسية على النمو في الصين، ولكن هناك تساؤلات جوهرية حول نمو الاستهلاك في الصين لأسباب هيكلية (زيادة متوسط الأعمار وسعي الصين الحثيث لرفع معايير مستوى استهلاك وقود السيارات). ودورية (تباطؤ النمو بعد أن حققت الصين القفزات السهلة نسبياً)، يلوح في الأفق أن الصين تتجه إلى تجربة مماثلة لليابان وبالتالي قد لا يكون هناك نمو مؤثر في المدى المتوسط. الصورة الاقتصادية في المملكة مختلفة، قوامها الأساسي الاستهلاك وحتى التبذير، حيث بدا واضحاً أن العلاقة بين الاستهلاك والإنتاج منفصلة والعلاقة بين النمو الاقتصادي الحقيقي واستهلاك النفط ضعيفة في أحسن الأحوال.

هذا الإسقاط الجوهري لا يتماشى مع الحركة الاقتصادية الاعتيادية حيث الأوضاع المالية المواتية، التي تدار بهدف الرفاه وليس إدارة الموارد بحرفية. فصل ما يدور في اقتصاديات النفط والغاز (الاستهلاك الداخلي والتوجهات العالمية) عن الحراك الاقتصادي بسبب الوفرة المالية يرفع تساؤلا: هل هي أزمة فكر تتمخض في تأجيل أو خوف من القرار الصعب، أم أزمة اقتصادية تتحرك بهدوء حيث تخفيها أرقام ميزانية جيدة؟ ولذلك لا أحد يرغب التعامل معها في غياب أزمة خانقة. تحديد طبيعة الإشكالية أول خطوة للحل. إذا كانت إشكالية اقتصادية فهذه لها آليات محددة مثل إعادة تنظيم الدعم أو الضرائب والرسوم سياسة التوزيع أو خليط من هذا وذاك (الاقتصادية 12 ألف ريال لكل مواطن العدد 5216 وتاريخ 2008/01/22). وإذا كانت أزمة فكر فهذه لا أستطيع الدخول فيها لأنها مجال علم الاجتماع والنفس، ولكن أرى أنها تتطلب وقفة أمينة مع النفس للتروي والتفكير.