أوصى تقرير صادر عن صندوق النقد الدولي أمس بإدراج العملة الصينية "رنمينبي" في سلة العملات القياسية للمؤسسة المالية الدولية التي تتخذ من واشنطن مقرا لها.
وبحسب "الألمانية"، فإن صندوق النقد يجري كل خمس سنوات مراجعة بشأن سلة عملات الاحتياطي لديه، التي تتكون من الدولار الأمريكي واليورو والجنيه الاسترليني والين الياباني، ويمكن أن يضاف "رنمينبي" إلى سلة العملات الأربع الموجودة حاليا، إذا وافق مجلس إدارة الصندوق على الاقتراح في 30 تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري.
وقالت كريستين لاجارد مديرة صندوق النقد الدولي إن التقرير، الذي أعده مختصون من الصندوق، خلص إلى أن الرنمينبي يلبي المتطلبات ليكون عملة "قابلة للاستخدام الحر" وبالتالي ينبغي أن يدرج في سلة العملات.
وأوضحت لاجارد أن القرار النهائي بهذا الشأن سيتخذه في نهاية الشهر الجاري مجلس إدارة الصندوق الذي يمثل أعضاءه الـ 188، وفي حال أتت النتيجة إيجابية، سينضم اليوان إلى سلة العملات المرجعية المعتمدة لدى الصندوق.
وفي تقرير تلقاه مجلس الإدارة، اعتبرت فرق عمل صندوق النقد أن اليوان يستوفي الشرطين الضروريين للانضمام إلى سلة العملات المرجعية، وأولهما أن تكون العملة متداولة "على نطاق واسع" في العمليات المالية الدولية، وأن تتمتع بـ "حرية الاستخدام"، وكانت هذه النقطة الأخيرة لا تزال عالقة، إذ إن بكين كانت لا تزال تمارس رقابة مشددة على سعر صرف عملتها.
ورأت لاجارد أن فرق صندوق النقد تعتبر أن اليوان عملة يمكن استخدامها بحرية ويجب أن تصبح جزءا من سلة العملات المرجعية، مشيرة إلى أنها تدعم هذه التوصية.
من جهته، رحب بنك الشعب الصيني "البنك المركزي"، ببيان كريستين لاجارد رئيسة صندوق النقد الدولي بشأن مراجعة الصندوق للعملات ذات حقوق السحب الخاصة كل خمس سنوات.
وعبر بنك الشعب الصيني عن ترحيبه بتحليل مختصي الصندوق واقتراحهم، موضحا أن رأيهم يعتبر اعترافا بإنجازات الصين في النمو الاقتصادي والانفتاح.
وأشارت سلطات بنك الشعب الصيني إلى أن ذلك يعتبر فوزا مشتركا للصين والعالم إذا ما أصبح اليوان مدرجا ضمن العملات ذات حقوق السحب الخاصة، كما أنه سيقوي تمثيل الصندوق ويجذب ويحسن نظام العملات الدولية الحالي.
وأضاف أن الصين تتطلع إلى قرار المجلس التنفيذي في نهاية الشهر الجاري، آملة أن تدعم كل الأطراف المعنية إدراج اليوان في حقوق السحب الخاصة، موضحا أن بكين ستواصل بثبات دفع الخطة الاستراتيجية لتعميق الإصلاح بشكل شامل وتعزيز الإصلاح والانفتاح المالي.
وفشل اليوان في الإدراج في حقوق السحب الخاصة في عام 2010 عندما قال صندوق النقد الدولي إنه لم يبلغ معيار "الاستعمال الحر" الذي يعتبر عائقا رئيسيا لإدراجه في حقوق السحب الخاصة.
وفي حال إقرار اعتماد اليوان، لن يصبح القرار نافذا قبل أيلول (سبتمبر) 2016، ويعود آخر تغيير في سلة العملات إلى عام 2000 عندما استبدل الفرنك الفرنسي والمارك الألماني باليورو.
وكانت إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما قد أبلغت بكين الأسبوع الماضي أن الولايات المتحدة ما زالت تؤيد إدراج اليوان في سلة العملات القياسية لصندوق النقد بشرط أن تفي الصين بالمعايير الحالية للمؤسسة المالية الدولية.
وقال متحدث باسم وزارة الخزانة الأمريكية في بيان إن جاك ليو وزير الخزانة أجرى محادثة هاتفية مع وانج يانج نائب رئيس الوزراء الصيني، مضيفا أن هذه المحادثة تعكس أهمية أن تتحرك الصين بشكل أسرع صوب سعر للصرف تحدده قوى السوق بطريقة منظمة.
ويعتقد مراقبون كثيرون أن اليوان الصيني من المنتظر إدراجه هذا العام بفضل جهود منسقة من بكين لحشد التأييد لهذه الخطوة وإصلاحاتها لسوق الصرف الأجنبي وآلية أسعار الصرف في البلاد.
وتتطلع السلطات الصينية إلى انضمام اليوان إلى سلة عملات حقوق السحب الخاصة بصندوق النقد في إطار هدفها لزيادة الوجود الدولي لعملتها.
وأشارت صحيفة "تشاينا بيزنس نيوز" المتخصصة في الشؤون المالية في تقرير في موقعها الإلكتروني إلى أن صندوق النقد قد أجل خطته لاتخاذ قرار من الرابع إلى الثلاثين من الشهر الجاري.
من جهته، قال تشو شياو تشوان محافظ البنك المركزي الصيني في مقالة نشرت في الموقع الإلكتروني لمجلة "كايشين" المتخصصة في الشؤون المالية إن بلاده ستطبق حزمة من الاصلاحات الاقتصادية والمالية على مدى السنوات الخمس المقبلة ستساعد اليوان على أن يصبح عملة دولية بحلول عام 2020.
وأضاف تشو في مقالة تشرح الخطة الاقتصادية الخمسية الثالثة عشر للصين والمقترحة للأعوام 2016 إلى 2020 أن الحكومة ستدعم الثقة في اليوان وتشجع دخوله إلى سلة عملات حقوق السحب الخاصة بصندوق النقد وانتقاله إلى عملة قابلة للتحويل بشكل كامل.
وأشار تشو إلى أن الصين ستعزز الإشراف على نظامها المالي لمنع "مخاطر ممنهجة" عن طريق الاستخدام الفعال لأدوات السيطرة على المخاطر، لافتا إلى أن بكين ستعمل على تحسين تنسيق السياسة الاقتصادية مع تركيز على المالية العامة والسياسات النقدية.
وألمح تشو إلى أن الصين ستخفض الحد الإلزامي لرؤوس الأموال الخاصة لدخول القطاع المصرفي وستواصل فتح أسواقها لرأس المال وزيادة الحصص الأجنبية والمحلية ثم إلغائها تدريجيا، وستخفف القيود على إصدار السندات بواسطة مؤسسات أجنبية وتوسيع أنواع المصدرين، وستطور سوقا للسندات يجري تداولها بشكل أساسي بواسطة مؤسسات استثمارية مؤهلة وعبر قنوات السوق الثانوي.
وقد أعرب مختصون اقتصاد دوليون عن تفاؤلهم إزاء هذه القضية نظرا للجهود التي بذلتها الصين في دفع تدويل الرنمينبي خلال الأشهر الماضية من حيث فتح سوق السندات بين البنوك وسوق الصرف الأجنبي أمام المؤسسات المالية في الخارج، وتحسين شفافية البيانات، وتلبية متطلبات سلة حقوق السحب الخاصة، وتحرير سعر صرف اليوان، إلى جانب كون اليوان خامس أكبر العملات المستخدمة في المعاملات التجارية الدولية بعد العملات الأربع الأكثر تداولا المدرجة في سلة حقوق السحب الخاصة.
وقال ليان بينج كبير مختصي الاقتصاد في فرع بنك المواصلات الصيني في شانجهاي إنه من المرجح أن يعلن صندوق النقد الدولي ضم الرنمينبي إلى السلة في أواخر العام الجاري أو أوائل العام المقبل، وهذا بعد تلبية الجانب الصيني لمزيد من طلباته.
وشاطره الرأي تشو هاي بين الاقتصادي بمؤسسة (جي. بي مورجان)، قائلا إن صندوق النقد الدولي قد يدعم على الأرجح إدراج الرنمينبي رغم أنه أجل إعلان قراره، منوها بالجهود التي بذلتها الصين فيما يتعلق بتحرير حسابات رأس المال وتدويل الرنمينبي وموضحا أن قيام بنك الشعب الصيني بإلغاء سقف سعر الفائدة على الودائع يعد تحركا يرمز إلى اكتمال عملية تحرير سعر الفائدة.
فيما أعرب نيكولاس لاردي، الباحث البارز بمعهد بيترسون للاقتصادات الدولية عن تفاؤله إزاء هذه القضية، قائلا إن ثمة إمكانات كبيرة أمام ضم اليوان للسلة حيث نشر صندوق النقد الدولي في آب (أغسطس) الماضي تقرير مراجعة يقضى بضرورة تغيير تركيبة سلة حقوق السحب الخاصة، وهو أمر تركز بشكل أساسي على إدراج اليوان ضمن السلة نظرا لكون الصين دولة واضحة تلبي الشرط الأول للاندراج والمتمثل في كونها دولة تجارية كبيرة ويجرى تداول عملتها على نطاق واسع، ولا توجد أي دولة أخرى تضاهي الصين في هذا الصدد.
وكشفت إحصاءات صادرة عن جمعية الاتصالات المالية العالمية بين المصارف (سويفت) أن الرنمينبي تجاوز الين الياباني في آب (أغسطس) الماضي ليصبح رابع أكثر العملات استخداما في العالم قبل أن يعود الين لموقعه مرة أخرى في سبتمبر الماضي، لكن استخدام الرنمينبي يزداد بوتيرة مستمرة وبقوة أكبر لدرجة أن نحو ألف هيئة مالية من أكثر من 90 دولة تستخدمه كعملة تداول
وإلى جانب ذلك، أعربت كل من الولايات المتحدة وبريطانيا واليابان عن تأييدها لضم اليوان للسلة خلال الشهرين الماضيين وإن كانت بعض التأييدات حذرة وبشروط.
وإذا ما قرر صندوق النقد الدولي إدراجه في سلة حقوق السحب الخاصة مستقبلا، سيصب ذلك في مصلحة اقتصادات الصين وآسيا وسائر أنحاء العالم، فالاقتصاد الصيني، باعتباره ثاني أكبر اقتصاد عالمي والمحرك الرئيسي للنمو العالمي، أسهم في عملية انتعاش الاقتصاد العالمي في الفترة التي أعقبت الأزمات المالية المتتالية التي اجتاحت الولايات المتحدة والدول الأوروبية وحتى العالم منذ عام 2008.
اقرأ أيضاً:
صندوق النقد الدولي يدرس إدراج اليوان في سلته للعملات