طوقان: احتياطيات الأردن من اليورانيوم تكفي «150» عاما على الأقل

تاريخ النشر: 22 أكتوبر 2012 - 11:00 GMT
ستسهم الطاقة النووية في حل مشاكل كبيرة في الأردن
ستسهم الطاقة النووية في حل مشاكل كبيرة في الأردن

قال رئيس هيئة الطاقة الذرية الأردنية الدكتور خالد طوقان إن الطاقة النووية ستسهم في حل مشاكل كبيرة في الأردن تتعلق بفاتورة الطاقة ومشكلة المياه وكذلك توليد الكهرباء. وأكد طوقان، في حوار مع أسرة «الدستور»، أن لدى المملكة احتياطيات من اليورانيوم تكفي الأردن حال استخدامها مئة وخمسين عاما على الأقل. وقال «نعتقد أننا نستطيع أن نتحول إلى دولة تصدر هذه المادة الاستراتيجية، والطموح أيضاً مستقبلاً أن نصبح دولة تكون مركزا إقليميا لاستخراج المواد النووية، ومن ثم تصنيعها لنصبح مركز وقود نووي إقليميا». وأشار طوقان إلى أن إسرائيل وقوى كبرى متحالفة معها تعارض البرنامج النووي الأردني لحرصها على أن يبقى العالم العربي مصدرا للنفط الرخيص فقط، وعدم ولوجه آفاقا تكنولوجية وعلمية متطورة.

وتالياً تفاصيل الحوار... 

الدستور: نرحب بالدكتور خالد طوقان رئيس هيئة الطاقة الذرية الأردنية.. الدكتور خالد لديك الكثير من الكلام الذي تريد أن توضحه لكافة أطياف المجتمع الأردني بعد اللغط الكبير الذي تناول المفاعل النووي الأردني، والاحتجاجات والمضاعفات التي تبعت ذلك. مجلس النواب لم تسلموا من تعليقاته ولا من مداخلاته التي خرجت في بعض الأوقات عن المألوف. أنت حريص على أن تعطي الصورة الحقيقية لواقع المفاعل النووي الأردني، ولأنه لا بد من أن يكون هناك بديل للطاقة التقليدية حتى نستطيع أن نتواءم مع الوضع العام، حتى أن دول النفط الآن تبحث عن بدائل، وبالتالي فالأردن هو الأولى أن يتعامل أو أن ينشئ مثل هذا المفاعل، حتى لا نصل إلى مرحلة أننا لا نستطيع أن ندفع فاتورة النفط ولا فواتير أخرى. أيضاً، هناك إشكاليات حول موقع المفاعل، ولماذا يتم اختيار الموقع في العقبة ثم يقال إنه الأقرب إلى خربة السمرا؟

طوقان: أنا سعيد لوجودي في جريدة الدستور، هذه الجريدة العريقة التي لها تقاليد راسخة وناضجة في العمل الصحفي. والحقيقة أن «الدستور» كان لها دور بناء في نشر الوعي وتقديم الخبر الصادق للمواطن الأردني، ونحن الآن في هيئة الطاقة الذرية الأردنية وخلال عملنا في تنفيذ البرنامج النووي الأردني نريد مثل هذه المؤسسات الصحفية والإعلامية كي تنقل صورة صحيحة، علمية وواقعية لما يتم في البرنامج، ولنرتقي بمستوى الحوار حول هذا البرنامج إلى مصاف دول متقدمة خاضت مثل هذا الأمر في الماضي. لا شك أن موضوع الطاقة هو موضوع الساعة، وأنتم تعلمون تماماً أن 97-98 بالمائة من استهلاك الأردن للطاقة يأتي من الخارج، وهذا لم يصبح فقط مصدر قلق، بل أصبح أيضا مصدر تهديد لكل الاقتصاد الوطني، ليس فقط على مستوى خزينة الدولة، ولكن حتى على مستوى الاقتصاد ككل، سواء القطاع الخاص أو العام ومس جميع القطاعات الاقتصادية كالقطاعين الصناعي والتجاري، ولا شك أن الأردن وكثيرا من دول العالم تمر بمثل هذا التحدي، فيجب أن يخرج إلى آفاق أخرى لتوليد الطاقة، والخروج من الاعتماد الكلي على النفط. الدولة بقيادة جلالة الملك، منذ عام 2007 بدأت تضع استراتيجية الطاقة المستقبلية، وأهم شيء كان التنوع في إنتاج مصادر الطاقة، والاعتماد على مصادر جديدة، الصخر الزيتي، اكتشاف الغاز في شرق المملكة، الطاقة النووية، وأيضاً الذهاب في مجال الطاقة المتجددة سواء الشمس أو الرياح. المحور الثاني كان زيادة حصة المنتج المحلي من الطاقة، وهو الآن أقل من 4%، ونحن نريد أن نولد الطاقة بالاعتماد على مصادرنا المحلية على الأقل بنسبة 40% خلال عشر سنوات من عام 2020. نحن في هيئة الطاقة الذرية هذا ما نطمح إليه، أن نساهم بحل جذري لمشكلة الطاقة في الأردن، نزيد من حصة الطاقة المنتجة وطنياً، استخدام المصادر الوطنية، وبالذات في هذه الحالة حيث نتحدث عن اليورانيوم، وأيضاً نساعد في تحقيق استقرار في أسعار الطاقة وفي تقليل كلف الطاقة. وبالنسبة لنا أيضاً فإن الطاقة النووية ستسهم في حل مشكلة أخرى كبيرة وهي مشكلة المياه، لأن الأردن سيتجه نحو تحلية المياه عاجلاً أم آجلاً، وهذه تحتاج إلى مصادر ضخمة من الطاقة، وأيضاً مصادر طاقة تنتج بكلف رخيصة، وهذا ما نعتقد أن الطاقة النووية ستقدمه. أريد تلخيص البرنامج النووي الأردني بأن أقول إن لدينا برنامجا شاملا، وهذا البرنامج يشمل ثلاثة محاور، محور استكشاف المواد النووية وتعدينها في الأرض الأردنية، وعلى رأسها اليورانيوم، المحور الثاني وهو الأهم، هو تطوير القوى البشرية الأردنية وتعليمها وتدريبها، وبناء خبرات وطنية كي تقوم بإدارة وتشغيل وتطوير البرنامج بالاعتماد على كوادرنا الوطنية الأردنية بالكامل.. المحور الثالث هو بناء محطة نووية لتوليد الكهرباء. هذا ما نقوم به، وقد سرنا في موضوع دراسات الموقع، وفي موضوع التحديد، وانتهينا من دراسة الجدوى الاقتصادية، لكني أريد أن أقول إنه حتى في هذه الأمور هناك دراسة الجدوى الاقتصادية التي تتم في عملية تراكمية، وأيضاً في عملية تطويرية، فأعتبر أن لدى الهيئة دراسة جدوى اقتصادية بناءً على كل الأمور المتعلقة بسعر المحطة النووية الذي جاءنا من خلال طرح العطاء، أيضاً تقديراتنا من ناحية كلفة الأجور العاملة وما إليه، لكن لدينا الآن دراسة جدوى اقتصادية لإنشاء محطة طاقة نووية بقدرة ألف ميجاوات، والنتائج التي تشير لها الدراسة أن هذه المحطة ستكون مجدية اقتصادياً بشكل كبير بالنسبة للأردن. ضمن محور تطوير القوى البشرية نقوم الآن ببناء المفاعل النووي البحثي لأغراض التعليم والتدريب في حرم جامعة العلوم والتكنولوجيا، وأيضاً هناك غرض أساسي لهذا المفاعل هو إنتاج النظائر الطبية المشعة، لاستخدامها في المستشفيات وفي العلاج، وهذا ما سيقوم بإنتاجه عام 2015 عند تشغيله والبدء في الخدمة. هذا المفاعل سيكون جزءا متكاملا مع قسم الهندسة النووية في جامعة العلوم والتكنولوجيا لأننا نؤمن بأنه إذا أردنا بناء كوادر قادرة فلا يكفي التعليم النظري لكن هذا يرتبط بالتعليم العملي ويرتبط أيضاً بالبحث العلمي الناضج والبحث العلمي المتطور، وهذا ما يوفره المفاعل. وبالمناسبة، فالمفاعل لايعمل على وقود عالي التخصيب، فمفاعلنا تخصيبه سيكون دون العشرين بالمائة بقليل، أي ليس عالي التخصيب، وأيضاً سيعيش معنا لثلاثين إلى أربعين سنة، ليكون النواة لبناء وتأهيل القوى البشرية الأردنية وتخريج مشغلي المحطات مستقبلاً، وإدارات المحطات النووية وما إلى ذلك. نأتي للمحور الأول، وهو استكشاف المواد النووية في الأرض الأردنية وعلى رأسها اليورانيوم، كما تعلمون فالبرامج بدأ قبل أربع سنوات وبصورة حثيثة، والنتائج مبشرة. نقول إن لدينا احتياطيات من اليورانيوم، لو استخدمناها في أرضنا ولمفاعلاتنا، فإنها تكفينا مئة وخمسين عاما على الأقل، ونحن نعتقد أننا نستطيع أن نتحول إلى دولة تصدر هذه المادة الاستراتيجية، والطموح أيضاً مستقبلاً أن نصبح دولة تكون كمركز إقليمي لاستخراج المادة الأساس، المواد النووية، ومن ثم تصنيعها لنصبح مركز وقود نووي إقليميا، وكل هذا تحت مظلة الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وهذه هي المشاريع الأساسية الثلاث.

الدستور: مؤخراً سمعنا عن إنتهاء العقد الموقع مع الشركة الأردنية الفرنسية للتنقيب عن اليورانيوم، هل هناك سبب مباشر لإنهاء هذا العقد؟

طوقان: أولاً: نحن أنشأنا الشركة الأردنية الفرنسية لتعدين اليورانيوم، واشتغلت ثلاثة أعوام، وبعد الثلاثة أعوام دققنا في عملها وهذا كان عنصر قوة في الاتفاقية التي عقدناها مع الشركة. عندما بدأنا بالتدقيق، كان من ضمن الاتفاق أن نأتي بشركة متخصصة في موضوع استكشاف اليورانيوم، وبدأنا بأعمال التدقيق الفني. أعمال التدقيق الفني بدأت في مطلع هذا العام، وفي شهر 6/2012 كان هناك مرحلة أولى انتهت من التدقيق، ثم من شهر حزيران إلى أيلول بدأنا بمرحلة ثانية أعمق في التدقيق. الشركة التي دققت هي شركة استرالية متخصصة بالخامات السطحية من اليورانيوم، وقد قامت بعمل المرحلة الأولى من التدقيق بناءً على أعمال الشركة الأردنية الفرنسية. وفق التقارير التي جاءتنا، ومختبراتنا بالطبع تعمل ليل نهار، ومتابعة علمائنا يتابعون وجيولوجيينا، كان هناك تخفيض في مصادر مستكشفة من اليورانيوم، سواء من ناحية التراكيز أو الكميات، بالذات في الطبقات السطحية من صفر إلى 5 أمتار. السبب في ذلك أن الشركة الأردنية الفرنسية استخدمت قياسات الريديوميتري، وهي قياسات الإشعاعية المباشرة، وهذه القياسات تستخدم كقياسات تأشيرية، بمعنى أنني أريد مثلاً أن أرسم خارطة اليورانيوم في هذه المنطقة التي أعرف بها اليورانيوم، فيجب أن أبدأ بقياسات الريديوميتري، لكي نعرف كم سيمتد اليورانيوم لعشرة أو 15 مترا، فبالعادة يقومون بعمل بئر صغيرة مثلاً بقطر 40 سم، ويقومون بإنزال مجس سنسر، يستخدم كمقياس تأشيري، فتم عمل رسم لخارطة اليورانيوم من خلال القياسات الإشعاعية أو الريديوميتري، وهذا ما تم عمله من الشركة الأردنية الفرنسية، لكن، قبل عامين، استخدمت الشركة، لأسباب خاصة بها، وقد يكون ذلك جزءا من تقليل الكلف، استخدمت هذه القياسات لتحدد الكميات والتراكيز، وهي تعطيك مؤشرا أولياً لكنه غير دقيق، والطريقة الصحيحة المعيارية التي تعمل في مثل هذا الأمر أنهم يقومون بحفر خنادق، ويتم الأخذ من أربعة أطراف الخندق ويتم طحن العينة وإرسالها للمختبر لفحصها، وفحص المختبر هو اليورانيوم الحقيقي. الآن، عندما بدأنا بأعمال التدقيق وجدنا أن الريديوميتري، والتقديرات التي أعطتنا إياها الشركة الأردنية الفرنسية كانت على الجانب الأدنى كثيراً، ونحن وجدنا في المرحلة الأولى أن الشركة الأردنية نفسها كانت قد أخذت عينات وأرسلتها عندنا للمختبر وقمنا بتحليلها ووجدنا فرقا كبيرا بين قيم اليورانيوم الحقيقي وقيم اليورانيوم المستقاة من الريديوميتري. الشركة الأردنية الفرنسية أخذت عينات من كل بئر وأرسلتها لنا. عندما قارنا عينات التحليل بالآبار مع نتائج الريديوميتري وجدنا فروقاً كبيرة، فهم أخذوا طريقة مختصرة ربما لتقليل الكلف، فاستخدموا الطريقة التأشيرية لإعطائنا تقديرات أولية، وبمقارنة تحاليل الآبار لديهم مع نتائج الريديوميتري وجدنا فروقاً كبيرة، وقلنا بأننا نريد التأكد أكثر، فذهبنا حول كل بئر محفورة، وقمنا بحفر خندق لنقارن قراءات هذه البئر مع القراءات الحقيقية التي نستقيها من الخندق، فوجدنا فروقات أكبر لصالح اليورانيوم، ووجدنا بالمعدل أن التقديرات التي خرجت بها القياسات الإشعاعية (الريديوميتري) هي نصف القراءات من ناحية التراكيز والنصف من ناحية الكميات، وتم ايضاً تحليل عينات في مختبرات خارج الاردن وقد تطابقت نتائج هذه المختبرات مع نتائج مختبراتنا التي هي معتمدة دولياً.

الدستور: بالنسبة للنتائج التي أظهرتها الشركة الأردنية الفرنسية، هل أخرجتها لتقليل الكلف أم أنها قصدت أن تخرجها بهذه الطريقة؟

طوقان: رسمياً اتفق الطرفان على انهاء الاتفاقية دون ان يتبع انهاؤها أي مسؤولية مالية أو قانونية على أي من الأطراف، لكن كل البيانات والمعلومات التي استقتها الشركة الأردنية الفرنسية تنتقل للهيئة. أعتقد أنهم أخذوا طريقا مختصرة، لتقليل كلف، وثانياً كان أمامهم جدول زمني بأنه بعد 36 شهرا يجب أن يقدموا تقريرا، وإذا لم يقدموا التقرير فإنهم يدخلون في نظام عقوبات مالية. أولاً: ما أريد قوله أن اليورانيوم موجود في الأردن، واليورانيوم الموجود في مناطق وسط الأردن هو جيد، ونوعيته جيدة، واستخلاصه سهل. وسيتم استخلاص اليورانيوم بالغسل بمحاليل قاعدية وليس محاليل حمضية. ثانياً: لن يتم انتاج اليورانيوم بالحقن، فطريقة التعدين لدينا ستكون طريقة سطحية مفتوحة مثلما يتم تعدين الفوسفات.

الدستور: ما الضمانة بألا نلجأ للبيع الخام؟

طوقان: هذا ما نريده، فمن أول يوم قلنا بأننا في النهاية سنقوم بتصنيع الخام هنا، الكعكة الصفراء، فالطن من الكعكة الصفراء يباع الآن في السوق بـ110 آلاف دولار، لكن الكعكة الصفراء ليست هي التي تدخل مباشرة كوقود نووي، فيجب أولاً عمل تحويل وتخصيب لها، فالوقود النووي له ثلاث مراحل أساسية، المرحلة الأولى الكعكة الصفراء والمرحلة الثانية التحويل و التخصيب والمرحلة الثالثة التصنيع. المراحل الثانية والثالثة لن تتم في الأردن على المدى القصير لأن هذه تعتبر أمورا حساسة واستراتيجية، لكننا سنصل إلى الكعكة الصفراء.

الدستور: أشار جلالة الملك في أحد خطاباته إلى موضوع عرقلة إسرائيل للمشروع النووي في الأردن، أين المفاصل التي كانت هناك عرقلة للمشروع فيها؟ ثانياً: ما نواجهه حسب اعتقاد المعترضين من الشعب الأردني أنه ليس هناك جدوى اقتصادية، أيضاً لا توجد دراسة أثر بيئي، فما تعليقك على هذا الموضوع؟

طوقان: بالنسبة لإسرائيل، كما نعلم فإنه منذ الحرب العالمية الثانية، نجد كل العالم دخل العصر النووي إلا العالم العربي. الهند الآن تصنع وتنتج وتصدر مفاعلات نووية، والباكستان وكوريا لديهما مفاعلات نووية. أعتقد أن الفوضى السياسية التي عاشها العالم العربي بعد الحرب العالمية الثانية لها دور كبير، لكن هذا كان مخططا وكان هناك دفع بهذا الاتجاه، ولم يأت هذا من باب الصدفة، فهناك تلاقي مصالح معهم.. الحفاظ على النفط، وأن يبقى العالم العربي فقط مصدرا للنفط الرخيص، وعدم ولوج العالم العربي لآفاق تكنولوجية وعلمية متطورة، فلو دخل في هذا الأمر وظهرت قوى اقليمية في المنطقة فإنها ستنافس إسرائيل، ونحن في الأردن جزء من العالم العربي. نعتقد أن الطاقة النووية هي نقلة تقنية علمية لهذا البلد، ثانياً هي تعطيه قرار استقلالية بالطاقة، وثالثاً تسهم في تقليل اعتمادنا على المستوردات من الخارج وتسهم في تحقيق تقدم اقتصادي كبير من خلال إيجاد مصدر طاقة مستقل. الآن، الجدوى الاقتصادية موجودة. هناك الآن دول نفطية، مثلاً الإمارات الآن تبني أربع محطات، السعودية أيضاً أعلنت عن نيتها بناء 16 محطة، والسبب أنه بعد 10 سنوات الدراسات لديهم تقول بأن النفط الموجود لديهم في السعودية سيتم استهلاك ثلثه لإنتاج الكهرباء، وهذا يعتبر تبديدا بالقيمة النفطية. النفط يباع وله قيمة اقتصادية أكثر من مجرد أن نحرقه ونخرج كهرباء. ويتم استخدامه في وسائط النقل وفي الأغراض الصناعية، لذلك فالسعودية بدأت الآن تخطط لتوليد الكهرباء من خلال وسائل أخرى ومن ضمنها النووي، تركيا تبني أيضاً أربع محطات مع روسيا، 5 آلاف ميجاوات، أي ضعفي كهرباء الأردن، فلسنا أول دولة ولا آخر دولة في المنطقة. فهناك جدوى اقتصادية لبناء مثل هذه المحطات النووية. بالنسبة لتوليد الكهرباء، الآن نحن نولد كهرباء بعد انقطاع الغاز المصري، فنولدها بـ18 قرشا، والدولة داعمة بأكثر من نصف الفاتورة على المواطن، لذلك بدأت الخزينة ترهق، والمواطن بدأ يشعر بالضغط الاقتصادي. قضية دراسات البيئة قادمة، ومنذ التفكير ببناء محطة نووية والوكالة الدولية للطاقة الذرية تتحدث عن 15 سنة. الآن، عندما تريد اختيار مكان محطة نووية فهذه المحطة ستعيش 60 سنة، ويدرس بها على الأقل 120 موضوعاً، منها ما يتعلق بالزلازل وبالكثافة السكانية وباتجاه الرياح وصلابة التربة ومياه التبريد وبموضوع تخزين الوقود النووي. اختيار موقع لمحطة في الأردن ليس ببسيط، والسبب أن هذه المحطات بحاجة لكميات كبيرة من المياه، إذا أردنا استخدام الدورة المفتوحة. لذلك فإن 97 بالمائة من المحطات في العالم موجودة إما على المحيطات أو على أنهار ضخمة أو بحار، ونحن ليس لدينا محيطات ولا أنهار، لذلك فاختيار مكان للمحطة النووية ليس بالامر السهل، وعندما بدأنا بحثنا أين يكون مصدر المياه، أهم شيء مصادر المياه، وهنا فكرنا بالعقبة، وقمنا بتجميع البيانات، فلدينا من أكبر قواعد المعلومات التي بنيت في الأردن من ناحية الزلازل وتواجد السكان والمدارس والمستشفيات فبنينا طبقات وطبقات من المعلومات. لذا ذهبنا للعقبة حتى نكون قريبين من البحر، هناك نوعان من تبريد المحطة، هناك الدورة المفتوحة التي تأخذ الماء من البحر ونتحدث عن كميات ضخمة، لكن خيار الدورة المفتوحة ليس موجودا لدينا في الأردن، فليس لدينا محيطات، وشريطنا البحري في العقبة يمتد لـ 27 كيلومترا فقط، فهو خليج ضيق. من هنا فكرنا بأن نعمل على الدورة المغلقة وليس الدورة المفتوحة. المبدأ في الدورة المغلقة أنه بدل أن نأخذ الماء من طرف وندخله في التوربينات ونخرجه، يقومون بعمل نظام مثل نظام روديتر السيارة، لكن روديتر المفاعل يكون ارتفاعه 160 مترا، وتسمى أبراج التبريد. أبراج التبريد هذه تقوم بإدخال البخار الساخن وعندما تنزل في هذا الارتفاع (160 مترا) تفقد حرارتها. نستهلك هنا 25 مليون متر مكعب في السنة. لأجل ذلك ذهبنا للعقبة لأن هناك مصدر مياه، واضطررنا للدخول في سلسلة جبلية، وذهبنا إلى الحدود الأردنية السعودية، لأن زلزالية المنطقة كلما ذهبنا الى الشمال والغرب تزيد، لكن، كلما ذهبنا نحو الشرق ونزلنا للجنوب فتقل الزلزالية، فيجب أن نبتعد عن المناطق الزلزالية، فذهبنا إلى أقصى نقطة جنوب، وعند دراسة الموقع المقترح وجدنا ان الكلفة الرأسمالية للانشاء ستزيد بنسبة 15% والكلفة التشغيلية بنسبة 5%، فلأجل ذلك انتقلنا إلى خربة السمرا، وهناك مياه عادمة تكرر، والحكومة تريد أن تتوسع في طاقة هذه المحطة من 70 مليون متر مكعب إلى 120 مليونا، وكان ذلك في فترة حكومة سمير الرفاعي، فقال لنا رئيس الوزراء ووزير المياه بأن ندرس خيار المياه العادمة المعالجة لتبريد محطة، فدرسناها، ووجدنا أن المياه مقبولة، وكمياتها جيدة، وهي مياه عادمة، فالـ50 مليون متر مكعب مياه عادمة تعطي ألفي ميجاوات، وهذه تعطينا ألف مليون متر مكعب ماء عذب.. «ونحن نعرف كل التفاصيل العلمية جيداً ونقرؤها بدقة».

الدستور: بالنسبة للدراسات التي جاءت حول موضوع اليورانيوم الأردني، ما هامش الخطأ فيها؟-

طوقان: الدراسات التي قامت بها الريديوميتري كان هامش الخطأ فيها كبيرا جداً، لكن هذه الدراسات التي نقيمها الآن هامش الخطأ فيها لن يكون أكثر من 5-10 بالمائة. أريد أن أقول إنني متفائل بأنه سيكون لدينا في الأردن صناعة يورانيوم أو استخراج لتعيش معنا من 70-100 سنة.

الدستور: منذ بدأ الحديث عن المشروع، بذلتم جهدا في الدفاع عن المشروع وعن تنفيذه وإنشائه أكثر بكثير مما اشتغلت الدولة لإنشاء المشروع، بعد أن اختير الموقع في محطة - الخربة السمرا، لكن آلية التنفيذ والإنشاء والكلفة المالية هل تم حسابها، وهل ستدفع الدولة الأردنية مبالغ بالملايين أم ستنشئون شركات كعرض روسي أو فرنسي..الخ؟

طوقان: بالنسبة لدراسات الموقع، لدينا مجلدات من آلاف الصفحات، وعندما ذهبنا إلى موقع خربة السمرا ذهبنا إلى الموقع القريب من المياه، فدرسنا الموقع حسب معايير الوكالة الدولية للطاقة الذرية. الموقع كان على بعد 12 كيلومترا شمال خربة السمرا، ووجدنا بأنه ممتاز، وكل معايير الوكالة الدولية للطاقة الذرية موجودة وكل معايير الأمان موجودة أيضا. بعد أن وصلنا لتحديد هذا الموقع كتبنا لرئيس الوزراء حينها عون الخصاونة، وأخبرناه بأن هناك موقعا في الأردن وجدنا بعد الدراسة أنه ممتاز، ويحقق شروط السلامة للوكالة الدولية للطاقة الذرية. وبعد الدراسة أخبرنا مجلس الوزراء أن هناك موقع محطة في الأردن ممتازا ويحقق كل المعايير، فهناك خيار بأن يتم عمل دراسة تفصيلية لخصائص الموقع، أو أن ندرس خيارا آخر، فطلب منا أن ندرس خيارات أخرى. حينها قمنا بعمل مسح كامل وشامل للأردن مرة ثانية، ووضعنا معايير أكثر صرامة، عندها وجدنا منطقة جنوب شرق منطقة خربة السمرا بـ45 كيلومترا، ووجدنا بأنها يمكن أن تلبي المعيار، لكن، وقتها يجب أن نخرج بأنبوب ماء تقريباً 40 كيلومترا من خربة السمرا لنمده لنصل إلى المنطقة.. الآن، الهيئة تعد دراسات تفصيلية لهذا الموقع، بمعايير أشد صرامة حتى من أي معايير مطبقة من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وفي نهاية العام سنضع دراسة مقارنة بين هذا الموقع وبين الموقع الثاني، وسنقدمها للحكومة التي ستوازن من ناحية استثمار رأسمالي والكلف التشغيلية وأيضاً من ناحية سياسية واجتماعية والقبول المجتمعي، فالحكومة ستعتمد الموقع.

الدستور: ماذا حول النظم المتاحة للمفاعلات النووية وآثارها الاقتصادية؟

طوقان: هناك الآن نظام جديد للمفاعلات النووية يسمى SMR سينزل تجارياً بعد ثلاث سنوات، بناؤه فقط يأخذ 3 سنوات، بينما المفاعل الكبير يأخذ 7 سنوات، والأهم أن قدرته 100-150 ميجاوات، حينها الاستثمار الرأسمالي سينخفض إلى الخُمس أو السُدس، وسيكون بناء محطة نووية كأن تبني محطة تقليدية. أعطيكم تعهدا بأن الدولة تعمل على هذا المشروع للخروج من الضائقة الاقتصادية في الأردن، وفي النهاية دراسة الجدوى الاقتصادية يجب أن تكون واضحة، والتمويل معادلاته واضحة. ولا يمكن أن نقبل أن نزيد الديون، فإذا استطعنا أن نخرج بمعادلات مالية معقولة تساعد سنلجأ إليها. مرة أخرى، الموقع موجود، والدراسات الاقتصادية موجودة، والدراسات الفنية كذلك موجودة، فيمكن أن نعود مرة أخرى وننخفض إلى مفاعلات صغيرة، وحينها سنكون دخلنا للعصر النووي. الآن أيضاً سنرشح لمجلس الوزراء أسماء للجنة دولية عالمية من أصحاب الاختصاص ونحن نريد أن يراقبوا برنامجنا ويدققوا عليه، فهؤلاء يأتون كل سنة ويدققون عملنا ويقدمون تقريرا للحكومة وللبرلمان وللشعب الأردني. نحن نريد من يراقب ويدقق ويفحص، لكن، على أسس علمية راسخة، ومن أصحاب العلم والاختصاص من ذوي الخبرات المتميزة.

الاشتراك

اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن