أكد تقرير دولي صدر حديثا أن الوضع الاقتصادي في الأراضي الفلسطينية مستمر في التدهور، وأن نسبة البطالة مرتفعة، مشددا على ضرورة تحسين الأوضاع الاقتصادية للفلسطينيين. وأوضح التقرير الصادر عن منظمة العمل الدولية، التابعة للأمم المتحدة والمستند إلى النتائج التي توصل إليها استنادا للبعثات التي أرسلت إلى كل من إسرائيل والأراضي العربية المحتلة والجمهورية العربية السورية لتقييم أوضاع العمال في الأراضي العربية المحتلة، بما في ذلك الضفة الغربية، وقطاع غزة والجولان أنه رغم المناخ الجديد من الحوار بين الفلسطينيين والإسرائيليين، فإن ظروف حياة العمال وأسرهم في الأراضي العربية المحتلة مازالت شديدة القسوة.
وأشار إلى أنه على الرغم من نمو الناتج المحلي في العام 2004 بعد أربع سنوات من الركود في الاقتصاد الفلسطيني، فان نسبة البطالة في الأراضي العربية المحتلة قد ارتفعت لتصل إلى ما يقارب من %26، مسجلة بذلك رقما قياسيا يقدر بحوالي 224 ألف عاطل عن العمل. وحسب التقرير الذي سيعرض على مؤتمر العمل الدولي الذي يبدأ أعماله في 31 مايو الجاري فإن نسبة العاملين من مجموع الرجال في سن العمل لا تتجاوز %50 في حين تبلغ هذه النسبة %10 فقط للنساء في سن العمل، ونتيجة لذلك، يعيل كل شخص عامل في هذه الأراضي ستة أشخاص آخرين من بين مجموع السكان.
وقال التقرير، وكما ذكرت صحيفة الشرق القطرية،:" إن البطالة مع ذلك بقيت مبعث القلق الوحيد، لأن شدة تدني معدلات مشاركة القوى العاملة وعمالتها قد أصبحت سمة ملازمة لسوق العمل في الأراضي المحتلة". وحسب التقرير فإن "هناك إحساسا عاما بضرورة تحسين الظروف الاقتصادية للفلسطينيين وبشكل سريع لكي يتمكنوا من الاستمرار في دعم سياسة الحوار والمفاوضة مع إسرائيل، وهذا الأمر يتطلب رفع الإغلاقات على وجه السرعة، والنفاذ الأفضل لسوق العمل الإسرائيلية، وتحسين التسهيلات التجارية، إلى جانب وضع حد للتمييز ضد العرب في الجولان السوري المحتل". وركز التقرير الدولي على أوضاع العاطلين من الشباب الذين تصل نسبتهم إلى %40 في الفئة العمرية من 15 وحتى 24 سنة ما يشكل مرة ونصف المرة من إجمالي المعدل الكلي، مشيرا إلى أن هناك شخصا واحدا من بين كل ثلاثة من الشباب في الفئة العمرية 15 حتى 24 سنة وأكثر من نصف الشباب في الفئة العمرية بين 25 و29 عاما يعانون من التعطل القسري. وأضاف هذا الوضع يقتضي أن يولى الاهتمام على وجه الإلحاح في شكل مساعدة يعتد بها في مجال التدريب المهني وتنمية الأعمال والتوجيه المهني الذي يستهدف بصورة خاصة الشابات والشبان.
ويذكر التقرير أن تقييد حركة العمال الفلسطينيين عبر سياسات الإغلاق، بما في ذلك جدار الفصل قد رمى بحوالي 150 ألفا من هؤلاء العمال إلى البطالة منذ انطلاقة الانتفاضة الثانية في سبتمبر 2000. مؤكدا أن "التشغيل في إسرائيل أساسي حتى يصل الاقتصاد الفلسطيني إلى معدل نمو مستدام وقادر على خلق فرص عمل محلية تتناسب والزيادة في القوى العاملة". وأوضح أن "أصحاب العمل الإسرائيليين قد أطلعوا بعثة منظمة العمل الدولية على ترحيبهم بالعمال الفلسطينيين وحاجتهم إليهم شريطة الإيفاء بالمتطلبات الأمنية". ويذكر تقرير المنظمة الدولية خطوات عملية تستطيع منظمة العمل الدولية وشركاؤها من حكومات ومنظمات أصحاب العمل والعمال اتخاذها لتعزيز ظروف حياة أفضل في الأراضي المحتلة. وتدعو نتائج تقرير البعثة إلى التركيز على استخدام الشباب، والمساواة بين الجنسين والتدريب المهني، مشددة في الوقت نفسه على الحاجة إلى توفير الضمان الاجتماعي الأساسي لكبار السن من العمال الذين لا يستطيعون التقاعد عن العمل نتيجة عدم توافر نظام للتقاعد.
على صعيد ثان، أكد نصر عطياني، مدير عام غرفة تجارة وصناعة وزراعة جنين شمال الضفة الغربية، اليوم، أن خسائر المحافظة المباشرة نتيجة الحصار والإغلاق الإسرائيلي منذ أواخر العام (2000) وحتى اليوم، تجاوزت الستة ملايين دولار أمريكي.وأوضح عطياني في دراسة حديثة أعدها حول "الأوضاع الاقتصاية في محافظة جنين"، شملت تقييماً للخسائر المادية المباشرة في ألف منشأة وورشة صناعية ومحل تجاري وزراعي وخدماتي، أن كافة شرائح المجتمع تحملت عبء الحصار المشدد الذي تشهده المحافظة.
وأشارت الدراسة إلى أن أكثر من (95%) من المحلات التجارية القائمة حالياً في جنين تعاني من الركود الاقتصادي بسبب انعدام القوة الشرائية لدى المواطنين، وأن الحركة التجارية الحالية لا تحقق الأرباح المرجوة، وأن بعض التجار يبيعون بضائعهم بخسارة لكي يتمكنوا من تسيير أمورهم اليومية وتغطية التزامات محلاتهم.وأضافت الدراسة أنه حسب تقارير محلية ودولية أجريت في جنين ظهر أن معدلات البطالة توالت في الارتفاع لتتجاوز حالياً 65%، الأمر الذي تسبب في تفاقم ظاهرة الفقر التي زادت عن 60% من مجمل مواطني محافظة جنين وهو ما يحمل مؤشرات خطيرة للغاية.وأكدت الدراسة، أن الحصار المشدد الذي فرضته إسرائيل على جنين على مدى سنوات الانتفاضة الأخيرة شلّ الحركة التجارية والاقتصادية وأحدث ركوداً اقتصادياً، كان من مظاهره تكدس البضائع في المخازن وإغلاق مئات المحلات التجارية والبسطات.
ودعا السيد عطياني، المؤسسات الحكومية والأهلية إلى اتخاذ إجراءات سريعة لتعويض المحافظة اقتصادياً، وتعزيز مشاريع الإعمار وإعادة البناء للتخفيف من الخسائر الباهظة التي تكبدها اقتصاد المحافظة بفعل الاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة وعلى رأسها الحصار والإغلاق المشددين.
© 2005 تقرير مينا(www.menareport.com)