تقرير بيت الاستثمار العالمي "جلوبل"- الكويت- سوق عمان للأوراق المالية، فرص خفية في انتظار اكتشافها – ساهمت عوامل عديدة في التراجع الذي يشهده سوق عمان للأوراق المالية في الوقت الحاضر. من أهم تلك العوامل التي دفعت السوق إلى التراجع تأثره بالاضطرابات المسيطرة على الاقتصاد الأمريكي الناتجة عن أزمة الرهن العقاري والتي أحدثت تأثيرات متتابعة أمتد مداها لتشمل الأسواق العالمية، وأخيرا وصل تأثيرها إلى أسواق الأوراق المالية الخليجية وسوق عمان للأوراق المالية.
فعلى مدى الأسابيع القليلة الماضية، لم يتمكن سوق عمان للأوراق المالية من تجنب موجة ضغوط البيع التي اجتاحت الأسواق، وفي ظل تلك الظروف الغير مواتية، تراجع السوق بما نسبته 25 في المائة عن أعلى مستوى بلغه خلال العام الحالي البالغ 5,044 نقطة في 19 يونيو 2008. حيث سادت التوجهات السلبية في بورصة عمان في ظل قيام المستثمرون المحليون بتسييل محافظهم في محاولة لتقليص خسائرهم. في حين تابع المستثمرون الأجانب الخروج من الأسواق الناشئة، ومن ضمنها بورصة عمان، لتعويض أزمة السيولة التي عانوا منها في أسواق عالمية وإقليمية أخرى.
هذا وقد تزايدت ضغوط البيع من المستثمرين الأجانب على مدى الأيام القليلة الماضية في بورصة عمان في ظل الظروف السيئة المحيطة بالشركات المالية العالمية مثل ليهمان براذرز وميريل لينش.
حيث تفاقمت أزمة الرهن العقاري، والتي بدأت في يونيو 2007 بسرعة كبيرة محدثة أزمة كبرى في الأسواق المالية العالمية على مدار العام. ومن أحدث تلك الأزمات، قرار بنك ليهمان براذرز رابع أكبر مؤسسة مصرفية في وول ستريت إشهار إفلاسه، مما أدى إلى إحداث صدمة كبرى انتشر مداها ليشمل المجتمع الاستثماري ككل. كما وافقت مؤسسة مالية عملاقة أخرى وهي ميريل لينش على بيع أصولها إلى مصرف "بنك أوف أمريكا" نظير 50 مليار دولار أمريكي. وقد دفعت تلك الاضطرابات بالمستثمرين إلى مناطق خطرة للمرة الأولى في التاريخ المالي، مما جعل النظريات الاقتصادية والمالية بلا قيمة تذكر في ظل تلك الظروف الغير اعتيادية، إضافة إلى ارتفاع الأصوات التي تتوقع دخول الاقتصاد الأمريكي في مرحلة ركود على مدار الشهور القليلة الماضية.
ومن العوامل الأخرى التي لعبت دور في تراجع بورصة عمان، النمو الهائل الذي شهده السوق خلال النصف الأول من العام والذي شهد متوسط نمو بلغ 26 في المائة. وأدى ذلك الاتجاه التصاعدي في دفع أسعار الأسهم لمستويات مبالغ فيها، مما أدى لتداول السوق بمعامل سعر السهم/الربحية عند مستويات غير مبررة، الأمر الذي دفع المستثمرون لبيع الأسهم لتحقيق مكاسب. لذا، من الممكن أن يعزى تراجع سوق عمان للأوراق المالية لحركة تصحيحية طبيعة. ونتيجة لذلك تراجعت نسبة نمو السوق منذ بداية العام وحتى تاريخه لتصل إلى 3.1 في المائة فقط، متراجعة من نسبة 37.2 في المائة وهي أعلى نسبة نمو محققة خلال العام الحالي.
وثمة عامل آخر يكمن في الغموض الذي طرح مؤخرا بخصوص التداول في أسواق العملات الأجنبية. حيث تم نشر سلسلة من المقالات التي اعتبرت أن التجارة في أسواق العملات الأجنبية لا يتماشى مع معايير الشريعة الإسلامية، والتي أدت بدورها ببعض المستثمرين، الذين خلطوا ما بين أسواق العملات الأجنبية مع أسواق الأوراق المالية، للاندفاع للخروج على عجلة من السوق.
كما أن تراجع أسواق الأوراق المالية سوف يؤثر حتما على صافي أرباح شركات الخدمات المالية والشركات العقارية بنسبة أكبر خلال الربعين الأخيرين من هذا العام. ومع ذلك، فانه من المتوقع لإيرادات التشغيل الأساسية لهذه الشركات أن تتخطى هذه الأزمة المؤقتة، نظرا إلى القوة المحلية والإقليمية للطلب.
أسعار الأسهم تصل إلى مستويات شراء مغرية
بالنظر مستقبليا، نرى أن تلك التغيرات الكبرى في تاريخ الساحة المالية سوف تستمر حتما حتى العام 2009، حيث يجد المستثمرين والمحللين أنفسهم غير مجهزين للتعامل مع هذا الوضع الغير مألوف. هذا ولا يزال السوق المحلي في وضع شديد الحساسية تجاه الأحداث العالمية، ومن المتوقع أن يظل كذلك في المستقبل المنظور، لاسيما في ظل الخوف من موجة أخرى من الذعر التي من الممكن أن تقضي على فرص الاستثمار إذا ما وقعت شركة أخرى مثل المجموعة العالمية الأميركية AIG العملاقة فريسة لازمات الائتمان. ومع ذلك، فإننا نعتقد بقوة بضرورة إبداء المستثمرين للسلوك الرشيد، من اجل إعادة تقييم ما قد يشكل فرصا مربحه جدا.
وفي ظل موجة التراجعات السائدة في الوقت الحاضر، نرى أن بورصة عمان توفر فرص تحقيق عوائد جيدة. فتاريخيا، كانت بورصة عمان تتداول عند متوسط معامل سعر/الربحية يصل إلى 16 ضعف. أما المعامل المتوقع للبورصة للعام 2008 فيصل إلى 22 ضعف. فعقب هذا التراجع الذي شهده السوق، يتم تداول السوق في الوقت الحاضر عند متوسط معامل سعر /الربحية يصل إلى 14.7 ضعف. ونحن نرى أنه مع بلوغ السوق لتلك المستويات الغير مسبوقة، علاوة على الأسعار المنخفضة للأسهم وتوقع تحقيق أرباح مرتفعة، إلى جانب النظرة المستقبلية الايجابية للاقتصاد، فإن جميع هذه العوامل تعد فرص جيدة للمستثمر المحنك ذو العين الثاقبة الباحثة عن ما هو مميز. وعلى الرغم من كون تلك العوائد مستقبلية وليست لحظية، إلا أنه يتوقع لها أن تتراوح ما بين 24 و26 في المائة.
© 2008 تقرير مينا(www.menareport.com)