قالت شركة "رويال داتش شل" العالمية للطاقة إن مناطق كثيرة من العالم تشهد حاليا ارتفاعا في الطلب على الطاقة بسبب زيادة السكان ونزوح سكان القرى إلى المدن بجانب تحول البشر نحو خدمات الطاقة الحديثة مثل التوسع في امتلاك أجهزة الاتصالات ووسائل النقل الحديثة.
وأضافت الشركة في تقرير أعده الرئيس التنفيذي بن فان بيردن - أن الوضع في الدول الصناعية الكبرى مختلف فيما يتعلق بالطلب، حيث يتوقع أن يستقر نتيجة التوسع في برامج كفاءة الطاقة وخصوصا في بريطانيا، لكن هذا لا يعني هذه الدولة يمكنها التباطؤ والاسترخاء في التعامل مع ملف الطاقة حيث إن لديها التزام قانوني بخفض انبعاثات الكربون بنسبة 80 في المائة بحلول عام 2050 مقارنة بمستوى عام 1990.
وذكر التقرير أن الطاقة المتجددة لا يمكن الاعتماد عليها في بعض الصناعات مثل الحديد والصلب والأسمنت لأنها تحتاج إلى الوقود الذي يعطي درجات حرارة عالية، لافتا إلى أنه من الخطأ اعتبار مصادر الطاقة المتجددة حلا متاحا بسهولة في كل الأنشطة الاقتصادية خاصة الصناعية معتبرا أن هذه الرؤية غير واقعية على الرغم من كل التفاؤل المحيط بمستقبل الاعتماد على الطاقة المتجددة.
ورغم هذه الرؤية، طالب التقرير بالتوسع في استخدام المزيد من موارد الطاقات المتجددة خاصة الطاقة الشمسية وطاقة الرياح معتبرا أنها مكون رئيسي في مستقبل نظام الطاقة في الدول المتقدمة والنامية على السواء على الرغم من تأرجح مستويات إنتاجها بسبب عدم انتظام هبوب الرياح وشروق الشمس خاصة في دول الشمال ولهذا السبب يزداد الاعتماد على استخدام الغاز الطبيعي لأنه أنظف في عملية الاحتراق.
ولفت إلى أن انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي يجب ألا يقلل من جهود التعاون بين الحكومات الأوروبية بل يتطلب الأمر معالجة تداعيات هذا الأمر وتحفيز الاقتصاد على النمو برغم كل الصعوبات والظروف الاقتصادية غير المسبوقة في أوروبا والعالم.
وأشار إلى أن الشركة ستظل مؤمنة بفوائد السوق الموحدة ومتمسكة بحرية التنقل بين دول الاتحاد الأوروبي الـ 27 والمملكة المتحدة ونأمل استمرار العلاقة المستقبلية بين المملكة المتحدة وبقية أوروبا حيث تتوافر الظروف المناسبة للنمو الاقتصادي.
وأوضح التقرير أن "شل" تشعر بمسؤولية كبيرة وحافز قوى للمساعدة في معالجة تحديات سوق الطاقة خاصة في الجوانب التجارية مشيرا إلى أن الشركة عازمة على الاضطلاع بدور كبير في تلبية احتياجات الطاقة في العالم، خاصة في بريطانيا مشددا على أن خفض انبعاثات الكربون ضرورة مهمة وملحة بالنسبة للحكومات لتوافر الظروف المناسبة للشركات ليس فقط لتوفير الطاقة فحسب، بل للقيام بذلك مع أقل مستوى من الانبعاثات.
وأفاد التقرير بأنه عند مناقشة تحديات وظروف سوق الطاقة يجب أن ندرس جيدا الظروف الاجتماعية والسياسية والجغرافية التي تختلف من بلد إلى آخر وبعبارة أخرى فإنه من المرجح أن تكون عملية الانتقال والتحول في إنتاج وإمدادات الطاقة بطرق وأساليب ونظم مختلفة تبعا لظروف كل دولة.
وبحسب التقرير فإن هناك حقيقة واضحة لا مفر منها وهي أن نظام الطاقة دائما يتأثر بشكل كبير وأساسي وحاسم بسياسات الحكومات وخيارات المستهلكين في كل دولة مشيرا إلى أنه لهذا السبب تدعم "شل" أنظمة تسعير الكربون التي تقودها الحكومة مع الأخذ في الاعتبار تكاليف معالجة تغير المناخ.
وشدد التقرير على أن هذه الأنظمة المتطورة سوف تدفع المستهلكين والمنتجين نحو الأداء الصحيح في التعامل مع منظومة الطاقة كما ستشجع على الوصول إلى أسرع الطرق وأكثرها كفاءة في خفض الانبعاثات منوها إلى أن التغيرات الواسعة التي شهدها سوق الطاقة في السنوات الأخيرة تتطلب أفكارا غير تقليدية في مواجهة هذه التحديات.
وأوضح التقرير أن الصعوبات الراهنة تدفع الإبداع والتقدم إلى الأمام خاصة من أجل تحقيق إنتاج متميز للطاقة منخفضة الكربون، ولن يتحقق ذلك دون رؤى متميزة للصناعة وبناء تحالفات جديدة ومؤثرة، لافتا إلى ضرورة وجود جهود جادة وسريعة لمواجهة التحدي المتمثل في تلبية الطلب العالمي المتزايد على الطاقة بالتوازي مع خفض انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري مشددا على ضرورة عدم إهدار الوقت في مناقشة تفاصيل القضية دون وضع الإطار الزمني الملائم للتنفيذ.
وأضاف التقرير أن تسريع جهود التعاون مطلوب في المرحلة الراهنة أكثر من توجيه الجهود نحو المنافسة مؤكدا أن جميع أطراف الصناعة لهم دور وهم جزء أصيل من الحل للتغلب على الصعوبات ومعالجة تحديات الطاقة، التي تحتاج إلى جهود المنظمات غير الحكومية والعلماء والاقتصاديين والمستثمرين والمستهلكين والمبدعين وصناع السياسات، وقبل هؤلاء شركات النفط والغاز أيضا.
ولفت التقرير إلى أن بريطانيا لها تجارب جيدة في مجال تلبية أهداف خفض انبعاثات الكربون وتتمثل أبرزها في التوسع في عمليات التقاط الكربون وتخزينه على نطاق واسع مشيرا إلى عمليات التقاط ثاني أكسيد الكربون تتم بشكل جيد من محطات توليد الكهرباء والمواقع الصناعية وتخزينه بأمان تحت الأرض.
وأورد التقرير أن "شل" تمتلك مشروعا متميزا في هذا المجال يسمى "كويست" في كندا كما تشارك في عدد من المشاريع الأخرى لالتقاط الكربون وتخزينه في جميع أنحاء العالم بما في ذلك مشروع بحثي في كلية إمبريال في لندن.
ونوه إلى أهمية دعم الحكومات لهذه المشروعات حتى وان كانت غير مجدية تجاريا بالشكل الكافي، مشيرا إلى أن الدعم الحكومي ضرورة للحصول على أداء جيد في مشروعات التقاط وتخزين الكربون تحت الأرض وعلى نطاق واسع.
وشدد على أن هناك خيارا آخر مهما ومؤثرا في منظومة العمل البيئة في قطاع الطاقة وهو تشجيع استخدام أنواع بديلة من الوقود للسيارات والشاحنات والسفن والطائرات مشيرا إلى أن أغلب دول العالم المتقدم والنامي على السواء تحتاج إلى مجموعة من التقنيات الحديثة والمتطورة للحد من الانبعاثات الناجمة عن قطاع النقل.
وأضاف التقرير أنه لهذا السبب تستثمر "شل" في مجالات عديدة أخرى مثل مضخات تغذية الهيدروجين والغاز الطبيعي المسال للنقل مضيفا أن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة حاليا في سوق الطاقة هو كيفية تشجيع المستهلكين على شراء أنواع جديدة من السيارات التي تعتمد على الطاقة النظيفة رغم أنها محدودة في اختياراتها وتفتقر إلى البنية التحتية والى صعوبة السفر لمسافات بعيدة.
يذكر أن أسواق النفط العالمية شهدت الأسبوع الماضي حالة من القلق ما أدى إلى تراجع أسعار النفط الخام 4 في المائة في ختام تعاملات الأسبوع المنصرم وسط تصاعد الهجمات الإرهابية التي طالت الاقتصاديات الكبرى خاصة هجمات ميونيخ ونيس في الأيام الماضية فيما لا يزال الوضع ملتبسا بشأن معدلات النمو في أوروبا في ضوء انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
وانحسرت المخاوف نسبيا من غياب الاستقرار في تركيا بعد محاولة الانقلاب الفاشلة فيما عادت السوق النفطية إلى التأثر بحالة تخمة المعروض خاصة مع استمرار تزايد الحفارات النفطية في الولايات المتحدة. وبحسب "رويترز"، فقد انخفض سعر خام القياس العالمي مزيج برنت 51 سنتا أو 1.1 في المائة عند التسوية إلى 45.69 دولار للبرميل بعدما نزل إلى 45.17 دولار في وقت سابق مسجلا أدنى مستوى له منذ 11 أيار(مايو)، وخلال الأسبوع خسر برنت 4 في المائة.
ونزل سعر خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 56 سنتا أو 1.3 في المائة عند التسوية أيضا إلى 44.19 دولار للبرميل، وخسر خلال الأسبوع 3.8 في المائة، وارتفع الدولار لأعلى مستوى له في أكثر من أربعة أشهر فيما أثر أيضا على الطلب على النفط - المقوم بالعملة الأمريكية - من جانب حائزي العملات الأخرى.
وأفادت بيانات تحميل ومصدر بالقطاع بأن صادرات النفط العراقية تتجه للارتفاع في تموز (يوليو) بما يضع إمدادات المعروض من ثاني أكبر منتج في أوبك على مسار النمو من جديد بعد انخفاضها على مدى شهرين.
ومنذ أوائل حزيران (يونيو) بعدما تجاوزت أسعار الخام حاجز 50 دولارا للبرميل بلغ عدد منصات الحفر التي أضافها المنتجون 55 منصة، وقال محللون ومنتجون إن مستوى 50 دولارا للبرميل هو مستوى مهم يشجع على العودة إلى الإنتاج بعد انخفاض الأسعار بأكبر وتيرة منذ عقود بما أدى إلى تراجع عدد منصات الحفر منذ تسجيل مستوى الذروة عند 1609 منصات في تشرين الأول (أكتوبر) 2014.
اقرأ أيضاً:
شل تتوقع استمرار استثمارات النفط والغاز بقوة رغم الصعاب
بعد خروج بريطانيا... شل تتوقع تباطؤ خطة بيع أصول بـ 30 مليار دولار
شل تطلب ملياري دولار من أرامكو السعودية في إطار تقسيم مشروع مشترك
شل قد تبيع أصول بـ 30 مليار دولار في بحر الشمال