غياب قانون النفط يعيق قطاع الطاقة الليبي

تاريخ النشر: 28 أبريل 2013 - 09:02 GMT
استطاعت ليبيا أن تستعيد مستوى إنتاجها من النفط الذي كانت عليه قبل الثورة
استطاعت ليبيا أن تستعيد مستوى إنتاجها من النفط الذي كانت عليه قبل الثورة

أبلغ عبد الباري العروسي، وزير النفط الليبي، "فاينانشيال تايمز" أن ليبيا عاكفة على خطط لإصدار قانون للنفط يكون جاهزاً خلال أشهر من الآن، بحيث يسمح للبلاد بالبدء بجولة جديدة من التراخيص قبل نهاية العام. وقد تم تشكيل لجنة لوضع مشروع القانون، لكن خبراء ومطلعين من أهل الصناعة يقولون إنهم متشائمون ويرون أن الأحوال السياسية في ليبيا لن تسمح بوجود إجماع حول القانون الذي ينظم استخراج الهيدروكربونات في البلاد، وهي عماد الاقتصاد فيها.

وقال العروسي: إذا سار كل شيء على ما يرام، سيكون القانون جاهزاً خلال أربعة أشهر من الآن. وأضاف: "ستكون المصالح الليبية هي المحرك للترتيبات التي تجري مع الشركات الأجنبية، وليس مصالح الأفراد، كما كان الحال مع العقود نفسها في الماضي. وهناك شيء آخر، كل شيء سيكون شفافاً، الأمر الذي سيخفض من التكلفة. لن يكون هناك فساد، ولذلك سيجد المستثمرون أن التكاليف ستكون أقل والبيئة الاستثمارية أفضل". لكن محللين يشيرون إلى أن ليبيا لا تزال ترزح تحت الفوضى بعد سنة ونصف من الإطاحة بمعمر القذافي، الدكتاتور السابق في ليبيا. والبلاد تعمها انقسامات سياسية حادة، وتجتاحها الميليشيات المسلحة التي عادة ما تتحدى الحكومة وتسعى لإخافة المسؤولين والمجالس المنتخبة. وبحسب ريتشارد كوين، المحلل في مؤسسة وود ماكينزي المتخصصة في الاستشارات النفطية: "التفويض بالمضي قدماً في إعداد قانون شامل للنفط يحتاج إلى بيئة سياسية مستقرة، لأن ذلك سيترك أثراً يدوم عقوداً طويلة.

هناك حاجة إلى مجموعة من الأحكام الجديدة في المالية العامة، لأنه تبين أن الشروط الحالية صعبة جداً (وبذلك لا تعمل على تشجيع الشركات الأجنبية)". ووفقا لمدير إقليمي لإحدى شركات النفط الدولية العاملة في ليبيا، من غير المحتمل أن يظهر قانون للنفط قبل انتخاب حكومة وبرلمان. وبالنظر إلى الارتياب العام حول الشركات الأجنبية، لا يزال المسؤولون متخوفين ولا يستطيعون اتخاذ قرارات. وتابع المدير الإقليمي: "النجاح لا يقابَل بالثناء والفشل يقابل بالعقاب الشديد. لذلك كلما تأخرت في اتخاذ القرار كان ذلك أفضل". لكن ليبيا استطاعت أن تستعيد مستوى إنتاجها من النفط الذي كانت عليه قبل الثورة، وهو 1.55 مليون برميل في اليوم. وقال العروسي إن البلاد تهدف لزيادة إنتاجها إلى 1.7 مليون برميل في اليوم، بعد التغلب على صعوبات تزويد الكهرباء في حقول النفط التي تشغلها شركة الخليج العربي للنفط. وأعلن هذا الأسبوع أن بلاده سوف تطالب بزيادة حصتها داخل منظمة أوبك لتصل إلى 1.7 مليون برميل في اليوم عندما تتأكد من أنها تستطيع الإنتاج عند هذا المستوى. وقال كوين إن نجاح ليبيا في استرداد عافيتها الإنتاجية فاجأ العديد من الناس، لأن عودة شركات النفط الدولية إلى البلاد كانت أبطأ مما تخيله الناس.

وكانت الشركات تشعر بالقلق والارتياب حول إعادة موظفيها الأجانب مرة ثانية إلى ليبيا، بسبب المخاوف حول سلامتهم. وتعمق هذا الخوف بعد الهجوم الذي شنته في كانون الثاني (يناير) الماضي مليشيات إسلامية مرتبطة بالقاعدة ضد معمل للغاز في عين أميناس في الجزائر المجاورة، الذي راح ضحيته عشرات القتلى. ولم يستهدف الإسلاميون المسلحون المنشآت النفطية في ليبيا بعد، لكن البلاد مغمورة بالأسلحة الواقعة في أيدي المليشيات. كما أن لدى ليبيا حدودا طويلة كثيرة الثغرات مع كل من الجزائر ودول الصحراء الأخرى، وهي المنطقة التي ينشط فيها الجهاديون الذين يعملون تحت لافتة القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي. وكثيراً ما يجتاح السكان المحليون المسلحون حقول النفط مطالبين بفرص عمل فيها، كما نشبت اشتباكات بين المليشيات حول من له الحق في حراسة منشأة بعينها. وحسب أقوال العروسي، كلفت الانقطاعات النفطية المذكورة ليبيا خسارة نحو مليار دولار من قيمة الصادرات في الأشهر الخمسة الماضية. لكنه أكد أن الدولة أصبحت أكثر قوة وأن الشباب من مختلف المليشيات تم استيعابهم في الخدمات الأمنية. وتشتمل هذه على فرق للحرس الخاص للمنشآت النفطية تحت إمرة الجيش الذي يعد قوامه الآن نحو 18 ألف فرد. ويقول محللون إن الثقة بالحراس الجدد لا تزال منخفضة، ومن دون قانون نفط جديد من غير المحتمل زيادة الإنتاج بدرجة كبيرة. وفي الواقع، يقول بعضهم إنه ربما يكون من الصعب الإبقاء على المستويات الحالية من الإنتاج دون استثمارات إضافية لتحسين معدلات الاستخراج من حقول النفط الحالية. ويقول المدير الإقليمي لشركة النفط الدولية: "ليس من السهل المحافظة على المستوى الحالي من الإنتاج أو زيادته"، مشيرا إلى أن إحدى الطرق الممكنة لزيادة الإنتاج هي دعوة شركاء أجانب للاستثمار في تحسين عمليات الاستخراج في المساحات المملوكة لشركة النفط الوطنية. ويضيف: "معدل عامل الاستخراج 35 في المائة.

ويعتقد بعض المسؤولين في شركة النفط الوطنية أن هذه النسبة يمكن رفعها إلى 45 في المائة أو 60 في المائة. وهذا يعني ملايين البراميل من النفط التي تستطيع أن تشارك بها شركات النفط العالمية على أساس اربح وربِّح". لكنه شكك في إمكانية سلوك ليبيا لهذا الطريق في المستقبل القريب. وقال: "إن أنموذج الجولة العادية للتنافس على التراخيص مقبول بالنسبة للجمهور، لكن المفاوضات المباشرة مع أي شركة ستجلب المشاكل مثلاً على شكل اتهامات بالفساد".

الاشتراك

اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن